سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:08/07/2025 | SYR: 18:09 | 08/07/2025
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE



خلطات كامبو


شاي كامبو


IBTF_12-18



 إعادة إعمار سوريا.. تحديات هائلة تعوق الانطلاق
خبير عقاري تكاليف فلكية إلى جانب غياب قنوات التمويل
08/07/2025      


 

سيرياستيبس :

محمد راكان مصطفى :

تشهد سوريا تحدياً هائلاً في إعادة إعمار المناطق المدمرة بعد سنوات من الحرب، حيث تتجاوز التكلفة التقديرية لمشاريع الإعمار مئات المليارات من الدولارات. تواجه هذه العملية معوقات قانونية وإدارية معقدة، بالإضافة إلى نقص التمويل وتراجع دور القطاعين العام والخاص. في هذا المقال، نستعرض التحديات الرئيسية التي تعترض إعادة الإعمار، من تدمير البنى التحتية إلى تعقيدات المخططات التنظيمية الجديدة، وندرس واقع المشاريع العقارية الحالية ومحدودية الأدوات التمويلية المتاحة للمواطنين. كما نطرح تساؤلات حول دور الاستثمار المحلي والأجنبي وآليات الرقابة على جودة البناء، لنخلص إلى رؤية حول كيفية تفعيل سوق التمويل العقاري بشكل عادل ومستدام في المستقبل.

خبير التقييم العقاري أنور وردة قال في حديثه للثورة حول التقديرات الواقعية لتكاليف إعادة إعمار المناطق المتضررة بشدة مثل جوبر، الحجر الأسود، القابون، وغيرها: “تتعلق التقديرات بمساحة كل منطقة وطريقة التخطيط البديل، ولكن في كل الأحوال نحن نتحدث عن أرقام هائلة، لأن نسبة الدمار في تلك المناطق هائلة. فمثلاً، تبلغ مساحة حي جوبر حوالي 3 كم2، وكان يقطنه قبل الثورة السورية حوالي 300 ألف نسمة، أي حوالي 6000 عائلة. اليوم يطلق عليه اسم ستالينغراد دمشق لشدة التدمير الذي أصابه.”
وأضاف: “إعادة بناء مساكن لهذه العائلات بمستوى متوسط ومساحات مقبولة مع إعادة بناء البنى التحتية والمرافق العامة يتطلب أكثر من ملياريْن ومئتي مليون دولار أمريكي. هذا مجرد مثال، ويمكن القياس عليه ليتضح حجم المبالغ المطلوبة لإعادة إعمار دوما وحرستا وداريا وعين ترما وعربين وغيرها من المناطق التي تم تدميرها بشكل ممنهج ومقصود.” مشيراً إلى أن كلامه عن دمشق فقط، وما ينطبق عليها ينطبق على معظم المدن السورية كحلب وحمص وحماة ودرعا ودير الزور وغيرها.

تكاليف فلكية

ولفت وردة إلى أن التقرير المشترك للأمم المتحدة والبنك الدولي يشير إلى أن إعادة إعمار سوريا يحتاج مبلغاً قد يصل إلى 400 مليار دولار، وتكلفة إعادة إعمار مباني مدينة حلب مع المرافق العامة حوالي 40 مليار دولار، وإعادة إعمار الأسواق القديمة في حلب تكلف أكثر من 50 مليار دولار، وهذه الأرقام قابلة للزيادة الكبيرة.

وعن أبرز المعوقات القانونية أو الإجرائية التي تؤخر إعادة الإعمار في هذه المناطق قال: “لا شك في أن إطلاق مخططات تنظيمية للمناطق المدمرة يحتاج إلى إحصائيات ميدانية ووثائق رسمية ودراسات فنية معمقة، تلبي الحاجة إلى السكن بطريقة عصرية متناسبة مع ما تتطلع إليه سوريا بعد التحرير، وهذا يحتاج إلى كوادر فنية خبيرة، ومقدرات مالية ضخمة، ووقت كافٍ، خاصةً وأن الإجراءات الإدارية لوضع المخططات التنظيمية وإعلانها يتطلب السير على سكة طويلة، تبدأ بالمكتب الدارس وتمر باللجان الفنية والإقليمية، ثم بمجالس الإدارة المحلية، وتأتي بعدها مرحلة الإعلان عن المخطط وتعليقه في بهو المحافظة والبلدية مدة محددة لتلقي الاعتراضات والملاحظات من المجتمع المحلي، وبعدها تتم دراسة الملاحظات والشكاوى ثم يعاد إعلان المخطط. هذا المسار قد يكون طويلاً، لكنه يضمن ويحمي حقوق الناس إلى حد بعيد.”


أزمة البنى التحتية

وبالنسبة لتعامل الجهات المحلية مع البنى التحتية في هذه المناطق (مياه، كهرباء، صرف صحي)، لفت إلى أن هذه المرافق (مرافق سيادية)، أي أن الدولة ممثلة بالمحافظة هي المسؤولة عن دراستها وتنفيذها، والمحافظة تقتطع من المنطقة المنظمة نسبة لا تقل عن 50% (وتصل أحياناً إلى حدود 60%) لتنفذ بالمقابل الطرق والبنى التحتية والمرافق العامة على نفقتها. في بعض المناطق قامت الدولة بتنفيذ هذه المرافق جزئياً (ماروتا على سبيل المثال)، مضيفاً: “لكنها في مناطق أخرى لم تبدِ أي مبادرة للقيام بها حتى الآن رغم بناء مئات المساكن فيها (منطقة العراقيات في ريف دمشق على سبيل المثال).” واعتبر هذا التقصير الفاضح من قبل المحافظة في إنجاز البنى التحتية يكاد يوصل المواطن المعني بمساكن تلك المناطق إلى اليأس الكامل، ويشل قدرته على استرداد رأسماله المدفوع فيها بسبب ضعف الطلب عليها.

تحولات في المخططات التنظيمية

وبالنسبة لخرائط التنظيم الجديدة التي أعادت توصيف المناطق وأثرها على حقوق الملكية، أشار إلى وجود مخططات تنظيمية لعدد من المناطق، كماروتا وباسيليا والقابون الصناعية والقابون السكنية وغيرها. وقال: “من يدرس المخططات التنظيمية لهذه المناطق يعرف أن تغييرات جذرية طرأت عليها، فمثلاً، منطقة القابون الصناعية موضوع المخطط رقم 104 تحولت بالكامل إلى منطقة فيها شيء من المباني السكنية، وشيء أكثر من المباني المختلطة (السكنية والتجارية)، والنسبة الأعظم هي للمباني الاستثمارية.”

وقال: “إذا أردنا الحديث بالأرقام، فإن عدد المقاسم المخصصة للأفراد (المالكين الأصليين) هو 97 مقسماً مقابل 114 مقسماً للمحافظة، وتوزعت مقاسم الأفراد على النحو التالي: 8 مقاسم سكنية – 14 مقسماً مختلطاً – 67 مقسماً استثمارياً، وتم دمج بعض المقاسم ببعضها لأسباب فنية. هذا يعني أن الصفة الصناعية لتلك المنطقة محيت بالكامل، واستبدلت بالصفة الاستثمارية الغالبة.”

وعن رأيه بواقع مشاريع التطوير العقاري في سوريا من حيث التخطيط والتنفيذ، رأى وردة أنه لا يوجد حالياً مشاريع تطوير عقاري حقيقية في سوريا، والقانون الخاص بالتطوير العقاري غير معمول به لأنه قاصر وجائر، إضافة إلى أن مشاريع التطوير العقاري تحتاج إلى كتل مالية هائلة لتكون على المستوى المشابه لما هو عليه الحال في بعض الدول القريبة المجاورة كتركيا ومصر. وقال: “الفكرة على ما يبدو موجودة عند عدد من المستثمرين، لكن تنفيذها يحتاج إلى مزيد من الاستقرار الأمني والتطوير القانوني والاقتصادي.”

وحول ضرورة استهداف هذه المشاريع للسكن الشعبي والمتوسط فعلاً، أم الأفضل أن تكون موجهة لفئات محدودة لذوي الدخل العالي، يرى خبير التقييم العقاري أن هذا يعود إلى رؤية المطور العقاري والجمهور الذي يستهدفه، وما أظنه هو أنه سيكون هناك مطورون يستهدفون كل تلك الفئات، وهذا هو الأمر الطبيعي والمنطقي.

وبالنسبة لحجم مشاركة القطاع الخاص المحلي أو المستثمرين الأجانب في هذه المشاريع، أكد وردة أنه إذا استقرت الأمور سياسياً وأمنياً في البلد بشكل أكثر تشجيعاً، وتحررت المصارف من القرارات الاقتصادية المربكة، وتمتعت القوانين الاقتصادية بالمرونة الكافية المطمئنة للمستثمرين، فإن التنافس بين الطرفين الداخلي والخارجي سيكون كبيراً، وسيسهم كل منهما في إغناء المجال العقاري بخبرته المميزة، لتخرج مشاريع التطوير بهوية محلية ونكهة دولية، أي أنها ستبنى بما يناسب ذوق وثقافة وحاجة المجتمع المحلي بمستوى يحقق المعايير الدولية الحديثة.

أما بالنسبة لآليات الرقابة المطلوبة على جودة البناء في مشاريع التطوير العقاري، قال: “يفترض أن تضطلع نقابة المهندسين بدورها الفعال في هذا المجال، وأن تلزم المطورين العقاريين بالتعاقد مع مهندسين استشاريين من كافة الاختصاصات، وأن تؤهل كوادرها الاستشارية تأهيلاً كافياً، وتفسح لهم المجال لزيارة مشاريع نموذجية في دول العالم، فالاحتكاك والاطلاع وتبادل الخبرات يرفع كفاءة المهندسين ويمكّنهم من العمل بسوية أعلى.”

ونوه وردة بأهمية دور المهندسين الدارسين، وبضرورة إنصافهم مادياً، لأن الوضع الحالي غير منصف لهم على الإطلاق. كما أشار إلى ضرورة اعتماد مخططات أي مشروع تأتي به شركة أجنبية إلى سوريا من نقابة المهندسين السوريين.

وعن مدى مساهمة هذه المشاريع في خفض الأسعار، قال: “لا أحد يستطيع الجزم لأن الأمر يتعلق بالعرض والطلب، ومن أخصب تخيّر، لكني أرى أن هذه المشاريع سترفع أسعار العقارات، لأن الطلب على مواد البناء واليد العاملة الفنية والعادية سيرتفع، وسيرتفع الطلب على الأراضي الصالحة للتطوير العقاري، أي أن الكلفة الإجمالية للبناء سترتفع، الأمر الذي ينتج عنه ارتفاع سعر البيع. ولا يجب أن ننسى أن شركات التطوير (خاصة الأجنبية) تتكبد عناء ونفقات تأمين مقرات إدارية وسكنية للمدراء والمهندسين والعمال، وتدفع أجوراً تعادل المتوسط المعمول به في العالم، وهذا يزيد التكلفة عليها، ويجبرها على رفع أسعارها تجنباً للخسارة وتحقيقاً للربح، وعندما ترتفع الأسعار لديها سترتفع لدى الشركات المحلية والأفراد، لأن الأسعار كالأواني المستطرقة.”


غياب التمويل.. العقبة الكبرى

وحول الأدوات التمويلية المتاحة اليوم للمواطن السوري لشراء منزل أو ترميم عقار، قال: “مع الأسف ليس لدى المواطن أدوات تمويلية حتى الآن، فالقروض من المصارف المحلية شبه متوقفة إلا في حالات استثنائية شديدة التعقيد والخصوصية، وتكلفة الاقتراض من المصرف (في حال تم الإقراض) عالية جداً مقارنة بالنسب المتعارف عليها عالمياً.”
واعتبر أن هذا الأمر طبيعي ومفهوم في الظروف التي تمر بها البلاد، لكن غير الطبيعي وغير المفهوم هو أن تبقى هذه المشكلة دون حل. مشيراً إلى أن المصارف الإسلامية لم تأخذ دورها الريادي في هذا المجال، ولم تقدم حلولاً حقيقية تنطلق من أدوات الاقتصاد الإسلامي، بل تكتفي (في الحالات التي تقرر الموافقة عليها) بالمرابحة للآمر بالشراء، وهذا أبسط وأضمن أنواع المرابحة.

ورأى أنه لا مجال للحديث عن دور المصارف في التمويل العقاري في ظل الشح الذي تعاني منه حالياً. معتبراً أن المصارف اليوم غير قادرة على أن تعطي الناس أموالهم المودعة لديها، فهل هي قادرة على إقراضهم؟

أما نظرياً، فللمصارف ومؤسسات التمويل دور بارز في تسهيل حصول الناس على المساكن بأبسط الطرق، والتجارب العالمية أكثر من أن تحصى في هذا المجال.

وعن النموذج المثالي الذي يجب أن يُطبق في سوريا لتفعيل سوق التمويل العقاري بشكل عادل ومستدام، ختم بالقول: “ليس هناك نموذج مثالي محدد، لكن هناك عدداً من النماذج المناسبة، وأنا أرى أن التعبير الأدق هو السياسات المناسبة، ومن هذه السياسات ما تم تطبيقه في أوائل السبعينيات عندما وزعت الدولة الأراضي المنظمة على الجمعيات التعاونية السكنية مجاناً، والمساكن الشعبية اللطيفة التي بنيت في عدد من المناطق كالمزة وبرزة في الستينيات، فهاتان التجربتان أتاحتا للسوق العقاري أن يزدهر. أما التمويل العقاري فهو بيد القطاع المصرفي العاجز حالياً عن القيام بدوره، وبيد شركات التطوير العقاري غير الراغبة أو لنقل غير المتحمسة حالياً للدخول بقوة وجدية في السوق السوري. هي تترقب وتتأمل وتنتظر، والمواطن السوري معها من المـتأملين والمنتظرين.”

الثورة


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق

 
 

سورس_كود



islamic_bank_1


Baraka16


Orient 2022



معرض حلب


ChamWings_Banner


الصفحة الرئيسية
مال و مصارف
صنع في سورية
أسواق
أعمال واستثمار
زراعـة
سيارات
سياحة
معارض
نفط و طاقة
سوريا والعالم
محليات
مجتمع و ثـقافة
آراء ودراسات
رياضة
خدمات
عملات
بورصات
الطقس