سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:18/05/2025 | SYR: 15:12 | 18/05/2025
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE



خلطات كامبو


شاي كامبو


IBTF_12-18



 السيطرة على الموانئ: معركة النفوذ العالمي
سلاسل التوريد تتعرض لهزات اقتصادية وسط مساعٍ إلى الهيمنة الدولية على المنافذ التجارية
18/05/2025      




 

أكثر من 80 في المئة من التجارة العالمية من حيث الحجم تمر عبر البحر

 

تظهر البيانات الحديثة أن سبعة مشغلين كبار يسيطرون على أكثر من 40 في المئة من حركة الموانئ العالمية وفقاً لتقرير "دريوري" لعام 2024.

سيرياستيبس :

في عالم لا يتوقف عن الشحن، وفي لحظة أصبحت خلالها سلاسل التوريد أشبه بشبكة أعصاب تمتد من شنغهاي إلى روتردام، ومن دبي إلى لاغوس، تبرز السيطرة على الموانئ كواحدة من أعنف ساحات الهيمنة اللوجيستية والاستراتيجية في القرن الـ21، فمن آسيا إلى أفريقيا، ومن الخليج إلى أوروبا، تتنافس القوى الكبرى على إدارة المرافئ، في سباق لا يقل أهمية عن سباقات التسلح أو السيطرة على مصادر الطاقة، إذ إن هذه الموانئ لم تعد مجرد بوابات عبور بحرية للبضائع، بل أصبحت أدوات استراتيجية في لعبة التأثير السياسي - الجغرافي والاقتصادي، ومراكز أعصاب استراتيجية تحرك الاقتصاد العالمي، وتعيد رسم خرائط القوة.

الموانئ بالأرقام... خريطة السيطرة

وفقاً لتقرير صادر عن "كلاركسونز للأبحاث البحرية" لعام 2024، فإن أكثر من 80 في المئة من التجارة العالمية من حيث الحجم تمر عبر البحر، وتعالج في أكثر من 940 ميناءً رئيساً حول العالم، لكن من يتحكم فعلياً بهذه المعابر؟

أكبر 10 شركات لإدارة الموانئ

من بين هذه الشركات تحتل شركتا "تشاينا ميرتشانتس بورت" و"كوسكو شيبنغ بورتس" الصينيتان مكانة مرموقة، إذ تدير الأولى ما يقارب 50 محطة حول العالم، والثانية أكثر من 37 محطة.

في المقابل تلعب شركات كبرى مثل "بي أس أي إنترناشيونال" من سنغافورة، التي تدير موانئ رئيسة مثل ميناء أنتويرب في بلجيكا، و"أي بي أم تيرمينالس" التابعة لمجموعة "ميرسك" الدنماركية، دوراً بارزاً في إدارة أكثر من 70 محطة موزعة عبر أفريقيا وأوروبا والأميركتين. وعلى رغم هذا الحضور القوي، تهيمن آسيا، وبخاصة الصين، على المشهد العالمي، إذ تسيطر الصين وحدها على 7 من أكبر 10 موانئ في العالم من حيث حجم الحاويات، وفقاً لتصنيفات World Shipping Council لعام 2023، وهذه الهيمنة تعكس القوة الاقتصادية واللوجيستية للصين، بينما تواجه الشركات غير الصينية تحديات في مواكبة التوسع المدعوم باستثمارات ضخمة.

 أكبر موانئ العالم من حيث الحجم

قبل الغوص في من يدير هذه الموانئ، من المهم تسليط الضوء على أبرز الموانئ العالمية التي تشكل العقد الأساسية في شبكة التجارة الدولية:

ميناء شنغهاي (الصين): 49.2 مليون حاوية في 2023 – الأكبر عالمياً.

ميناء سنغافورة: 39.01 مليون حاوية – مركز عالمي لإعادة الشحن.

ميناء نينغبو - تشوشان (الصين): 33.3 مليون حاوية.

ميناء روتردام (هولندا): 14.3 مليون حاوية – الأكبر في أوروبا.

ميناء جبل علي (دبي): 14.1 مليون حاوية - الأضخم في الشرق الأوسط.

هذه الأرقام لا تعكس فحسب حجم الشحن، بل طبيعة النفوذ، فالدولة التي تشغل موانئ أكثر، تملك مفاتيح التأثير التجاري البحري، وتستطيع التأثير في تدفقات التجارة، وحتى على قرارات الشركات العملاقة.

اللاعبون الكبار... من يدير موانئ العالم؟

تظهر البيانات الحديثة أن سبعة مشغلين كبار يسيطرون على أكثر من 40 في المئة من حركة الموانئ العالمية، وفقاً لتقرير "دريوري" لعام 2024. وهؤلاء هم:

"دي بي وورلد" الإمارات: 78 محطة في أكثر من 40 دولة

"أي بي أم تيرمينالس" الدنمارك: أكثر من 70 محطة، موزعة في أفريقيا وأوروبا والأميركتين.

"هوتشيسون بورتس" هونغ كونغ: أكثر من 52 محطة في 26 دولة.

"تشاينا ميرشانتس بورت هولدينغ" الصين: نحو 50 محطة عالمياً، بما في ذلك موانئ في آسيا وأفريقيا وأوروبا.

"بي أس أي" سنغافورة: 40 محطة، مع تركيز على سنغافورة وموانئ آسيوية وأوروبية.

"تيرمينالس إنفستمينت ليميتد" سويسرا: نحو 40 محطة في 29 دولة.

"كوسكسو شينبيغ بورتس" الصين: أكثر من 37 محطة، بما في ذلك موانئ مثل بيرايوس (اليونان) وهامبورغ (ألمانيا).

وتظهر تلك القائمة هيمنة آسيوية واضحة، بخاصة من الصين، التي تمتلك وتدير عدداً كبيراً من الموانئ حول العالم، مما يعكس استراتيجيتها في تعزيز نفوذها البحري.

الصين: الإمبراطورية البحرية الجديدة

تقود الصين استراتيجية توسع بحري طموحاً عبر مبادرة "حزام واحد، طريق واحد"، التي تعيد إحياء طريق الحرير البحري، واستثمرت بكين أكثر من 200 مليار دولار في تطوير وإدارة مرافئ تمتد من باكستان إلى اليونان، ومن سريلانكا إلى نيجيريا، وفقاً لتقرير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) لعام 2024، إذ تملك أو تتحكم في نحو 100 ميناء في أكثر من 60 دولة، مما يعزز نفوذها اللوجيستي والسياسي.

أمثلة بارزة

شركة "كوسكو" الصينية، الذراع التجارية لهذا التوسع، تشغل محطات استراتيجية مثل بيريوس في اليونان، دوراليه في جيبوتي، وغوادار في باكستان، وهذا التوسع لا يقتصر على آسيا، بل يمتد إلى أوروبا (ميناء هامبورغ في ألمانيا) وأفريقيا، لكن مع ذلك تواجه الصين تحديات، مثل المخاوف "فخ الديون"، كما حصل مع دول مثل سريلانكا، إذ أدت صعوبات في سداد القروض إلى تسليم ميناء هامبانتوتا للصين.

الغرب: الهيمنة القديمة تتآكل

في المقابل كانت أوروبا والولايات المتحدة تاريخياً تسيطران على شبكات الشحن من خلال شركات كبرى مثل: "ميرسك" الدنماركية، ثاني أكبر شركة شحن في العالم، و"أم أس سي" السويسرية الأكبر عالمياً من حيث الأسطول، و"سي أم أي سي جي أم" الفرنسية، وتملك وتدير موانئ في غرب أفريقيا والبحر الكاريبي، لكن هذه السيطرة بدأت تتآكل تدريجاً مع صعود الشركات الصينية، وتراجع الاستثمارات الغربية في البنى التحتية البحرية بسبب التشريعات البيئية أو حسابات الجدوى.

الولايات المتحدة وأوروبا انتبهت متأخرة لخطورة هذا الملف، فبينما كانت الصين تؤسس قواعد نفوذها عبر الاستحواذ، انشغلت واشنطن بقضايا أخرى.

لكن في السنوات الأخيرة بدأ "صندوق مارشال البحري" الأوروبي بدعم موانئ شرق أوروبا لتقليل الاعتماد على الصين، ودفعت الولايات المتحدة باتجاه شراكات أمنية لوجيستية عبر موانئ الخليج والقرن الأفريقي.

الشرق الأوسط: تموضع استراتيجي

فهمت دول الخليج مبكراً أهمية موقعها الجغرافي كمفترق طرق بين الشرق والغرب، واستثمرت بكثافة في تطوير موانئها، إذ رسخت الإمارات مكانتها عبر شركة "موانئ دبي العالمية"، التي باتت من بين أكبر 5 شركات عالمية لإدارة الموانئ، وتدير ميناء جبل علي (14.1 مليون حاوية)، وميناء لندن غيتواي في بريطانيا، وموانئ متعددة في أفريقيا.

وأنشأت السعودية شركة "موانئ" وبدأت تخصيص إدارة موانئها الرئيسة، مع خطة لتحويل ميناء الملك عبدالله إلى مركز لوجيستي إقليمي، وضاعفت استثماراتها في ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام وميناء جدة الإسلامي، ضمن "رؤية 2030".

من جانبها استثمرت قطر أكثر من 7.4 مليار دولار في تطوير ميناء حمد، ليصبح أحد أكثر الموانئ تطوراً في المنطقة، بطاقة 7.5 مليون حاوية سنوياً، وعبر شركة "كيو تيرمينالز" توسعت في تركيا وسلطنة عمان وبدأت بالدخول للسوق الأفريقية.

وتراهن الكويت على ميناء مبارك الكبير في جزيرة بوبيان، كورقة استراتيجية ضمن مشروع مدينة الحرير ورؤية "الكويت 2035، وبلغت نسبة إنجاز المرحلة الأولى 75 في المئة حتى أوائل 2025، بطاقة مستهدفة تفوق 3.6 مليون حاوية سنوياً، ويتميز بارتباطه البري مع العراق ووسط آسيا، مما يمنحه عمقاً إقليمياً نادراً كبوابة للتجارة الدولية، خصوصاً بعد دخول الصين طرفاً في تطويره وتنفيذه.

وفي أبوظبي طُوِّر ميناء خليفة بطاقة استيعابية تصل إلى 7.5 مليون حاوية سنوياً، ويكمل دور ميناء جبل علي ضمن الاستراتيجية الإماراتية، بينما تستثمر عمان في ميناء الدقم، بالتعاون مع الصين، ويعالج نحو مليون حاوية سنوياً، وهو مشروع طموح ليصبح مركزاً لوجيستياً، مع استثمارات صينية وعمانية، وهو جزء من مبادرة الحزام والطرق الصينية.

أفريقيا: العمق المهمل يعود إلى الساحة

القارة السمراء هي أرض الفرص والصراعات، وعلى رغم امتلاكها شريطاً ساحلياً بطول 30 ألف كيلومتر، وتضم أكثر من 300 ميناء تجاري، باتت ساحة تنافس شديدة، فإنها لم تحظَ باستثمارات ملاحية كافية حتى السنوات الأخيرة، واليوم، ومع تزايد التنافس العالمي، بدأت الشركات الأجنبية تتسابق للاستثمار، مثل ميناء دوربان (جنوب أفريقيا) الأكبر في القارة، يستوعب أكثر من 3.3 مليون حاوية سنوياً، وميناء مومباسا (كينيا)، وهو بوابة شرق أفريقيا، يخدم أوغندا ورواندا وجنوب السودان وميناء لومي (توجو) الذي تحول إلى نقطة ارتكاز لغرب أفريقيا بسبب استثمارات صينية وفرنسية.

الصين تحديداً باتت تتحكم في مفاصل لوجيستية أساسية من خلال شركات مثل "تشاينا ميرشانتس بورت"، وتستثمر بكثافة في الموانئ الأفريقية، خصوصاً في نيجيريا وكينيا وأنغولا وتنزانيا، فيما تحاول أوروبا إعادة التموضع عبر اتفاقات أمنية وتجارية مع دول مثل السنغال وأنغولا.

مصر وشمال أفريقيا: فرص واعدة

في مصر تعزز موانئ مثل بورسعيد والإسكندرية أهميتها بفضل قربها من قناة السويس، التي تمر عبرها 12 في المئة من التجارة العالمية، مما يجعلها هدفاً لاستثمارات صينية وأوروبية، إذ تقع عند المدخل الشمالي لقناة السويس، وتعالج مجتمعة نحو 6 ملايين حاوية سنوياً، وفيها مركز لإعادة الشحن تديره شركة قناة السويس للحاويات، وهي شراكة بين "أي بي أم تيرمينالس" و"كوسكو".

من جانبه يعالج ميناء طنجة في المغرب، أحد أكبر الموانئ في أفريقيا والمتوسط، نحو 9 ملايين حاوية سنوياً (2023)، ويعد بوابة التجارة بين أوروبا وأفريقيا، وتديره شركة "أي بي أم" التابعة لـ"ميرسك" مع شراكات مغربية، وله موقع استراتيجي يطل على مضيق جبل طارق، مما يجعله منافساً قوياً لموانئ أوروبية مثل الجزيرة الخضراء (إسبانيا)، كما أنه جزء من استراتيجية المغرب ليصبح مركزاً لوجيستياً إقليمياً.

أميركا اللاتينية: الحضور الصيني المتزايدفي أميركا اللاتينية، التي طالما كانت ساحة خلفية للنفوذ الأميركي، بدأت الصين خلال العقد الأخير بمد أذرعها نحو الموانئ الحيوية، فاستثمرت شركات صينية في موانئ البرازيل (سانتوس)، وبنما (كولون)، والأرجنتين (بوينس آيرس).

وتسعى بكين إلى تحويل هذه الموانئ إلى محطات استراتيجية ضمن طريقها البحري نحو الأطلسي، فأميركا اللاتينية لا تزال منقسمة، ففي حين أن بعض الحكومات ترى في الصين شريكاً إنمائياً، فإن أخرى تتحفظ سياسياً وتبحث عن توازن مع واشنطن.

القوة الناعمة البحرية

التحكم في الموانئ لا يتعلق فقط بالربح الاقتصادي، بل أيضاً بـ"القوة الناعمة"، فالدولة التي تبني وتدير وتمول البنى التحتية في دولة أخرى، تملك أدوات ضغط ناعمة قد تستخدم في ملفات سياسية أو عسكرية، وتظهر ملامح هذا النفوذ حين تمنح تسهيلات في مرافئ استراتيجية لدول تواجه تحديات دولية، أو حين تتوقف أنشطة تشغيلية موقتاً في موانئ تعاني اضطراباً داخلياً، فتُعاد جدولة النفوذ بحسب المزاج الإقليمي والدولي.

الموانئ وروبوتات الذكاء الاصطناعي

الموانئ الحديثة لم تعد تعتمد فقط على العمالة البشرية ففي ظل الثورة الصناعية الرابعة، تتسارع وتيرة التحول نحو التشغيل الآلي، فميناء روتردام الهولندي يعد نموذجاً عالمياً لميناء ذكي، يستخدم روبوتات لنقل الحاويات، وأنظمة ذكاء اصطناعي لتوقع أوقات الوصول.

وتعتمد الصين موانئ مثل تشينغداو وشنغهاي على أنظمة مؤتمتة بالكامل لعمليات الرفع والتفريغ، أما في دول الخليج فبدأت الاستثمار في هذا الاتجاه أيضاً، مع إطلاق مشاريع رقمنة شاملة تشمل أنظمة المراقبة الذكية وإدارة الحاويات من بعد.

وفي ظل هذا التحول فإن من يسبق إلى رقمنة الموانئ سيحظى بنفوذ يتجاوز الحاويات إلى التحكم في البيانات، والخلاصة: من يملك الموانئ يملك القرار، فلم تعد الموانئ مجرد مراسٍ للسفن، بل أصبحت مراكز هيمنة اقتصادية وجبهات تنافس جيوسياسي، ومن يتحكم في البوابات البحرية يشكل خرائط السياسة والتجارة، ويدير حركة العالم.

وبإجراءات كتلك ترسم دول الخليج مكانتها بذكاء، بينما يتراجع التأثير الغربي ببطء، لكن بثقل، فيما الصين تتقدم بثقة وطموح، سط وتساؤلات حول ما إذا كانت تعيد تشكيل نظام الملاحة العالمية كما فعلت بريطانيا في القرن الـ19 عبر موانئ سنغافورة وهونغ كونغ، وهل ستصبح شبكة موانئ بكين العمود الفقري لنظام تجاري جديد؟ أم ستتحدى دول الخليج والغرب هذا الطموح؟ في عالم تعتمد تجارته على الحاويات، والدول التي تستثمر في مرافئها، ستملك مفاتيح المستقبل، وتملك القرار.

اندبندنت عربية


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق

 
 

سورس_كود



islamic_bank_1


Baraka16


Orient 2022



معرض حلب


ChamWings_Banner


الصفحة الرئيسية
مال و مصارف
صنع في سورية
أسواق
أعمال واستثمار
زراعـة
سيارات
سياحة
معارض
نفط و طاقة
سوريا والعالم
محليات
مجتمع و ثـقافة
آراء ودراسات
رياضة
خدمات
عملات
بورصات
الطقس