سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:09/07/2025 | SYR: 18:01 | 09/07/2025
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE



خلطات كامبو


شاي كامبو


IBTF_12-18



Baraka16

 حرائق الساحل .. من الخير المستدام .. الى وجع لاينتهي
09/07/2025      


 

 

الحرية– باسمة اسماعيل:
لم تعد حرائق الغابات مجرد مشهد موسمي أو ظاهرة طبيعية متكررة، بل تحولت إلى أزمة متعددة الأبعاد، تهدد البيئة، الاقتصاد، الصحة العامة، والتماسك الاجتماعي، ومع تكرار المشهد في الساحل وحالياً في الريف الشمالي لمحافظة اللاذقية، تبرز الأسئلة عن الأسباب، وعن التداعيات التي لا تنتهي بانطفاء آخر شعلة نار، خاصة على تغيير المناخ.
“الحرية” أجرت حواراً مع الدكتور رياض قره فلاح، أستاذ جغرافيا المناخ في جامعة اللاذقية، الذي بدأ حديثه بالتحذير مما يحدث بأنه لم يعد مجرد نيران تلتهم الأشجار، بل كارثة متسلسلة تعصف بالبشر والطبيعة والاقتصاد، وتفاقم من ظاهرة التغير المناخي التي تدق أبوابنا بعنف.

 

قره فلاح: الدمار البيئي لا يمحى بسهولة ويستغرق عقوداً لاستعادة ما تم فقده

على شفا الانقراض

يرى الدكتور قره فلاح أن أولى ضحايا الحرائق هي البيئة الطبيعية، حيث تؤدي إلى فقدان الموائل الطبيعية وتدمر النظم البيئية، ما ينذر باختفاء أنواع نادرة من الحيوانات والنباتات، ويدفع نحو انهيار التوازن الإيكولوجي في المنطقة.
ويضيف: إن هذا الدمار البيئي لا يمحى بسهولة، بل يستغرق عقوداً لاستعادة ما تم فقده، إن أمكن ذلك.

تربة هشة وهواء خانق

وأضاف: لا تتوقف آثار النيران عند تدمير الطبقة السطحية الخصبة للتربة، بل تمتد إلى عمق الأرض، حيث تفقد التربة طبقتها الخصبة وقدرتها على الاحتفاظ بالماء والمغذيات، ما يجعلها عرضة للتعرية والانهيارات الأرضية، والفيضانات المفاجئة.

النيران لم تعد حادثاً عرضياً بل إنذار متواصل بأن علاقتنا بالطبيعة على المحك

وتابع: يتلوث أيضاً الهواء بشكل خطير، حيث تطلق الحرائق كميات ضخمة من الغازات السامة، مثل أول أكسيد الكربون وثاني أكسيد النيتروجين والجسيمات الدقيقة (PM2.5) التي تنتشر عبر الرياح لمسافات بعيدة، تضر بصحة الإنسان، خاصة الفئات الضعيفة الأطفال وكبار السن ومرضى الجهاز التنفسي.

حياة مائية مهددة

يشير قره فلاح إلى أن الأمطار تنقل الرماد والملوثات إلى الأنهار والبحيرات، ما يؤدي إلى تدهور جودة المياه وتسممها بالمواد الكيميائية، ما يؤثر سلباً على الحياة المائية وإمدادات مياه الشرب والزراعة.

تسارع التغير المناخي

يؤكد الدكتور قره فلاح أن الحرائق تسهم بشكل مباشر في تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، إذ تحتجز الأشجار المحترقة كميات هائلة من الكربون، تتحول إلى مصدر كبير لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
ويضيف: تدمير الغابات يضعف ويقلل من قدرتها على امتصاص الكربون مستقبلاً، ما يجعلنا أمام أثر مناخي مضاعف وطويل الأمد.

كلفة اقتصادية باهظة

يصف قره فلاح الخسائر الاقتصادية الناتجة عن هذه الحرائق بأنها “مركبة”، موضحاً أنها تشمل تدمير الممتلكات الخاصة، المزارع، الغابات المنتجة، والبنى التحتية الحيوية كالكهرباء والطرق.. إلخ، حيث تتحمل الدولة نفقات هائلة لعمليات الإطفاء والإغاثة، إضافة إلى التكاليف طويلة الأجل لإعادة الإعمار والتأهيل البيئي، فيما تتكبد المجتمعات المحلية خسائر طويلة الأمد نتيجة تعطل الزراعة، السياحة، وحتى الصناعة، وهو ما ينعكس على فقدان الوظائف وانكماش النمو المحلي.

في مرمى اللهب

الحرائق لا تترك أثرها فقط على الغابات، بل على الإنسان نفسه، الخطر على الصحة العامة مباشر، حيث يرى قره فلاح أن ما يسفر عن الحرائق من سقوط ضحايا من المدنيين ورجال الإطفاء، والإصابات بالحروق والاختناق أمر شائع في مثل هذه الكوارث، كما أن مراكز الإيواء المؤقتة تصبح بيئة خصبة لانتشار الأمراض، ويؤدي استنشاق الدخان الملوث إلى تفاقم أمراض القلب والرئة، والحساسية والربو وانسداد الشعب الهوائية المزمن، كما تؤدي الصدمة الناتجة عن فقدان المنازل أو الأحبة إلى مشاكل نفسية عميقة لا يقل خطورة عن الخسائر المادية والإنسانية، تتجلى في اضطرابات مثل الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).

نزوح داخلي واندثار الذاكرة الجماعية

يرى الدكتور قره فلاح أن موجات النزوح الناتجة عن الحرائق تهدد الاستقرار الاجتماعي، حيث يجبر السكان على مغادرة مناطقهم في ظروف طارئة، ويواجهون صعوبة في العودة، ما يؤدي إلى تفكك الروابط المجتمعية بفعل النزوح والدمار، وإلى فقدان الهوية المحلية والذاكرة الجمعية، خاصة مع تدمير الممتلكات الشخصية والمعالم التاريخية، حيث تفقد المجتمعات المتضررة جزءاً من الهوية الثقافية والذاكرة الجمعية للسكان المحليين.

شلل في الخدمات الأساسية

ولفت إلى أن الحرائق الكبيرة كالتي تحدث الآن في الريف الشمالي باللاذقية، تتسبب في انهيار شبكات الكهرباء، المياه، النقل، والاتصالات، ما يفاقم معاناة السكان في المناطق المتضررة، مشيراً إلى أن إعادة هذه الخدمات قد تستغرق وقتاً طويلاً حسب حجم الأضرار، فقد تحتاج إعادة الخدمات أسابيع أو أشهر، ما يعمق من معاناة السكان.

حاجة ماسة

شدد د. رياض على ضرورة وضع خطة استجابة وطنية شاملة، لمواجهة حرائق الغابات، فالنيران لم تعد حادثاً عرضياً بل إنذار متواصل بأن علاقتنا بالطبيعة على المحك، لا بد من بناء استراتيجية وقائية مستدامة تبدأ من الوعي المجتمعي، مروراً بتعزيز الجاهزية، وانتهاءً بإعادة تأهيل الغابات المتضررة.

اقتراحات

ونوه بأنه لمجابهة الحرائق قدر المستطاع التي تؤثر في الانحباس الحراري، يجب تعزيز نظم الإنذار المبكر لرصد الحرائق قبل تفاقمها، إطلاق حملات توعية مجتمعية حول سلوكيات الوقاية ومخاطر إشعال النيران العشوائية، إعادة تأهيل الغابات عبر برامج تشجير مدروسة بيئياً، تطوير فرق الدفاع المدني وتزويدها بالمعدات والتدريب اللازم، إدماج المجتمع المحلي في إدارة الغابات وحمايتها، تشديد الرقابة البيئية على المناطق المعرضة للخطر.


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق

 
 

سورس_كود



islamic_bank_1


Baraka16


Orient 2022



معرض حلب


ChamWings_Banner


الصفحة الرئيسية
مال و مصارف
صنع في سورية
أسواق
أعمال واستثمار
زراعـة
سيارات
سياحة
معارض
نفط و طاقة
سوريا والعالم
محليات
مجتمع و ثـقافة
آراء ودراسات
رياضة
خدمات
عملات
بورصات
الطقس