سيرياستيبس
لينا عدرة
عندما يندلع أكثر من 60 حريقاً ليلاً
خلال يومين وفي أماكن متباعدة وداخل الغابات، وبشكلٍ مخيف يصعب فيه على
رجال الإطفاء السيطرة عليها، وقبل يوم واحد من تحول الرياح إلى شرقية جافة،
ما يعني انخفاض الرطوبة في المناطق الساحلية إلى مستويات متدنية جداً، قد
تصل إلى ما دون 25%، فهذا يعني من وجهة نظري أن الحرائق التي شهدناها
مفتعلة قام بها شخص أو مجموعة أشخاص، أو جهةخبيرة أو “مثقفة ومتعلمة” تتابع
حالات الطقس وتفهم تماماً تأثير الأحوال الجوية التي تساعد فيها الرياح
على حدوث أكبر امتداد للحرائق، وهي بذلك تدرك جيداً ما تفعله! هذا ما خلص
إليه الدكتور رياض قرة فلاح أستاذ علم المناخ قسم الجغرافية في جامعة تشرين .ويتابع قرة فلاح: يقيني أنه عندما تندلع
الحرائق فجراً يكون الضغط الجوي مرتفعاً، وتكون الرياح في أهدأ أوقاتها
وسرعاتها، والأجواء باردة نسبياً بالمقارنة مع النهار، وستزداد البرودة لأن
المناطق المحروقة تكون أكثر برودة ليلاً كونها جبلية وهضبية مرتفعة، ومن
المعروف أن السرعة الأعلى للرياح تحدث نهاراً وليس ليلاُ مع انخفاض الضغط
الجوي، وكل هذا يعني أن من افتعل الحرائق كان يدرك بأن الرياح ستشتد مع
شروق الشمس وسيتحول الوضع إلى كارثي خلال فترات الظهيرة مع اشتداد سرعة
الرياح الشرقية الجافة.
ويوضح قرة فلاح بأنه و من بين كل 100 حريق
هناك عالميا 4 حرائق فقط قد يكون للطقس سبباً باندلاعها، لتكون الصواعق أهم
أسبابها! ونحن لسنا في فصل الشتاء، لذلك يمكن أن نستنتج أن من قام
بالحرائق فرد أو أفراد حاقدون مدركون ما لهذا الأمر من تبعات كارثية بيئية
واقتصادية وسياحية، ولا يمكن إطلاقاً أن نعزو السبب، بناء على المعطيات
السابقة، لأسباب صغيرة مثل التوسع بالأراضي الزراعية على حساب الأحراج أو
لغايات التفحيم أو لأي سبب آخر صغير، لذلك إما أن نتواكل ونتهم الحرارة
المرتفعة والرياح الحارة بشكل مباشر، علماً بأنها مجرد عامل مساعد على
اندلاع أوسع للحرائق وليست المسبب الأول لها، أو أن ننظر للأمر بشكلٍ أوسع
وأكبر بكثير واعتباره عملية تخريبية كبرى ممنهجة تهدد الأمن البيئي
والاقتصادي والسياحي والسكني لسورية.
لذلك يمكنني التأكيد، يتابع قره فلاح، بأنه لا وجود لسبب علمي للحرائق
المتتالية التي تندلع تباعاً في الليالي الباردة للجبال الساحلية الأكثر
برودةً ليلاً من السهول خلال هذه الأيام من شهري تشرين الأول والثاني، وأن
أحداً ما يشعلها تماماً كما حدث في 9/ 10/ 2019 لأن حرائق بهذا الحجم، وفي
مثل هذا التوقيت الزمني، لن تندلع من تلقاء نفسها في أوقات متقاربة، وفي كل
الأماكن، و لا بد من فاعلين خصوصاً إذا ما علمنا أن 96% من الحرائق سببها
بشري؟!.
إذاً النتيجة والخلاصة هي احتراق جبال بأكملها، ولا أحد يجرؤ على ذكر
الأسباب الرئيسية، وكالعادة يتفاجأ المسؤولون والمعنيون بالكارثة! والسؤال
هنا: لماذا لم يتم اتخاذ إجراءات حقيقية بعد الحرائق الضخمة التي حدثت في
عام 2019؟ لتدارك كل ما قد يحدث لاحقاً، خاصة وأن القاصي والداني يعلم علم
اليقين بأن الغابات مهددة، من الطبيعة أولاً، ومن مجموعات إرهابية لا تزال
تعمل كمرتزقة للخارج ثانياً، ومن شبكات من المنتفعين الذين لا يهمهم إلا
التكسب ولو على حساب الوطن ورئته الطبيعية ثالثا