سيرياستيبس :

تُعد زيادة رواتب العاملين في القطاع العام بنسبة 200% خطوة مهمة في طريق تحسين المستوى المعيشي للمواطن، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي من خلال رفع القدرة الشرائية، وهو ما ينعكس بصورة إيجابية على العملية الإنتاجية والقطاعات الصناعية والخدمية بشكل عام.

ورغم أهمية هذه الزيادة، إلا أن الوزارات المعنية تقف أمام تحديات كبيرة؛ إذ تقع على عاتق وزارة الاقتصاد ووزارة الصناعة مسؤولية ضبط الأسواق وكبح جماح جشع بعض التجار، الذين قد يسارعون إلى رفع الأسعار دون وجود مبررات اقتصادية حقيقية، وهو ما قد يُفرغ الزيادة من مضمونها.

كما تُعَدّ وزارة المالية مطالَبة بالإسراع في إصدار التعديلات اللازمة على النظام الضريبي المتعلق بالرواتب، بما يتوافق مع الحد الأدنى الجديد للأجور، والمحدد بـ842670 ليرة سورية، وذلك لضمان عدالة التوزيع وتقليل الأعباء عن ذوي الدخل المحدود.

من جهة أخرى، تفرض كتلة الزيادة تحديات جديدة على مصرف سورية المركزي والمصارف العاملة، ولاسيما في ظل الازدحام الشديد أمام الصرّافات الآلية، وما يرافقه من معاناة الموظفين الذين يمضون ساعات طويلة للحصول على رواتبهم.

وفي هذا السياق، قد يكون برنامج “شام كاش” كأحد الحلول الممكنة، إلا أن نجاحه مرهون بقدرة شركات الدفع الإلكتروني على خدمة الأعداد الكبيرة من الموظفين، إلى جانب زبائنها التقليديين، مع ضرورة توفير السيولة الكافية، والتي قُدِّرت خلال الأشهر الأخيرة ورغم سياسة حبس السيولة لدى المصرفين التجاري والعقاري بأكثر من ثلاثة مليارات ليرة يومياً.

وإلى جانب هذه التحديات، تضع الزيادة مصرف سورية المركزي أمام مسؤولية ابتكار سياسات نقدية فاعلة للحد من التضخم، وضمان استقرار سعر الصرف، عبر تعزيز أدوات امتصاص السيولة الزائدة في السوق، بما ينسجم مع أهداف النمو دون الإضرار بالقوة الشرائية للمواطن.

لا يمكن إنكار أهمية هذه الزيادة وتأثيرها الإيجابي المحتمل على حياة المواطن، غير أن فاعليتها تبقى مرهونة بقدرة الحكومة على ضبط التضخم، ومواجهة محاولات الاستغلال التي قد يقوم بها بعض ضعاف النفوس.

وفي الختام، نُبارك لجميع العاملين والمتقاعدين هذه الزيادة، آملين أن تكون إحدى الخطوات الجادة على طريق الانتعاش الاقتصادي لسوريا، شريطة أن ترافقها سياسات اقتصادية واقعية تسهم في حماية الدخل وتحقيق التوازن في السوق.

محمد راكان مصطفى