ما أكثر ما تريد هذه الحكومة تنفيذه ولكن هل تستطيع ؟  
سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:28/03/2024 | SYR: 01:54 | 28/03/2024
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE

 عندما تأتي الغيوم في غير موعدها والى غير مكانها ..
الظاهرة المناخية المدمرة التي اجتاحت الرقة السورية وتسببت بالرعب... هل هي حقيقة ؟ ..أم هناك من صنعها ؟.
06/04/2020      


هل اصبحنا بلد تجارب

سيرياستيبس :

سحابة واحدة مخيفة فوق الرقة ودير الزور يوم الجمعة الماضي أدت إلى رياح إعصارية وأمطار شديدة الغزارة ، ومقتل شخصين ونفوق أغنام، وتدمير مساحات زراعية في مشهد استثنائي لا يتكرر طال فيه الأذى للكثيرين. وهذه السحابة التي (يقال) أنها تشكلت في سماء دمشق عام 2018 وتلاشت بسرعة، ولكنها نجحت في الرقة في أن تهطل الأمطار بشكل شديد الغزارة ورياح إعصارية كبيرة.

في علم الطقس والمناخ حتى احتمالات المفاجآت مدروسة ومعروفة ولها حدود قصوى ونماذج وسيناريوهات، أما أن يحدث إعصار في مكان لا يصلح أصلا لحدوثه فهذا (وعلى مسؤوليتي العلمية) مستحيل أن يحدث تلقائيا لأن طقسنا معروف ومنخفضاتنا مدروسة من ناحية أشكالها وأنواعها ومساراتها وطريقة تشكلها، وهي تأتي في أوقاتها من أماكنها المعروفة في غرب وشمال غرب أوروبا خصوصا من الضغط المنخفض الأيسلندي والبحر المتوسط في مركز خليج جنوة، ومن مركز قبرص نهاية الشتاء، أو في الخريف من منخفض البحر الأحمر ليؤثر على جنوب القطر وشرقه، ولا يأتينا من الصحارى الجنوبية إلا بعض المنخفضات الصحراوية القادمة من جنوب جبال الأطلس وهذا وقتها وهي ذات حرارة مرتفعة، ولا يمكن وبأي شكل من الأشكال أن تتشكل ظروف مناخية غير طبيعية في غير مكانها أو زمانها، ثم نخلق لها تفسير علمي لا يقبله عقل متخصص ولاقوانين علم الطقس، فكيف إن اجتمع المكان والزمان مع الظرف الخطأ..

الإعصار الذي حصل في المنطقة الشرقية بشكله وانتظامه لا يتشكل إلا فوق الماء والمحيط الواسع وبشروط رطوبية وحرارية عالية لسطح المياه (26.7 درجة) لن تتوفر في الرقة ولا دير الزور ولا في دمشق من قبلها، الطبيعة كي توجد هذه السحابة الحلزونية المخيفة تحتاج مياها حارة وتقابل ريحي من اتجاهات متعددة وقوى قص وتقاطع ريحي يدعمها استمرار التبخر لكي يستمر الهواء بالارتفاع وليأخذ الإعصار قوة تشكله كما يحدث في أندونيسيا والفلبين وخليج البنغال والبحر الكريبي مثلا، لهذا نشاهد هذه الأعاصير التي ينتج عنها هذا النوع من السحب الدائرية الإعصارية المثالية فقط في تلك المناطق، ولكن ليس فوق الرقة ولا دير الزور ولا دمشق ولا أدري كيف حدث التقابل الريحي في منطقة لا تأتيها الرياح إلا من نوع واحد يتغير اتجاهه تبعا للضغوط.

هي لعبة وتجارب في الطقس لعبوها على أراضينا في 5 أيلول عام 2015 عندما حدثت العاصفة الغبارية والتي وصلت الساحل في حالة لم تتكرر لا قبلها ولا بعدها، وعام 2018 في دمشق وربما لم تنجح التجربة، واليوم في الرقة. وكما حدث عندما ضرب إعصار جونو سلطنة عمان في 6-6-2007 في حادثة غير متوقعة ليكشف فيما بعد أنها تجربة أمريكية إسرائيلية لضرب إيران ولكن لخطأ في الحسابات توجه الإعصار ليضرب عمان وسط ذهول خبراء الطقس.

لنسأل أنفسنا الآن، كيف توفرت الأجواء الاستوائية والمدارية وتقابل الرياح التجارية مع الموسمية فوق الرقة هذه المنطقة شبه الجافة مناخيا وذات المناخ المتوسطي القاري، وأدت لتشكل هذه الغيمة لولا فعل فاعل؟ علميا هذا مستحيل ولن يأتي الهواء الاستوائي الرطب ولا الرياح التجارية ليصعد فوق سماء الرقة دون غيرها من الأماكن المجاورة مشكلا ضغطا شديد الانخفاض دون 990 هيكتوباسكال تاركا الفرصة للهواء الذي يلامس الأرض كي يدفع بالبخار نحو الأعلى ما لم يتوفر شروط مائية وحرارية مناسبة.

ما حدث كذبة كبيرة وهذه الظاهرة ليست نادرة وتحدث كل 100 عام كما يقال، بل حالة غير مألوفة ولا يجب أن تحدث، كل ظواهر المناخ تحدث خلال 35 عاما وتكرر نفسها، وما حصل مفتعل لتجربة ما، ولا تزال العاصفة الغبارية سابقة الذكر الت استمرت لأسبوع كامل في أيلول 2015 تذكرنيي بنوع آخر من التجارب أجريت لغايات عسكرية تخدم مصالح من يهمهم البقاء فوق أرضنا..ولم تكن تحدث مطلقا بخبرة ورأي الأجداد واوثائق قبل أن تمتلئ أراضينا بهؤلاء الأغراب. المنطقة الشرقية من سورية أصبحت ساحة واسعة متاحة ليس فقط لسرقة نفطنا بل جعلوا منها حقل لتجاربهم طقسية التي قد يستفيدون منها مستقبلا.

د. رياض قره فلاح

أستاذ علم المناخ

قسم الجغرافية - جامعة تشرين


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق