سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:27/12/2025 | SYR: 15:03 | 27/12/2025
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE



خلطات كامبو


شاي كامبو


IBTF_12-18


 أقرته الحكومة رغم التناقضات...
قانون الفجوة المالية لإنقاذ مصارف لبنان أم حماية المودعين؟
27/12/2025      


سيرياستيبس 

بعد سنوات من التعطيل والمراوحة، أقرّ مجلس الوزراء قانون الفجوة المالية باعتباره خطوةً مفصليةً على طريق معالجة الانهيار المالي في لبنان. غير أنّ هذا الإقرار لم يمرّ من دون اعتراضات واسعة من الكتل السياسية، إذ سرعان ما انقسمت الآراء حوله، بين من يراه إطاراً ضرورياً لتنظيم الخسائر المتراكمة، ومن يعتبره تشريعاً متأخراً يفتقر إلى العدالة ويُعيد تثبيت الخلل نفسه الذي حمّل المودعين كلفة الأزمة منذ بدايتها. وبين النص القانوني وتداعياته المحتملة، تتقاطع مواقف جمعية المودعين عند نقطة أساسية، تتجاوز تفاصيل النصوص: غياب العدالة في توزيع الخسائر، والخطر الكامن في تحويل الثروة العامة، وعلى رأسها احتياطي الذهب، إلى أداة غير مباشرة لإنقاذ المصارف، بدل أن تكون رافعةً لحماية الحقوق واستعادة الثقة المفقودة.

في التفاصيل، أقرت جلسة مجلس الوزراء مشروع قانون الانتظام المالي بموافقة 13 وزيراً ومعارضة تسعة. وتحدث رئيس الحكومة نواف سلام، بعد إقرار مشروع قانون الفجوة المالية واسترداد الودائع في جلسة مجلس الوزراء في السرايا، مؤكداً "أن 85% من المودعين سيحصلون على أموالهم كاملة"، معلناً أن "السندات ليست وعوداً على ورق، بل مدعومة بـ50 ملياراً من موجودات المصرف المركزي". وأكد: "لا نبيع الذهب ولا نرهنه، ومنعاً لأي استغلال، حصّنا بمشروع القانون حماية الذهب". وقال :"سنستكمل التدقيق الجنائي و المحاسبة وما حدا يزايد علينا".

كما قال سلام :"للمرة الأولى قانون الفجوة فيه مساءلة ومحاسبة وغير صحيح من يقول عنه: عفى الله عما مضى. فقد أدخلنا عليه ضرورة إستكمال التدقيق الجنائي والمحاسبة". ولفت إلى "الكلام الذي يقال يهدف للتشويش على المودعين، لا سيما صغار المودعين، وأريد أن أطمئنهم أن كلّ ذلك يأتي في سياق ذرّ الرماد في العيون ولا يُزايدنّ أحد علينا"، معلناً أن "قانون الفجوة الماليّة ليس مثاليا وفيه نواقص ولا يحقق تطلعات الجميع ، لكنه خطوة واقعيّة ومنصفة على طريق استعادة الحقوق ووقف الانهيار الذي يعاني منه البلد وإعادة العافية للقطاع المصرفي". وأوضح أن "إقرار مشروع قانون الفجوة المالية يفترض أن يفتح لنا باب التفاهم مع صندوق النقد ومع دول مانحة ويساعد على جلب الاستثمارات مع التحسن الاقتصادي الذي أراهن عليه".

رئيس الحكومة نواف سلام، بعد إقرار مشروع قانون الفجوة المالية واسترداد الودائع في جلسة مجلس الوزراء في السرايا، أكد أن 85% من المودعين سيحصلون على أموالهم كاملة
في المقابل، أعرب وزير الإعلام بول مرقص عن "تحفظه على مشروع قانون الفجوة المالية"، مشدداً على "ضرورة تحصيل مزيد من حقوق المودعين والعمل على النهوض بالقطاع المصرفي وإعادة تشغيله من جديد"، مشيراً إلى "غياب الأرقام الواضحة والكافية في المشروع".

من جانبه، قال عضو مؤسس في جمعية المودعين رائد أبو حمدان في حديث خاص مع "العربي الجديد"، إنّ المودعين هم من يتحملون الخسائر منذ بداية الأزمة المالية، من انهيار العملة، وإقفال المصارف، واحتجاز الودائع، إضافة إلى تعاميم مصرف لبنان، وكل ما تكبدوه قبل الوصول إلى أي قانون، وأكد أنّ عدالة توزيع الخسائر يجب أن تبدأ بوقف تحميلها للمودعين، وتحديداً أصحاب الودائع الصغيرة والمتوسطة، وأشار إلى أن المصارف تتهرّب من تحمّل أي مسؤوليات، وهو ما يظهر بوضوح في موقفها من مشروع القانون، علماً أن هذا القانون أساساً لم يحمّلها مسؤوليات كافية.

إلّا أن المصارف، رغم ذلك، ترفضه وتحاول تحميل الدولة اللبنانية والمالية العامة جزءاً كبيراً من الخسائر، في إطار مقايضة خسائرها وما يفترض أن تدفعه لمعالجة فجوتها المالية مقابل الذهب، الذي يشكل ثروة وطنية للبنانيين، معتبراً أن هذا هو أخطر ما يتضمنه مشروع القانون المطروح. ولفت أبو حمدان إلى تفصيل أساسي يتعلق بآلية وتوقيت التراتبية الزمنية لكيفية احتساب الفجوة المالية، إذ ينص القانون على إجراء ما يُعرف بتقييم جودة الأصول، ويأتي هذا التقييم بعد احتساب الأصول غير المنتظمة، وسحب الودائع غير المشروعة، والودائع التي سيُفرض عليها اقتطاع، ومن ثم يجري احتساب حجم فجوة المصرف والتزاماته.

وشدد على أن التراتبية بالنسبة للمودعين يجب أن تكون واضحة، بحيث يجري أولاً، وقبل التعاطي مع الأصول غير المنتظمة كالفوائد عن السنوات الماضية والتحويلات من الليرة إلى الدولار والتحويلات الخارجية، احتساب هذه العناصر ضمن القيمة الإجمالية لالتزامات المصارف. وعلى هذا الأساس تُجرى عملية إعادة الرسملة وتصفير الرساميل، وبعدها تجري معالجة الأصول غير المنتظمة، وهو ما يُحدث فرقاً جوهرياً في حجم الخسائر التي يتحمّلها المصرف.

وأوضح أن المنطق يقتضي، بطبيعة الحال، أنه في حال تعثر أي مصرف، لا يمكن اللجوء إلى اقتطاع أموال الزبائن قبل اقتطاع أموال وودائع أصحاب المصرف أنفسهم، التزاماً بمبدأ التراتبية المنصوص عليه. واعتبر أن مشروع القانون، وفق تفاصيله الحالية، يتضمن التفافاً على المعايير والأصول التي يفترض أن تحكم عملية الاحتساب والسداد والاقتطاع.

خبير لـ"العربي الجديد": في حال تعثر أي مصرف، لا يمكن اللجوء إلى اقتطاع أموال الزبائن قبل اقتطاع أموال وودائع أصحاب المصرف أنفسهم، التزاماً بمبدأ التراتبية
أما في ما يتعلق بالذهب، فأكد أن رابطة المودعين تعتبر أن محاولة جمعية المصارف وأصحاب المصارف تحميل خسائرهم وما يفترض أن يتحملوه مقابل الذهب والثروة الوطنية هي محاولة مرفوضة. فهذه الخسائر يجب أن يتحملها من راكم الأرباح، ومن استفاد من الفوائد الخيالية، والهندسات المالية، ومن هرّب الأموال وتهرّب من المسؤوليات، في الوقت الذي كان فيه الشعب اللبناني يتحمل تبعات الأزمة، مشدداً على أن استخدام الذهب لإنقاذ فئة محدودة من أصحاب المصارف، لا تتجاوز نسبتهم 1% من اللبنانيين، هو أمر مرفوض، لأن الذهب ثروة يملكها 100% من اللبنانيين، واستخدامه لإنقاذ هذا "النادي السياسي-المصرفي" لا يمتّ إلى العدالة بصلة.

وتابع بالقول إنّ الجمعية لا تعتقد أن القانون سيُقر بصيغته الحالية، مؤكدة موقفها الداعي إلى إقرار قانون الفجوة المالية مدخلاً أساسياً لإنهاء الأزمة وحماية المودعين والاقتصاد. ولفت إلى أن المقصود ليس إسقاط المشروع والبقاء في حالة اللاحل التي تسعى إليها جمعية المصارف، كما حصل مع خطط سابقة منذ عام 2020، إذ جرى تعطيل كل الحلول المالية حتّى اليوم، لأن ذلك يخدم مصالحها أكثر من تحمّل الحد الأدنى من الخسائر، وأكد أن إقرار القانون مع إدخال التعديلات اللازمة، وحمايته من أي ثغرات، وخصوصاً ما يتعلق بالذهب، هو مسؤولية الحكومة والمجلس النيابي، لضمان عدالة أكبر واستدامة وحماية الحقوق وبناء نموذج اقتصادي أفضل.

وتكشف النقاشات الدائرة حول مشروع القانون أن جوهر الخلاف لا يقتصر على الأرقام أو سقوف التعويض، بل يمتد إلى الفلسفة الاقتصادية التي تحكم معالجة الأزمات المصرفية في لبنان. فبدلاً من اعتماد منطق تحميل الخسائر وفق التراتبية المعتمدة عالمياً، إذ تبدأ المحاسبة من الرساميل والأرباح والملكية المصرفية، يُعاد طرح حلول تضع المودع في موقع المموّل القسري لإعادة هيكلة لم يشارك في صنعها.

والأخطر أن غياب التدقيق الجنائي، والاكتفاء بتقييم جودة الأصول، يحوّل الأزمة من مسألة مساءلة ومحاسبة إلى تمرين محاسبي بحت، يفرّغ أي إصلاح من مضمونه الردعي. وفي هذا الإطار، لا يبدو الحديث عن استخدام الذهب أو أملاك الدولة مجرد تفصيل تقني، بل هو انعكاس لخيار سياسي-اقتصادي يفضّل حماية شبكة المصالح المصرفية على إعادة بناء الثقة بالنظام المالي، وهي الثقة التي لا يمكن استعادتها من دون عدالة واضحة وشفافة في تحديد من يدفع ثمن الانهيار.

بدوره، صرّح محامي جمعية المودعين فؤاد الدبس في حديث مع "العربي الجديد"، أن القانون المطروح، عموماً، هو قانون عاطل، ولكن ليس بالكامل، مشيراً إلى أن البلاد تعيش منذ ستّ سنوات من دون أي حل، على عكس دول أخرى تعالج أزماتها المصرفية خلال فترات قصيرة جداً. وأكد أن الحل اليوم بات ضرورة أساسية، وأنّ هناك مبدأً جوهرياً في القانون يجب الإبقاء عليه وتعديله، لا إلغاؤه، كما تحاول جمعية المصارف وبعض النواب والوزراء وبعض المودعين.

النقاشات الدائرة حول مشروع القانون أن جوهر الخلاف لا يقتصر على الأرقام أو سقوف التعويض، بل يمتد إلى الفلسفة الاقتصادية التي تحكم معالجة الأزمات المصرفية في لبنان
وأوضح أن القانون ينص على ردّ أول 100 ألف دولار لكل شخص من الأموال غير المشوبة، على مدى أربع سنوات. ورغم أن هذه الفترة طويلة، إلّا أنها تبقى أفضل من مشاريع أخرى تتحدث عن 10 أو 15 سنة. وذكّر بأنه قبل خمس سنوات، وتحديداً في خطة لازارد، جرى الحديث عن ردّ 500 ألف دولار لكل مودع. وأشار الدبس إلى أن القانون لا يعطي أي أهمية لأصحاب الحسابات بالليرة اللبنانية، الذين خسروا نحو 98% من قيمة أموالهم، من دون أي حل مطروح لهم، علماً أن بعض المصارف قامت بتحويل حسابات لبعض المودعين فيما لم تفعل مصارف أخرى، ومعظم المتضرّرين هم من المتقاعدين في القطاع العام، وهو ما يتجاهله هذا القانون.

وفي ما يتعلق بموقف جمعية المصارف وبعض النواب، الذين يصرّحون بأن القانون يحمّل الدولة الخسائر، شدد الدبس على أن هذا الكلام غير صحيح، لأن الدولة ومصرف لبنان هما ملك الناس والمجتمع والقطاع العام، فيما يحمّل القانون فعلياً المسؤولية للقطاع العام وليس للمصارف. ولفت في هذا السياق إلى غياب التدقيق الجنائي في المصارف، مقابل الاكتفاء بما يُعرف بتقييم جودة الأصول (Asset Quality Review)، لمعرفة أصول المصارف وقدرتها على الدفع، معتبراً أن هذا الإجراء غير كافٍ لأنه لا يكشف الجرائم المالية، بل يقتصر على إظهار أصول المصرف وموجوداته والتزاماته، وبالتالي يمنع محاسبة المصارف جنائياً.

وحذّر الدبس من تكرار ما حصل بعد الحرب الأهلية اللبنانية، إذ جرى إعفاء المصارف من الجرائم التي ارتكبتها، وخصوصاً الجرائم المالية. واعتبر أن الأخطر هو أن القانون يضع الذهب وعقارات الدولة في دائرة الخطر، لأن السندات مربوطة بأصول مصرف لبنان، وهو أمر مرفوض قطعاً، إذ يعني تخصيص الأملاك العامة لفئة محدودة من الناس، قد لا تتجاوز 1% من المودعين أو المستثمرين، علماً أن بينهم غير لبنانيين، إضافة إلى إعطاء كبار المودعين أسهماً في المصارف بدل استرداد ودائعهم.

وأشار إلى أن هناك حماية واضحة للمصرفيين، إذ يُقال إنهم سيستردون أرباحهم من خلال الأسهم، مع فرض غرامة بنسبة 30% تُسدد على سنوات عدّة، كما أن من دفع ديوناً تجارية تفوق 500 ألف دولار تُرد له 300 ألف، معتبراً أن هذا الأمر يجب تعديله لا إلغاء القانون. وطالب بزيادة التدقيق الجنائي والمحاسبة، ومنع المسّ بالذهب أو بالقطاع العام وأملاك الدولة، ورفع سقف الضمانة إلى 200 ألف دولار، وتقليص فترة السداد، وتحميل المصارف مسؤولية أكبر. وختم بالتأكيد أن القانون، بصيغته الحالية، يحمي المصارف كثيراً من دون أي محاسبة أو رقابة، مشيراً إلى أن المصارف لم تلتزم بأي تعميم صادر عن مصرف لبنان، بما في ذلك التعميم 166، في حين أن التعميم 158 ينص على أن يدفع مصرف لبنان 800 دولار شهرياً والباقي 200 دولار.

وبين دعوات إقرار القانون سريعاً، والتحذيرات من تمريره بصيغته الحالية، يقف المودعون مجدداً أمام اختبار مصيري؛ فإما أن يشكّل قانون الفجوة المالية نقطة تحوّل حقيقية نحو تحميل المصارف وأصحابها المسؤولية، وحماية الودائع الصغيرة والمتوسطة، وإمّا أن يتحول إلى محطة جديدة في مسار طويل من ترحيل الخسائر ومقايضتها بالثروة العامة. وعليه، تبدو مسؤولية الحكومة والمجلس النيابي اليوم مضاعفة: ليس في إقرار قانون فحسب، بل في منع تكريس نموذج اقتصادي يقوم على خصخصة الأرباح وتعميم الخسائر، وإعادة الاعتبار لمفهوم العدالة المالية شرطاً أساسياً لأي تعافٍ مستدام.

العربي الجديد


طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق

 
 

سورس_كود



Baraka16


Orient 2022


معرض حلب


الصفحة الرئيسية
مال و مصارف
صنع في سورية
أسواق
أعمال واستثمار
زراعـة
سيارات
سياحة
معارض
نفط و طاقة
سوريا والعالم
محليات
مجتمع و ثـقافة
آراء ودراسات
رياضة
خدمات
عملات
بورصات
الطقس