سيرياستيبس
كتب الاعلامي معد عيسى :
قلبت الساعات الأخيرة من مساء أمس الاثنين كل التكهنات والسيناريوهات المطروحة لتطورات المشهد السوري بعد توقيع اتفاق انضمام قوات سورية الديمقراطية الى الدولة السورية .
الاتفاق الموقع بين الدولة السورية وقوات سورية الديمقراطية قلب تحالفات في السياسة وغيّر مواقف خارجية وداخلية وقطع الطريق أمام مشروع تقسيم سورية بتوافق دولي أزعج البعض و الايام القادمة ستكشف ارتدادات الاتفاق.
جميع السوريون يعولون على هذا الاتفاق ليكون بداية لحل القضايا المتعلقة بمعيشتهم وإزالة الهواجس الأمنية لجميع الأطياف السورية ، كما سيكون مُنقذا للحكومة الانتقالية التي ورطت نفسها بتصريحات مستعجلة حول تحسين الواقع الخدمي لعدد من القطاعات قبل أن تعي واقع تلك القطاعات التي أعلنت عن تحسين خدماتها .
- وعود تجاوزت مراحلها
الكهرباء تتصدر التحديات التي تواجه الحكومة ولا سيما بعد التصريحات المستعجلة لوزيرها والتي حدد فيها مراحل تجاوز مشكلة الكهرباء في سورية بثلاث مراحل
- مرحلة الطوارئ والتي سيتم خلالها تامين الكهرباء لثماني ساعات وأكثر ومدتها أسابيع قليلة .
• مرحلة تلبية احتياجات المواطنين من الكهرباء 24/ 24 ساعة باليوم ومدتها عامان .
- مرحلة تامين طلبات الاستثمار ومدتها ثلاث سنوات .
طبعا مدة المرحلة الأولى انقضت ولم يتم تنفيذ الوعد ولكن ليس لتقصير في الوزارة بل لان التصريحات سبقت معرفة الواقع بدقة ولم تضع مستجدات الوضع في حسابها، فتوريد النفط توقف وبالتالي توقفت مصافي النفط التي كانت تزود قطاع الكهرباء بأكثر من( 5الاف ) طن فيول يوميا وترافق ذلك مع موجة برد زادت من الطلب على الكهرباء الأمر الذي أتى عكس التصريحات والوعود .
- استثمار مؤجل
اليوم ومع توقيع الاتفاق مع قوات سورية الديمقراطية يُمكن أن تتغير الأمور بشكل متسارع وتصاعدي في زيادة ساعات التغذية الكهربائية ، فعودة النفط يعيد عمل المصافي و إنتاج الفيول اللازم لمحطات التوليد ، كما يمكن زيادة كميات الغاز من المنطقة الشرقية لمحطات توليد الكهرباء وبالتالي تحسن الواقع الكهربائي في فترة تعتبر هي الراحة للمنظومة الكهربائية بسبب ارتفاع درجات الحرارة وعدم الحاجة للتدفئة وكذلك للمكيفات قبل أن تشتد درجات الحرارة .
مرحلة الطوارئ قد تنجز قريبا وترتفع ساعات التزويد الكهربائي الى 8 ساعات وأكثر
أما المرحلة الثانية مرحلة 24/24 ساعة فيبدو أن تحدياتها اكبر بكثير وتمتد لتتداخل مع المرحلة الثالثة ، مرحلة الاستثمار و الأمر يتجاوز تامين المشتقات النفطية ، فالمنظومة الكهربائية بحالة شبه انهيار نتيجة قدم التجهيزات و انخفاض مردود محطات توليد الكهرباء بشكل كبير، كما أن توقف المشاريع التي كانت قيد الانجاز سيؤخر ويزيح المراحل الى أزمان بعيدة ، فكان من المنتظر أن تدخل محطة الرستين شمال اللاذقية باستطاعة أكثر من 500 ميغا الخدمة قريبا و بمردود عالي ، والأمر يمتد الى محطة توليد حلب والدير علي و محطات أخرى.
إن تأخير انجاز مشاريع التوليد الكهربائي التي كانت قيد التنفيذ سعمق من أزمة الكهرباء وسيؤخر في الحد منها لأن تأخيرها يعني استنزاف مشاريع التوليد القائمة لعدم الصيانة والتشغيل القسري لغياب البدائل .
*مصافي صغيرة
أما فيما يخص الواقع النفطي فتبدو الأمور أكثر يسرا من الكهرباء لعدم الالحاح وسهولة تامين البدائل استيرادا ، ولكن عودة المنطقة الشرقية الى الدولة السورية يُمكن أن يوفر بالتدريج كل احتياجات الدولة السورية من النفط والغاز وحتى فائض للتصدير ، وهذا يحتاج الى جهد فني عالي ورأس مال استثماري كبير غير متوفر حاليا ولكن بسياسة الخطوة خطوة وبالمتاح من التمويل تستطيع كوادر وزارة النفط الكفوءة على إحداث فرقا واضحا خلال فترة ليست بعيدة ولا سيما لبعض الأمور الأساسية كإصلاح خط نقل النفط من المنطقة الشرقية
وإعادة إصلاح آبار النفط والغاز المتوقفة وكذلك المنشات النفطية ولا بد استباقا من إعادة إحياء مشاريع إنشاء عدة مصافي صغيرة للتكرير لأن واقع المصافي ليس أفضل حالا من مجموعات توليد الكهرباء ، فمصفاة حمص بدأت العمل 1959 ، وبانياس 1977 أي أن العمر الزمني لكلتا المصفاتين قد انتهى منذ زمن بعيد ولم تعد تلبي الطلب الصيانات القسرية التي يتم القيام بها بين فترة و أخرى
. * أخيرا ..
اتفاق " سوريا الديمقراطية " والدولة السورية نقلة نوعية طال انتظارها وستشكل بأبعادها السياسية والأمنية والاقتصادية بداية مرحلة يُعلق عليها الجميع أمالا كبيرة بعد عقد ونصف من الاقتتال والصراع والمآسي والحرمان والتهجير الداخلي والخارجي .
الثورة