اتفق محللو أسواق المال على ثمانية أسباب رئيسة وراء مرور سوق الأسهم السعودية بحال من التقلبات خلال فبراير (شباط) الجاري، أبرزها عدم ظهور محفزات إيجابية تدفع المستثمرين لضخ رؤوس أموال جديدة بالأسهم تزامناً مع اقتراب بدء جلسات تداول شهر رمضان التي تتسم بالهدوء النسبي، ووصول الشركات المدرجة الكبرى المدرجة لمكررات ربحية مرتفعة، وتزايد المخاوف من إفصاح الشركات الكبرى الخاصة بنتائج الأعمال السنوية وخطط توزيعات أقل من المتوقع. وأوضح المحللون إلى "اندبندنت عربية" أن من تلك العوامل أيضاً عدم استقرار أسعار النفط التي تتأثر بفرض الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب عقوبات جديدة على كيانات تضطلع بنقل الإمدادات الإيرانية، وتصاعد التوترات التجارية والجيوسياسية عالمياً. وأشار المحللون إلى تأثر حركة السوق المحلية بما تمر به البورصات العالمية من حال عدم استقرار وتعرض القطاع التكنولوجي لموجة بيع بهدف جني الأرباح الموقت، واتجاه بعض المستثمرين لملاذات آمنة أخرى غير الأسهم كالذهب، الذي وصل إلى أعلى مستوياته على الإطلاق أخيراً. وتوقع محللون أن تتجه اهتمامات المستثمرين في سوق الأسهم السعودية خلال الفترة المقبلة وحتى نهاية شهر رمضان إلى قطاعات رئيسة، تحمل فرصاً واعدة ونتائج أعمال سنوية وخطط توزيعات على المساهمين من المرجح أن تكون جيدة، والتي تندرج في مجالات نفطية وغير نفطية أبرزها التعدين والبتروكيماويات والطاقة المتجددة، إضافة إلى القطاع الصحي ومجالات كتأجير السيارات والتمويلات. الترقية على مؤشرات "فوتسي" ولفت محللو أسواق المال إلى أن تطبيق الترقيات الأخيرة على مؤشرات "فوتسي راسل" ستسهم في ضخ سيولة ضخمة جديدة داخل السوق السعودية خلال مارس (آذار) المقبل. وأعلنت "فوتسي راسل" أخيراً مراجعتها النصف سنوية لمؤشراتها، بما يشمل الشركات السعودية التي ستكون نافذة اعتباراً من الإثنين الـ24 مارس (آذار) 2025. وستنفذ "فوتسي راسل" تغييراتها في الأسواق بإغلاق خلال الـ21 من مارس 2025، وبما أن هذا التاريخ يصادف الجمعة فمن المنتظر إجراء التغييرات الخميس الـ20 من مارس المقبل. وأجرت المؤسسة عدداً من التغييرات على الأسهم السعودية في مؤشراتها والتي تتضمن ترقية شركة "العقارية السعودية" من مؤشر الشركات الصغيرة إلى مؤشر الشركات المتوسطة والمؤشر العالمي، إضافة بعض الشركات الأخرى لمؤشر الشركات الصغيرة وأبرزها شركة "الإعادة السعودية" و"الجوف الزراعية" و"الخليج للتدريب" و"اليمامة للحديد".
أداء "تاسي" ومنذ بداية الشهر الجاري وحتى نهاية تعاملات أمس الأربعاء غير سوق الأسهم السعودية مساره للهبوط بعد أن صعد خلال أول يناير (كانون الثاني) الماضي، إذ تراجع مؤشر "تاسي" بنحو 114.26 نقطة بما يعادل نحو واحد في المئة عند 12301.23 نقطة.
وكان مؤشر سوق الأسهم السعودية اختتم تعاملات الشهر الماضي على ارتفاع بنحو 379 نقطة، بما يعادل 3.15 في المئة عند 12415.49 نقطة، وسجل "تاسي" أداء متذبذباً خلال العام الماضي إذ ارتفع 70 نقطة بما يعادل 0.6 في المئة عند 12037 نقطة، مسجلاً أعلى إغلاق سنوي منذ 19 عاماً، أي منذ عام 2005 مقارنة بإغلاقه نهاية عام 2022 عند 11967 نقطة.
عمليات جني الأرباح
في هذا الصدد، قال المستشار الاقتصادي والرئيس التنفيذي لمركز التنمية والتطوير للاستشارات الاقتصادية علي بوخمسين إن "التراجع الذي شهدته سوق الأسهم السعودية منذ بدايات فبراير الجاري، والذي ظهر بوضوح خلال الجلسات الأخيرة من هذا الأسبوع يعود إلى زيادة عمليات جني أرباح، في ظل وجود بعض الأسهم لشركات كبرى عند مستويات تشبع شرائي كبير".
وأوضح أن "من أبرز المؤثرات الرئيسة في أداء سوق الأسهم السعودية والتي ربما تدفعه لمزيد من التقلبات خلال الفترة المقبلة اقتراب شهر رمضان وتقلص ساعات التداول خلال تلك الفترة"، مضيفاً أن من تلك المؤثرات أيضاً تأثر السوق المالية باتجاه بعض المستثمرين بالأسهم المدرجة لتخفيف المراكز المالية بها، والاتجاه ببعض سيولتهم إلى ملاذات استثمارية واعدة، يأتي في مقدمها حالياً الذهب والذي وصل إلى أعلى مستوياته على الإطلاق أخيراً، وكذلك سوق العملات المشفرة لا سيما الـ"بيتكوين" الذي يعد حالياً الذهب الإلكتروني.
وأكد بوخمسين أن من أبرز المؤثرات أيضاً خلال الفترة الحالية السياسات الاقتصادية للرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي يركز على السياسيات الحمائية التي أشعلت الحرب التجارية من جديد، إضافة لوجود ضبابية للقرارات في شأن سعر الفائدة من قبل مجلس الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي الأميركي).
نطاق ضيق من جهته، قال رئيس قسم أبحاث الاستثمار لدى "كامكو إنفست" جنيد أنصاري إن "سوق الأسهم السعودية يتداول حالياً في نطاق ضيق من الناحية الفنية، ويرجع ذلك بالأساس إلى نقص المحفزات". وأوضح أن "من أبرز العوامل المؤثرة في أداء سوق الأسهم السعودية منذ بداية الشهر الجاري تقليل المستثمرين الدوليين المراكز المالية في الأسواق الناشئة داخل منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً التي سجلت أداء ضعيفاً بسبب تهديدات التعريفات الجمركية من الولايات المتحدة وإدراكهم للتأثير المتوقع لهذه السياسات الاقتصادية الحمائية الجديدة فيها".
اندبندنت عربية
|