ما أكثر ما تريد هذه الحكومة تنفيذه ولكن هل تستطيع ؟  
سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:18/04/2024 | SYR: 04:31 | 20/04/2024
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE

 أجور الشحن والنقل .. الحلقة الأقوى في الغلاء الذي نعيشه ؟
11/11/2020      


 

ارتفاعات مضاعفة على أجور الشحن وتأثير مباشر على أسعار المنتجات

  

سيرياستيبس :

أجور شحن المواد والبضائع باتت بعد تضاعف تكاليفها مرات عدة خلال فترات متقاربة -بلا مبالغة- الحلقة الأقوى التي تدخل في حساب تسعيرة أية مادة أو منتج يتمّ تسويقه، بما في ذلك المحاصيل الزراعية، ولذلك لم يكن مفاجئاً أو لافتاً أن يلقى قرار تزويد سوق الهال في اللاذقية بصهريج محروقات مخصّص لتعبئة الشاحنات الناقلة للمنتجات والمحاصيل بكل هذا الترحاب والاهتمام من القائمين على تسيير أعمال السوق وعلى المسوّقين والمنتجين وتجار السوق وسائقي وأصحاب الشاحنات جميعاً، لأنه رغم الاعتقاد للوهلة الأولى أن هذا الإجراء الذي اتخذته محافظة اللاذقية بسيط وعادي، إلّا أنه بالغ التأثير وكبير القيمة في هذا الموقع تحديداً، ولهذه المنتجات التي تتأثر قيمتها كثيراً بأجور الشحن وبسعر المحروقات، وهذه كلها تدخل في حساب فاتورة بيع المنتج في السوق المحلية، كما تدعم شحن المنتجات إلى المنافذ التصديرية.

 

تأثيرات أجور الشحن
وحول مجمل تأثيرات أجور الشحن على أسعار السلع والمنتجات والمحاصيل الزراعية ومختلف البضائع، سألنا المهندس زكريا العبسي مدير مكتب نقل البضائع في محافظة اللاذقية الذي أكد أن أجور النقل والشحن أصبحت اليوم الحلقة الأكبر في تسويق أي منتج، سواء أكان زراعياً أم صناعياً، وكل أشكال وأنواع المواد المنقولة، لأن العملية التسويقية هي عبارة عن سلسلة مترابطة مع بعضها، بدءاً من المادة الأولية وانتهاءً بعملية النقل والشحن. ولا يخفى على أحد -بحسب العبسي- أن أجور الشحن طرأت عليها زيادة مضاعفة متتابعة خلال الآونة الأخيرة، ولاسيما مع الارتفاع الأخير لسعر مادة المازوت، فمثلاً كانت أجور نقل شاحنة محمّلة بالبضائع من اللاذقية إلى دمشق تُقدّر سابقاً قبل ارتفاع سعر ليتر المازوت مؤخراً بنحو ٣٥٠ ألف ليرة، أما اليوم فقد زادت أجرة الشحن إلى ٤٥٠ ألف ليرة بين اللاذقية ودمشق، كما كانت سيارة السوزوكي التي تعمل على البنزين فيما مضى قبل الزيادة في سعر البنزين تتقاضى أجرة قدرها ٢٠٠٠ ليرة من سوق الهال إلى مركز مدينة اللاذقية لنقل الخضار والفواكه إلى باعة المفرق، أما اليوم فإن أجرة شحن النقلة نفسها يصل إلى ١٠ آلاف ليرة، لأن سعر المحروقات يرتبط حكماً بأجور النقل، وهذه الأخيرة “أجور النقل” ستنعكس على سعر السلعة المنقولة أياً كانت، سواء زراعية بشقيها النباتي والحيواني أو غيرها من منتجات، ولا ننسى أيضاً أجور نقل المواد الأولية.

 

ارتفاعات مضاعفة في الأجور
وأوضح العبسي أن مجمل الارتفاعات الحاصلة المترابطة مع بعضها والتي تبدأ من سعر المادة الأولية وأجور شحنها، وأيضاً أجور شحن المنتج والمحصول، سيؤدي بشكل تلقائي إلى زيادة واضحة في سعر المنتج، سواء بالجملة أو بالمفرّق، وهذا ينعكس حتماً على بائع المفرّق وعلى المستهلك بالمحصلة، لذلك ترافقت زيادة الأجور خلال الآونة الأخيرة مع ارتفاع أسعار السلع، ومنها المحاصيل الزراعية ولاسيما الخضار والفواكه، لأن الجميع يشير إلى تزايد تكلفة أجور الشحن، وهذا أمر واقع وملموس.

 

البحث عن ضوابط
وحول مدى إمكانية معالجة هذه المسألة والقدرة على إيجاد ضوابط لها لتكون أجور الشحن محدّدة ومعمّمة وغير مزاجية، وللحؤول دون تباين قيمتها، أكد مدير مكتب نقل البضائع أن هذا الموضوع مطروح للمعالجة، حيث هناك حالياً دراسة يجري العمل عليها في وزارة النقل بالتعاون مع وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لوضع تسعيرة محدّدة لتكاليف وأجور الشحن، وهذه الدراسة ضرورية ومهمّة لأنها تصبح بعد إقرارها وتعميمها بمثابة المقياس والبوصلة في حساب أجور وتكاليف الشحن، ولاسيما أن مثل هذه الدراسة ستلحظ وتأخذ بالاهتمام كل الاعتبارات والمقاييس والتكاليف، وبذلك يصبح صاحب البضاعة والناقل والمشتري وغيرهم على اطلاع تام بأجور شحن البضاعة في ضوء الأسعار والتكاليف الحالية.

 

شحن الحمولات
وعن دور مكتب نقل البضائع في محافظة اللاذقية، أوضح العبسي أن دور المكتب يكمن في تأمين نقل البضائع الواردة إلى مرفأ اللاذقية وإلى المحافظات من خلال تنظيم عمل ودور السيارات الشاحنة، فعندما ترد باخرة بضائع إلى المرفأ يتمّ التنسيق مع المؤسسة المعنية كمؤسسة الحبوب -على سبيل المثال- لنقل الكميات الواردة وشحنها من خلال الشاحنات التي يتمّ تنظيم عملها من خلال مكتب نقل البضائع، ويتمّ وضع خطة عمل متكاملة لكل باخرة بضائع عند الاستعانة بمكتب نقل البضائع لشحن الحمولات إلى خارج الحرم المرفئي باتجاه مقاصدها.

 

دعم منظومة الشحن
وحول تزويد سوق الهال بصهريج محروقات، أكد العبسي أهمية هذه الخطوة باعتبارها من التسهيلات التي يتمّ تقديمها من محافظة اللاذقية لتسيير ودعم منظومة شحن المنتجات من سوق الهال، لأن توفر مادة المازوت للشاحنات سيخفّف الأعباء وسيختصر الكثير من الجهد والوقت.

 

معاناة في تأمين الشاحنات
وفي متابعة لمنظومة الشحن وتأثيرها على الأسعار، سألنا مدير فرع المؤسسة العامة للأعلاف المهندس ثائر حبيب الذي أكد أن تأمين السيارات الشاحنة يشكّل معاناة حقيقية تؤدي إلى إرباك خطة عمل فرع المؤسسة، لأن أسعار شاحنات القطاع الخاص زادت وتضاعفت، وبالمقابل هناك تسعيرة محدّدة يتوجب على فرع المؤسسة الالتزام بها في أجور شحن الأعلاف، ولذلك فإن الأجور المتداولة في القطاع الخاص باتت لا تتناسب مطلقاً مع الأجور المحدّدة لنا في فرع المؤسسة، إذ نجد صعوبة كبيرة في تأمين الشاحنات وهذا يؤدي في أحيان كثيرة إلى تأخر شحن المواد العلفية. وأورد مدير فرع مؤسسة الأعلاف مثالاً عن تأخر في شحن كميات من الذرة وكسبة الصويا من مرفأ اللاذقية، وبالتالي تأخر تفريغ الباخرتين الناقلتين جراء تأخر الفرع وعدم تمكّنه من تأمين سيارات شاحنة لأن الأجور التي يطلبها أصحاب الشاحنات كبيرة ومضاعفة بسبب زيادة سعر المازوت، إضافة إلى عدم تمكّن الشاحنات من تأمين الكميات الكافية من المازوت التي تغطي المسافة المطلوبة، حيث يتمّ تخصيصهم بـ١٠٠ ليتر كل عشرة أيام وهذا قليل جداً ولا يكفي لقطع المسافات إلى المقاصد المطلوبة، فمثلاً تستهلك الشاحنة من اللاذقية إلى حماة ١٨٠ ليتراً لشحن الكميات من مرفأ اللاذقية.

 

ارتفاع مضاعف في الأجور
وأشار حبيب إلى أن ارتفاع أجور الشحن ألقى بظلاله على ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية بشقيها النباتي والحيواني في الأسواق، وأن أسعار المواد العلفية في السوق والقطاع الخاص تزيد عدة أضعاف عن سعر مبيع المادة عن طريق مؤسسة الأعلاف، فمثلاً سعر الطن جاهز حلوب في المؤسسة يبلغ ٢٢٥ ألف ليرة، بينما يصل في المعامل الخاصة إلى نحو ٨٠٠ ألف ليرة.

 

مخصصات لا تكفي
وأشار حبيب إلى ضرورة تمكين الشاحنات العاملة في خدمة القطاع الإنتاجي والزراعي من الحصول على المخصّصات الكافية من المحروقات بما يغطي الاحتياجات ويخدم منظومة شحن المنتجات والمواد، وإمكانية إيجاد آلية تنسيق بهذا الخصوص من خلال شركة محروقات، وأيضاً العمل على الدراسة المستمرة للحمولة المحورية ورفع هذه الحمولة، وقد كان لفرع مؤسسة الأعلاف في محافظة اللاذقية دراسة مقترحة ما بين ٣٢- ٣٧ طناً من الحمولة المحورية للشاحنات.

 

تأمين وسائط شحن
وإزاء ما عرضه المعنيون وفي ضوء الأولويات التي باتت تفرض نفسها اقتصادياً وسعرياً في تكاليف وأجور الشحن، فإنه لم يعد ممكناً بالمطلق إسقاط هذه التكاليف من الحسابات الاقتصادية في القطاعات الإنتاجية التي باتت تنوء بارتفاع مستمر في تكاليف وأجور الشحن وتعذّر تأمين وسائط الشحن في حالات كثيرة ما يستدعي تجاوز الحمولات المحورية لسد الاحتياجات وشحن الكميات، ولأنه ليس أمراً سهلاً وميسراً تأمين العدد الكافي من السيارات التي تحتاجها هذه المؤسسة وتلك لشحن بضائعها إلى مقاصدها، فكثيراً ما تتمّ الاستعانة بسيارات من جهات أخرى استئجاراً في حال توافرها وذلك أمام ازدياد الطلب على وسائط شحن لنقل البضائع والمواد ووجود نقص واضح في مثل هذه الوسائط لدى العديد من المؤسسات.

 

المعالجة المستديمة
إن الضرورة الاقتصادية الإنتاجية تقتضي إيجاد معالجة مستديمة ونهائية، مع الأخذ بالحسبان استخدام الشحن السككي وإيجاد منظومة شحن عامة تقوم من خلال سياراتها برفد وتزويد مؤسّسات القطاع العام بمثل هذه السيارات لشحن البضائع، وذلك بالتوازي مع منظومة عمل الشحن البري في القطاع الخاص من خلال مكتب نقل البضائع، لأن هذه الشاحنات تبحث باستمرار عن سوق عمل لها في ظل الظروف الراهنة وهي تشكّل مصادر عيش ورزق لعدد كبير من الأسر، إضافة إلى كونها تمثّل فرصاً تشغيلية للسائقين والمساعدين لهم، ولا ننسى العاملين في خدمات الصيانة الفنية، وهذه الأخيرة باتت أيضاً مكلفة جداً وتدخل في حسابات التكلفة الاقتصادية لأجور الشحن.

 

مروان حويجة


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق