سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:04/08/2025 | SYR: 15:24 | 04/08/2025
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE

 معاناة الثروة الحيوانية مع الاعلاف .. عمق أومة الأمن الغذائي للسوريين
04/08/2025      


 


سيرياستيبس :

تمر سورية في المرحلة الراهنة بواحدة من أكثر الأزمات تعقيداً في قطاع الثروة الحيوانية، حيث تواجه مربي المواشي تحديات كبيرة تتمثل في نقص الأعلاف وارتفاع أسعارها بشكل جنوني.

هذه الأزمة لا تؤثر فقط على حياة المربين، بل تمتد تداعياتها لتشمل المستهلك النهائي وتهدد أمنه الغذائي، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتردي الذي يعاني منه البلد.

الإنتاج المحلي من الأعلاف وحالة المعامل الحكومية

الجهود الحكومية من خلال المؤسسة العامة للأعلاف تعتبر متواضعة، فعلى الرغم أنها تمتلك عدة معامل في دمشق وحلب وحمص وطرطوس، إلا أن الإنتاج المحلي من الأعلاف لا يغطي إلا جزءاً بسيطاً من الاحتياجات الفعلية لسوق الثروة الحيوانية.
فطاقة الإنتاج اليومية لا تتجاوز 300 طن، فيما يبلغ الاحتياج السنوي من المواد العلفية نحو 5,2 ملايين طن، ولا تتمكن المعامل الحكومية من تجاوز إنتاج نصف مليون طن سنوياً.
هذا العجز الكبير يدفع بالقطاع إلى الاعتماد بشكل شبه كامل على استيراد كميات ضخمة من الأعلاف، الأمر الذي يجعل السوق تحت رحمة التجار الذين يتحكمون في الأسعار ويجعلونها غير مستقرة ومتقلبة.

تأثير أزمة الأعلاف على مربي الثروة الحيوانية

يتحمل مربو المواشي عبئاً كبيراً في ظل هذه الأزمة. فارتفاع أسعار الأعلاف وضعف الإنتاج المحلي يجعلانهم يعتمدون على السوق السوداء أو على التجار الخاصين، الذين يرفعون الأسعار وفقاً للعرض والطلب دون أية ضوابط.
هذه الزيادة في التكاليف تؤدي إلى تقليص قدرة المربين على الاستمرار في الإنتاج، فتبدأ عمليات البيع الجبري للقطعان أو تقليص الإنتاج الحيواني، مما يهدد استقرار القطاع برمته. كما أن ضعف دعم الدولة وعدم قدرتها على منافسة التجار في فترات ارتفاع الأسعار يُلقي بالمربين في مواجهة صعبة مع التحديات الاقتصادية.

الانعكاسات السلبية على المستهلك والأمن الغذائي

تنعكس هذه المعاناة بشكل مباشر على المستهلك السوري، حيث يؤدي نقص الإنتاج الحيواني إلى نقص في توفر اللحوم ومنتجات الألبان، مما يرفع أسعارها ويجعلها خارج متناول العديد من الأسر.
ففي بلد يعيش واقعاً اقتصادياً متردياً يعاني من تضخم متزايد وانخفاض القوة الشرائية، يصبح الغذاء الحيواني سلعة استراتيجية لا يستطيع المواطن العادي توفيرها بسهولة، وهو ما يزيد من معدلات الفقر والبطالة ويهدد الأمن الغذائي الوطني.
أمن الغذاء ليس فقط مسألة توفير كميات كافية من المواد الغذائية، بل يتعلق باستقرار الأسعار أيضاً، وضمان إمكانية الوصول إلى الغذاء المناسب، وهو ما يتعذر في ظل ضعف الإنتاج المحلي واعتماد السوق على استيراد الأعلاف بأسعار متقلبة ومرتفعة.

الحلول المقترحة للتخفيف من الأزمة

للخروج من هذه الأزمة، لا بد من العمل على:

  • توسيع الإنتاج المحلي من الأعلاف عن طريق زيادة زراعة المحاصيل العلفية مثل الذرة والصويا، واستغلال بقايا المحاصيل الزراعية.
  • تحديث المعامل الحكومية وتزويدها بالمواد الخام والطاقة اللازمة لزيادة الطاقة الإنتاجية وتقليل الفجوة بين العرض والطلب.
  • تحسين آليات الدعم والتسعير لتصبح الأعلاف متاحة للمربين بأسعار تنافسية تقلل من سيطرة السوق السوداء والتجار.
  • تشجيع الاستثمار الخاص في قطاع إنتاج الأعلاف لإدخال المزيد من المرونة والتنوع في السوق.
  • تبنّي سياسات متكاملة لتعزيز الأمن الغذائي وحماية المستهلك في مواجهة ارتفاع الأسعار.

دعم المربين سبيل وحيد

معاناة مربي الثروة الحيوانية في سورية من أزمة الأعلاف هي مشكلة معقدة تؤثر على جميع حلقات السلسلة الغذائية، من المربين إلى المستهلكين، في ظل وضع اقتصادي هش ومتدهور.
لذلك تقتضي الضرورة العمل الجاد والمستمر لتعزيز الإنتاج المحلي ودعم المربين باعتباره السبيل الوحيد لضمان استقرار هذا القطاع الحيوي والحفاظ على الأمن الغذائي الوطني، خصوصاً في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه البلاد.

قاسيون


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق