سيرياستيبس - خاص  :

اذا كانت تكاليف انفاق الأسرة السورية 12 مليون أو سبعة ملايين أو اي ملايين أخرى ماهو الفرق  في ظل دخل متواضع جداً حتى ولو تم تدعيمه بحوالة خارجية أو بشغل اضافي .. 

الأسواق وفي عز موسم التخفضات تعيش حالة حقيقية من الركود .. بينما صوت أسواق الأعذية يبدو أضعف من المعتاد   رغم أن هذه الايام هي أيام رمضان وحيث  من المفترض أن يرتفع الاستهلاك والاقبال على الشراء  .. 

بعض التجار وصفوا رمضان الحالي بأنه الأقل نشاطا وحركة منذ سنوات طويلة رغم الوفرة السلعية الكبيرة ورغم وجود مستويات مختلفة للأسعار 

 يميل انفاق الأسر الى الحذر وهناك سلوك استهلاكي يعتمد على تقنين وترشيد الشراء والاقتصار على الاحتياجات الأساسية مع لجوء الكثير من الأسر الى اختصار مائدة رمضان لتغطية  الفجوة بين الدخل المتاح و الاسعار التي تميل الى الارتفاع رغم انخفاض سعر صرف الدولار فما زال التجار مصرين على اتباع سياسة التحوط وإن اختلفت الأسباب .

وسطياً يتراوح إنفاق الأسرة على الطعام في شهر رمضان   في حدود 100 الف ليرة يومياً ونتحدث هنا عن  أُسرة عادية يزيد الرقم عند الأسر الأكبر عدداً .. و المبلغ يغطي وجبة رئيسية وقد لايكون متاحاً لتغطية وجبة السحور 

هذا الرقم يعني أن راتب القطاع العام يستطيع تغطية نفقات الطعام من 4 الى 5 أيام في أحسن الأحوال ,  أما موظف القطاع الخاص فيستطيع تغطية نفقاته  من 10 أيام الى 15 يوم حسب الراتب  .

 أما كيف تردم الأسر الفجوة بين الدخل وما تحتاجه لتغطية احتياجاتها , فهناك أساليب مختلفة أبرزها الحوالات التي يُتوقع أن تشهد نمواً واضحاً في موسم رمضان والأعياد نتيجة تراجع سعر صرف الدولار من 15 الف الى أقل من 10000 ليرة, بينما تلجأ أُسر أُخرى إلى عمل إضافي رغم ضيق الفرص في حين تقبع الكثير من الأُسر في فقر مدقع وبالكاد تشتري خبزها  

  في ظل هذا الواقع يُعول الموظفون على زيادة الرواتب الموعودة في حين يرى أخرون أنّ الاتفاق مع قسد سيتيح أموالا مهمة  في الخزينة و بالتالي في الناتج المحلي للبلاد ويمكن أن توجه نحو المشاريع التي تُترجم فرص عمل وتحسن في مستوى المعيشة ولكن هذا يحتاج الى وقت   ؟

المهم اليوم هو تحقيق الأمن والأمان وخلق بيئة عمل مستقرة قادرة على جذب الأموال الخاصة من الخارج  للاستثمار و الأهم أن تكون هذه البيئة مُحفزة بشكل حقيقي وليس دعائي لاستنهاض الأموال المحلية وتوجيهها نحو الاقتصاد الحقيقي وليس الريعي الذي يميل فيه المستثمرون لاستعادة رؤوس أموالهم وقطف أرباحهم سريعا , كل ذلك على التوزاي مع دخول الأموال التي يؤمل أن تخصص لإعادة  إعمار سورية بما في ذلك عمل المنظمات والبرامج التنموية التي تستهدف النهوض بالمجتمعات المحلية و البدء بتحريك القطاعات الانتاجية المتضررة سواء المتعلقة بقطاع الزراعة والثروة الحيوانية والصناعات الحرفية والصناعة والأهم توجيه الأفراد نحو المشاريع الصغيرة كسبيل لتحسين الدخل عوضاً عن التوجه الوظائف , على أنّ المشاريع الصغيرة تُشكل اليوم أحد روافع بناء الاقتصاد السوري  بأقل تكلفة وأقل وقت وبأسرع نتائج ولكن شريطة قيادة الأمر كمشروع وطني متكامل الحلقات بمدخلاته ومخرجاته ونعتقد أن البنية الفكرية متوفرة لذلك ويمكن الانتقال مباشرة الى الحالة العملية

تحقيق كل ذلك مرهون بالرغبة وامتلاك الإرادة على استعادة دور المصارف وبناء الثقة بها مجدداً وتوفير نظام ضريبي واضح ومُقنع وضمان حماية الأموال والأفراد وحرية التنقل والتحويل .. وغيرها من الأمور التي قد يكون اكمالها مرهونا بإزالة العقوبات           

 لايبدو الاقتصاد السوري بخير أبداً , بل ويعاني من خلل بنيوي عميق جداً ويلامس الخراب في الكثير من جوانبه , وبالتالي العمل على إصلاحه يحتاج الى إدارات اقتصادية " عظيمة " بكل ماتحمله الكلمة من معنى ,  إدارات قادرة على فهم متطلبات هذا الاقتصاد  وفهم نقطة البداية التي يمكن الانطلاق منها و خلق أمل حقيقي عند الناس بما يمكنهم  من امتلاك ناصية العمل والتطلع نحو مستقبل لايبدو قاتما أخيراً