ما أكثر ما تريد هذه الحكومة تنفيذه ولكن هل تستطيع ؟  
سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:12/02/2025 | SYR: 18:17 | 12/02/2025
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE

 خبير زراعي يحذر .. الثروة الحيوانية السورية في انحدار خطير..!
10/02/2025      


 

سيرياستيبس : 

منذ سنوات طويلة وقطاع الثروة الحيوانية يواجه مشكلات بالجملة، منها ما يتعلق بالواقع المحلي، من سوء إدارة، وتنفيذ الخطط الرامية إلى تطوير هذا القطاع والحفاظ على ثروته التي تؤمن قسماً كبيراً من الأمن الغذائي الوطني، وصولاً إلى تعدي المتنفذين والسيطرة على موارده، بصورة غير شرعية، تجعل المربي الخاسر الوحيد في كل معادلات هذا القطاع، والجانب الآخر يتعلق بالظروف الخارجية، وحالات التهريب التي كانت ومازالت يتعرض لها القطاع ولاسيما الثروة الغنيمة وغيرها، ناهيك بالغلاء الذي أصاب مكونات هذه التربية، وأفقدها الكثير منها خلال السنوات الماضية التي اضطر فيها المربي لبيع الكثير منها، وتعرضها للذبح العشوائي، الأمر الذي أدى لتراجع الإنتاجية، والأهمية الاقتصادية لهذا القطاع والوصول به إلى واقع متدنٍ سيئ على كافة الجبهات.

مؤشرات بالأرقام
الدكتور عبد الرحمن قرنفلة “خبير زراعي وحيواني” يتوقع  تضاعف الطلب العالمي على منتجات الثروة الحيوانية بحلول عام 2050، ويرجع ذلك أساساً إلى تحسن مستوى المعيشة في جميع أنحاء العالم، وفي الوقت نفسه، يشكل تغير المناخ تهديداً لإنتاج الثروة الحيوانية بسبب تأثيره على جودة المحاصيل العلفية والأعلاف، وتوافر المياه، وإنتاج الحيوانات والحليب، وأمراض الثروة الحيوانية، والتكاثر الحيواني، والتنوع البيولوجي.
ومن المتوقع أن يزداد عدد السكان من 7.2 مليارات إلى 9.6  مليارات بحلول عام 2050 (الأمم المتحدة، 2013). ويمثل هذا زيادة سكانية بنسبة 33٪، ولكن مع ارتفاع مستوى المعيشة العالمي، سيزداد الطلب على المنتجات الزراعية بنحو 70٪ في الفترة نفسها (منظمة الأغذية والزراعة، 2009). وفي الوقت نفسه، لم يتغير إجمالي مساحة الأراضي المزروعة عالمياً منذ عام 1991 ما يعكس زيادة الإنتاجية وجهود التكثيف وبالتالي فإن منتجات الثروة الحيوانية تعد سلعة زراعية مهمة للأمن الغذائي العالمي لأنها توفر 17% من استهلاك السعرات الحرارية العالمي و33% من استهلاك البروتين العالمي، ويسهم أيضاً قطاع الثروة الحيوانية في سبل عيش مليار شخص، من أفقر سكان العالم ويوظف ما يقرب من 1.1 مليار شخص، وهناك طلب متزايد على منتجات الثروة الحيوانية، وقد اعتُبر نموها السريع في البلدان النامية بمثابة “ثورة الثروة الحيوانية”، ومن المتوقع أن يزيد إنتاج الحليب في جميع أنحاء العالم من 664  مليون طن (في عام 2006) إلى 1077  مليون طن (بحلول عام 2050)، وأن يتضاعف إنتاج اللحوم من 258 إلى 455  مليون طن ومن المرجح أن يتأثر إنتاج الثروة الحيوانية سلباً بتغير المناخ، والمنافسة على الأراضي والمياه، والأمن الغذائي في الوقت الذي تشتد الحاجة إليه.

حقائق من الواقع
وبرأي “قرنفلة” أن عرض هذه الأرقام لتكون حقائق أمام الجميع، لا يمكن تجاهلها، وهي حقيقة تربط كل المجتمعات بغض النظر عن توصيفها، لذلك نحن في سورية لا نخرج عن ذلك، حيث كان لتأثير فترة الحرب سلبيات صاعقة متعدد الاتجاهات على الثروة الحيوانية، حيث حرمت الأعمال العسكرية التي شنها جيش النظام البائد على الأرياف السورية، الثروة الحيوانية من الأعلاف، ومن ارتياد المراعي الطبيعية، كما منعت وصول الأدوية واللقاحات البيطرية إلى مواقع تربية الأبقار والأغنام، وكذلك تمت إعاقة ومنع  نقل منتجاتها إلى الأسواق، فضلاً عن توقف مصانع تحضير الأعلاف وتراجع إنتاج الأراضي الزراعية منها، وكان نتيجتها تدهوراً غير مسبوق بأعدادها، حيث تقلص حجم القطيع البقري بنسبة تجاوزت ال ٤٠%، كما تراجع حجم قطيع الأغنام والماعز بنسبة تجاوزت أكثر من ٥٥% ولم ينج قطاع الدواجن أيضاً من تلك التأثيرات، حيث انكمش إنتاج القطاع بنسبة تجاوزت ٦٠% وفقد قطاع تربية النحل ٨٥% من بنيته الأساسية.

صورة مأساوية
بالتأكيد هذا الواقع أوجد صورة مأساوية، لقطاع الإنتاج الحيواني، وفقاً لقرنفلة، وعكس اتجاه تنميته وقلب تقدم عمله رأساً على عقب، واليوم يعاني مربي الثروة الحيوانية السورية من تداعيات الحرب المدمرة التي شنها النظام البائد، حيث ندرة الأعلاف وارتفاع أسعارها، وتراجع المساحات المزروعة بالأعلاف الخضراء، وضعف القوة الشرائية للمستهلكين، وارتفاع تكاليف النقل، وصعوبة الوصول إلى البادية السورية التي توفر مراعي مجانية.

ولعل من المؤلم أن التراجع الدراماتيكي بإعداد الثروة الحيوانية، ترافق بتدهور إنتاجيتها، نتيجة عدم حصولها على احتياجاتها من الغذاء والرعاية الصحية البيطرية، وهذا أدى إلى انحسار منتجاتها من السوق، وارتفاع أسعارها بشكل حاد، في ظل تحول السلوك الاستهلاكي نحو المنتجات النباتية الأقل تكلفة على جيوب المستهلكين.

معالجة جذرية
ويرى “قرنفلة” أن معالجة واقع تهريب الأغنام، والماعز الشامي يحتاج سياسات حكومية رشيدة، تتمثل في توفير مستلزمات الإنتاج وفي مقدمتها الأعلاف، وتسهيل الحصول على القروض للمربين، ووضع سياسة للتصدير تتناسب وحجم الطلب المحلي، والقدرة الإنتاجية، مع السماح المؤقت بالاستيراد المقيد للأغنام الحية الأجنبية، ولفترات زمنية قصيرة جدا، لتغطية الفجوة بين حاجة السوق المحلي والطاقات الانتاجية الراهنة، إضافة إلى اتخاذ الإجراءات التي تسمح بدخول آمن للأغنام إلى البادية السورية.

مشكلة “التهريب” تحتاج سياسات حكومية بحزمة إجراءات قابلة للتنفيذ

وبالتالي فإن المعالجة الجذرية للمشاكل التي تعترض الثروة الحيوانية السورية، يقتضي إعادة النظر بتركيبتها، وتحديد الأنواع الممكن تربيتها، في ضوء بصمتها المائية والأرضية، في ظل التغيرات المناخية، التي يمكن في حال تجاهلها أن تخبط كافة خطط التنمية التي يتم وضعها وتنفيذها، وتحديد حجم كل صنف حيواني وفقاً للطاقات المتاحة لإنتاج الأعلاف، ولا بد من إعادة دراسة دمج تربية الحيوان بالدورة الزراعية، والتوسع بزراعة الأعلاف وفق ما تتيحه الموارد المائية المتجددة، وإعادة تموضع الثروة الحيوانية وفق دراسة علمية لإمكانات كل محافظة على إنتاج الأعلاف وتوفر مقومات تربية الحيوان.
ومن الجدير ذكره أن البيانات الإحصائية، تشير إلى أن مساهمة الثروة الحيوانية من إجمالي الناتج المحلي الزراعي تبلغ نحو ٣٣ %، ولكن في واقع الأمر هذه النسبة تهمل  كثير من المنتجات غير النقدية التي تقدمها الثروة الحيوانية، مثل قوة العمل (أجور الفلاحة وحراثة الأرض، وأجور نقل المحاصيل، وقيمة السماد العضوي، وبدل التحسين الفيزيائي لبنية الارض الزراعية بفعل حركة الاغنام ). وفي حال تم احتساب القيمة النقدية لهذه المساهمات للثروة الحيوانية، نجد أن قيمة مساهمتها من إجمالي الناتج الزراعي تتجاوز ٥٥% والمنطق يقول هنا ضرورة إحداث وزارة مختصة بالإنتاج الحيواني، إلى جانب وزارة الزراعة، لتحقيق توازن بين أنشطة الإنتاج النباتي والإنتاج الحيواني.
وبالتالي نكون وضعنا على الطريق أولى مقومات المعالجة لواقع قطاع الثروة الحيوانية، الذي يئن تحت وطأة ظروف صعبة، تحتاج لكم هائل من الإجراءات وما ذكرناه يأتي في مقدمة تلك الإجراءات.

الحرية


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق