دمشق - كتب أسعد عبود خاص لسيرياستيبس :
تقريبا هناك ما يشبه حالة استقرار نسبي في اسعار الليرة السورية في السوق
السوداء ولا سيما تجاه سعر الدولار الاميركي خلال بضعة الأسابيع الأخيرة ،
حيث يدور السعر حول عشرة الاف ليرة للدولار الاميركي الواحد في أحسن
الحالات .. ! اصبحت الحكاية معروفة بعد أن لفتت اليها الانظار و لا سيما
انظار المحللين و المعلقين الاقتصاديين الذين أشاروا مرارا ، إلى أن هذا
الوضع الذي يتضمن - بلا ريب - تحسنا على سعر الليرة بمواجهة الدولار لا
يمكنه الدفاع عن نفسه .. فالليرة لا تتلقى دعما اقتصاديا انتاجيا استثماريا
يدفع بقيمتها للتحسن ! و بالتالي لا بد ان يقع ذلك التحسن في اطار السعر
النقدي المتداول مرحليا لليرة ، وليس في قيمتها .. اي بتأثير المضاربات .. و
هو ما يرجحه معظم المتحدثين و المعلقين الاقتصاديين ، الذين لا يخفون
خشيتهم من انعكاسات شديدة السلبية على الاقتصاد الوطني و مقتضيات الحياة و
التنمية .. لكن الليرة ماضية في طريقها ، او في غيها .. حتى اليوم .. و حتى
اللحظة هي قادرة على فرض كلمتها بهذا الشكل أو ذاك طبعا مع قليل التأثير
لأسعارها في وضع السوق .. هناك تأثير بالتأكيد لكنه أقل بدرجات من أن يقف
فيه المستهلك السوري قريبا من حالة الرضى .. و هو في وضع غير مرض .. وهذا
يؤكد من جانب ثاني خلبية التحسن في سعر العملة المحلية الذي يتحدث عنه
الواقع اليومي ....
المسألة كما تظهر لنا و برمتها هي في رؤية و سياسة المصرف المركزي .. هل هي
كذلك ..؟ هكذا يفترض .. و لا يتوفر رأي واضح للمركزي .. الا الاستمرار
بالرهان على الحالة القائمة ، التي يصفها المتابعون المعترضون بأنها حالة
احتباس العملة المحلية و التضييق على تداولها و سحبها من ايدي الناس من
خلال تعطيل آلية وصول الموظفين و المتقاعدين إلى رواتبهم و معاشاتهم ..
بالاجازات الاجبارية و ايقاف دفع الرواتب غير المبرر و بأساليب شتى تصل حدود
التسريح التعسفي العريض للعمال و الموظفين ..
المصرف المركزي متنبه لا بد لهذه السياسة فهو الذي ينفذها .. و يرسمها ، او
على الاقل يوافق عليها .. ولم يرد منه أو عنه رأي ، واضح صريح حول موقفه من
مسألة التضييق على تداول الليرة ، وتصعيب وصول الناس اليها .. و قناعته
بخصوص ظاهرة الارتفاع الذي يبدو غير مبرر لأسعار الليرة بمواجهة الدولار
..طبعا من ناحية المبدأ و في ظل المعروف في علاقات الادارة في سورية من غير
الوارد أن يكون المصرف المركزي هو الذي يقف خلف حجب رواتب و معاشات
الموظفين و المتقاعدين و تسريح العمال !! .. لكن المصرف إن كان يريد رفع
سعر الليرة بأية وسيلة كانت فهو استفاد من هذه التوجهات بغض النظر عن دوره
في تبنيها رسمياً ..
و يبقى السؤال : حتى متى يستطيع المصرف المركزي أن
يعتمد على حالة حبس العملة المحلية و حجبها حتى عن المصارف التي باتت تشكو غياب المال الكاش وأشكال في تأمينه لأصحاب الاحتفاظات و التحويلات ، لرفع
اسعار الليرة .. هذا الارتفاع طابعه مؤقت .. و غير صالح لأن ينتهج
كاسترتيجية عمل مصرفي .. و يوم ينتهي مدى حبل اللعبة سيواجه المصرف و من
يتبعه الحقيقة .. لأن الليرة ستواجه قيمتها الحقيقية .. فهل تصل العملة
المحلية إلى المواجهة بسرعة .. أم تعطي لها الحالة السائدة فرصة الاستمرار
في الصمود ..؟ وحتى متى .. ؟.. و الأهم من ذلك : هل يستطيع المصرف المركزي
أن يتبنى الحالة كاستراتيجة عمل له .. أم انها محفوفة بالمخاطر ..؟
إن كان
المصرف يحسب حساباته جيدا -أعتقده كذلك ولا ريب - بأنه لا بد من التراجع عن
هذه السياسة التي فشلت تجربتها في العديد من الدول .. فجدير به .. جدير
بالمصرف .. أن لا يتأخر كثيرا عن إعادة الامور الى نصابها وتقليص حجم
المساعدة للعملة المحلية كي تحافظ على سعر عال بمواجهة العملات الاخرى .. و
وضعها .. أي وضع الليرة .. بالتدريج في حالة مواجهة مع حقائق السوق و
التداول و الاستثمار و الانتاج .. اقول : بالتدريج و أن لا تترك العملة
الوطنية مباشرة تواجه السوق و ما يمكن أن يختبيء فيه من غيلان رأس المال ..
لا نترك للسوق أن يقرر سعر العملة الوطنية بعيدا عن اي تدخل .. و لا نعتمد إسلوب التسعير الاداري ..
نتمنى أن يشرح المصرف المركزي وجهة نظره عن طريق الاعلام .. لأن ذلك يريح
الناس و لعله يساعد .. As.abboud@gmail.com
|
التعليقات: |
الاسم : لمستقبل افضل - التاريخ : 02/03/2025 |
ما الغاية من خلق مستوى من ركود تضخمي هل سيؤدي لشيء جيد ام سيء |
|
|
|
شارك بالتعليق : |
|