ما أكثر ما تريد هذه الحكومة تنفيذه ولكن هل تستطيع ؟  
سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:01/04/2025 | SYR: 00:16 | 01/04/2025
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE

 قبو البذور... السلالات النباتية الخالدة
يحفظ نسخاً مكررة من أكثر من 1.3 مليار عينة من البذور من كل دولة على مستوى العالم
22/03/2025      


 



  

يقع قبو التخزين على سفح جبل في جزيرة سبتسبرجن في أرخبيل سفالبارد في القطب الشمالي


سيرياستيبس : 

وجدت فكرة مخزن البذور العالمي لحماية أندر أنواع البذور التي عرفتها البشرية من التهديدات المناخية والصراعات والكوارث والأزمات المتتالية. وتعتبره منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، بمثابة بوليصة تأمين نهائية للإمدادات الغذائية على المستوى العالمي

قبل أسبوعين، أعلن أحد القائمين على قبو تخزين البذور في سفالبارد أنهم يستعدون لاستقبال أكثر من 14 ألف عينة جديدة من 21 بنكاً للجينات حول العالم، من بينها عينة من 15 نوعاً من السودان تضم أصنافاً عدة من الذرة الرفيعة المهمة للأمن الغذائي في البلاد وتراثها الثقافي.

من جهته، قال مدير مركز صيانة وبحوث الموارد الوراثية النباتية الزراعية بالسودان في بيان إن هذه البذور تمثل الأمل في بلاده. وذلك في ظل الحرب بين قوات "الدعم السريع" والجيش السوداني، التي اندلعت في أبريل (نيسان) 2023، وأدت إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص ونزوح 12 مليوناً ودفعت نصف سكان البلاد إلى الجوع وعرضت مناطق بأكملها إلى المجاعة.

وجدت فكرة مخزن البذور العالمي لحماية أندر أنواع البذور التي عرفتها البشرية من التهديدات المناخية والصراعات والكوارث والأزمات المتتالية. وتعتبره منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، بمثابة بوليصة تأمين نهائية للإمدادات الغذائية على المستوى العالمي.

ويطلق على المخزن أحياناً اسم "قبو يوم القيامة"، لأنه قد يكون ملاذنا الأخير للاستمرار إذا استحالت الحياة وانقرضت المحاصيل فوق سطح الأرض.

1ـ أين يوجد؟

يقع قبو التخزين على سفح جبل في جزيرة سبتسبرجن في أرخبيل سفالبارد في القطب الشمالي، على بعد 621 ميلاً أو ما يعادل 1000 كيلومتر من البر الرئيسي للنرويج، وهذه أقصى نقطة يمكن لأي شخص أن يطير إليها في رحلة منتظمة.

تعتبر المنطقة نائية يهجرها البشر، فجزيرة لونغياربين الأقرب للقبو، يبلغ تعداد سكانها نحو ألفي نسمة فقط، لأن جزر سفالبارد عموماً، تقع بعيداً في الشمال ولا تصلها أشعة الشمس إلا لثلاثة أشهر تقريباً في السنة، بينما في الأشهر الستة الأخرى، تكون زاوية أشعة الشمس منخفضة جداً.

وعلى رغم أن مدخله الرئيس مرئي للآخرين، إلا أن قبو التخزين نفسه يوجد في عمق أكثر من 100 متر داخل الجبل، وهو يتكون من مجموعة كهوف من صنع الإنسان.

2ـ من المسؤول عنه؟

مولت دولة النرويج كلفة تأسيس قبو التخزين بالكامل، إذ أنفقت نحو 8.8 مليون دولار أميركي على بنائه وتجهيزه، وفعلياً هي تمتلكه ويتبع لها. لكنه في الوقت نفسه يدار بشراكة ثلاثية بين الحكومة النرويجية ومنظمة (Global Crop Diversity Trust) المُعتمدة دوليًا والمعروفة بأنها الصندوق الاستئماني العالمي لتنوع البذور، إلى جانب مركز الموارد الوراثية لدول الشمال "نوردجين".

3ـ متى أسس؟

بدأت فكرة إنشاء القبو في عام 2004، عندما أجرت مجموعات بحثية بالتعاون مع خبراء في كلية الزراعة في النرويج دراسة خلصت إلى ضرورة مقاومة الكوارث الناجمة عما يمتد من الحرب النووية إلى الاحتباس الحراري العالمي، عبر إنشاء مكان يضم نسخاً احتياطية من بنوك الجينات العالمية التي تحفظ الشفرة الجينية لآلاف الأنواع من النباتات.

قررت المجموعات البحثية وقتها أن سفالبارد هي الموقع المناسب لتخزين البذور على المدى الطويل. وفي عام 2008، أعلن عن إطلاق المشروع بشكل رسمي وبدء العمل، حيث ضم آنذاك 320,549 عينة فقط وقد منحته مجلة "تايم" في العام نفسه، لقب سادس أفضل اختراع في العالم.

4ـ لماذا سفالبارد؟

وفقاً للموقع الرسمي لقبو التخزين، فإن سفالبارد كانت المنطقة الأنسب لاستضافة المشروع، كونها مستقرة جيولوجياً، وتتميز بانخفاض مستويات الرطوبة فيها. إضافة إلى أنها محمية من فيضانات المحيطات في ظل أسوأ سيناريو محتمل لارتفاع مستوى سطح البحر.

كذلك، في سفالبارد توفر التربة الصقيعية والصخور السميكة التجميد الطبيعي، مما يوفر طريقة فعالة من حيث التكلفة وآمنة للحفاظ على البذور.

5ـ كم تبلغ سعة التخزين؟

القبو مجهز لاستقبال 4.5 مليون نوع من المحاصيل، وهو يتكون من ثلاث غرف تشبه الكهف في باطن الكهف الجليدي، كل واحدة منها قادرة على تخزين 1.5 مليون عينة من البذور.

 تضم كل حزمة من البذور 500 بذرة في المتوسط، وبالتالي يمكن تخزين ما يصل إلى 2.5 مليار بذرة كحد أقصى في مخزن البذور. لكن التخزين بشكل عام يكون لأهم أنواع النباتات التي يستخدمها الإنسان، إذ من الصعب تخزين جميع الأنواع الموجودة حالياً على سطح الأرض.

6ـ لماذا نحتاج إلى قبو عالمي للبذور؟

في مختلف أنحاء العالم، تحتفظ أكثر من 1700 بنك للجينات بمجموعات من المحاصيل الغذائية للحفظ الآمن، ومع ذلك فإن العديد من هذه البنوك معرضة للخطر، ليس فقط للكوارث الطبيعية والحروب، ولكن أيضاً للكوارث التي يمكن تجنبها مثل نقص التمويل أو سوء الإدارة.

ويمكن لأي عطل فني بسيط في الكهرباء أو الثلاجات الحافظة للبذور، أن يدمر مجموعات وأنواع بأكملها من المحاصيل المحفوظة.

ويعتبر الخبراء أن فقدان صنف من المحاصيل هو أمر كارثي لا يمكن تصحيحه أو التراجع عنه، تماماً مثلما حدث حين انقرضت أنواع قديمة من الحيوانات أو النباتات.

لهذه الأسباب، فإن القبو في سفالبارد يخزن نسخاً مكررة من البذور في كل أنحاء العالم، محاولاً أن يتخذ خطوات حماية مسبقة ضد أي خسارة كارثية.

7ـ لماذا نحتاج إلى تنوع المحاصيل؟

أهمية الحفاظ على التنوع الزراعي واستخدامه، أمر معترف به في القانون الدولي والسياسات الدولية، وأيضاً في أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة؛ فعلى مدار قرون، كان تأمين الغذاء للبشر هاجساً من الصعب تخطيه، وكثيراً ما شكل تأمين تنوع المحاصيل في العالم مصدر قلق دولياً واعتبر بمثابة شرط أساسي لتحقيق الأمن الغذائي في المستقبل.

وإن حماية تنوع المحاصيل إلى الأبد وجعلها متاحة للاستخدام من قبل الباحثين والمزارعين، هي السبيل الوحيد أمامنا لتكييف الزراعة مع أزمات المناخ والتدهور البيئي التي أصبحت خطراً حقيقياً في العقود الأخيرة، وبالتالي يمكننا أن نضمن إطعام الجميع على سطح الكوكب.

في ذات الخصوص، يستخدم مربو النباتات والعلماء تنوع المحاصيل لتطوير أصناف جديدة أكثر مرونة وإنتاجية يرغب المستهلكون في تناولها، وهي مغذية ولذيذة وتتكيف مع التفضيلات والبيئات والتحديات المحلية.

نذكر أنه وفقاً لتقرير منظمة الأغذية والزراعة عن حالة التنوع البيولوحي للأغذية والزراعة في العالم، من بين 20 ألف نوع نبات صالح للأكل و6 آلاف نوع كانت تستخدم تاريخياً كطعام يمكن تناوله، فإن أقل من 200 منها الآن تساهم بشكل كبير في إنتاج الغذاء.

8ـ كيف يتم التخزين؟

تتطلب عملية تخزين البذور درجة حرارة -18 درجة مئوية. وتضمن التربة الصقيعية والصخور السميكة بقاء عينات البذور مجمدة حتى من دون كهرباء.

وتغلق البذور في عبوات من رقائق معدنية ثلاثية الطبقات مصنوعة خصيصاً، وتغلق داخل صناديق وتخزن على أرفف داخل قبو البذور. وتضمن درجات الحرارة المنخفضة ومستويات الرطوبة داخل قبو البذور انخفاض النشاط الأيضي، مما يحافظ على صلاحية البذور لفترات طويلة من الزمن.

9ـ كم يحفظ حالياً؟

يحفظ اليوم نسخاً مكررة من أكثر من 1.3 مليار عينة من البذور من كل دولة على مستوى العالم تقريباً، أسهمت فيها نحو 123 مودعاً من بنوك ومؤسسات.

تتوزع العينات على أكثر من 6 آلاف صنف وتتراوح بين أنواع بذور من أصناف فريدة من المحاصيل الغذائية الأساسية الأفريقية والآسيوية مثل الذرة والرز والقمح واللوبيا والذرة الرفيعة إلى أصناف من الباذنجان والخس والشعير والبطاطس من أوروبا وأميركا الجنوبية.

ويضم مخزن البذور بالفعل المجموعة الأكثر تنوعاً من بذور المحاصيل الغذائية في العالم.

10ـ كيف أسهم القبو في الحرب السورية؟

منذ افتتاح قبو التخزين عام 2008، كان المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا) ومقره مدينة حلب، من أولى المودعين في سفالبارد، حيث تم إيداع نسخ مكررة من مجموعة محاصيل الهلال الخصيب التي يمتلكها، بما في ذلك الشعير والقمح والحمص والفول.

وقد أدى اندلاع الحرب في سوريا إلى مغادرة معظم موظفي "إيكاردا" عام 2012، باستثناء عدد قليل جداً. ومن أجل إنقاذ المجموعة التاريخية من المحاصيل، كثف الموظفون الباقون العمل، وقاموا بإعداد وشحن 14363 عينة إلى سفالبارد بين عامي 2012 و2014.

وقد فتحت منظمة "نوردجين" هناك كهوفاً خاصة لاستقبال شحنات "إيكاردا"، حيث جرى استقبال 85 في المئة من إجمالي كميات البذور التي كانت مخزنة في حلب السورية.

وفي عام 2015 عاد موظفو "إيكاردا" إلى النرويج وسحبوا أول مجموعة من البذور التي أودعوها لإعادة تجديدها واستخدامها، ومنذ عام 2016 تم تجديد أكثر من 30 ألف عينة سنوياً، أي زرعت لتوفير ما يكفي من البذور للحفاظ عليها وتلبية حاجات الباحثين والمربين.

لكن العمل على هذه العينات لم ينته وسيستمر حتى عام 2030.

(اندبندنت عربية)


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق