ما أكثر ما تريد هذه الحكومة تنفيذه ولكن هل تستطيع ؟  
سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:13/03/2025 | SYR: 14:28 | 14/03/2025
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE



خلطات كامبو


شاي كامبو


IBTF_12-18



 الرجلان يرويان مايجدر قراءته الآن عن تنفيذ خطة الرئيس
العمادي والمهايني رَجُلاً حافظ الأسد اللذان أعادا بناء الخزينة من الصفر
07/01/2020      


 سيرياستيبس :

كتب زياد غصن

العمادي والمهايني : كيف نفذ الرجلان خطة الرئيس حافظ الأسد لبناء مخزون العملات الصعبة من الصفر ربما تكون هذه المادة من أكثر المواد بتاريخ الصحافة الاقتصادية السورية جدارةً بان تعاد قراءتها اليوم، فهي تحمل تجربة فريدة يفيدنا استعادتها والاستفادة منها، وهي مادة كتبها الزميل زياد غصن (رئيس تحرير الأيام السابق ومدير عام مؤسسة الوحدة حالياً) في العدد 55 من صحيفة الخبر والذي صدر بتاريخ 7/6/2009، بعد ان اجرى لقاءات طويلة نبش خلالها من ذاكرة الرجلين تفاصيل اخطر مرحلة مرّت بتاريخ الاقتصاد السوري (حتى ذلك الوقت). وهي المرحلة التي فرغت فيها خزينة الدولة من أي قطع أجنبي، وعجزت عن تأمين أبسط الاحتياجات (هل يذكركم هذا بشيء؟)، وكيف شكّل الرجلان فريقاً سرياً مرتبطاً بالرئيس الراحل حافظ الأسد مباشرة، مهمته إعادة بناء مخزون النقد الأجنبي.

 «المحاسبة» بالوطن العربي مازالت تقليدية

هنا قصة تكوين احتياطي القطع الأجنبي، لأنها قصة يجدر أن يقرأها ويسمعها الجميع، فكما يقول أحدهم: الرؤى الفعالة تعدّ للمستقبل إلا أنها تكرّم الماضي. فبقدر ما شهدت سوريا في مرحلة التسعينات انفراجاً اقتصادياً تمثل في تحقيقها لمعدلات إنتاج جيدة من المحاصيل الزراعية الرئيسية في أجندة الأمن الغذائي، وما رافقها من ارتفاع في إنتاجها اليومي من النفط ليصل في نهاية الفترة إلى نحو 650 ألف برميل, كانت تصدر منها ما يصل إلى نحو 400 ألف برميل يومياً، بقدر ما كانت مرحلة الثمانينات قاسية ومربكة على الصعيد الاقتصادي، فالبلاد كانت تؤمن جزءاً كبيراً من احتياجاتها الغذائية من الخارج لاسيما القمح, وكذلك الأمر بالنسبة لاحتياجاتها من المشتقات النفطية...وهذا في الوقت الذي لم يكن يتوفر فيه لدى الخزينة أو المصرف التجاري, الممول الرئيسي والوحيد للتجارة الخارجية, دولار واحد....بل ثمة عجز كان يتزايد باستمرار مع ارتفاع احتياجات البلاد وتنميتها, للقطع الأجنبي، ويصف هنا الدكتور محمد العمادي ملامح تلك المرحلة بحوادث مباشرة، إذ أكد أنه لدى عودته إلى سوريا، من الكويت حيث كان يعمل في الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، لتولي وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ترأس اجتماعاً لمجلس إدارة المصرف التجاري السوري, للاطمئنان على احتياطات القطع الأجنبي التي كانت تغطي احتياجات الاستيراد لفترة زمنية معينة، وإذا به يجد أن مطاليب المصرف أكبر بكثير من موجوداته، فقد تبين له أن المصرف مثقل بالديون، لا بل إن موجوداته النقدية كانت أقل من أن تفي بقيمة الشيكات التي يصدرها الطلاب وتعود أحياناً مع الاعتذار لعدم وجود المؤونة اللازمة لها، فيما أكد الدكتور خالد المهايني وزير المالية السابق أن عجز الدولة بالقطع الأجنبي كان يزيد على ملياري دولار، وكانت الحكومة آنذاك تعجز عن توفير القطع الأجنبي لشراء جهاز طبي أو توفير احتياجات الطحين لأسابيع. القمح ذات يوم أرسل (عبد الرؤوف الكسم) رئيس مجلس الوزراء آنذاك في طلب د. محمد العمادي, وعندما حضر لمكتبه طلب منه التحدث على الهاتف، وعندما تحدث وجد أن الذي على الخط هو الرئيس الراحل حافظ الأسد, ليسأله: لماذا لم تشتروا قمحاً؟! فأجابه العمادي: سيدي أنا لا علاقة لي بشراء القمح...هذه من مسؤولية وزير التموين، فرد عليه الرئيس: أنت المسؤول أمامي...تابع هذا الموضوع بشكل مباشر..

 يضيف العمادي: عندما أتذكر ذلك يتحسر قلبي، بدأنا وبحثنا الأمر مع جميع السوريين العاملين بالمصارف الأوروبية، وتحدثت مع شفيق الأخرس ومع مدير المصرف التجاري السوري آنذاك - رحمه الله، وأيضاً مع ما بين 4 إلى 5 أشخاص، وفي النهاية - لم يرض احدٌ أن يعطينا قرشاً واحداً..

وبعدها مباشرة ذهبت إلى الفرنسيين، حيث تحدثت مع سيدة محترمة تعمل ملحقة تجارية في السفارة وهي متزوجة من مواطن جزائري، فأمنت لي مبلغاً قدره 300 مليون فرنك فرنسي. و إذا كان توفير القطع الأجنبي لتأمين مستلزمات القطر يحتاج إلى جهود ومعاناة خاصة، فإن سفاراتنا في الخارج لم تكن أفضل حالاً، فهي كانت أيضاً تشكو من قلة التمويل...بل إن بعضها كان مهدداً بقطع الهاتف أو الكهرباء أو بإخراجها من المبنى المستأجر...

 و يشرح الدكتور خالد المهايني الذي تولى مهام وزارة المالية في تلك الفترة بعضاً المعاناة العمومية بالقول إنه في النصف الأول للثمانينات كانت هناك صعوبات في سوريا لجهة توفر القطع الأجنبي، لا بل كان هناك عجز في القطع الأجنبي وكانت هناك مديونية على المصرف التجاري السوري بأكثر من ملياري دولار أمريكي نتيجة حاجة البلد إلى فتح اعتمادات مستندية واستيراد مواد غذائية ومستلزمات إنتاج، وشح القطع، هذه الظروف استمرت حتى نهاية عام 1987 تقريباً, نهاية السنوات السبع العجاف، فتميزت بشح المطر ومنعكسات ذلك على القطاع الزراعي، أيضاً في موضوع النفط, كان هناك اكتشافات نفطية محدودة, لكن بالمقابل كان يوجد لدينا فاتورة استيراد نفطية كبيرة، بسبب استيراد المشتقات لسد حاجة الاستهلاك المحلي، ومن جانب آخر فقد كان القطع الأجنبي المتحقق من صادرات القطن وبعض المنتجات البسيطة وبعض المواد الأولية (الفوسفات وغيرها) محدوداً، لذلك لم تكن موارد القطع الأجنبي تغطي احتياجات البلد من القطع الأجنبي آنذاك, فكان هناك عجز و يؤكد المهايني أنه لم يكن العجز في احتياطات البلاد من القطع الأجنبي فقط بل حتى في احتياطاته من العملة المحلية.

* ثلاث سياسات يمكن تقسيم السياسات والإجراءات الحكومية التي اتخذت منذ منتصف الثمانينات تقريباً لمعالجة مشكلة توفير القطع الأجنبي تبعاً لما يلي:

 - الإجراءات الهادفة لزيادة إيرادات المصرف التجاري السوري ومصرف سورية المركزي والحكومة عموماً من القطع الأجنبي.

 - الإجراءات الهادفة لتوفير وترشيد استخدامات القطع الأجنبي المتوفر لدى الدولة.

 - التطورات الاقتصادية التي ساعدت على فتح أبواب جديدة للحصول على إيرادات بالقطع الأجنبي.

 ويروي الدكتور المهايني عن مرحلة ما بعد العام 1987, أن الحكومة آنذاك ركزت على مشاريع السدود الصغير

ذاكرة محمد العمادي وخالد المهايني يرويان ما يجدر قراءته الآن.. كيف نفذ الرجلان خطة الرئيس حافظ الأسد لبناء مخزون العملات الصعبة من الصفر ربما تكون هذه المادة من أكثر المواد بتاريخ الصحافة الاقتصادية السورية جدارةً بان تعاد قراءتها اليوم، فهي تحمل تجربة فريدة يفيدنا استعادتها والاستفادة منها، وهي مادة كتبها الزميل زياد غصن (رئيس تحرير الأيام السابق ومدير عام مؤسسة الوحدة حالياً) في العدد 55 من صحيفة الخبر والذي صدر بتاريخ 7/6/2009، بعد ان اجرى لقاءات طويلة نبش خلالها من ذاكرة الرجلين تفاصيل اخطر مرحلة مرّت بتاريخ الاقتصاد السوري (حتى ذلك الوقت). وهي المرحلة التي فرغت فيها خزينة الدولة من أي قطع أجنبي، وعجزت عن تأمين أبسط الاحتياجات (هل يذكركم هذا بشيء؟)، وكيف شكّل الرجلان فريقاً سرياً مرتبطاً بالرئيس الراحل حافظ الأسد مباشرة، مهمته إعادة بناء مخزون النقد الأجنبي.

هنا قصة تكوين احتياطي القطع الأجنبي، لأنها قصة يجدر أن يقرأها ويسمعها الجميع، فكما يقول أحدهم: (الرؤى الفعالة تعدّ للمستقبل إلا أنها تكرّم الماضي). فبقدر ما شهدت سوريا في مرحلة التسعينات انفراجاً اقتصادياً تمثل في تحقيقها لمعدلات إنتاج جيدة من المحاصيل الزراعية الرئيسية في أجندة الأمن الغذائي، وما رافقها من ارتفاع في إنتاجها اليومي من النفط ليصل في نهاية الفترة إلى نحو 650 ألف برميل, كانت تصدر منها ما يصل إلى نحو 400 ألف برميل يومياً، بقدر ما كانت مرحلة الثمانينات قاسية ومربكة على الصعيد الاقتصادي، فالبلاد كانت تؤمن جزءاً كبيراً من احتياجاتها الغذائية من الخارج لاسيما القمح, وكذلك الأمر بالنسبة لاحتياجاتها من المشتقات النفطية...وهذا في الوقت الذي لم يكن يتوفر فيه لدى الخزينة أو المصرف التجاري, الممول الرئيسي والوحيد للتجارة الخارجية, دولار واحد....بل ثمة عجز كان يتزايد باستمرار مع ارتفاع احتياجات البلاد وتنميتها, للقطع الأجنبي، ويصف هنا الدكتور محمد العمادي ملامح تلك المرحلة بحوادث مباشرة، إذ أكد أنه لدى عودته إلى سوريا، من الكويت حيث كان يعمل في الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، لتولي وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ترأس اجتماعاً لمجلس إدارة المصرف التجاري السوري, للاطمئنان على احتياطات القطع الأجنبي التي كانت تغطي احتياجات الاستيراد لفترة زمنية معينة، وإذا به يجد أن مطاليب المصرف أكبر بكثير من موجوداته، فقد تبين له أن المصرف مثقل بالديون، لا بل إن موجوداته النقدية كانت أقل من أن تفي بقيمة الشيكات التي يصدرها الطلاب وتعود أحياناً مع الاعتذار لعدم وجود المؤونة اللازمة لها، فيما أكد الدكتور خالد المهايني وزير المالية السابق أن عجز الدولة بالقطع الأجنبي كان يزيد على ملياري دولار، وكانت الحكومة آنذاك تعجز عن توفير القطع الأجنبي لشراء جهاز طبي أو توفير احتياجات الطحين لأسابيع.

 القمح ذات يوم أرسل (عبد الرؤوف الكسم) رئيس مجلس الوزراء آنذاك في طلب د. محمد العمادي, وعندما حضر لمكتبه طلب منه التحدث على الهاتف، وعندما تحدث وجد أن الذي على الخط هو الرئيس الراحل حافظ الأسد, ليسأله: لماذا لم تشتروا قمحاً؟! فأجابه العمادي: سيدي أنا لا علاقة لي بشراء القمح...هذه من مسؤولية وزير التموين، فرد عليه الرئيس: أنت المسؤول أمامي...تابع هذا الموضوع بشكل مباشر.. يضيف العمادي: عندما أتذكر ذلك يتحسر قلبي، بدأنا وبحثنا الأمر مع جميع السوريين العاملين بالمصارف الأوروبية، وتحدثت مع شفيق الأخرس ومع مدير المصرف التجاري السوري آنذاك - رحمه الله، وأيضاً مع ما بين 4 إلى 5 أشخاص، وفي النهاية - لم يرض احدٌ أن يعطينا قرشاً واحداً.. وبعدها مباشرة ذهبت إلى الفرنسيين، حيث تحدثت مع سيدة محترمة تعمل ملحقة تجارية في السفارة وهي متزوجة من مواطن جزائري، فأمنت لي مبلغاً قدره 300 مليون فرنك فرنسي.

 و إذا كان توفير القطع الأجنبي لتأمين مستلزمات القطر يحتاج إلى جهود ومعاناة خاصة، فإن سفاراتنا في الخارج لم تكن أفضل حالاً، فهي كانت أيضاً تشكو من قلة التمويل...بل إن بعضها كان مهدداً بقطع الهاتف أو الكهرباء أو بإخراجها من المبنى المستأجر... و يشرح الدكتور خالد المهايني الذي تولى مهام وزارة المالية في تلك الفترة بعضاً المعاناة العمومية بالقول إنه في النصف الأول للثمانينات كانت هناك صعوبات في سوريا لجهة توفر القطع الأجنبي، لا بل كان هناك عجز في القطع الأجنبي وكانت هناك مديونية على المصرف التجاري السوري بأكثر من ملياري دولار أمريكي نتيجة حاجة البلد إلى فتح اعتمادات مستندية واستيراد مواد غذائية ومستلزمات إنتاج، وشح القطع، هذه الظروف استمرت حتى نهاية عام 1987 تقريباً, نهاية السنوات السبع العجاف، فتميزت بشح المطر ومنعكسات ذلك على القطاع الزراعي، أيضاً في موضوع النفط, كان هناك اكتشافات نفطية محدودة, لكن بالمقابل كان يوجد لدينا فاتورة استيراد نفطية كبيرة، بسبب استيراد المشتقات لسد حاجة الاستهلاك المحلي، ومن جانب آخر فقد كان القطع الأجنبي المتحقق من صادرات القطن وبعض المنتجات البسيطة وبعض المواد الأولية (الفوسفات وغيرها) محدوداً، لذلك لم تكن موارد القطع الأجنبي تغطي احتياجات البلد من القطع الأجنبي آنذاك, فكان هناك عجز و يؤكد المهايني أنه لم يكن العجز في احتياطات البلاد من القطع الأجنبي فقط بل حتى في احتياطاته من العملة المحلية.

 * ثلاث سياسات يمكن تقسيم السياسات والإجراءات الحكومية التي اتخذت منذ منتصف الثمانينات تقريباً لمعالجة مشكلة توفير القطع الأجنبي تبعاً لما يلي:

 - الإجراءات الهادفة لزيادة إيرادات المصرف التجاري السوري ومصرف سورية المركزي والحكومة عموماً من القطع الأجنبي.

 - الإجراءات الهادفة لتوفير وترشيد استخدامات القطع الأجنبي المتوفر لدى الدولة.

 - التطورات الاقتصادية التي ساعدت على فتح أبواب جديدة للحصول على إيرادات بالقطع الأجنبي.

 ويروي الدكتور المهايني عن مرحلة ما بعد العام 1987, أن الحكومة آنذاك ركزت على مشاريع السدود الصغيرة والمتوسطة، ورصد اعتمادات كبيرة جداً للتوسع في الأراضي المروية وزيادة المحاصيل الزراعية مثل القطن والحبوب والخضار والفواكه وغيرها, فبعد ما كانت سوريا تستورد بعض الخضار والفواكه وحتى الحبوب والقمح تحديداً, وما سببه ذلك من ضغط على ميزان المدفوعات، انتقلت إلى اقتصاد الوفرة وأصبح يدعم ميزان المدفوعات، بمعنى أن صادرات المنتجات الزراعية أصبحت تدعم, إضافة إلى صادرات المواد الخام من النفط والفوسفات والمنتجات الصناعية وغيرها, الحصيلة المالية من القطع الأجنبي. ويشير العمادي إلى قرار اتخذ بعدم منح القطع الأجنبي للقطاع الخاص، فهذا القطاع أخذ أكثر من خمسة مليارات دولار من الدولة لتمويل مستورداته خلال عدة سنوات, فيما كانت القرارات التي تصدر بتغريم المتأخرين عن الوفاء بالتزامات إعادة القطع الأجنبي إلى مصرف سورية المركزي كانت قيمتها بالليرة السورية بسيطة جداً ولا تقارن مع مزايا إعادة القطع إلى البلاد... إنما هذا إجراء لم يكن ليمر مرور الكرام، فكل قرار اقتصادي يصدر ثمة متضررون ومستفيدون منه، لذلك من الطبيعي أن يهلل له المستفيدون ويعارضه المتضررون، ويتحدث العمادي هنا أنه في إحدى المرات اتصل به رئيس الوزراء مستفسراً عن المشكلة المثارة بينه وبين أحد أهم رجال الأعمال العاملين بمجال السياحة، والذي كان قد طلب من وزارة الاقتصاد منحه مبلغاً معيناً من القطع الأجنبي لسداد أقساط إحدى المنشآت السياحية لمصارف أجنبية، فرفض العمادي ذلك من ناحتين, الأولى ما ذكر سابقاً، والناحية الثانية تتعلق بأن ما كان يعطى للقطاع الخاص من قطع أجنبي يسعر بالسعر الرسمي للدولار، فيما السعر السائد في الأسواق أعلى بذلك بكثير.

التوجه الآخر الذي حقق توفيراً هائلاً في القطع الأجنبي كان السماح للقطاع الخاص باستيراد بعض السلع والمنتجات الضرورية، وجميعنا يعلم أن القطاع الخاص في تجارته الخارجية لم يكن يعتمد اعتماداً كلياً على تمويل الدولة, بل كانت السوق السوداء وسوق الدول المجاورة خير معين على ذلك، لذلك وبالسماح لهذا القطاع باستيراد سلع ضرورية كان يستنزف جزءاً لا بأس به من القطع الأجنبي، أراحت الحكومة رأسها مرتين، الأولى من مشاكل الاستيراد والمناقصات وتوفير تلك السلع في وقتها، والثانية في توفير ما كان يرصد لذلك من قطع أجنبي. هذا الموضوع بالذات قاد الحكومة إلى معالجة ملف آخر لا يقل صعوبة عن أي ملف له علاقة بالقطع الأجنبي، وهو ملف الديون المترتبة على مؤسسات الدولة تجاه الشركات العالمية, فقد كان يتم دفع ما بين 150-160 مليون دولار فوائد على تلك الديون، ومكمن خطورة هذا الملف ليس في الطرف الدائن ولا في حجم الدين بل في الأطراف المحلية التي تعمل آنذاك على تحصيل تلك الديون والتي يصفها العمادي أنها كان بإمكانها (أن تفرمني فرماً)، لكنه اعتمد, في مواجهة من يسمون وكلاء تحصيل الديون, على الهدوء والتعامل بروية، فإن سأله أحدهم عن سبب عدم الدفع للشركة الفلانية كان يجيبه: عندما يتوفر لدينا قطع سوف نقوم بالدفع...ويذكر هنا حادثة عن إحدى الشركات الموجودة في أوروبا والتي كان يمثلنا فيها نائب حاكم المصرف المركزي، كانت تطالبنا بنحو 126 مليون دولار, وعبر وسطاء تحصيل الديون سددناها 20 مليون دولار.... حتى الطلبة و لم تقف الإجراءات عند المواد والاستيراد, بل امتد الأمر إلى دراسة أوضاع الطلبة الموفدين، وهنا فتح ملف آخر شائك، فالعديد من الطلبة كانوا من أبناء المسؤولين أو رجال الأعمال، لا بل إن بعضهم كان آباؤهم مديرو مصارف في الخارج ورواتبهم تتراوح ما بين 10-15 ألف دولار، ومع ذلك كان أولادهم الموفدون يتلقون رواتبهم بالقطع الأجنبي من خزينة الدولة العاجزة، كما تم اكتشاف أن عدداً كبيراً من الموفدين كانوا يحولون رواتبهم كما هي إلى عائلاتهم في سوريا ليصرفوها, بينما هم يؤمنون معيشتهم من خلال العمل في تلك الدول....

و يتطرق الدكتور خالد المهايني لهذه النقطة, إذ يشير إلى أن تغير هذه السياسات تمثل في جانب مهم, بالتركيز على موضوع ترشيد الإنفاق العام لاسيما بالنسبة لنفقات الإدارة الاستهلاكية, يعني الإنفاق الجاري، وفي الوقت ذاته التركيز على زيادة المشاريع الاستثمارية والإنفاق الاستثماري، وسورية – يتابع المهايني - شهدت قفزة استثمارية كبيرة في مرحلة التسعينات رغم الصعوبات التي أتت في النصف الثاني من التسعينات، ففي النصف الأول من تلك الفترة كان هناك ازدهار اقتصادي، إنما في النصف الثاني كان هناك صعوبات, فقد عاد شح المطر ولكن الحمد لله موضوع السياسات في مشاريع الري والتوسع والأراضي المروية إلخ استمرت بوتيرة أعلى وبالتالي خففت من المنعكسات، وفي عامي 1998 و1999 انخفضت أسعار النفط انخفاضات كبيرة جداً، فخلال فترة الحرب العراقية الإيرانية ارتفعت أسعار النفط, الأمر الذي ساعد على زيادة تكوين الاحتياطيات، فهذه الأموال وضعت كاحتياطيات لتدعم احتياطيات البنك المركزي، في الوقت الذي دعمنا فيه أيضاً احتياطيات الدولة من الليرات السورية، فقد كنا سابقاً في عجز حتى في تسديد رواتب العاملين بمؤسسات الدولة وجهاتها العامة، إذ لم يكن يوجد ما يكفي، وبعد ذلك وصلنا إلى احتياطي بمئات المليارات من الليرات مع مبالغ كبيرة بالقطع الأجنبي.... و استحوذ تعديل أسعار الصرف وتوحيدها على اهتمام المسؤولين والاقتصاديين، رغم الصعوبة التي واجهت الحكومة بداية, لاسيما عند محاولة توحيد السعر الجمركي، فبعد اتخاذ قرار بهذا الخصوص في مجلس الوزراء قامت احتجاجات واسعة من قبل التجار، ولم يكن من مفر أمام وزراء الاقتصاد والتموين والمالية آنذاك إلا التراجع عن ذلك القرار في اجتماع عقد بمبنى محافظة دمشق وضم التجار والاقتصاديين..إلا إن ذلك لم يكن لينهي إصرار الحكومة فيما بعد على توحيد أسعار الصرف.

 مصادر جديدة و نصل إلى التطورات الاقتصادية التي ساعدت على فتح أبواب جديدة للحصول على إيرادات بالقطع الأجنبي، فسوريا اقتصادياً في التسعينات ليست هي سوريا في الثمانينات، ففي هذه المرحلة كان الإنتاج النفطي اليومي للبلاد في تحسن مستمر، والإنتاج السنوي من المحاصيل الزراعية الاستراتيجية (القمح- القطن.......) يتقدم ويحقق قفزات كبيرة، فضلاً عن إصدار قانون تشجيع الاستثمار رقم 10 والتطورات المتعلقة بالقطاع المصرفي, والتي كان أبرزها السماح للمواطنين بفتح حسابات مصرفية بالقطع الأجنبي دون السؤال عن مصدرها, على أن تتغذى بالحوالات من الخارج..الخ، وهو ما أسهم بشكل كبير في فتح قنوات جديدة للدولة لزيادة واردتها من القطع الأجنبي.

 و يضيف المهايني: سياساتنا كانت تنطلق من مبدأ ضرورة وجود احتياطي حتى يدعم الاقتصاد، فلذلك كان هناك تركيز على تكوين الاحتياطيات سواءً بالليرة السورية أم بالقطع، طبعاً المبالغ التي تم تكوينها بالليرة السورية، وأقول لك من أين أتت الاحتياطات بالليرة السورية؟! هناك من اعتقد أنها جاءت بالضغط فيما الموضوع كان باتجاه ثان، فنحن أولاً في فترة من الفترات أثناء الحرب الإيرانية العراقية ارتفعت أسعار النفط آنذاك إلى أربعين دولاراً بعدما كان نحو 15 دولاراً وكانت الـ 40 دولاراً بذلك الوقت تعني قفزة كبيرة جداً، وهذا الفرق أخذناه إلى الاحتياطي وما يعادله من الليرات السورية, فشكلنا احتياطات كبيرة، كما عملنا على موضوع هام الذي هو معالجة التشابكات المالية بالدولة لتحصيل الإيرادات وتنشيط القطاع العام, وحصلنا ديونه حتى تشغل خططه الإنتاجية فيقوم بالتصدير، وبالتالي يزيد فائض احتياطي القطع للبلد ويزيد أيضاً احتياطي الليرات السورية التي تزيد إيرادات الموازنة، كما تم إنجاز التراكم المحاسبي والضريبي 15 سنة، وقد كان تراكماً معروفاً سواءً بقطع حسابات الموازنة أم قطع حسابات الشركات أو إنهاء ضرائب القطاع الخاص, لنحصل بذلك عشرات المليارات التي دخلت كلها كاحتياطي.

 9 مليارات في 16 عاماً لدى مغادرته وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية عام 2001, قال العمادي ان الاحتياطيات كانت تبلغ نحو 9 مليارات دولار جمعت على مدى 16 عاماً، مع التذكير مرة أخرى أن هذه الاحتياطات غير تلك الموجودة في المصرف المركزي والتي كانت تتكون أساساً من صادراتنا النفطية ومن المحاصيل الزراعية....الخ. و اللافت ما ذكرته بعض المصادر من أن المصرف التجاري السوري كان في فترة من الفترات وبتوجيه من وزارة الاقتصاد يخفي الحجم الحقيقي للقطع الأجنبي عن وزارة المالية، فكان توضيح العمادي أن ما كان يصل للتجاري من قطع أجنبي (تعهدات إعادة قطع تصدير، صادرات القطن....وغيرها) كان يتم وضعه بسعر 4 ليرات بحيث لا تظهر في الميزانية كرقم كبير وتكون بذلك بعيدة (مبتسماً)عن وزير المالية..!!.

 و السؤال نفسه توجت به إلى الدكتور خالد المهايني عن احتياطي الحكومة من الليرات السورية، فأجابني أنه كان مطمئناً لوجود احتياطات جيدة وكبيرة من الليرات السورية، فالوضع المالي لسورية كان في أحسن وضع، وضع قوي جدا ًجداً جداً...

 

 الايام

 


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق

 
 

سورس_كود



islamic_bank_1


Baraka16


Orient 2022



معرض حلب


ChamWings_Banner


الصفحة الرئيسية
مال و مصارف
صنع في سورية
أسواق
أعمال واستثمار
زراعـة
سيارات
سياحة
معارض
نفط و طاقة
سوريا والعالم
محليات
مجتمع و ثـقافة
آراء ودراسات
رياضة
خدمات
عملات
بورصات
الطقس