كتب المهندس محمود محمد يحيى الزير:
منذ سقوط النظام ويحاول البعض إيجاد تفسيرات لما يحدث لمعرفة
سوريا إلى أين والجواب على هذا السؤال صعب في المرحلة الحالية فهناك خطوط
عريضة متفق عليها بين جميع اللاعبين الدوليين منها عدم إنجرار سوريا إلى
الفوضى وضرورية إرضاء جميع مكونات الشعب السوري والقضاء على سياسة المحاور.
أما بما يخص كيفية الوصول إلى سوريا الجديدة فهناك عدم تطابق الرؤى
بين اللاعبين الدوليين في سوريا مع تضارب المصالح لتلك الدول ويمكننا
القول أن الأدوارالواضحة حتى الأن تتوزع على الشكل التالي:
الدور التركي
تلعب تركيا الأن دور القبطان وتقود السفينة رغم كل العواصف وتحاول
إيصال رسالة للجميع أننا نحن من إنتصر في سوريا وليس أي طرف أخر ومن خلال
سيطرتها الكاملة على هيئة التحرير تريد التأسيس لأهداف تتعلق بالعقيدة
التركية والأمن القومي التركي بما يخص منطقة حلب الإقتصادية أولاً ومن ثمن
الى تأمين كامل حدودها مع سوريا تحت سيطرتها ثانياً أما من ناحية أخرى
فتركيا تطمح إلى دور أكبر في المنطقة العربية وتأثير أكبر في منطقة أوربا
عن طريق البوابة السورية وبالنتيجة إذا نجحت القيادة الحالية في تركيا بهذا
الدور سوف يعود حزب العادلة إلى الواجهة من حيث الشعبية في الداخل التركي
ولتحقيق تلك التطلعات عليها بإرضاء الدول المؤثرة على الساحة العربية كا
السعودية ومصر وهل ستسمح لها تلك الدول بمثل هذا الأمر حيث من الواضح عدم
إرتياح تلك الدول حتى الأن لما تقوم به تركيا من إستعراض في سوريا.
الدور القطري
وقفت دولة قطر منذ البداية ضد نظام الساقط ولم تتراجع عن هذا حتى
بعد الإنفتاح العربي وهرولة تركيا للجلوس مع النظام الفار فلم تغير دولة
قطر من موقفها وكانت الداعم الرئيسي للسورييين الذين هجرو قصراً إلى إدلب
ولم تتراجع طوال تلك السنين وهي التي ساهمت بتنمية وإزدهار منطقة إدلب وجزء
من الشمال السوري رغم تعرضها لكثير من الإنتقادات من بعض العرب بسبب هذا
الموقف. وصحيح أن قطر لها مصلحة بموضوع الطاقة ونقلها عبر البوابة السورية
إلا أنها ليست مضطرة لهذا بعد أن أصبحت تملك أسطول من الناقلات العملاقة
لنقل النفط والغاز المسال إلى كل دول العالم وأعتقد أن الدور القطري سيكون
تنموي بحت في سوريا لأن من مصلحتها أن تكون موجودة على الجغرافية السورية
من خلال علاقات ممتازة مع القيادة الجديدة في سوريا.
الدور العربي بشكل عام
هناك دول عربية تراقب عن كثب ما يحصل على الأرض وما تفعله الإدارة
الجديدة وحجم تدخل التركي في الشأن السوري بإنتظار وصول القيادة الأمريكية
الجديدة للسلطة والتفاهم معها على باقي التفاصيل لتجنب التفاوض مع التركي
واعطائه الأهمية الكبرى في هذه المرحلة.
دور هيئة التحرير وقائدها احمد الشرع
يجب علينا الفصل بين دور عناصر هيئة التحرير ودور قائدها أحمد
الشرع فمن الواضح أن الأمريكان أعطت جزء من الشرعية إلى الجولاني بإلغاء
المكافئة المالية للقبض عليه ولم تعطي أي شرعية لهيئة التحرير أو أي من
عناصرها خوفاً من إنفلات الأمور ولكي تستطيع التدخل بحجة القضاء على
الإرهاب وأيضا لعدم تمكين المتشددين الإسلاميين من الإستيلاء على بعض مراكز
السلطة في سوريا مع العلم أن أحمد الشرع يمارس دوره كاقائد سياسي بكل
حرفية ويحقق إنتشار شعبي من الممكن أن يمكنه من لعب دور في مراحل قادمة في
سوريا بمعزل عن هيئة التحرير والتي يتصرف جزء من عناصرها وخاصة الغير سوري
منهم بمنتهى القزارة والزعرنة رغم عدم رضا القيادة عنهم ومن يتم القيض عليه
إما يرحل أو تتم تصفيته لاحقاً وفيما يخص حكومة الهيئة فهي مؤقتة ودورها
محصور بمحاولة عدم توقف مفاصل الدولة عن العمل ولو بالحدود الدونيا لحين
تشكيل مجلس حكم انتقالي.
الدور الأخير هو الدور الشعبي السوري
هناك كثير من التجاذبات بين مكونات الشعب السوري في هذه الفترة
تتراوح ما بين منتشي من النصر ولا احد يستطيع ضبطه وبين مصدوم من عدم ظهور
اولادهم واحبتهم في السجون السورية ومن مشاهد التي تم تداولها ورغبتهم
بالانتقام وبين بعض الاعلاميين والمنظريين الجدد الذين يؤثرون على البسطاء
لتحقيق الشهرة حتى لو على حساب الدم السوري ولاننسى البعض الذين تخلصوا من
عقدة الخوف ويعبرون عن رأيهم على وسائل التواصل دون اي ضوابط ثقافية او
اخلاقية احياناً ولا يخفى على أحد دور المجرمين والزعران ممن خرجو من
السجون بقضاية سرقات وإغتصاب وقتل وبعض من زعران النظام السافل وهولاء يتم
التعامل معهم حين يتم القبض عليهم من قبل الهيئة أما البقية الباقية فتلتزم
الصمت وتراقب المشهد وسوف يكون لها دور في المرحلة القريبة.
هكذا أرى المشهد في سوريا وأتوقع أن كثير يوافقونني الرأي أو
يخالفونني لاأدري ولكن سوريا إلى أين فمن المبكر الإجابة على هذا السؤال
حالياً وعلينا الصبر والتروي وتحكيم العقل ومحاولة لملمة ما نستطيع من
أخطاء البعض ولامانع من النقاش ووضع التصورات للمرحلة التي سيمح لنا
كاسوريين من رسم مستقبلنا السياسي وولادة سوريا الجديدة
ملاحظة : أنا تحدثت في مقالي عن الأدوار ولم أتحدث عن مطامع الأخريين في سوريا وهذا موضوع أخر ومنفصل عن موضوعنا.