سيرياستيبس :
تُسجل الليرة السورية تراجعاً أمام الدولار بلغت 11500 ليرة ,بعد أن شهدت ارتفاعاً أمامه طوال الأشهر الماضية ووصلت الى مستوى 7000 ليرة مقابل كل دولار
ولكن هل سعر صرف الليرة يعبر عن قيمتها الحقيقية وعن واقع الاقتصاد السوري , حتى جعلها محل حديث وتحليل الباحثين
الاقتصاديين والماليين بحثا عن أسباب هذا التحسن الذي أظهر الليرة وكأنها
الناجي الوحيد في بلد أقل ما يقال عن اقتصاده أنّه متهالك ومنهار وإصلاحه سيكلف الكثير من العمل و الوقت والإمكانيات والمساعدات
هل تحسنت الليرة حقاً ..
ثمة إجماع من الخبراء ورجال الاعمال
أنّ تحسنها وهمي وهناك من وصفه الأمر ب "المصطنع والمخادع " لأن التحسن الظاهري
لم يستطع الظهور بشكل إيجابي في بلد يعاني من تباطوء الاعمال وتوقفها و
ركود في الأسواق نتيجة قلة حيلة الغالبية من الناس بما في ذلك تأخر الرواتب
وتوقفها عند ما يزيد عن مليون شخص .. وما زاد من وطأة الأمر سياسات
المركزي بحبس الكاش وتجفيف السيولة من الأسواق بحجة منع المضاربة وتقييد
السحوبات الى 500 ألف ليرة يوميا وأحيانا 200 الف ليرة نتيجة نقص السيولة
لدى المصارف الخاصة منها والعامة , يضاف الى ذلك الفارق الكبير بين السعر
الرسمي وسعر السوق الموازي الذي وصل في بعض الأحيان الى 6000 ليرة , فعندما وصل سعر الدولار الى 7000 ليرة كان السعر لدى
المركزي 13000 ليرة , وهذه الفروقات تذهب كأرباح لشركات الصرافة و للصرافة
الذين يملأون المدن والمناطق " هناك توقعات بأن دمشق لوحدها يعمل فيها نحو ألف
صراف في الهواء الطلق قبل أن نشهد تراجعا في أعدادهم مؤخراً " ..
كل
ذلك تأكد أنه آني بدليل ارتفاع سعر صرف الدولار في الأسابيع الأخيرة , فثمة ما يجري التحضير له على مستوى دفع الاقتصاد السوري
نحو التعافي وجذب الاستثمارات وتأسيس صناديق تمويل متعددة الاستخدامات والتوجهات
وكلها تصب في تحريك الاقتصاد بشكل أو بآخر . ..
وتحذر أوساط اقتصادية متابعة من خطورة المرحلة الحالية وضرورة
العمل على استيعابها سريعاً بسياسات نقدية جديدة قادرة على التعامل بحكمة
مع ما وصفوه بالتحسن الوهمي في سعر الليرة السورية وضرورة توجيهها نحو
الثبات والاستقرار بما يضمن استقرار العملية الإنتاجية مع التأكيد على
حتمية التخلي عن سياسة تقييد الكاش التي بدأت ترخي بظلالها على اقتصاد
البلاد وخاصة الشق الإنتاجي منه ..
تحسن الليرة مصطنع
الخبير
الاقتصادي الدكتور عمار يوسف أكد في تصريح خاص : أنّ مسار
الاقتصاد السوري سيسير
حتماً نحو الأفضل مع تبني اقتصاد السوق الحر وتحرير التجارة وتخليص
القطاعات الاقتصادية وآليات العمل وحتى القوانين من الروتين والمقيدات
والاتاوات والكثير من القرارات التي كانت تحد أيضاً من تحد
من الاستثمارات الجديدة , كما اتخذت الحكومة قرارات بإلغاء المنصة التي
كانت ترفع تكاليف
الاستيراد 35 % يدفعها الموطن المستهلك من جيبه وللتأكيد على خطورة حجم
الأموال المحبوسة في منصة تمويل المستوردات يكفي أن نشير الى أنها تبلغ
900 مليون دولار , كما قامت الحكومة بإلغاء قانون تجريم
التعامل بالدولار ومنع الاتاوات والتكاليف الإدارية الطفيلية والتكاليف
الاضافية على
التحصيلات الجمركية والمالية وغيرها و كل ذلك على التوازي مع العمل على
استنهاض همم رؤوس المال المحلية الذي ستشكل حجر الاساس في بناء
ونهضة الاقتصاد السوري نظرا لحجمها الكبير مقدرا حجم الاموال السورية
المكتنزة لدى رجال وأصحاب الأعمال بمختلف مستوياتهم بأكثر من 200 مليار
دولارتنتظر الفرصة المناسبة لاستثمارها بعد تجميدها لسنوات طويلة هذا ولم
نتحدث عن أموال السوريين في الخارج .
الخبير
السوري أكد أنّ التحسن الوهمي لليرة بدأ يرخي بظلاله على الاقتصاد المتهالك
أصلاً ويزيد من الضغط عليه , وعلينا أن نسأل كيف يمكن اعتبار الأمر تحسن
في سعر
الليرة
بينما كل شيء متوقف "الانتاج والتصدير وحتى دفع الراوتب وتلبية
الاستحقاقات المختلفة الخاصة والعامة مع تطبيق سياسة صارمة على السحوبات "
ومن شدة الطلب على الكاش تحول الى سلعة يبتاعها السوريون مقابل حساباتهم
البنكية
بهوامش ربح تصل الى 30 % .. بل أن الدولارات الكاش تباع أيضا بأسعار تزيد
عن سعر المركزي مقابل حسابات بنكية ..
أيضا فإن الأسعار لم تتراجع بمقدار تحسن الليرة و مازالت بعيدة عن متناول وإمكانيات أغلب فئات الشعب
الذين يركزون على شراء الأساسيات فقط . مايعني أنّ تحسن سعر الصرف "مصطنع "
فكلنا يعلم أنّ الليرة تتحسن عندما يتحسن ميزان المدفوعات ولكن اذا نظرنا
الى أرض الواقع نرى أنّ الحوالات ترد الى السوق الموازي الذي كان يبتعد عن
السعر الرسمي بأكثر من 35 % وأحيانا 40% وهذا الفرق إنما هو أرباح تذهب
الى جيوب قلة من المستغلين على حساب الناس والاقتصاد معا لأنه من المؤكد
أنّ هؤلاء أو من يشغلهم بحسب تعبير "الخبير السوري " سيلجأون الى عملية
جني الأرباح عبر رفع سعر صرف الدولار وهذا ما بدأ يحدث فعلاً ؟
تحذيرات من إفلاس المصانع
الخبير
الاقتصادي السوري تحدث عن تبعات خطيرة نتيجة الإستمرار بسياسة تقييد السحب
وتجفيف السيولة من الأسواق لأنها ستؤدي في نهاية المطاف الى تآكل مدخرات
الناس من الدولار ومن السوري على حد سواء , كما
أنّها ستتسبب وهنا
الأمر الخطير في وقف العملية الانتاجية وانحسار الصادرات و قتل
الطلب وانخفاض الاستهلاك وتوقف عمليات البيع وعدم قدرة المنتجين والتجارعلى
دفع تكاليفهم و اللجوء الى تصريف الدولار بأسعار وهمية " وبالتالي ارتفاع
تكاليف الانتاج والدخول في عجز عن المنافسة حتى في الأسواق المحلية , محذراً منن حدوث حالة إفلاس شاملة للصناعة
السورية هذا ولم تبدأ المنافسة مع الاتراك وغيرهم بشكلها الحقيقي بعد
الخبير
الاقتصادي السوري رأى أن هناك قلق اتجاه الليرة لناحيتين : : الأول :
تحسنها الوهمي والثاني : تذبذبها وعدم استقرارها وبالتالي فإنّ استمرار
الوضع بشكله الحالي سيؤدي الى تجفيف الدولار من السوق ومصادرة مدخرات
وتحويلات الناس بأبخس الأثمان من قبل شركات التحويل ومن الصرّافة الذين
سينتقلون لاحقا الى مرحلة جني الأرباح عبر رفع سعر صرف الدولار , منبهاً من
جهات خارجية تقوم بضخ أموال بالسوري في السوق المحلية وذلك نتيجة وجود
معروض كبير من الكاش موجود في دول أخرى يتم ضخه الى الداخل ضمن عملية
لاتبدو بريئة وتستهدف الاقتصاد السوري بشكل أساسي
خارطة طريق للاقتصاد السوري
في
هذا السياق أكد الدكتور عمار يوسف : ضرورة لجوء الحكومة السورية الجديدة الى وضع خارطة
طريق للخروج من الركود الاقتصادي وتثبيت سعر الصرف وإخراج الليرة من حالة
الخداع التي تمر بها , وتتضمن هذه الخارطة إعادة النظر بسياسات المركزي والتي تبدو مكملة لسياساته
قبل السقوط ولكن بتشدد أكثر , والعمل على ضخ السيولة بشكل متدرج وتسهيل
عمليات السحب , وعلى التوازي وضع سياسة نقدية محكمة تتضمن
تشجيع الاقراض والاستثمار , وتعطي حرية للسحب وتجذب الإيداعات دون خوف ,
واتباع سياسة اقراض تاخذ في الحسبان إحداث آثار ملموسة على أرض الواقع
لجهة تنشيط المشاريع بمختلف مسمياتها صغيرة ومتوسطة وكبيرة مع التركيز على
المشاريع الريفية والمتناهية الصغر والعمل على وضع نظام ضريبي متوازن
تخفض فيه نسب الضريبة بما يضمن حقوق الخزينة وينشط الفعاليات
الاقتصادية ويزيد من الانفاق الحكومي والخاص على مشاريع البنى التحتية و
خلق فرص العمل وتحريك الاقتصاد كل ذلك بشكل مترافق مع تحقيق استقرار
اقتصادي وقانوني الذي يشعر فيه الجميع بالأمان ويدفعهم الى استثمار أموالهم
دون خوف
مؤكداً : أنّ
تحقيق ذلك مرتبط برفع فوري للعقوبات عن سورية وضمان عودتها الى النظام
الاقتصادي والمصرفي العالمي ويجعل العمل فيها آمنا ومتاحاً دن خوف وبصفر
مشاكل .
الدكتور يوسف : : أكد أن الاجراءات المطلوبة كثيرة ولكنها معروفة و
غير مستحيلة , بمعنى ليس المطلوب إعادة " اختراع الدولاب وانما دفعه للسير
الى الأمام " فأي إدارة تُدرك جيدا مالذي يجذب المستثمرين ومالذي يُنفرهم ,
وقال : أعتقد أن التمكن من بناء نظام استثماري عصري أمر في غاية الأهمية وهنا
أنصح التعاون مع التجارب الناجة التي نراها
اليوم تطبيق في العديد من الدول خاصة الخليج لجذب المستثمرين من الداخل والخارج
بعد أكثر من أربع أشهر لى العهد الجديد قد يكون من المبكر السؤال عن الازدهار
الاقتصادي فالطريق ما زال طويلا ويحتاج الى مقومات وظروف سياسية واقتصادية في آن معاً
هامش : يوجد في سورية 13 مليون مواطن فيها يعانون من انعدام الأمن الغذائي،
إضافة إلى 3 ملايين يعانون من نقص شديد في الغذاء وفق إحصائية برنامج
الغذاء العالمي
ووصل مستوى خط الفقر إلى 2,15 دولار،ونسبة
الفقر المدقع إلى 90٪ وكل هؤلاء هم ضحايا مؤكدين لعمليات المضاربة بالليرة