الفساد وجشع التجار والخلل في بعض الإجراءات الحكومية أسباب متقاربة
56% من الأسر تنفق أكثر من 200ألف ليرة شهرياً
المستفتون يُبدون آراءهم حول أسباب المشكلة:
26% غياب الرقابة الفعالة و25% الحصار الاقتصادي
24% الفساد وجشع التجار و22% خلل بتنفيذ الإجراءات الحكومية
حسب العينة أولويات الحلول الإسعافية تتطلب:
27 % يؤكدون أن الفائدة الصفرية حل إسعافي لدعم المشاريع المتوقفة والصغيرة
24% تخفيض الرسوم والضرائب يخفّض التكاليف
19% يرون أن إصلاح الأجور يخفف من مشكلة الأسعار
18% يطالبون بتشديد الرقابة على الأسواق
13% يؤيدون التدخل الحكومي
مدير مركز «مداد» للدراسات والأبحاث تعليقاً على نتائج الاستطلاع:
• المشكلة الرئيسية لا تتعلق بارتفاع الأسعار بقدر ما تتعلق بالخلل الكبير بين الدخل والإنفاق.

• الرقابة الحكومية يشوبها قدر لا بأس به من الفساد الذي يضعفها بشكل كبير

تتابع «تشرين» على موقعها ومنصاتها الإلكترونية كل ما يتعلق بارتفاع الأسعار في الأسواق من خلال تقارير يومية ترصد حركة السلع والمنتجات الأساسية وتقلبات أسعارها ونظراً لأهمية هذا الموضوع وتأثيره على الوضع المعيشي للمواطن أجرت « تشرين» استطلاعاً يهدف لمعرفة العوامل الأكثر تأثيراً في ارتفاع الأسعار إضافة إلى وضع قائمة بأهم المقترحات الإسعافية للحد منها.

ويأتي هذا الاستطلاع  بناء على دراسة واقع الأسواق خلال شهري تموز والنصف الأول من شهر آب 2020 اللذين شهدت خلالهما السوق تقلبات كبيرة بالأسعار تزامنت  مع اتخاذ الإجراءات الاحترازية لوباء كورونا وتشديد العقوبات الإرهابية أحادية الجانب وكان آخرها إصدار ما يسمى   « قانون قيصر» الارهابي على سورية. هذه العوامل وأسباب أخرى أدت الى ازدياد كبير في أسعار السلع والمواد المختلفة في الأسواق المحلية بشكل مخيف أرهق المواطن وحرم شريحة كبيرة من الأسر السورية من تأمين احتياجاتها ومتطلباتها الأساسية، لكن الزيادات المطردة والمتلاحقة بدت في كثير من الأحيان غير منطقية وغير واقعية ولاسيما تلك المرتبطة بتقلبات سعر الصرف التي أدت إلى إشعال السوق ولهيب حارق بالأسعار مع تراجع سعر الصرف، لكن غير المنطقي أن الأسعار بقيت مستعرة رغم تحسن سعر الصرف، وكانت ثمة إجراءات حكومية تدخلية عبر وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك وضخ السلع والمواد عبر صالاتها لكسر الاحتكار والتخفيف من لظى الأسعار إلا أن تطبيقها على أرض الواقع لم يكن بالشكل المطلوب أو الكامل.

«تشرين» واكبت الأسعار والأسواق بشكل يومي في مختلف المحافظات السورية، وقامت بإجراء استبيان لاستطلاع رأي المواطن حول الأسباب  الأكثر تأثيراً بارتفاع الأسعار على هذه المتوالية ذات الشكل الناري والحارق لجيوب المواطنين!

استبيان «تشرين»

راعى الاستبيان الذي أجرته «تشرين» أن يشمل شرائح ومهناً متنوعة تناسب التنوع الموجود في المجتمع السوري قدر الإمكان والفئات العمرية والحالة الاجتماعية لتكون العينة معبرة بشكل واقعي عن المجتمع بشكل تقريبي، وشمل الاستبيان رأي (60) شخصاً تم اختيارهم بطريقة انتقائية وعبر استبيان ورقي إضافة إلى الاستبيان الإلكتروني.

تضمنت المعلومات المعرفية للعينة النسب التالية:  بلغ عدد الذكور ما نسبته 54% والإناث  46% من العينة وبأعمار مختلفة من عمر (20-60) سنة.

تضمنت الاستمارة أربعة أسئلة إضافة إلى الأسئلة التعريفية حول الحالة العائلية فكانت نسبة  المتزوجين 73% والعزاب 27%, وفيما يتعلق بعدد أفراد الأسرة فكانت نسبة الأسر التي عدد أفرادها ثلاثة أو أقل

32% وأكثر من ثلاثة 68%.

جمع البيانات

تضمن السؤال الأول خيارات لمعرفة العمل أو المهنة للعينة كما يلي:

السؤال الأول:

ما هو عملك ؟


موظف صاحب مهنة طالب من دون عمل أخرى
36% 37% 9% 11% 7%






 

وتضمن السؤال الثاني معلومات عن الدخل الشهري للعينة كما يلي:

السؤال الثاني:

ما هو إنفاق عائلتك الشهري ؟

أقل من مئة ألف ليرة سورية 100- 200 ألف ليرة أكثر من 200 ألف ليرة
15% 29% 56%

 

وتم سؤال العينة عن رأيها في ارتفاع الأسعار والمسببات لذلك كما يلي:

السؤال الثالث:

ما أكثر الأسباب تأثيراً في ارتفاع الأسعار بالأسواق برأيك؟

الحصار الاقتصادي و«قانون قيصر» الإرهابي عدم تنفيذ الإجراءات الحكومية بشكل صحيح الفساد وجشع التجار غياب الرقابة الفعالة أسباب أخرى
25% 22% 24% 26% 2%

 

وعن الاقتراحات التي يمكن أن يكون لها دور في خفض الأسعار تم سؤال العينة كما يلي:

السؤال الرابع :

ما الإجراءات الإسعافية  التي تؤثر في خفض الأسعار؟

إصلاح الرواتب إعطاء قروض بفائدة صفر للمشاريع المتوقفة والصغيرة والمنتجة زيادة التدخل الحكومي تخفيض الرسوم والضرائب تشديد الرقابة على الأسواق
19% 27% 13% 24% 18%

 

نتائج  الاستطلاع :

في قراءة تحليلية لنتائج الاستطلاع  نجد من خلال المعلومات المعرفية للعينة أن نسبة المتزوجين من بين عدد العينة البالغ (60) بلغت 73% مقابل 27% نسبة العازبين. وتعد حالة العازبين مرتفعة إلى حد ما وغالباً ما تلعب المؤشرات الاقتصادية دوراً في زيادة أو نقص هذه الحالة في المجتمع.

كما نجد أن عدد أفراد الأسرة التي تقل أو تساوي ثلاثة أفراد بلغت نسبتها 32% مقابل 68% عدد أفراد الأسرة التي تزيد على ثلاثة ما يزيد العبء الاقتصادي للأسرة ولاسيما تلبية الاحتياجات الغذائية والصحية والتعليمية.

ومن خلال تفريغ نتائج الاستطلاع  حول العمل أو المهنة الذي تحصل منه العينة على دخلها نلاحظ أن 11% من العينة من دون عمل، وإذا أضفنا إليها نسبة الطلاب 9% نجد أن حوالي 20% من العينة لا يوجد لها مصدر دخل ثابت. في المقابل نجد أن نسبة الموظفين حوالي 36% وأصحاب المهن 37% في حين يعمل 7% بأعمال أخرى.

وعن  الإنفاق الشهري للعينة نجد أن النسبة الأكبر من العينة التي تتجاوز نصف العينة تنفق أكثر من (200) ألف ليرة بنسبة 56%، بينما حوالي ثلث العينة تقريباً 29% تنفق ما دون (200) ألف ليرة مقابل 15% فقط تنفق أقل من (100) ألف ليرة.

ويلاحظ أن نسبة الإنفاق الأقل من (100) ألف ليرة هي فعلياً أكثر بحوالي ضعفين من دخل الموظف من الفئة الأولى الذي تقل أجرته الشهرية  قليلاً عن (50 ) ألف ليرة، ما يشكل فجوة حقيقية ما بين الدخل والإنفاق ولاسيما لشريحة الموظفين.

وعن الأسباب الأكثر تأثيراً في ارتفاع الأسعار جاء بالدرجة الأولى غياب الرقابة الفعالة عن الأسواق بنسبة 26% وهو تقريباً يجاري سبب الحصار الاقتصادي أحادي الجانب و«قانون قيصر» الإرهابي الذي رأت العينة أن تأثيره في رفع الأسعار حوالي (25%) من أسباب ارتفاع الأسعار والسلع الأساسية للمواطن.

وجاء الفساد وجشع التجار في المرتبة الثالثة من الأسباب الأكثر تأثيراً بارتفاع الأسعار بنسبة 24%، بينما رأت العينة أن عدم تنفيذ بعض الإجراءات الحكومية بالشكل الصحيح أدى إلى زيادة الأٍسعار بنسبة 22%.

ويلاحظ أن العوامل المؤثرة بارتفاع الأسعار حصلت على نسب متقاربة بالتأثير ما يجعلها أكثر تداخلاً وتعقيداً بارتفاع الأسعار في الأسواق.

حلول إسعافية

وعن  الإجراءات الإسعافية والمقترحات التي يمكن أن يكون لها دور في خفض الأسعار جاء مقترح إعطاء قروض بفوائد صفرية لدعم المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر لرفع الإنتاج بالدرجة الأولى بنسبة 27% كحل إسعافي ومهم وكإجراء تنفيذي حقيقي على أرض الواقع يسهم في إقامة المشاريع المنتجة كنوع من الدعم لها.

وفي المرتبة الثانية تم اقتراح تخفيض الرسوم والضرائب نتيجة الظروف والحصار المقيد للتصدير والاستيراد ولاسيما المواد الأولية اللازمة في عملية الانتاج، ما يزيد التكلفة والعبء على أصحاب المهن والصناعيين.

وجاء في المرتبة الثالثة إصلاح الأجور والرواتب وهذا بالطبع لا يعني زيادتها وإنما إصلاح وضعها من حيث التعويض العائلي للموظف والدعم الاجتماعي وغير ذلك.

ووجدت العينة أن تشديد الرقابة على الأسواق يسهم بنسبة 18% في معالجة إسعافية لحالة ارتفاع الأسعار غير المبررة، كما أن زيادة التدخل الحكومي تفيد بنحو 13% كحل إسعافي في الأسواق لكسر الاحتكار وتأمين احتياجات المواطن الأساسية.

تحليل نتائج الاستطلاع

عن نتائج الاستطلاع تواصلت «تشرين» مع هامس عدنان زريق-

مدير مركز دمشق للأبحاث والدراسات (مداد) فقال: تعليقاً على أسباب ارتفاع الأسعار نلاحظ النسب المتساوية تقريباً لعوامل الحصار الاقتصادي وعدم تنفيذ الإجراءات الحكومية بالشكل الصحيح وغياب الرقابة الفعلية وجشع التجار، ما يدل على قناعة المستفتين بوجود هذه العوامل جميعها. وهنا لا بد من الإشارة، علمياً، إلى أنَّ أسعار السلع المنتجة محلياً، والمستوردة لغايات الدعم في سورية، تُعَدُّ من الأرخص عالمياً، تحديداً بين دول الجوار السوريِّ، ويعد التغير الكبير في سعر الصرف مع ثبات الأجور المنخفضة نسبياً هما العاملان الأكثر تأثيراً في ذلك، أضف إلى ذلك العوامل الأخرى التي اختارها المستفتون.

أما بالنسبة للإجراءات الإسعافية التي تؤثر في انخفاض الأسعار، فمن الملاحظ ترجيح الإجابات للقروض صفرية الفائدة للمشاريع الإنتاجية الصغيرة وإصلاح هيكلية الرواتب، ولعل المشاريع الإنتاجية الصغيرة تشكل مخرجاً لتحسين الاقتصاد ولكنها ليست عاملاً مباشراً في خفض الأسعار، وتبني هذا النهج يحتاج أكثر من الفائدة الصفرية، فهذه المشاريع تتطلب البنى الإدارية المناسبة ويحتاج القائمون عليها الكثير من الإرشاد والمتابعة لكي تصبح مشاريعهم منتجة ومفيدة.

نعيد التأكيد أن المشكلة الرئيسية لا تتعلق بارتفاع الأسعار بقدر ما تتعلق بالخلل الكبير بين الدخل والإنفاق نتيجةً لسعر الصرف الذي بلغ مستويات قياسية مؤخراً وتوقف عجلة الإنتاج، ويظهر ذلك جلياً لدى فئات الموظفين في القطاعين العام والخاص، وأعتقد أن أصحاب المهن الحرة تأثروا بشكل أقل نتيجةً لتعديل أجورهم بما يتناسب مع الحالة الجديدة. ومما لا شك فيه أن الانخفاض الكبير للموارد نتيجة الحرب والحصار وزيادة تكاليف الاستيراد وتراجع الدور الحكومي في التخطيط والرقابة، كلها أمور ساهمت في تعقيد المشكلة وأثرت بشكل مباشر في المواطن ولاسيما أن الرقابة الحكومية يشوبها قدر لا بأس به من الفساد الذي يضعفها بشكل كبير.