سيرياستيبس
كتب الدكتور عامر خربطلي : " الاقتصاد ينمو بالبحبوحة "عبارة أطلقها منذ يومين في اتصال هاتفي شيخ الاقتصاديين السوريين الدكتور إلياس نجمة أستاذ الاقتصاد المالي والنقدي في جامعة دمشق، وقد فهمتها انا شخصيا على أنه لا ازدهار اقتصادي ولا نمو أصلاً بدون حالة من الوفرة المالية المتناسبة مع متطلبات واحتياجات الأعمال لأن تراجع حركة رؤوس الأموال وتضاؤل الأموال المتداولة يُدخل الاقتصاد في حالة الركود وضعف المبيعات مع خشيةالكساد لاحقاً. أما الحالة المعاكسة وهي السيولة الزائدة المطروحة في التداول كما كان في النظام البائد فتعني ارتفاعاً في أسعار السلع والخدمات غير حميد بل تورم خبيث وسباقاً محموماً لشراء القطع الأجنبي بدافع المضاربة والحفاظ على القيم وتضخماً جامحاً وصل لحدود غير مقبولة على مستوى جميع اقتصاديات العالم. البحبوحة أصلاً هي كلمة عربية فصحى تعني فيما تعنيه سعة العيش ونعيمه وأيضاً وسط العيش وخياره أي اجوده . البحبوحة الاقتصادية والمالية تعني فيما تعنيه توفر رؤوس الأموال بالعملة المحلية والأجنبية اللازمة بشكل تقديري ووسطي لأعمال النهوض الاقتصادي وتلبية احتياجات الاستثمار والتجارة والإنفاق وهي تميل أي الكتلة المالية لتكون في حالة مواكبة مع الناتج المحلي الإجمالي لا أن تقل عنه بكثير كي لا تحدث انكماشاً ولا أن تفوق عليه بكثير كي لا تُحدث تضخماً، أي أن تكون في موقع وسط ومستقر وملائم للحالة الاقتصادية التي تعيشها سورية. لن ندخل في تفاصيل أسباب نقص السيولة الحالية لأنها كثيرة وتحتاج لحديث مستقل ولا لتداعياتها السلبية العديدة على الدخل والإنفاق والاستثمار والتجارة إلا إن ما هو مؤكد أن الكتلة النقدية التي كانت مطروحة في السابق كانت أكبر من احتياجات التداول بأرقام كبيرة وهذا ما أوضحته بالدلائل العديد من الدراسات والأبحاث والإحصائيات وكانت نسب نموها السنوي أضعاف معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي والتي كانت أصلا أما سلبية او بنسب لم تزد عن ١% في أحسن احوالها وهي التي كانت تضغط باستمرار نحو رفع معدلات التضخم والأسعار والبطالة وأسعار الصرف أيضا. اليوم يبدو ان المعادلة تغيرت وقواعدها اختلفت وبالتاي فان وسائل مواجهتها يجب أن تكون مختلفة لأن المؤشرات الأولية تشير لبدء حدوث معدلات نمو إيجابية قد ترتفع عن معدلات النمو السكاني لأول مرة في تاريخها وسيشعر حينها الفرد السوري بتحسن واضح في دخله وقوة عملته الشرائية. أما الأمر الآخر فهو جو الثقة الجديد الذي عاد لمجتمع الأعمال المحلي والخارجي والمغترب نحو الاقتصاد السوري الجديد المبني على قواعد السوق الحر التنافسي والذي سيحرك لأول مرة معادلة النمو الاقتصادي المعتمدة أساساً على رأس المال وكفاءة استغلاله مع التقانة وريادة الأعمال. تراجع سعر الصرف وان كان في جزء منه بسبب ضعف السيولة إلا إن الجو الجديد في حال تحرير السيولة لن يكون لشراء القطع الأجنبي لتراجع اسباب ذلك بل بدء الهجرة العكسية للوطن و عودة الاستثمارات المهاجرة وانعكاس ذلك اقتصاديا بعودة حركة التشغيل والعمالة والدورة الاقتصادية … المطلوب اليوم إعادة ترتيب الأوراق المالية لعودة جريان الشرايين المالية للاقتصاد السوري لتحقيق ما اصطلحنا عليه (البحبوحة) لأنه كما بدأنا الحديث نختمه فالاقتصاد لا ينمو إلا بالبحبوحة…..
|