كتب الاعلامي أسعد عبود
- خاص لسيرياستيبس :
شهر و يومان أو ثلاثة .. هي فترة جد قصيرة في عمر الزمن .. لكنها قد تعطي الفرصة الثمينة لقراءة توجهات المسار الذي نحن عليه .. ويستفاد من قصر هذه الفترة الزمنية في أن تعديل الخطوات التي تمت فيها ، و حتى التراجع عنها يمكن أن يتم دون أن يُحدث اضراراً بليغة في المجتمع و الحياة .
لقد أدى انتهاء الكابوس الذي كان يعانيه الشعب السوري باسقاط النظام الذي كان .. المتصف بالعنجهية و الجبروت و الاستبداد و الايذا إلى .... فرح عم معظم المواطنين .. واستجابة من الادارة الجديدة لفرحة الناس هذه ، سارعت إلى محاولة التأثير السريع على كل المشاكل التي يعاني منها الناس في حياتهم .. ولا سيما في ظروف معيشتهم التي ساءت كثيرا في السنوات الاخيرة الى درجة اننا دخلنا ، او كدنا مرحلة المجاعة ، و فقدان الضروريات من غذاء و دواء و وقود و تدفئة و عم الفقر دون رجاء .. وهكذا أسرعت الادارة الجديدة الى مجموعة اجراءات .. ورسمت توجهات وأكدت أنها بذلك ، إنما تسرع لبدء الطريق الذي ينهي إلى غير رجعة اجحاف المرحلة السابقة من حياة الناس .. ولا شك أنّ بعض علامات النجاح و التوفيق ظهرت كصدى لهذه الاجراءات ..ونجحت في تغيير العسف الذي عانى منه الناس في أمور متعدة و بشكل نسبي .. كتأمين الخبز و الوقود .. في حين لم تنجح في مسألة الكهرباء !! وكان توقع الكثيرين أنها يمكن أن تكون القطاع الاسرع في اظهار تحسن حياة الناس .. من المؤكد أن مطالبة هذه الادارة بما هوأكثر و أوضح في مثل هذا الزمن القصير من حركتها و توليها زمام الامور يبدو .. حديثا مستعجلا لا موضوعيا .." نق" .. لكن ما عرضته الادارة على الناس من وعود و توجهات .. و مشت إليه بخطوات وسيعة نسبيا أظهرت مجالات للتيه ، ما لبست الحكومة أن بدأت التبرم به و منه . مما أوصلها الى مقترحات أو قرارات منقولة عنها هي بجد مخيفة .. بشكل رئيسي في مسألة التشغيل و التوظيف و الرواتب و الاجور و الزيادات على الرواتب التي وعدت بها فافرحت الناس لتنهي فرحتهم بغصة سكنت صدور الكثيرين ولا سيما بعد ما نقل عن السيد وزير المالية بخصوص الأجور و الزيادات عليها و من يحق له الاستفادة منها .. جاء الوعد بزيادة الاجور كبيرا مفرحا ٤٠٠ % .. و سبق لنا أن تحدثنا عن امكانية تحقيق الوارد المالي لهذه الزيادات الكبيرة .. من وفورات تراجع الانفاق العسكري .. و إغلاق بوابات الفساد .. وتراجع الحصار عن سورية و المساعدات التي قد تكوز واردة ... الخ .. حتى جاء حديث السيد وزير المالية الذي حدد بصورة مموهة من يحق له الراتب و زيادات الراتب .. فجاء الحديث مستغربا .. حيث استثنى أولا المتقاعدين من الزيادة العتيدة . و خطط في الرواتب كما لو انها ستعطى على المزاج ..وجعل بعض العاملين يستحقها و بعضهم لا ..ولم يحدد من سيحدد ذلك ..!!
والأهم من ذلك أنّ الادارة ما زالت توقف الرواتب و التعويضات عن الاكثرية " الجميع تقريبا " .. و حتى اليوم تتركهم معلقين بين التسريح أو الرمي خارج الوظيفة أو الانتظار طويلا ولو بمعد خاوية .. عندما نطالب الادارة الميمونة بالاكثر.. نستدرك و نقول : .. بعدنا بالشهر الأول .. أو الثاني .. لكن بصراحة يبدو لي أنّ الحكومة كانت أسرع إذ عجلت لإيقاف العمال و المؤسسات مدنية أو عسكرية عن العمل .. لتبدأ بصناعة الهيكل المؤسسي الإداري الذي تتخيله ..!!
هناك فرق كبير جدا بين سوريا الدولة .. و نظام الحكم الذي أوصل بشار الاسد لادارة الدولة ..سوريا دولة كبيرة .. بمؤسسات عريقة .. ابتليت بسيطرة و سلطان حزب البعث و توابعه و مشتقاته .. و مع ذلك تحملت و حافظت على هيكلها و نظام مؤسساتها و كله يحتاج الإصلاح و ربما التعقيم .. لكن ذلك لا بد أن يحدث بهدوء و سهولة .. و ليس بسرعة توصل الناس إلى عدم الفهم و تهديد الجوع ..
و إلى اليوم نرى أن يترك كل شيء بمكانه و يسير كما كان ليبدأ التصحيح و التغيير خطوة خطوة و مهما بلغ بعد هذه الخطوة .. ما نقل عن السيد وزير المالية غير مريح ابداً .. معالجة البطالة المقنعة ضرورة حتمية .. لكن ليس عن طريق رمي الموظفين بالشارع مهما كانت الأسباب .. فليكن هناك راتب تعويض بطالة إن لزم الامر .. كما في الدول الرأسمالية ..
ثم نحن ننتظر الاستثمارات الموعودة .. فإن جاءت ستجد الناس عملاً لها بعيداً عن وظيفة الحكومة .. أما بشأن منع زيادة الرواتب عن المتقاعدين فهذاغير معقول و سيسبب مشاكل عدة ليس أكبرها مئات آلاف الدعاوى .. و سينتصب قوس العدالة ..
As.abboud@gmail.com
|