سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:03/11/2025 | SYR: 20:29 | 03/11/2025
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE

 هل يتحوّل اتّفاق 10 من آذار إلى "حبر على ورق"؟
03/11/2025      


سيرياستيبس :

يمثّل مستقبل قوّات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرقي سوريا أحد أكثر الملفات تعقيداً وحساسية في المشهد السوري الراهن، إذ تتشابك فيه المصالح المحلية والإقليمية والدولية.

في هذا الإطار، برز اتفاق 10 من آذار (مارس) بين دمشق وقيادة "قسد" بوصفه وثيقة محورية، غير أنّ تطبيقه العملي ما زال موضع تساؤل حول جديته وإمكانية تحوّله إلى مجرّد "حبر على ورق".

ويرى الباحث محمد سليمان، في حديثه لموقع تلفزيون سوريا، أنّ الظروف الحالية لا تتيح الوصول إلى آلية تنفيذية واضحة للاتفاق، نظراً إلى العراقيل السياسية والعسكرية التي تعترضه.

بنود عالقة
الأحداث التي تلت الاتفاق لا تعكس رغبة قوّات سوريا الديمقراطية بتنفيذ بنوده، لا سيما على صعيد الدمج العسكري، إذ أفادت وسائل إعلام كردية بوضع «قسد» قائمةً بأسماء قياديين فيها شاركوا في القتال ضد تنظيم «داعش»، وتحديد 3 فرق عسكرية، سيُدمجون مع قوات الجيش السوري، وسلّمت قوات التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة، قائمةً بأسماء 70 من القادة العسكريين، بالإضافة إلى قادة 3 فرق سيُدمجون في الجيش السوري.

ويرجّح محللون أن تسليم القوائم للتحالف الدولي يعكس رغبة قسد في الإبقاء على ضامن دولي حتّى بعد عمليّة الدمج، وبالتالي تصبح وزارة الدفاع تخضع للوصاية الأميركية.

ويقول الناشط السياسي وليد ملا محمد، لموقع تلفزيون سوريا، إن قسد لا تريد دمج قوّاتها في وزارة الدفاع السوريّة، وإنّما ترغب في حصّة من وزارة الدفاع تأتمر بأمرها ولا تأخذ تعليماتها من الوزارة، بضمانات دولية.

ويشرح الناشط السياسي وليد ملا محمد، لموقع تلفزيون سوريا، أنّ بند دمج المؤسّسات المدنية والعسكرية استهدف إعادة توحيد أجهزة الدولة في مناطق سيطرة "قسد"، بما في ذلك المعابر والموارد الطبيعية كالنفط والغاز، ووضعها تحت سلطة دمشق، غير أنّ التنفيذ تعثّر بالكامل، كما أنّ "قسد" ما زالت تحتفظ بإدارتها المستقلة للمرافق الحيوية، ليصبح هذا البند العقبة الأبرز التي تهدّد الاتفاق برمّته.

وفيما يتعلّق ببند وقف إطلاق النار، يشير ملا محمد إلى أنّ الهدف كان تثبيت الهدوء ومنع التصعيد، لكن الاشتباكات المتقطّعة، كما حدث في حلب ودير الزور، عكست هشاشة التفاهم وغياب الثقة بين الجانبين.

ومن وجهة نظره، تبقى احتمالات تحوّل الاتفاق إلى وثيقة معطّلة مرتفعة جداً ما لم يُمارَس ضغط على قوّات سوريا الديمقراطية، يغيّر موازين التفاوض أو يدفع "قسد" إلى التراجع عن مطالبها بالإدارة الذاتية، وهو احتمال مستبعد حالياً.


عوامل الضغط والرهانات
يعتمد مستقبل "قسد" على مزيج دقيق من العوامل الداخلية والخارجية التي تحاول توظيفها لتوسيع هامش المناورة. وتشير تقارير عدّة إلى أنّ القرار السياسي والعسكري داخلها لا يصدر دائماً عن قيادات محلية، بل يخضع لتأثير شخصيات ذات ارتباطات أيديولوجية بتنظيم PKK، ما يفسّر الممانعة المستمرة لأي خطوات تقلّص نفوذها أو تدمجها ضمن مؤسسات الدولة السورية.

كما تراهن "قسد" على استمرار الوجود العسكري الأميركي في مناطقها، الذي يوفّر مظلة حماية ضد الضغوط التركية وضد دمشق في الوقت نفسه. هذه المظلة تمنحها قدرة على التملّص من البنود الأكثر حساسية، خصوصاً تلك المتعلقة بتسليم السلاح أو إدارة الموارد.

ويرى ملا محمد أنّ تركيا تبقى العامل الأكثر حسماً في تحديد مستقبل "قسد"، إذ تواصل التلويح بعمليات عسكرية واسعة، وتدمّر أنفاقها، وتطالب بتطبيق بند حلّ "قسد" وتسليم سلاحها. وهذا يضع الأخيرة أمام خيارين أحلاهما مرّ: البقاء تحت المظلّة الأميركية مع تصاعد التوتر مع أنقرة ودمشق، أو العودة إلى "حضن الدولة" وفق شروط دمشق الصارمة.

من جهته يوضح الباحث محمد سليمان أنّ قيادات "قسد" تسعى إلى تعديل بعض بنود الاتفاق من خلال زيارات متكرّرة لدمشق، إلا أنّ سلوكها العملي يُظهر ميلاً لتعطيل الملفات الجوهرية مثل التعليم والإدارة المحلية والموارد النفطية التي تعتبر ملكاً وطنياً لا ينبغي أن تبقى تحت إدارة فصائل الأمر الواقع.

أما دمشق، فتبدو – كما يصفها سليمان – في موقع المراقب المتأنّي، تتعامل مع الاتفاق بوصفه ملفاً بعيد المدى لا يستدعي استعجال التنفيذ، بل تُفضّل استثمار الوقت في إعادة تأهيل مؤسساتها وكوادرها، وتهيئة بيئة سياسية وأمنية تمكّنها لاحقاً من استعادة السيطرة من دون الحاجة إلى الالتزام ببنود الاتفاق.

سيناريوهات محتملة
من المرجّح أن يظل اتفاق 10 من آذار معلقاً من دون تطبيق فعلي لبنوده الجوهرية، لتستمر المفاوضات على مستوى اللجان الفنية في دوائر مغلقة لا تنتج حلولاً سياسية ملموسة، في ظل تمسّك الطرفين بمواقفهما حيال مسألتي الإدارة الذاتية واللامركزية.

ويُتوقّع باحثون أن يستمر الوضع الراهن ضمن معادلة "اللا سلم واللا حرب"، مع وقوع اشتباكات متقطعة لا تصل إلى مواجهة شاملة، إذ لا ترغب دمشق في فتح جبهة جديدة مع قوة مدعومة أميركياً، ولا تميل "قسد" إلى خسارة مناطق نفوذها.

ومع تصاعد الضغط التركي، كما يوضح ملا محمد، قد تكثّف أنقرة عملياتها الجوية والمدفعية، وربما تُطلق هجمات محدودة تستهدف مواقع "قسد"، ما يدفع الأخيرة إلى التراجع التكتيكي أو طلب حماية إضافية.

ويرجّح ملا محمد أن السيناريو الأقرب للتحقّق يتمثّل في اندماج جزئي لـ"قسد" ضمن مؤسسات الدولة السورية تحت ضغط تركي كثيف وبشروط دمشق التي ترفض أي شكل من أشكال الفيدرالية، وهو سيناريو قد يصبح حتمياً في حال انسحاب القوات الأميركية أو حدوث تفاهم ثلاثي تركي–سوري–روسي ينهي الوجود الأميركي في المنطقة.

من جانبه يختتم الباحث محمد سليمان بالإشارة إلى أنّ الاتفاق جاء نتيجة لحظة سياسية مواتية وظروف إقليمية دفعت الأطراف لتوقيعه، لكنه لم يستند إلى إرادة حقيقية لتطبيقه على الأرض.

تلفزيون سوريا 


طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق