سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:21/12/2025 | SYR: 11:11 | 21/12/2025
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE



خلطات كامبو


شاي كامبو


IBTF_12-18


  لماذا تخاف البنوك من العملات المستقرة .. ؟
21/12/2025      



دمشق - خاص سيرياستيبس 
كتب الخبير في الاقتصاد السياسي عبد الحميد القتلان :

    شهد النظام المالي عبر التاريخ تحولات عميقة بدأت منذ آلاف السنين، حين كانت معابد بابل القديمة تؤدي دورًا يشبه البنوك، إذ كان الناس يودعون فيها غلالهم ومواشيهم لما تتمتع به من أمان وثقة، وكانت هذه الودائع تُسجَّل على ألواح طينية تُعد أول أشكال الإيصالات المالية. ومع مرور الزمن، تطورت الفكرة في عصر النهضة، خاصة في إيطاليا، حيث أسهمت عائلة ميديتشي في بناء شبكة مصرفية واسعة موّلت الملوك والحروب، ما جعل البنوك لاعبًا أساسيًا في تشكيل الدول والإمبراطوريات، وليس مجرد جهة لحفظ الأموال. 
طوال قرون، حافظت البنوك على دورها المركزي بوصفها الوسيط الرئيسي بين الأفراد وأموالهم، وبينهم وبين بقية أطراف الاقتصاد. اعتمد هذا الدور على نموذج بسيط يقوم على جمع الودائع ومنح القروض وتحقيق الأرباح من فرق أسعار الفائدة، وظل هذا النموذج ثابتًا ومستقرًا حتى بدايات القرن الحادي والعشرين، حيث كانت البنوك تُعد الحارس الأمين لثروات الأفراد والدول. غير أن هذا الاستقرار اهتز بقوة بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008، وهي الأزمة التي كشفت هشاشة النظام المالي التقليدي وأثارت فقدان الثقة في البنوك. 
 في خضم هذه الأجواء، ظهر شخص مجهول الهوية يُدعى ساتوشي ناكاموتو وطرح تصورًا لنظام مالي جديد لا يعتمد على البنوك أو الوسطاء، يقوم على شبكة لامركزية تسمح للأفراد بتبادل القيمة مباشرة فيما بينهم.  من هنا وُلدت عملة البيتكوين، ثم توسّع عالم العملات الرقمية وتقنية البلوك تشين تدريجيًا ليكوّن منظومة مالية موازية بدأت تفرض حضورها عالميًا. ومع تطور هذا العالم الرقمي، برزت العملات المستقرة بوصفها حلًا لإحدى أكبر مشكلات العملات المشفرة، وهي التقلب الحاد في الأسعار.   تقوم فكرة العملات المستقرة على الارتباط بقيمة ثابتة، غالبًا ما تكون الدولار الأمريكي، ما يجعلها أقرب إلى أداة تبادل وحفظ قيمة من كونها أصلًا مضاربيًا. 
 وقد تنوعت هذه العملات بين ما هو مدعوم بأصول حقيقية مثل النقد وسندات الخزانة، وما هو مضمون بعملات رقمية أخرى، إضافة إلى نماذج خوارزمية أثبتت التجربة خطورتها بعد انهيارات شهيرة.   ومع مرور السنوات، لم تعد العملات المستقرة مجرد أداة داخل منصات تداول العملات الرقمية، بل بدأت تكتسب دورًا أوسع داخل النظام المالي العالمي. التحول الأبرز جاء مع إقرار تشريعات أمريكية حديثة منحت العملات المستقرة المدعومة بأصول حقيقية شرعية قانونية كاملة، وسمحت باستخدامها ضمن الإطار المالي التقليدي. هذا التطور أتاح إجراء التحويلات الدولية في دقائق بدلًا من أيام، وخفّض التكاليف بشكل كبير، وفتح الباب أمام استخدامها في تسوية المدفوعات بين الشركات، بل وربطها ببطاقات الدفع واستعمالها في المعاملات اليومية. هذا الواقع الجديد وضع البنوك التقليدية أمام تحدٍ غير مسبوق. فالعملات المستقرة باتت تقدم خدمات مالية أسرع وأرخص وأكثر شفافية، في حين بقيت البنوك مثقلة بالأعباء التشغيلية والقيود التنظيمية. الأخطر من ذلك أن منصات العملات المستقرة أصبحت قادرة على جذب الودائع عبر تقديم عوائد أعلى بكثير من تلك التي توفرها حسابات التوفير البنكية، ما يهدد بتسرب جزء كبير من ودائع البنوك ويقوّض قدرتها على الإقراض، وهو ما قد ينعكس سلبًا على النشاط الاقتصادي ككل. إلى جانب ذلك، أحدثت العملات المستقرة وتقنيات التمويل اللامركزي نقلة نوعية في مجالي التحويلات الدولية والقروض. فقد بات من الممكن إرسال الأموال عبر الحدود بسرعة شبه فورية وبتكلفة ضئيلة، في مقابل الرسوم المرتفعة والتعقيدات التي يفرضها النظام البنكي التقليدي. كما أصبح الحصول على القروض ممكنًا عبر عقود ذكية تُنفَّذ تلقائيًا دون الحاجة إلى وسطاء أو إجراءات بيروقراطية، اعتمادًا على الضمانات الرقمية فقط. 
في ظل هذه التحولات، لا يبدو أن البنوك في طريقها إلى الاختفاء، لكن دورها التقليدي يتغير جذريًا. البنوك التي ترفض التغيير وتتمسك بالنماذج القديمة مهددة بالتراجع، بينما سيكون المستقبل للمؤسسات التي تنجح في دمج النظام المالي التقليدي مع التقنيات اللامركزية، وتتبنى البلوك تشين والعملات المستقرة، وتعيد تعريف دورها بما يتناسب مع عالم مالي جديد يتشكل بسرعة غير مسبوقة


طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق

 
 

سورس_كود



Baraka16


Orient 2022


معرض حلب


الصفحة الرئيسية
مال و مصارف
صنع في سورية
أسواق
أعمال واستثمار
زراعـة
سيارات
سياحة
معارض
نفط و طاقة
سوريا والعالم
محليات
مجتمع و ثـقافة
آراء ودراسات
رياضة
خدمات
عملات
بورصات
الطقس