سيرياستيبس :
يبدو أن العلاقة بين وزارة الصحة والمعامل الدوائية مقطوعة منذ زمن بعيد، وثمة خلافات كبيرة بينهما تبدأ بآلية التسعير مروراً بدراسة أضابير الأصناف الدوائية وصولاً إلى الالتزام بتأمين الأدوية لدى السوق المحلية، والمؤسف أن الطرفين لم يجتمعا منذ أكثر من 5 سنوات!
والملاحظ في هذا الموضوع أن كل طرف منهما يسعى إلى تسجيل أهداف على الآخر، فعلى سبيل المثال اتخذت وزارة الصحة في وقت سابق قراراً بمنع المعامل الدوائية من التصدير، وذلك على خلفية عدم مشاركة هذه المعامل في المناقصات الدوائية المركزية التي تجريها الوزارة، ما أدّى إلى توتر العلاقة بينهما، وبالتالي إلى غياب الدواء عن الصيدليات خلال الأسبوع الماضي.
بدوره، سعى مجلس الوزراء الأسبوع الفائت إلى ترميم وتصويب العلاقة من خلال تقريب وجهات النظر، وحل بعض الخلافات، ولو بشكل مؤقت، بهدف سدّ حاجة السوق المحلية من الأدوية، مقابل السماح لهذه المعامل بالتصدير وتطبيق أسس تسعير الدواء المعتمدة من اللجنة الاقتصادية. وحسب المعنيين فإن الأسباب التي أدّت إلى توقف المعامل عن الإنتاج هي قرارات وزارة الصحة المجحفة بحقها المتمثلة بعدم تطبيقها الفوري لآلية التسعير المعتمدة من مجلس الوزراء، إضافة إلى قرار منع هذه الشركات من التصدير.
مبررات
رئيس المجلس العلمي للصناعات الدوائية الدكتور زهير فضلون أشار إلى أنه مادامت السوق المحلية تغذيها هذه المعامل وبوفرة كبيرة ولم تسجّل أية حالة نقص خلال سنوات الحرب، فلماذا تمنع هذه المعامل من التصدير، موضحاً أن المبررات التي أوجدتها الصحة لمنع التصدير ليست منطقية.. و”كيف يمكن لمعمل لم يشارك في مناقصات الوزارة أن تمنعه من التصدير؟!”، مبيّناً لـ “البعث” أن شروط المناقصة من حيث السعر وشروط التسليم وتأمين الإنتاج المطلوب أحياناً لا تتلاءم مع كل المعامل والأصناف المطلوبة، ما يجعل الاشتراك في المناقصة للبعض شبه مستحيل، إلى جانب عدم وجود أي بند في قانون التجارة السوري يلزم أي منتج بالمشاركة في المناقصات المعلنة، كما أن ربط المشاركة بالمناقصة بموافقات التصدير هو شرط إذعان لا تسمح به القوانين النافذة، لافتاً إلى أن إيقاف التصدير أدّى إلى خسارة كاملة لأسواقنا الخارجية، وخسارة فعلية لهذه المعامل التي كانت تستغل عائدات التصدير كمصدر لتمويل موادها المستوردة.
توصيات
وتشير المذكرة التي أرسلها المجلس العلمي للصناعات الدوائية إلى الحكومة، إلى جملة من التوصيات التي يجب العمل عليها ومنها تطبيق تسوية سعرية فورية على جميع الأدوية تعادل 75% وهي نسبة 30% من الزيادة في سعر الدولار، إضافة إلى تطبيق سعر المركزي بالتسعير مضافاً إليه تكلفة التحويل التي تصل إلى 40% من القيمة الفعلية، إلى جانب تعديل مفردات التسعير، ومنها أسعار المستلزمات وتكلفة التصنيع المعتمدة في عام 2015، واعتماد قرار لإعادة النظر بتكلفة الإنتاج والأسعار بصورة دورية تتناسب مع تبدل سعر الصرف (زائد أو ناقص 10% من سعر الأساس)، والسماح بالتصدير لكل المعامل، وعدم الربط بين الاشتراك بالمناقصات والموافقة على التصدير شريطة أن يكون الصنف متوفراً في السوق بتركيبه الدوائي، مع تشجيع التصدير بكل الوسائل الممكنة من تسهيل الإجراءات والتسريع بالتحاليل والموافقات الإجرائية والمساعدة بإعادة تنشيط الأسواق القديمة وفتح أسواق جديدة، وأنه لضمان تأمين السوق الدوائية يجب تسريع إجراءات التحاليل، التي تستغرق أشهراً عديدة، وهذا يفقدها جزءاً كبيراً من فترة صلاحيتها.
وبيّنت المذكرة التي حصلت “البعث” على نسخة منها أنه، وبسبب الظروف الحالية وصعوبة استيراد المواد والمستلزمات، لابد من تمديد فترة تسويق الأصناف التي تمت الموافقة عليها إلى ستة أشهر غير قابلة للتمديد، ونوّهت المذكرة إلى ضرورة العودة إلى ترخيص المتممات وفق ما كان معمولاً به على ألا يزيد سعر المتممات المصنّعة محلياً على 50% من سعر البراند المستورد.
وبالمحصلة، لابد من دعم هذه الصناعة ومنحها بعض التسهيلات الممكنة بهدف تأمين استمرارية الإنتاج بالجودة والنوعية والكمية المطلوبة، بعيداً عن ارتجالية القرارات التي قد تفضي إلى خسارة هذا القطاع الذي يشغّل في معامله آلاف الأيدي العاملة، ومنحها سعراً مقبولاً. يذكر أن وزارة الصحة منحت تراخيص لأكثر من 90 معملاً دوائياً إلى الآن، موزعة في أغلبية المحافظات السورية.
محمد زكريا
المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=192&id=183284