ما أكثر ما تريد هذه الحكومة تنفيذه ولكن هل تستطيع ؟  
سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:20/04/2024 | SYR: 16:44 | 20/04/2024
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE

Sama_banner_#1_7-19


خلطات كامبو


شاي كامبو


IBTF_12-18



HiTeck


runnet20122



Baraka16

 مرصد سوق العمل .. بدل من أن يكحّلها .. عماها .. !
06/06/2020      


منزلقاتٍ صعبة في سوق العمل السوري تحتاج إلى حلولٍ إسعافية

وضع استراتيجيات بعيدة المدى وطويلة التطبيق لا تفيد على أهميتها بتلافي الوضع القائم

التقرير يوصي بالحاجة إلى تقرير آخر لتكوين رؤية علمية عن واقع العمالة والمشكلات التي أنتجتها الحرب .. !!

المطالبة بتبسيط عملية وصول الكفاءات والكوادر لفرص العمل المتاحة في القطاع العام

الحل الأهم الآن إطلاق العنان للمشاريع الصغيرة والمتوسطة بكثير من الجدية والإغداق بالتمويل

سيريا ستيبس – علي محمود جديد

ما تزال سوق العمل في سورية محاطة بالكثير من المخاطر والمنزلقات الصعبة، حيث تشتدّ حالة الطلب على العمل كثيراً من قبل الداخلين على السوق سنوياً، في حين تشهد عروض العمل تراجعاتٍ كبيرة قياساً بالطلب الشديد، والسبب الرئيسي لهذه التراجعات يعود إلى ضعف الاستثمارات الحكومية والخاصة في ظل الحرب والحصار على سورية، لاسيما وأن هذه الحرب الجائرة على سورية وحصارها لم تمنع من وصول مئات آلاف الشباب سنوياً إلى سوق العمل، ليتحولوا من طلاب مدارس ومعاهد وجامعات، إلى خريجين عاطلين عن العمل، يبحثون عن آمالٍ باتت شبه ضائعة في دهاليز سوقٍ مُحاطٍ بالجمود، فتكاثر روّاد الأعمال وطالبيها، تحيطهم أسوار الخيبة وصعوبة الحياة القاسية التي باتت مرهقة إلى حدود كبيرة بالنسبة لمن يعمل ويعيش في نعمة فرصة العمل، فكيف لمن لا يعمل ولا يجد سبيلاً يستطيع من خلاله تأمين الحدّ الأدنى من الدّخل الذي يهبه كفاف عيشه ..؟!

سمعنا كلاماً كثيراً مطمئناً لمواجهة هذه الحالة والانتصار إليها، فهناك شعور رسمي واضح يؤكد أنها لا تخرج عن أطر البرامج الحكومية والاهتمام الحكومي بها، ولكن أغلب هذا الكلام لم يرَ النور على شكلٍ تنفيذي، وبقي مجرد كلامٍ بكلام .. وبلا طائل ..!

أكثر من مرة سمعتُ السيد رئيس الحكومة يقول بأن هناك قوى في هذا المجتمع وبمواقع ( رسمية وأهلية ) تسعى لعرقلة كل المبادرات الإيجابية، ولعل الاهتمام الحكومي بخلق فرص العمل يقع تحت نطاق هذه العرقلة، رغم أنني أعتقد أنّ هذه القوى مهما بلغ تأثيرها فإنها تبقى هشّة جداً عندما تصمم الدولة وتقرر بكل عزيمة وجدية على تجاوزها والإصرار على تنفيذ مبادراتها.

فوقتما قرّرت الحكومة تفعيل هيئة تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ومدّها بالدعم الكفيل بأن تأخذ أبعادها، ولاسيما من خلال إطلاق مؤسسة ضمان مخاطر القروض، التي من المفترض أن تزيل عن كاهل روّاد الأعمال المتعطشين لإقامة مشاريعهم الصغيرة والمتوسطة، همّ ضمانات القروض وتعقيداتها، وتسهّل لهم أمور الحصول على تمويل مشاريعهم المنتجة، وقلنا وقتها بأن الأحوال قد فُرجت وقُضي الأمر، ومع بداية هذا العام الجاري سنرى أن المؤسسة قد انطلقت، والهيئة ستغدو بهيئة أخرى ..!

ابتدأ العام، وها نحن نقترب من شهره السادس ولا تزال الأمور على ما هي عليه، فلا الهيئة انتعشت، ولا المؤسسة انطلقت، والعاطلون عن العمل إلى تراكمٍ وازدياد، وسوق العمل يشتدّ اختناقاً من زيادة طالبيه بمواجهة عروضه القليلة .. فما العمل ..؟!

سوق العمل في ظل الحرب

ثمة مبادرات تُثير الأمل ولو قليلاً، ولكن مجرد وجودها لا يكفي، فلا بدّ من حركة ما تُسرّع باتجاهات التنفيذ، والبدء فعلياً بالتخفيف من الضغط الذي لا يهدأ عن سوق العمل، وآن لنا الاكتفاء بالآراء والمقترحات واجتراح أفكار الحلول التي تراكمت كثيراً وازداد عرضها هي الأخرى، وهي تبحث عمّن يضعها في بوتقة الطلب وحيّز التنفيذ.

من بين هذه الآراء والأفكار دراسة موسعة أجراها مؤخراً مرصد سوق العمل في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، أشار فيها إلى أن الحرب الدائرة في سورية منذ العام 2011 ، تسببت في تدمير الكثير من القطاعات الاقتصادية والبنى الإنتاجية والخدمية، وألحقت أضراراً بالغة، طالت مختلف المرافق والبنى التحتية، بكل مكوناتها التربوية والصحية والتعليمية والسكنية.

إلا أن حدود تداعيات الحرب ومنعكساتها السلبية، لم تبق محصورة في نطاق الخسائر الاقتصادية والاجتماعية، بل تجاوزت ذلك لتطال جوانب أخرى تتعلق بسوق العمل وقضايا التشغيل والاستخدام التي شهدت تبدلات نوعية في خصائصها ومتطلباتها كماً ونوعاً لاسيما الجوانب والمضامين المتعلقة بالاتجاهات السلوكية، ومنظومات القيم والمعايير المتعلقة بالعمالة وسوق العمل.

ما يعني أن دراسة واقع سوق العمل، ورصد التحولات التي طرأت عليه، طوال سنوات الحرب، واستشراف متطلباته واحتياجاته، يعد مسألة على غاية كبيرة من الأهمية، ما دامت أنها تساعد في فهم طبيعة الصعوبات والتحديات، التي تواجه عملية التشغيل والاستخدام، وبالتالي الإسهام في إعداد البرامج والسياسات، التي يمكن أن

تساعد في تحليل الخصائص النوعية والكمية لسوق العمل، في ضوء النتائج السلبية، والتداعيات الكارثية للحرب الدائرة على الأراضي السورية، وإعداد سياسات ابتكارية ذات طبيعة خاصة، تساعد في خلق فرص العمل والتوظيف للموارد البشرية، وتوفير الأطر المؤسسية والبنى التنظيمية والإدارية، التي يمكن أن تُساعد في تعبئة قوة العمل أو الموارد البشرية، وتأمين مصادر التمويل والتدفقات المالية المستقرة والمُستدامة، بصورة مناسبة، لتمويل البرامج والمشاريع، وعمليات التدريب والتأهيل، وتحديد مدى قدرة المؤسسات الحكومية والخاصة، على استيعاب أفواج جديدة من الداخلين الجدد إلى سوق العمل.

تشريعات جديدة ومراجعات مستمرة

وتقول الدراسة بأن هذا يستدعي استصدار التشريعات والقوانين، التي تلبي طموحات سوق العمل، سواء كان لجهة ما يتعلق بإدارة عرض قوة العمل، أم إدارة الطلب عليها.

كما تتطلب مواكبة التحولات الاقتصادية، والتطورات التكنولوجية، والعمل بصورة دائمة لإجراء مراجعة مستمرة لواقع سوق العمل، وتكييف الموارد البشرية، وتقييم الاحتياجات والمتطلبات، وذلك كمدخل أساس لإعادة النظر بالعديد من التشريعات والقوانين، وسياسات التدريب والتأهيل، وعمليات التنظيم وبرامج التمويل، كي تصبح

قادرة على الارتقاء بخصائص سوق العمل، وجعلها منسجمة ومتوافقة، مع طبيعة التحولات وخصائصها المتغيرة.

إلا أن الحاجة لدراسة واقع سوق العمل في سورية، وتحليل تطوراته الهيكلية والبنيوية، لا تنبع من طبيعة الاستحقاقات التي تفرضها التطورات التكنولوجية الحديثة، ولا التحولات الاقتصادية المعاصرة، أو التغيرات في معنى القيم الاقتصادية، وآليات إنتاجها فقط، بمقدار ما تنبع من ضرورة إجراء دراسة معمقة، لتحديد مفاعيل

الحرب ومنعكساتها على واقع سوق العمل، وعلى خصائصه واحتياجاته، في الوقت الذي تتجه فيه سورية نحو الدخول في مرحلة إعادة الإعمار.

لا شك بأن هناك العديد من الدراسات والأبحاث السابقة، التي تناولت واقع سوق العمل في سورية، وربما تكون تلك الدراسات، قد توصلت لاستنتاجات مهمة، سواء كان لجهة ما يتعلق بجانب العرض الكلي في سوق العمل ومحدداته الكمية والنوعية، أم لجهة ما يتعلق بجانب الطلب، ومحددات تطوره كماً وكيفاً أيضاً. لكن ما يجب أن يؤخذ بالحسبان، هو أن معظم الدراسات والأبحاث التي تناولت سوق العمل، تعود في الواقع لفترة ما قبل الحرب، ما يعني أنها لم تعد مطابقة للواقع، ولا تعبر عن مشكلات سوق العمل حالياً، ولا عن متطلبات الحل الاستراتيجي لها. كما أنّ غالبية الدراسات التي تناولت موضوع العمل والتشغيل في سورية طوال سنوات الحرب تفتقر إلى الدقة بصورة نسبية، باعتبارها اعتمدت على معطيات ديموغرافية، وبيانات تشغيلية غير دقيقة، إذ لم يجر مسح شامل ودقيق لسوق العمل بجانبي العرض والطلب، لذلك وفي ضوء ما تقدم، يصبح التأسيس عليها لبناء سيناريوهات وخيارات تشغيل ناجحة، ينطوي على محاذير ومخاطر معينة، تحديداً لجهة ما يتعلق بإعداد برامج تشغيل تنفيذية.

وفي الأحوال كافة، لا يمكن لسوق العمل بعد الحرب في سورية، أن يكون كما قبلها، لا من حيث الخصائص، ولا من حيث المتطلبات، ولا من حيث البرامج والاحتياجات، إذ أن مفاعيل الحرب، انعكست بقوة، وتأثير كبير على تقديرات القيم واتجاهات السلوك، لمختلف مكونات قوة العمل، على مستوى الجنس، والتعليم، ومستوى التوزع الجغرافي بين المدينة والريف ...الخ، الأمر الذي أثر بصورة مباشرة كماً وكيفاً، على محددات العرض الكلي والطلب في سوق العمل.

 

 

تحديات الوصول إلى فرص التشغيل

تقول الدراسة أنه وفي ضوء ما تقدم، فإنّ أهمية إعداد التقرير الناجم عن الدراسة تولّدت بناءً على معطيات وبيانات مسح رسمية وطنية، وفق ما تضمنته استمارة المسح، الذي نفذه المكتب المركزي للإحصاء بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل نهاية العام 2018 / والحاجة الماسة في الوقت الراهن لدراسة أو تقرير، يمكن أن يساهم في تكوين رؤية علمية عن واقع العمالة وخصائصها، والمشكلات التي أنتجتها الحرب، ومنعكساتها على محددات العرض والطلب في سوق العمل.

ولهذا سعى التقرير نحو تحقيق مجموعة من الأهداف، تمثّلت بتحديد أهم الصعوبات والتحديات التي تواجه بعض قوة العمل، وتحول دون الوصول إلى فرص التشغيل، والوقوف على طبيعة التغيرات، التي حصلت على مستوى تصورات وتقديرات طالبي فرص العمل والداخلين إلى السوق، طوال سنوات الحرب.

بالإضافة إلى استعراض موجز ومكثف لملامح سياسة الحكومة في مجال التشغيل، قبل الحرب وأثنائها، واستشراف حقبة ما بعدها، وتحديد مدى مواءمة مخرجات التربية والتعليم، وبرامج التدريب والتأهيل، لاحتياجات سوق العمل، والتعرف على خصائص قوة العمل الراهنة، في ضوء المشكلات التي أفرزتها الحرب، والتي أثرت على قوة العمل من حيث الكم والكيف، والإسهام في عملية تقديم رؤى وأفكار، يمكن أن تشكل مدخلاً لسياسات التشغيل، وإدارة بديلة في سوق العمل، يمكن أن تساعد في تحسين عملية إدارة سوق العمل بجانبي العرض والطلب، وكذلك إعداد قاعدة بيانات أولية، متعلقة بواقع سوق العمل والتطورات الجارية فيه من ناحية العرض والطلب،

لأجل التنبؤ بالاحتياجات المستقبلية للتدريب والتوظيف، والمساعدة في اتخاذ القرارات المناسبة لتصحيح مسار سوق العمل.

واقع قوة العمل في سورية

 أوضحت الدراسة أن بنية قوة العمل حسب فئات السن والجنس توزعت في سورية عام 2017 / بنسب مختلفة بحسب فئات السن، إذ بلغت نسبة قوة العمل بين فئة سن 25 – 39 سنة ( 38,8 % ) وهي النسبة الأعلى، تليها نسبة قوة العمل لفئة السن 40 – 49 سنة نحو ( 24,7 % ) في حين بلغت نسبة قوة العمل لفئة السن 50 – 59 نحو ( 16,3 % ) ما يعني أن فئة قوة العمل من سن ( 25 – 39 ) هي الفئة الأكبر من قوة العمل في سورية، ما يعني أن قوة العمل، بمعظمها فتية، ويمكن الاستثمار فيها، والرهان عليها بقوة، في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإعادة البناء عن طريق برامج تأهيل وتدريب مكثفة تستهدف تطوير المهارات والقدرات

الفنية والعملية.

سياسات حكومية

أشار التقرير إلى بعض القرارات الحكومية والبرامج التمكينية، التي قامت الحكومة السورية بتنفيذها، كقرار رئاسة مجلس الوزراء رقم / 62 / للعام 2018 الناظم لإجراءات التعيين والاستخدام في الجهات العامة، والهادف إلى تحقيق المزيد من الضبط والإحكام لعمليات التعيين والتشغيل في القطاع العام بالإضافة إلى الشفافية والوضوح، والتركيز على المؤهل العلمي، وتبسيط عملية وصول الكفاءات والكوادر

لفرص العمل المتاحة ضمن هذا القطاع . وفي هذا الإطار لابد من الإشارة إلى أن هذا القرار، كان قد أسهم في تأمين ميزات تفضيلية لذوي الشهداء والجرحى إذ تمّ منحهم / 10 / درجات، إضافة إلى منح / 5 / درجات للمسرحين من خدمة العلم، نتيجة إصابتهم بالعمليات الحربية، ممن لم يخصص بمعاش تقاعدي، كامل أوجزئي وما إلى ذلك، بالإضافة إلى (برنامج دعم الخريجين الجدد ) و (برنامج دعم وتمكين الريف السوري ) و (برنامج دعم وتمكين المسرحين من خدمة العلم ) و ( إعادة إطلاق مركز تمكين الشباب - الإرشاد الوظيفي وريادة الأعمال بدمشق .. وما إلى ذلك

الخلاصة والنتائج

وبعد العديد من المقارنات الواقعية لعينات مختلفة تبيّن أن هناك إشكال لدى غالبية عظمى من قوة العمل، لجهة ما يتعلق بتصورها لطبيعة مشكلة البطالة والتشغيل في سوق العمل، ولطبيعة الحل وأدواته، تحديداً لجهة ما يتعلق بدور الدولة وهوية الاقتصاد، وكل ما يتصل بآليات التشغيل والتوظيف، إذ أن غالبية عظمى، تعتقد بأن حل مشكلة البطالة يأتي عن طريق قيام الدولة بالتوظيف في القطاع العام والمؤسسات الحكومية أو من خلال إقامة المشاريع الكبيرة.

كما تعاني غالبية عظمى من قوة العمل من نقص نوعي في طبيعة الخبرات والمهارات التخصصية والمهنية والإدارية، ومن ضعف في مستوى المهارات التقنية والحاسوبية.

كما تبين نتائج المسح أن غالبية الطلب على العمل هم من أصحاب التخصصات الأدبية والتربوية والدينية والاقتصاد والقانون، بينما أصحاب التخصصات الطبية والهندسية والتقنية والمهنية لا تتجاوز نسبتهم 21 %. وعلى مستوى آخر يتبين أنّ هناك انخفاضاً كبيراُ في نسبة حملة الشهادات الجامعية، والمعاهد المتوسطة والفنية،

وثمة صورة نمطية لطبيعة فرص العمل، ولكيفية الوصول إليها، لم تتغير، إذ ما يزال الرهان عالياً على دور الدولة التدخلي والرعوي ، الاقتصادي والاجتماعي، وعلى إمكانية التوظف والالتحاق بالوظائف الحكومية العامة، ويشكل توجهاً مهماً، يسيطر على ثقافة مختلف شرائح المجتمع، ومكوناته المختلفة، لا سيما لجهة ما يتعلق بالالتحاق بالوظائف الإدارية والمكتبية والتعليمية، وبصورة أكثر وضوحاً لدى الإناث.

ولاحظ التقرير أن تغيراً ملموساً قد حصل بحدود معينة، في الإطار العام على مستوى الشعور بالاستقلال الذاتي والمشاركة في المجتمع، لدى جميع أفراد المجتمع، لكن دور العلاقات الأسرية، والأصدقاء والعادات والتقاليد، والقيود الاجتماعية، ما يزال حاضراً ومؤثراً بقوة، لجهة ما يتعلق باستقلالية القرار الشخصي لطالبي العمل، وتحديداً للإناث.

وحدد التقرير المحافظات الأكثر بطالة وشهادات العاطلين عن العمل من الذكور والإناث، وصولاً إلى أثر ارتفاع تكاليف النقل، وأجور السكن والإقامة بعيداً عن الأهل، وهذا يعد مشكلة كبيرة تجعل من فرصة العمل البعيدة بلا جدوى للذكور والإناث معاً، تحديد اً الإناث، اللواتي بالإضافة إلى ذلك، يعانين من تأثير القيود المتعلقة بالعادات والتقاليد، وأنماط التفكير التقليدية.

ووجد التقرير أن سوق العمل في سورية يعاني من غياب الرؤية المتكاملة، لجهة ما يتعلق بإدارة عرض قوة العمل والطلب عليها، وهذا يبرز بصورة واضحة من خلال التباين بين مخرجات العملية التربوية والتعليمية، وبين متطلبات سوق العمل، التي تحتاج إلى كفاءات مهنية ومهارات تطبيقية، تحديداً لجهة ما يتعلق بالجوانب المهنية والحرفية، والحاجات اليومية، وانخفاض مستوى التأهيل والتدريب، ونوعية الإعداد للموارد البشرية على المهارات المطلوبة لسوق العمل مثل المهارات اللغوية والحاسوبية، وعلى كيفية إدارة المشروعات، وإنشاء المشاريع، وطرق الاستفادة من مصادر التمويل التشغيلية، وهذا كان له دور كبير في انخفاض قدرة الكثيرين من طالبي فرص العمل، على طرح الأفكار والمبادرة لإنشاء المشاريع، والاستفادة من فرص التمويل والإقراض المتاحة.

حلول مأمولة وممكنة

أشار التقرير إلى أنّ مختلف نظريات التنمية الحديثة، والتجارب التنموية لكثير من الدول، التي عانت من الحروب أو الصراعات والتي تمكنت من أن تتجاوز إرث الحرب، وتحقق إنجازات كبرى، في مرحلة ما بعد الحرب، تؤكد على أهمية الاستثمار المكثف في الموارد البشرية، وذلك كمدخل لإعداد قوة عمل نوعية مدربة وكمدخل استراتيجي لمواجهة متطلبات عملية إعادة الإعمار.

إنّ المشكلات البنيوية، والاختلالات الهيكلية، التي يعاني منها الاقتصاد السوري في مختلف القطاعات، ومنها بالتحديد قطاع العمل والتشغيل، تتطلب الإسراع بتنفيذ مجموعة من الإجراءات والتدابير الإسعافية، كتصحيح الملاكات الوظيفية في جميع جهات القطاع العام، وذلك عن طريق إعادة النظر بتوصيف الوظائف، وتوزيع الملاكات الوظيفية والعددية، التي تتحكم إلى حدٍّ كبير في الطلب على قوة العمل بمنظور الكم والكيف، وهذا يتطلب حزمة من التشريعات والصكوك القانونية والتشريعية، التي تتضمن إعادة هيكلة الملاكات، والمراتب الوظيفية، لجهة إعطاء دور ونسبة أكبر، للطلب على حملة الشهادات الجامعية والتخصصات العلمية.

وفي هذا الإطار لابد من الإشارة إلى أن طبيعة الملاكات الوظيفية الراهنة، تعدُّ ولسنوات طوال، سبباً جوهرياً يقف وراء ارتفاع نسبة البطالة بين الخريجين الجامعيين الشباب، الذين لا تشكل المسابقات حلاً حقيقياً لمشكلتهم ( البطالة ) ما يجعل عملية التوظيف عن طريق - الدولة، عبر المسابقات محدودة الأثر والنتائج، بالنسبة لغالبية الخريجين الجامعيين، لأن المسابقة، في ظل استمرار الهيكل الوظيفي، والملاك على ما هو عليه، تأتي لإغلاق شواغر ملاكات شهادات جامعية هي قليلة بالأساس، ولا تشكل إلا نسبة بسيطة كما أشرنا فيما تقدم.

ونوه التقرير إلى ضرورة الربط بقوة بين مخرجات العملية التربوية والتعليمية وبين حاجات ومتطلبات سوق العمل، وهذا يرتبط من جانب بعملية إعادة هيكلة الوظائف، وتعديل الملاكات، بما يساعد في توسيع هامش الطلب على الخريجين من الكوادر الجامعية، كما يرتبط من جانبٍّ آخر، بضرورة التوسع في عدد الكليات التكنولوجية والعلوم التطبيقية، والمعاهد الفنية والمهنية، التي يزداد الطلب على خريجيها في الوقت الراهن كالعلوم الهندسية بكل تخصصاتها والعلوم الطبية والمعاهد المتوسطة الفنية والتقنية، ويتعين على الدولة – حسب التقرير – أن تقدم مزايا معينة للملتحقين وللخريجين من المعاهد والكليات المذكورة، سواء كان عن طريق الرواتب والأجور أم عن طريق تأمين فرص العمل والتشغيل.

وأشار إلى أهمية إعادة النظر بسياسة القبول والاستيعاب الجامعي، في كليات التعليم العالي والمعاهد العليا والمتوسطة، وتوجيه مخرجات وزارة التربية، نحو التخصصات المهنية والفنية والتطبيقية والهندسية، والعلوم التقنية والطبية، وذلك عن طريق تخفيض معدلات القبول قليلا لهذه التخصصات وزيادة طاقتها الاستيعابية،

كمدخل لزيادة الاستيعاب من الطلبة المتقدمين إليها، والتوجه بذات الوقت نحو رفع معدلات القبول الجامعي للتخصصات التربوية والشرعية وكليات الآداب والعلوم الإنسانية والحقوق والاقتصاد. وفي هذا الإطار لابد من وضع خطة إسعافيه واضحة المعالم تتضمن حصر المؤهلات العلمية المطلوبة وتحديد التوصيف الدقيق لها، وبخاصة في الجهات العامة مع ضرورة تحديد الأولويات في الجهات العامة، مثال مدرسي وزارة التربية في اختصاصات فيزياء، كيمياء، رياضيات، مما يساعد الجامعات على وضع خططها من حيث الاستيعاب وتحديد توصيف خريجي هذه الاختصاصات بشكل دقيق وموجه حسب الحاجة ( مدرس فيزياء وليس اختصاص فيزياء، مدرس لغة انكليزية، وليس اختصاص أدب إنكليزي ).

ورأى التقرير أنه في ضوء النقص الكمي والنوعي الكبير، في أعداد أصحاب المهن والحرف، لابد من الاستثمار المكثف في عملية تفعيل دور المعاهد الصناعية والمهنية ومراكز التدريب والإعداد المهني، وتشجيع الالتحاق بها، لتأمين الكوادر والتخصصات المهنية والحرفية بالكم والكيف، وبناء قاعدة بيانات حقيقية من خلال تنظيم سوق العمل لجهتي فرص العمل المتاحة وطالبي التشغيل، والتوجه نحو التوصيف الأدق قدر الإمكان لاحتياجات فرص العمل المتاحة، وإعادة النظر بواقع الثانويات التجارية والصناعية والمهنية، لجهة الاستفادة الكاملة منها، وتحفيز المنتسبين إليها، والقضاء على النظرة غير الإيجابية للملتحقين بها، والتعاطي معها بصورة سلبية، وكأنها مكان لاحتواء الشباب فقط. وهذا يتطلب المراجعة السريعة، واتخاذ الإجراءات العاجلة للقضاء على نقاط الضعف، التي تؤثر على نوعية الخريجين.

ورأى التقرير أنه لابد من تطوير مرصد سوق العمل، ليتمكن من تحقيق أهدافه بإجراء الدراسات والبحوث والمسوح المستمرة ورصد تطورات سوق العمل بجانبي العرض والطلب، وامتلاك القدرة على التنبؤ لطبيعة سوق العمل ومتطلباته بصورة مستمرة لأي ضرورة إجراء التعديلات في التشريعات والقوانين، ونظم التدريب والتأهيل والتعليم بصورة تواكب التطورات الجارية على مستوى السوق هذا من جانب، وعلى مستوى رهانات الاقتصاد والنمو والتنمية الاقتصادية والاجتماعية من جانبٍّ آخر.

وركزت نتائج التقرير على ضرورة إعادة النظر بمستوى الرواتب والأجور، تحديداً رواتب وأجور الموظفين في القطاع العام، ورفعها إلى مستوى يتوافق مع المستوى العام للأسعار، بحيث يتحقق التوازن بين الدخل والاستهلاك، وذلك كمدخل للحفاظ على الكوادر والموارد البشرية في القطاع العام، وإعادة النظر بسلم الرواتب والأجور ونظام الحوافز والمكافآت، وذلك في ضوء الاحتياجات والمتطلبات التي يجب أن تتوافر في طبيعة الكوادر والمواصفات. بحيث يتحقق الإنصاف ومبدأ تكافؤ الفرص، بناءً على الإمكانات والقدرة على العطاء، والإسهام في تشكيل القيمة المضافة.

ونوه التقرير إلى أهمية تكثيف الاستثمار في العنصر البشري والمعارف العلمية والتكنولوجية، باعتبارها مكوناً أساسياً من مكونات الموارد والمدخلات الاستراتيجية للنمو والتنمية. لطالما أن المشكلة الأساس التي تعاني من غالبية الكوادر في سورية ( قوة العمل ) هي ضعف المحتوى العلمي والمعرفي، وانخفاض القدرة على المبادرة وطرح الأفكار وهذا يتطلب العمل بالتوازي على توجيه الموارد المتاحة وتأهيلها وتخصيصها بما يساعد في تلبية احتياجات المجتمع السوري وتعزيز قدرة الافراد ليكونوا أدوات للتنمية وروافع مهمة لتنفيذ البرامج التنموية وربطها مع قنوات التمويل اللازمة مع التركيز على إقامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر والتي تحقق تأمين فرص العمل.

وأشار التقرير إلى إنجاز مراجعة الوثائق السكانية ووضع سياسية سكانية واضحة المعالم والرؤى والأدوات، للحد من معدل النمو السكاني المرتفع، الذي يشكل في ظل العجز المالي، وضعف معدل النمو الاقتصادي، وانخفاض معدل الاستثمار، عامل ضغط على مختلف أنواع الحاجات من السلع والخدمات، بما في ذلك الحاجة للعمل.

وعلى مستوى المفاهيم والقيم: لابد من العمل لإزالة الكثير من المفاهيم والقيم الثقافية الغامضة والملتبسة، التي تحد من قدرة النساء والشباب على المشاركة في العمل، وفي مقدمتها:

تعزيز ثقافة مبدأ تكافؤ الفرص وقيم الإنصاف، والإقرار بحق الجميع في المشاركة، واقتسام الفرص في العيش الكريم، وتعزيز ثقافة تقديس العمل واحترام الوقت وتأصيل عملية التعاطي معه كأهم مورد اقتصادي، بالإضافة إلى وضع برامج وأطر تنفيذية مادية ومعنوية تحفيزية، تستهدف تعميق مشاعر العاملين في القطاع العام بالانتماء للمؤسسة، التي يعملون لديها، وتصحيح النظرة الخاطئة حولها، وجعلهم يدركون أن مصلحتهم تكمن في ازدهارها ونجاحها. وهذا الإجراء يساعد إلى حدٍّ كبير في تحسين مستوى الأداء ورفع مستوى الإنجاز.

بالإضافة إلى ذلك احترام التميز والابداع، ومكافأة أصحاب الكفاءات والقدرات والمعارف المتميزين.

أما على مستوى الاقتصاد الكلي:

البدء بتنفيذ إجراءات إعادة هيكلة نوعية وصارمة للاقتصاد السوري انطلاقاً من أسس وتوجهات اقتصادية جديدة ومعاصرة، تأخذ بالحسبان القدرات والميزات الاقتصادية، والشروط والمتطلبات العملية اللازمة للخروج من تبعات الحرب وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، تحديداً لجهة ما يشجع على تدفق الرساميل والإستثمارات ودخول التقانة والتكنولوجيا إلى سورية.

المستوى السياساتي:

تبني حزمة واسعة من السياسات الاقتصادية النوعية المالية والنقدية والاستثمارية

التشغيلية والتمويلية.. وغير ذلك، التي يمكن أن تساعد في تحفيز الاقتصاد، وتنشط آليات العرض والطلب في السوق، نظراً لما يترتب على ذلك من إمكانات تساعد على خلق فرص العمل والتشغيل.

 الاستثمار والبيئة الاستثمارية وبيئة قطاع الأعمال:

العمل لأجل تحسين واقع البيئة الاستثمارية، واتخاذ كافة الإجراءات والتدابير، التي يمكن أن تساعد في تشجيع رؤوس الأموال السورية المهاجرة على العودة، كما تحفز رؤوس الأموال غير السورية بالقدوم للاستثمار والتوظيف، وهذا يمكن أن يتم عن طريق اعتماد قانون استثمار شفاف وواضح، إلى جانب قضاء عادل ومتوازن، يزرع الاطمئنان والثقة في نفوس رجال الأعمال، ويساعد في تسهيل تدفق الاستثمارات والرساميل، وهذا يتطلب تشجيع الاستثمار بكافة أشكاله ومنح حوافز مختلفة للمستثمرين والإسراع باستصدار قانون الاستثمار.

تعديل قوانين العمل بما يتوافق مع المرحلة القادمة، وتشجيع تحول شركات الأشخاص إلى شركات مساهمة، وتعديل الحد الأدنى للرواتب والأجور لتشجيع العاملين على سوق العمل بما يساهم في عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص في إجراءات التعيين وتأمين فرص عمل للخريجين من الجامعات السورية، ووضع خطة تدريب فاعلة قبل دخول العمال مراكز عملهم، وذلك بما يساهم في امتصاص قوة العمل.

وأشار التقرير إلى أهمية التوسع في بناء المدن الصناعية، والمناطق التجارية، وتطوير البنى التحتية، من شبكات طرق وموانئ برية وبحرية، ومطارات وسكك حديدية، وتأمين خدمات الكهرباء والمياه والاتصالات، إلى مختلف المناطق التنموية والمدن الصناعية.

أخيراً

هذه الدراسة الهامة والتقرير الناجم عنها والمتعوب عليه كثيراً بشكل واضح لمرصد سوق العمل لن تفيد شيئاً هي الأخرى في الحالة التي نحن عليها الآن حيث نحتاج إلى حلول إسعافية ا تنقذ الوضع الصعب الذي يمر به شبابنا في هذه الأيام، ولا شك بأن هناك إمكانيات كبيرة لاتخاذ إجراءات سريعة تخلق الكثير من فرص العمل الزراعية والصناعية والتجارية والسياحية والخدمية، ولاسيما عبر المشاريع الصغيرة والمتوسطة، أما تلك الاشتراطات التي تتطلب هذه الحزمات الكبيرة والطويلة من الإجراءات والاستراتيجيات بعيدة المدى وانتظارها فكأننا لم نفعل شيئاً، وبدل من أن يكحلها هذا المرصد فإنه هكذا قد أتى عليها وعماها، ومع هذا فإن جهوده مشكورة وتوجهاته صحيحة على المدى البعيد، ولكننا نريد ونحتاج حلولاً إسعافية سريعة على المدى الأقرب من القريب.


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق

 
 

سورس_كود



islamic_bank_1


Baraka16




Orient 2022



Haram2020_2


معرض حلب


ChamWings_Banner


CBS_2018


الصفحة الرئيسية
ســياســة
مال و مصارف
صنع في سورية
أسواق
أعمال واستثمار
زراعـة
سيارات
سياحة
معارض
نفط و طاقة
سوريا والعالم
محليات
مجتمع و ثـقافة
آراء ودراسات
رياضة
خدمات
عملات
بورصات
الطقس