محمد أحمد خبازي : بيَّنَ العديد من
المواطنين وأغلبهم موظفون أن ظروف الحياة المعيشية القاسية،
وضآلة الراتب الشهري أمام الغلاء الفاحش، والحاجة الماسة لإعالة الأسرة
وتأمين نفقات دراسة الأبناء وخصوصاً الجامعية، دفعهم للعمل في هذه الفترة
الانتقالية من الخريف للشتاء، بتعزيل البيوت و«تنظيف» الغرف والمطابخ والمد
الشتوي. وأوضح سامر وهو حارس ليلي في إحدى الدوائر بحماة، أنه دأب
منذ منتصف الشهر الماضي على العمل هو وزوجته في «تنظيف» الشقق السكنية،
مقابل 50 ألف ليرة لكل غرفة، لافتاً إلى أن هذا العمل يحقق له دخلاً
مقبولاً يسد به نفقات الأسرة ويؤمّن بعض الحاجات المنزلية. في حين ذكر واصل وهو مستخدم في دائرة، أن العمل بالبيوت في هذه الفترة من السنة جيد جداً، ومردود تنظيف الشقة يعادل الراتب الشهري!. وبيَّنت
سلوى وهي موظفة وأم لثلاثة أولاد، أنه بعد رحيل الزوج الرحلة الأبدية
أصبحت الحياة شاقة، وخصوصاً في ظل عدم قدرة الأهل على المساعدة، وهو ما
يضطرها للعمل في المنازل على مدار العام وليس في هذه الفترة فقط، موضحة أن
هناك صعوبات تواجهها بالعمل، وخصوصاً «التنمر» من قبل بعض ربات البيوت
الغنيات اللواتي يطلبن منها أعمال تنظيف شاقة، ومساومتها على الأجرة!. في
حين ذكرت نور وهي موظفة أنها تعمل في البيوت في هذه الفترة من السنة فقط،
عبر مكتب خاص مرخص، ومهمته تأمين العمل للراغبين مقابل عمولة، مبينة أن
عدداً لا بأس به يعمل معها في البيوت من خلال هذا المكتب. وأوضحت أن
المكتب يشكل ورشات، وكل ورشة مؤلفة من أربع عاملات ـ ومعظمنا موظفات أو
فاقدات المعيل ـ ويوجهنا للعنوان المطلوب، مقابل 20 بالمئة من الأجر،
مضيفة: الحمد لله الحالة مستورة، والاعتماد على الذات أفضل بكثير من طلب
المساعدة من أحد ما، أو من هنا أو هناك. من جانبه بيَّنَ صاحب مكتب
لتشغيل العمال ، أنه منذ سنوات يعمل في هذا المجال بعد الحصول على
ترخيص من الشؤون الاجتماعية والعمل، موضحاً أن مهمة المكتب هي صلة الوصل
بين الراغبين بالعمل والزبائن من أصحاب البيوت أو سيداتها، لقاء أجور مجزية
للعاملين أو العاملات، فبعض الزبائن يطلبون للعمل ذكوراً وبعضهم يطلبون
إناثاً. وأضاف: الطلب في هذه الأيام شديد على تنظيف البيوت
استعداداً للشتاء، حيث إن أجرة «تنظيف» الغرفة الواحدة نحو 75 ألف ليرة
والمطبخ 100 ألف ليرة، والصالون الكبير بأجرة غرفتين وهكذا. ولفت
إلى أن معظم طالبي العمل من الموظفين محدودي الدخل، ومن الشباب الذين
يرغبون بمساعدة ذويهم، أو أن ينفقوا على أنفسهم من كد يمينهم. وعن
صعوبات العمل قال: أكثر ما نعاني منه هو تعامل بعض الأغنياء المادي مع
عمالنا، حيث يريدون منهم أن ينجزوا لهم أعمالهم البيتية بأقل التكاليف،
وكأنهم يعيشون في كوكب آخر ولا يعلمون أن أجرة «تنظيف» الغرفة لا يستطيع
بها العامل أو العاملة أن يشتري أوقية لحمة!.
|