مر يوم الـ26 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 على سوريا كباقي الأيام الحالكة، ملايين المشردين في المخيمات، وآلاف المعتقلين في السجون، مدن بأكملها مدمرة بينما يجلس على أنقاضها مستبد أمعن في الإجرام.
مع غياب شمس ذلك اليوم، كانت تبيت الخطط لقلب الموازين في سوريا، حتى باتت البلاد هدفاً أوحد لوسائل الإعلام العالمية بعد انطلاق عملية "ردع العدوان" التي أطاحت بشار الأسد ونظام البعث بعد عقود وصفت بالعقيمة.
بعد دخول عملية "ردع العدوان" أسبوعها الثاني، والسرعة غير المتوقعة لسقوط المدن، بات العالم كله ينتظر لحظة الدخول إلى دمشق، وهو حدث قد لا يتكرر لعقود، لذلك هيأ المراقبون والمحللون والصحافيون أنفسهم لمراقبة التطورات، فيما هيأت الشركات التجارية نفسها لفرصة استثمارية جديدة.
على الصعيد الإعلامي، وفي مثل هذه المفارق التاريخية يتوقع العالم انهيار الدولة، وانتشار الفوضى، وانعدام الأمن، لكن رغم كل هذا كان لزاماً على وسائل الإعلام العالمية النزول إلى الميدان للتغطية، وهنا تتدخل شركات أخرى من شأنها تأمين حماية الوفود التي بدأت تحج إلى دمشق مع صبيحة، الأحد التاسع من ديسمبر (كانون الأول) 2024، فبعد ساعات قليلة من إعلان سقوط نظام الأسد كانت عناصر شركة الأمن "Emerald Solutions Group" في دمشق، ومهمتهم حماية البعثات الإعلامية الأجنبية التي ترصد أجواء اليوم الأول لسوريا الجديدة.
المهمة الأولى
شركة "Emerald Solutions Group" تتخذ من مدينة دبي مقراً رئيساً لها، وفي موقعها الرسمي على الإنترنت تعرف الشركة نفسها بأنها "مجموعة تقدم خدمات حماية لكبار الشخصيات وتلبي حاجات الدبلوماسيين والأفراد ذوي الثروات الكبيرة، إضافة إلى حاجات الإعلاميين، مقرنا الرئيس في الإمارات العربية المتحدة، ومكاتبنا في المملكة المتحدة وباكستان ونيجيريا وكينيا وتايلاند، ويمكننا الانتشار السريع في أي بلد بغضون ساعات".
تدعي الشركة الأمنية، أن من أولى المهام التي نفذتها تحت حكم النظام الجديد في سوريا، كانت المساعدة في إجلاء الصحافي الأميركي ترافيس تيمرمان، الذي عُثر عليه في سجن بدمشق في الـ12 من ديسمبر (كانون الأول)، وتم تسليمه مباشرة إلى القاعدة العسكرية الأميركية في قاعدة "التنف" في سوريا، بعد ثلاثة أيام من سقوط نظام الأسد.
بحسب تقرير مكتوب لموقع "Intelligence Online"، فإن الشركة المذكورة بدأت "تعمل بشكل قانوني في سوريا، حيث توفر لعملائها في دمشق فيللات مؤمنة من قبل قوات محلية، وهي موجودة في سوريا منذ اليوم الأول لسقوط النظام السابق، ويترأس الفرع السوري الضابط البريطاني السابق واين كونور، وقانونياً فإن الشركة تملك رخصة أمنية محلية، وأُنشئت سريعاً برأس مال قدره 50 مليون ليرة سورية (نحو 4 آلاف دولار)".
في طول التشكيل
رغم دخولها السريع إلى دمشق، فإن الشركة الأمنية لم تتمكن من الحصول على رخصة رسمية من وزارة الداخلية في الحكومة السورية الجديدة حتى تاريخ الـ11 من مارس (آذار) الماضي، حيث وقع على رخصتها وزير التجارة الداخلية في الحكومة الموقتة ماهر خليل حسن، وهو نفسه الذي أقيل نهاية مارس بعد إعلان تشكيل حكومة سورية جديدة.
مصادر سورية مطلعة، أكدت ، أن الشركة الأمنية المذكورة موجودة بالفعل في سوريا، وقد أسهمت في حماية دبلوماسيين غربيين زاروا دمشق أخيراً، كما توفر حماية لوسائل الإعلام العالمية التي لا تزال موجودة في سوريا حتى اليوم لمواصلة تغطية الانتقال الذي يجري في البلاد، موضحين أن إدارة الشركة بدأت التنسيق مع الإدارة السورية الجديدة منذ الأيام الأولى لسقوط النظام السوري السابق، وقد منحتها السلطات السورية لاحقاً رخصة رسمية للعمل بشكل قانوني، كما فتحت دمشق المجال لشركات أمنية خاصة أخرى في حال رغبت بالعمل والاستثمار في سوريا، والسبب الرئيس في ذلك هو أن وزارة الداخلية السورية الجديدة لا تزال في طور التشكيل والهيكلة الجديدة.
من جانب آخر، أفاد شهود عيان لـ"اندبندنت عربية"، بأن الشركات الأمنية الجديدة لا تعتمد في عملها على العناصر الذين جُلبوا من الخارج، بل باتت تتعاون مع كوادر سورية محلية.
اندبندنت عربية