سيرياستيبس تعد الزيارة المرتقبة للرئيس أحمد الشرع إلى العاصمة الأميركية واشنطن ولقاؤه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض، في العاشر من الشهر الجاري، حدثاً مفصلياً في مسار العلاقات السورية–الأميركية، بل ربما في مجمل المشهد السياسي للشرق الأوسط، ولاسيما مع عودة دمشق اليوم إلى واجهة الحراك الدولي بثقة وواقعية سياسية جديدة.
وتأتي هذه الزيارة، في سياق إعادة تموضع سوري مدروس، يهدف إلى فتح صفحة جديدة من العلاقات مع واشنطن، تستند إلى المصالح المشتركة لا إلى الإملاءات، إذ تعد الزيارة الأولى لرئيس سوري إلى البيت الأبيض، ما يؤكد نجاح الدبلوماسية السورية في تخطي تحديات العزلة والعقوبات والانغلاق التي فرضها النظام البائد، كما أن الموقف السوري الذي أعلنه الرئيس الشرع مراراً يقوم على الحوار والتفاهم، مع الحفاظ على الثوابت الوطنية والسيادة الكاملة.
واليوم، يبدو أن هذا النهج أثمر انفتاحاً أميركياً غير مسبوق، عبّر عنه المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس باراك بإشارته إلى “أمل واشنطن بانضمام سوريا إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي”.
إن ما تحمله هذه الزيارة من دلالات لا يقتصر على بعدها البروتوكولي، بل يمتد إلى البعد الاقتصادي والسياسي والأمني، فمن الناحية الاقتصادية، يُنتظر أن تمهّد المحادثات لبدء مسار تدريجي نحو رفع العقوبات الدولية المفروضة على دمشق، ولاسيما “قانون قيصر”، الذي أثقل كاهل الاقتصاد السوري لسنوات، حيث إن رفع هذه القيود سيتيح لسوريا العودة إلى النظام المالي العالمي واستقطاب الاستثمارات، وخاصة في قطاعات الطاقة وإعادة الإعمار.
أما على الصعيد السياسي، فإن الجلوس السوري–الأميركي على طاولة واحدة يحمل في طياته اعترافاً أميركياً بالدور المركزي لدمشق في استقرار المنطقة، وهو ما يعكس تحولاً في النظرة الغربية إلى سوريا، من كونها ملفاً أمنياً إلى شريك سياسي فاعل في قضايا الإقليم، ومن مكافحة الإرهاب إلى الأمن الإقليمي.
وأخيراً يبدو أن زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى البيت الأبيض تشكل علامة فارقة نحو انطلاقة جديدة للدبلوماسية السورية، التي استطاعت رغم كل التحديات أن تفرض حضورها وتفتح الأبواب المغلقة بالحنكة والبراغماتية، وإذا ما تُوجت الزيارة بنتائج عملية كرفع جزئي للعقوبات، وانفتاح اقتصادي وسياسي وتعاون أمني، فإنها ستشكل نقطة تحول تاريخية في موقع سوريا الإقليمي والدولي، وتدشن لمرحلة جديدة من الاستقرار في المنطقة.
الوطن
|