ما أكثر ما تريد هذه الحكومة تنفيذه ولكن هل تستطيع ؟  
سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:28/03/2024 | SYR: 20:25 | 28/03/2024
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE

Orient 2022

 لا تشتري لابنه بسكوتة .. ولا شَكلة شعر لابنته ..
مكافأة سنوية لمدير عام التأمينات الاجتماعية سقفها 138 ليرة يومياً .. ولبعض العاملين ليرة .. أو أقل ..!!
15/01/2020      


البراعة بصياغة صكوكُ الفساد .. تدخل على الإدارات بحكاية بيضاء .. لتخرج بأحلك أنواع الحكايات ..!

خاص لسيرياستيبس – علي محمود جديد

أصدرت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل قراراً حدّدت فيه أسس منح المكافآت التشجيعية للعاملين في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، ولا شك بأن تشجيع العاملين بتقدير جهودهم على شكل مكافآتٍ مالية، من شأنه أن يُحرّضهم – ولاسيما في هذا الزمان الصعب الذي وكأنّ العامل يسير فيه بعكس اتجاه رياح عاتية جراء العواصف التي تهبّ مع لهيب الأسعار وصعوبة الحياة – يحرضهم على بذل المزيد من الجهود المثمرة وصولاً إلى عطاء فريد ومتميز، ولكن لا بدّ لهذه المكافآت أن تكون محرزة وقادرة على التأثير نوعاً ما وبما يُشعر العامل بأنها استطاعت أن تسنده ولو قليلاً، ولا نشك بأن الوزارة صاغت قرارها من هذا المنحى، ولكن هي هكذا هل باتت مطمئنة على أنها باتت قادرة – بعد إصداره – على ضمان حصول هذا الشعور عند العاملين ..؟

سنرى ونحاول الوصول إلى جواب هذا السؤال بكل موضوعية، وذلك من خلال الحالات والشروط التي وضعتها الوزارة كي يستحق العاملون في مؤسسة التأمينات الاجتماعية الحصول على مكافآت.

شروط المكافأة

حدّدت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أربعة شروط يجب أن تنطبق على العاملين في مؤسسة التأمينات الاجتماعية كي يتمكنوا بعدها من الحصول على مكافآت نهاية العام.

الشرط الأول:

يستحق العاملون مكافآت تشجيعية لقاء القيام داخل أو خارج نطاق العمل الأساسي بجهودٍ مميزة تؤدي إلى نفع المؤسسة نفعاً مادياً ملموساً، أو تلافي أضرار ناجمة عن حوادث أو كوارث طارئة وذلك بما لا يزيد عن / 2500 / ليرة للعامل الواحد، وأن لا يزيد مجموع المكافآت عن مبلغ / 15000 / ليرة لجميع المشتركين في هذا العمل.

يعني إذا قلنا أن أضرار الحوادث قد تأتي على مليون مليوني ليرة ..ولنقل عشرات الملايين أحياناً، فإنّ الكوارث تمتد من 100 مليون وما فوق وقد تصل إلى المليار ليرة وأكثر، وإلاّ لا داعي لتسمية الكارثة كارثة

كما تلاحظون فالآن يمكننا الاطمئنان إلى أن مؤسسة التأمينات الاجتماعية ستبقى بمنأى عن أي أضرار لحوادث أو حتى كوارث محتملة، لأن الشباب سيبقون على حالة من الاستنفار الشديد لملاقاة أي حادث أو كارثة كي يصطادوا هذه المكافآت الفخمة، والتي قد تصل في سقفها إلى أكثر من ليرة واحدة بحالها تبعاً لعدد المندفعين باتجاه منع الحوادث والكوارث، لأن بعض الكوارث قد تحتاج إلى أربعين شخصاً لدرئها، وإذا قسمنا 15 ألف على عدد أيام السنة يكون الناتج بحدود الأربعين ليرة، أي يضمن كل مندفع – إن كانوا أربعينا ليرة كاملة ( حلالة زلالة ) .. !

الشرط الثاني

يستحق العاملون في مؤسسة التأمينات الاجتماعية أيضاً مكافآت سنوية لقاء القيام بابتكارات أو اختراعات أو أبحاث تطبيقية أو تقديم اقتراحات عملية لمعالجة مشكلات معينة تؤدي إلى زيادة الإنتاجية أو المردود المخطط له، وذلك بما لا يزيد عن مبلغ / 3000 / ليرة سورية للعامل الواحد وأن لا يزيد مجموع المكافآت عن مبلغ / 15 / ألف ليرة سورية لجميع المشاركين في هذا العمل.

وماذا تريدون أفضل من ذلك يا مبتكرين .. يا مخترعين ..؟! وأنتم يا باحثين .. ويا مقترحين ..؟! ماذا تنتظرون بعد ذلك ..؟!! كفاكم ( مهيصة ) ومضيعة للوقت وهدر الزمان .. واشحذوا هممكم .. واغتنموا هذه الفرصة .. وهيا إلى الابتكار والاختراع .. وإلى البحث واستنباط الاقتراحات، فقد أزِفت الساعة المنتظرة .. فأسرعوا .. واثبتوا جدارتكم .. رُفعت الأقلام وجفّت الصحف، ولم يبقَ لديكم حجة يا كسلانين .. والمهم في الأمر أنكم شريحة نخبوية ولذلك لن تكون أعدادكم كثيرة، أي أن الواحد منكم قد يستطيع تحصيل خمس ليرات .. أو حتى عشر ليرات في اليوم .. إي بالله .. هيا !!!!

الشرط الثالث

كما يستحق العاملون في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية مكافأة تشجيعية لقاء الاقتصاد في استعمال المواد، أو استهلاك الآلات وحسن صيانتها والعناية بها والإقلال من نسبة هدرها، وذلك بما لا يزيد عن مبلغ / 2000 / ليرة للعامل الواحد، وأن لا يزيد مجموع المكافآت عن مبلغ / 10 / آلاف ليرة سورية لجميع المشاركين في هذا العمل.

وأنتم أيها المقتصدون في استعمال المواد .. وفي استهلاك الآلات .. المحسنون لصيانتها المقللون من نسبة هدرها، هبّوا .. فإن العشرة آلاف بانتظاركم .. وهي تصل إلى حدود / 28 / ليرة في اليوم .. ( وشكلين ما منحكي ) .. يعني ليس من المفضّل أن تكونوا جميعكم مقتصدين ومحسنين للصيانة – ولا ندري صيانة ماذا في التأمينات الاجتماعية ..؟ - ولا ينبغي أن يزيد عددكم فوق / 56 / شخصاً يتبعون هذا النهج، لأنكم إن كنتم / 56 / فسيكون نصيب الواحد منكم نصف ليرة في اليوم .. والله .. لذلك انتبهوا وعليكم أن تحسبوها جيداً، فمثل هذه المبالغ الباهظة تحتاج إلى إدارة رشيدة .. !

الشرط الرابع

كذلك يستحق العاملون في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية مكافآت تشجيعية لقاء المساهمة الفعلية في تحسين الاستفادة من عناصر الإنتاج المتاحة من مال أو موارد أو تجهيزات أو قوى عاملة بحيث يؤدي إلى رفع مستوى الخدمات وزيادة المردود، وذلك بما لا يزيد عن مبلغ / 2500 / ليرة للعامل الواحد وأن لا يزيد مجموع المكافآت عن مبلغ / 12500 / ليرة لجميع المشاركين في هذا العمل.

وأنتم أيها المساهمون في زيادة مردود المال والموارد والتجهيزات ( جخّوا بهالنعمة ) ولا تتوهموا أن مساهمتكم غير مُقدّرة ولا محسوبة .. فبانتظاركم وعلى مدار العام ما لا يقل عن ثلاثة أرباع الليرة يومياً ( إي بالله ) ولذلك لا عذر بعد اليوم وصار يجب أن ترونا كيف ستُبدعون في زيادة مردود المال والموارد والتجهيزات .. وخاصة المال .. فلا يفلُّ المال إلاّ المال .. !

ليست لعبة

بعد هذه الإيضاحات نتوجه إلى الأخوة العاملين في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بكل مودة ونتمنى عليهم أن يأخذوا الأمر على محمل الجد وأن ينطلقوا بسرعة فائقة نحو الابتكار والاختراع ودرء الكوارث والاقتصاد في استعمالات تلك الأشياء كلها وحسن الصيانة وزيادة مردود المال .. والذي منه، حتى يستطيعوا الفوز بتلك المكافآت الجهنمية التشجيعية، لأن هذه المكافآت لن تُمنح هكذا اعتباطياً وإنما وفقاً للضوابط والمعايير المحددة بالاستمارة المعدّة لهذه الغاية، والتي تتضمّن رأي كل من المدير المختص، وممثل التنظيم النقابي في كل من الإدارة المركزية أو الفروع، كما أن قرار منح المكافأة لا يصدر عن أي مدير أو مدير فرع .. لا أبداً .. وإنما بقرار من المدير العام، الذي عليه أن ( لا يتبعزق ) ويسرف في صرف هذه المكافآت التي خُصّص لها اعتمادات هذا صحيح، ولكن بشكل منضبط، إذ لا يجوز مهما كانت هذه الاعتمادات أن يزيد الصرف عن نسبة ( 2% ) من مجموع كتلة الأجور المقطوعة السنوية للعاملين في كل من الإدارة المركزية والفروع، حتى تعرفوا أهمية ما أنتم قادمون إليه، ثم إنّ على الرجل ( المدير العام ) أن يقف على حقيقة درء الكوارث والحوادث وعلى أن هناك ابتكاراتٍ واختراعات فعلية وجديّة تؤدّي الغرض المطلوب .. فتصوروا – مثلاً – إن جاء أحدهم وقد اخترع كذبة ومن ثم يأتي ليطالب بمكافأة تشجيعية على هذا الاختراع ..؟ لا لا .. هذا غير وارد .. العبوا غيرها .. فالمدير العام هو الذي يقرر .. فلا تحاولوا .. !!

غنّجوا المدير العام

وليس فقط كذلك أيها السادة العاملون في مؤسسة التأمينات الاجتماعية فمن اليوم ولقدّام عليكم أن تتقرّبوا من المدير العام، وأن تُغنّجوه ما استطعتم إليه سبيلا .. وأن تقشعوا ما عنده من قضايا وساعدوه فيها بقدر ما تستطيعون، لأن قرار المكافآت هذا منحه أوسع الصلاحيات لأن يمنح من عنده المكافآت التشجيعية لأي من العاملين، وللأسباب التي يراها هو، وبمبلغ ضخم لا يخطر على البال وهو / 500 / ليرة ولمرتين في السنة، أي أن الواحد منكم قد يستطيع الوصول إلى الفوز بألف ليرة بحالها في العام .. بقرار من المدير العام .. وماذا تريدون أفضل من ذلك ..؟! فهذه الألف تعني نحو ليرتين ونصف في اليوم .. ! ولذلك لا تتردّدوا .. فحتى يُغنجكم .. غنّجوه ..!

السقف العالي

بعد كل هذه المغريات .. والمشجعاتِ المُحفّزات .. المُحرّضات على المزيد من الابتكار والاختراع، والاندفاع نحو درء المخاطر والحوادث والكوارث، والاستعمال المُقتصد للمواد واستهلاك الآلات وحسن صيانتها، والمساهمة في تحسين الاستفادة من الأموال والموارد والتجهيزات، يبدو أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل خشيت من أن يتحول كل العاملين في التأمينات الاجتماعية إلى مبتكرين ومخترعين ودارئي حوادث وكوارث .. ومُقتصدين .. ومساهمين في زيادة المردود، الأمر الذي قد يقضي على تلك المخصصات بلمح البصر، فماذا لو ابتكر أحد العاملين ابتكاراً بعد نفاذ تلك المخصصات ..؟ إنها ورطة حقيقية وموقف محرجٌ للإدارة لا تُحسد عليه، ولكن الوزارة تيقّظت لهذا الأمر ببراعة كبيرة، وتلافتهُ بتحديد سقوفٍ سنوية لهذه المكافآت، لا يمكن تجاوزها، وهي من طبيعة وروح هذا القرار، أي – ما شاء الله – سقوف عالية لا يطالها إلاّ ذو حظّ عظيم .

فقد حدّد القرار سقف المكافآت التشجيعية التي يجوز أن يتقاضاها العاملون في مؤسسة التأمينات الاجتماعية سنوياً كما يلي :

1 – المدير العام / 50 / ألف ليرة سورية

2 – معاون المدير العام والمديرين / 40 / ألف ليرة

3 – باقي العاملين / 32 / ألف ليرة سورية

وماذا بعد ..؟!

إنّ من أصدر هذا القرار ( التحفة ) وزارة .. وليست هيئة ولا مؤسسة ولا شركة ولا مديرية .. إنها وزارة بحالها .. فهل يُعقل أن تكون العقلية التي تحكم وزارة تصل إلى مثل هذه الآفاق الضيقة المنفصلة كلياً عن الواقع ..؟! ماذا يعني / 50 / ألف ليرة لمدير عام في عام ..؟! إنها لا تتعدى .. بل لا تصل إلى / 138 / ليرة في اليوم، فهل يكفي هذا المبلغ لتغطية شراء بسكوتة لطفل صغير .. أو شكلة شعر لطفلة ..؟!

ثم هل من المعقول أن تصل اعتقادات الوزارة إلى مثل هذه الحدود بأن فُتات المبالغ هذه من شأنها أن تُشجع أحداً أو تفعل شيئاً ..؟!

وهل من المعقول أن تصل محدودية التفكير وصولاً إلى الاعتقاد بأن صياغة مثل هذه القرارات سوف تشجع إنساناً على الابتكار والاختراع ودرء المخاطر والكوارث ..؟! الشريحة المستهدفة والمأمول منها أن تخترع وتبتكر وتدرأ و.. و.. الخ ... هم شريحة العاملين الذين تحدد سقف مكافآتهم مهما فعلوا بمبلغ / 32 / ألف ليرة .. أي أقل من / 88 / ليرة يومياً .. فهل تعتقد الوزارة أن هذا الفُتات أيضاً يُحرّض على الابتكار والاختراع وما إلى ذلك من القضايا التي حدّدها القرار ..؟!

إنّ صياغة مثل هذه القرارات هي التي تُحرّض على الخطأ، وهي المحرك الأساسي للفساد، لأنها تُحبط العاملين وتجعلهم يفقدون الأمل من أي تقدير لجهودهم وأتعابهم وتحسين أوضاعهم، وتدفعهم وتشجعهم للبحث والابتكار والاختراع فعلاً ولكن ليس لمصلحة العمل، وإنما للوصول إلى ثغرات القانون والنفاذ منها إلى دهاليز الفساد وميادينه علّهم يستطيعون تحسين أوضاعهم ويرفعوا من مستوى معيشتهم التي لا يملّ أصحاب القرارات من السعي الحثيث لخفضها إلى أدنى المستويات .. !

 

 

 

 


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق