سيرياستيبس :
قال الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم قوشجي إنّ حبس السيولة يُعد أحد التحديات الاقتصادية الرئيسية التي تواجه الاقتصاد السوري اليوم، حيث يلجأ المصرف المركزي إلى إجراءات تقييدية تهدف إلى تحقيق استقرار وهمي في سعر صرف الليرة السورية، إلا أن هذه السياسات تنطوي على انعكاسات سلبية كبيرة، أولها تفاقم الركود الاقتصادي، إذ تؤدي قلة توفر النقد في الأسواق إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي، وانخفاض الاستثمارات، وتراجع القدرة الشرائية للأفراد والشركات.
وقال د. قوشجي : تعاظمت التعاملات المالية خارج الجهاز المصرفي، وارتفع الميل للاخار أو الاكتناز لدى أصحاب النشاطات الاقتصادية، حيث يفضلون الاحتفاظ بالنقد بدلاً من إنفاقه أو استثماره في ظل الظروف الاقتصادية غير المستقرة، أدى إلى انخفاض سرعة تداول النقود في الاقتصاد السوري، وارتفعت المخاوف الاقتصادية من انخفاض حركة الأموال، حيث يُعتبر ما سبق ذكره من النتائج الحتمية لسياسات المركزي بحبس السيولة.
وأضاف : وبطبيعة الحال فإن التمسك بالسياسة المتبعة من شأنها أن تترك آثاراً سلبية على الاقتصاد نتيجة تراجع القدرة على الإنفاق، منها انخفاض الطلب على السلع والخدمات ما يؤدي إلى تراجع المبيعات والإيرادات لقطاع الأعمال، ونضيف الى ذلك تباطؤ الإنتاج نتيجة ضعف الطلب، ما يقلل من أرباح الشركات، ومع توفر السلع المستوردة الرخيصة، سيتوقف الكثير من الشركات عن العمل، ما يؤدي إلى تسريح العمال وارتفاع معدلات البطالة والفقر.
ومن بين الآثار الأخرى، تراجع الثقة الاقتصادية ما يعزز سلوك الادخار أو خروج رؤوس الأموال إلى الخارج بدلاً من الإنفاق أو الاستثمار.
وأوضح الخبير الاقتصادي للصحيفة أن حبس السيولة في سوريا هو نتيجة لمجموعة معقدة من العوامل الداخلية والخارجية، والتي تشمل سلوك النظام الاقتصادي السابق، الذي أدى إلى تردي الأوضاع الاقتصادية، وإفراغ خزينة الدولة، وسحب كميات كبيرة من السيولة من المصرف المركزي لتمويل إنفاقه بالعجز، ما أدى إلى ارتفاع معدل التضخم بنسب كبيرة جداً، وانخفاض سعر صرف الليرة السورية إلى مستويات متدنية.
وعند محاولة معالجة الوضع المتردي، رفع مصرف سورية المركزي أسعار الفائدة، إلا أن هذا الإجراء أدى إلى زيادة تكلفة الاقتراض، ما قلل من الاستثمارات وأعاق النمو الاقتصادي، كما أدى ذلك إلى تراجع الثقة في النظام المصرفي، حيث فقدت العديد من المصارف قدرتها على العمل بشكل طبيعي بسبب الأزمة الاقتصادية والعقوبات الدولية.
ونتيجة لذلك، تبعاً لقوشجي، تزايدت ظاهرة الاقتصاد الموازي، وانتشرت الأسواق الموازية للعملة ولمنتجات الطاقة، ما قلل من الاعتماد على النظام المصرفي الرسمي وأضعف دوره في توفير السيولة.