
سيرياستيبس : هناء غانم لم يعد الحديث عن وضع خطة وطنية لمكافحة الفقر في سوريا
مجرد فكرة أو شعار تتباهى به وزارة المالية، بل أصبح حاجة وطنية ملحّة
تفرضها متطلبات الواقع المعيشي.. وخطوة محورية لتأسيس استراتيجية شاملة
تهدف إلى القضاء على الفقر، ما أثار الجدل والعديد من التساؤلات حول قدرة
الدولة على تأمين الموارد المالية والفنية لتنفيذ هذه الرؤية، خاصة في ظل
محدودية الإيرادات العامة واعتماد الموازنة على مصادر غير تقليدية لتغطية
العجز، مع الإشارة إلى أن هذا البرنامج سيعتمد على قاعدة بيانات شاملة
لتحديد الفئات الأكثر احتياجاً، مع إيلاء اهتمام خاص ببرامج التمكين
الاقتصادي التي تهدف إلى تحويل الأفراد من حالة الاعتماد على المساعدات إلى
الإنتاج والمساهمة في الاقتصاد الوطني. الباحث الاقتصادي علي محمد،
يرى أن إطلاق البرنامج الوطني لمكافحة الفقر في سوريا ليس شعاراً بل هو
أمر ضروري واستراتيجي لاسيما أن الواقع المعيشي في سوريا في وضع سيىء جداً،
والتقديرات العالمية وبعض التقديرات المحلية تفصح حقيقة بأن حوالي 90
بالمئة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر على الرغم من الزيادة التي حصلت في
الرواتب والأجور للقطاع العام بنسبة 200 بالمئة والتي لعبت إلى حد ما
دوراُ في زيادة معدل الدخل وفقاً للمعيار العالمي لخط الفقر الذي كان 1.9
دولار للفرد يومياً وبعد الزيادة ارتفع إلى 2.65 دولار للفرد، لافتاً إلى
أن القوة الشرائية لا تزال ضعيفة، كما لا تزال مشكلات الاقتصاد السوري
الهيكلية على حالها، ولا يزال التضخم كنسبة مئوية موجوداً رغم أنه انخفض
عما كان عليه عام 2024 عندما كان 115 بالمئة واليوم 35بالمئة، جازماً بأن
كل العوامل المشجعة التي تحسن من مستوى معيشة المواطن لا تزال على حالها
إلى حد ما مع تحسن في بعض الجزئيات، وبالتالي هذا البرنامج أساسي خلال
الفترة المقبلة. أما الإيجابيات التي تحدث عنها وزير المالية فهي
تبشر بأن هناك خطوات قادمة يتم العمل عليها لتحسين الأوضاع المعيشية،
فعندما نقول/ معالجة الفقر/ هنا لا يمكن القيام بمعالجة الفقر كنتيجة من
دون البحث في أسباب هذا الفقر بشكل أساسي، وبالتالي لابد من تعميق الدراسات
المتعلقة بأسباب الفقر سواء كانت تتعلق بالشخص ذاته أم كانت البيئة
الاقتصادية الموجودة أو إن كانت بسهولة أو صعوبة أو روتين أو.. أو.. وغيرها
من الأمور التي لها علاقة بالعمل الإنتاجي وبتوليد فرص العمل وزيادة دخل
هذه الفئة من الأشخاص كي يُنتشلوا من الفقر ليصبحوا منتجين إلى حد ما في
مجتمعاتهم. وأفاد بأن محرك الفقر هو أساس تهيئة البيئة الاجتماعية
وبيئة الأيدي العاملة، وبالتالي تهيئة البيئة الاقتصادية، لأنه لابد من
تشجيع الاستثمار لتحقيق النمو في الناتج المحلي الإجمالي، ولأنه في كل
القطاعات لابد من وجود أيد عاملة مؤهلة مع استقرار اجتماعي، وبالتالي هذا
أساسي بكل تأكيد. والأمر المطمئن في حديث الوزير أنه ربما تكون هناك
شراكة مع مؤسسات دولية للتعاون في معالجة الفقر… أما بخصوص مراحل البرنامج
الوطني لمكافحة الفقر فقد اتفق الخبير الاقتصادي مع ما جاء به الوزير،
مؤكداً أن الخطوات الأساسية بالتأكيد سوف تتمحور حول تحديد مناطق الفقر
الرئيسية وهذا يتطلب إنشاء دراسات ميدانية كبيرة وبذل جهود مضنية لتحديد
المناطق الأشد فقراً والأكثر هشاشة ومن ثم تصنيف هذه المناطق سواء كانت قرى
أم مدناً إلى آخره حسب مستويات الفقر، وهنا لابد من تدخل الحكومة من خلال
عدة جهات سواء كان تدخلاً مادياً أم معنوياً وتوفير فرص عمل واستثمارات
وغيرها. والأمر الأهم الذي يجب العمل عليه هو تحسين البنية التحتية،
وهنا لا نتحدث فقط عن شبكات مياه أو كهرباء بل نتحدث عن قطاع التعليم
والصحة وهذه الأمور مهمة جداً في المناطق الفقيرة كي تؤطر الأجيال في
التعليم وتتوافر لها المستلزمات الصحية الملائمة كي لا نكون في فقر مدقع ثم
نصل إلى مرحلة انعدام الأمن الغذائي وغيره وفيها، موضحاً أن ترميم هذا
المرافق سواء كانت مدارس أم مراكز صحية أمر مهم جداً. أما الخطوة
الثالثة- حسب الخبير الاقتصادي- فهي تتعلق بأهمية توفير فرص عمل وتمكين
المواطنين من الحصول على أجور معينة وذلك من خلال تهيئة البيئة الاستثمارية
ودعم المشروعات الصغيرة. والمتناهية الصغر المتوسطة وتشجيع القطاع الخاص
على التوظيف من خلال تحسين بيئة العمل، إضافة لذلك يجب أن تقوم المؤسسات
التمويلية بتقديم قروض صغيرة أو متوسطة إلى هؤلاء الأشخاص كمساهمة للإقلاع
بمشروعاتهم.. ومن ثم يأتي الأمر الذي يجب العمل عليه وهو الدعم المباشر
للعائلات الفقيرة سواء كانت من خلال مساعدات مادية أم عينية من مواد غذائية
وغيرها. إضافة لذلك هناك نقطة مهمة تتعلق بكل ما له علاقة بالفقر،
وعند الحديث عن الفقر يعني انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية والطبابة
وغيرهما، وهنا لابد من تقيبم واضح لهذه الشرائح المجتمعية من الفئات
الفقيرة من خلال الإحصائيات والدراسات… ويعتقد الخبير أن مقترح أن يكون
التمويل من خلال إعفاء بعض رجال الأعمال من الضرائب المتراكمة عليهم هو
فكرة قد تكون مثمرة.. خاصة أن إنهاء ملف التهرب الضريبي بات ضرورة ملحة من
الحكومة لاسيما أن هذا الملف شائك وكبير حتى إنه لا توجد تقديرات واضحة عن
التهرب الضريبي وربما كان عام 2022 مثلاً حيث كان بحدود 4 آلاف مليار
ليرة سورية وهو مبلغ ضخم جداً، وأعتقد أن مكافحة التهرب الضريبي من خلال
إقامة مثلاً فعاليات مجتمعية اجتماعية. هو أمر جيد والأهم أنه لا بد أن
يكون هناك تدقيق على هذه المساهمات كأن يقوم /تاجر ما/ عليه تهرب ضريبي على
سبيل المثال ب100 مليون ليرة سورية بمساهمة لا تتجاوز 10 ملايين ليرة
سورية، وهذا أمر مهم جداً.. لذلك يجب أن تكون هناك لجان لمتابعة الأمور
المالية بدقة لتجاوز هذه المرحلة.
|