الوزيرة السابقة لمياء عاصي :
أهم المعوقات أمام تفعيل أداء مجلس الشعب في المساءلة والمحاسبة هي المصالح الشخصية التي تحارب لبقاء الوضع الراهن





سيرياستيبس :

قالت الدكتورة لمياء عاصي (التي سبق وكانت وزيرة للاقتصاد عام 2010 ثم للسياحة عام 2011، وقبلهما سفيرة سورية لدى ماليزيا)  : أنّ العلاقة بين مجلس الشعب والحكومة هي محل جدل واسع مستمر منذ أعوام طويلة، فأعضاء المجلس هم ممثلون للشعب ويحملون قضاياه وهمومه، بينما مجلس الوزراء(الحكومة) يسعى لبناء سياسات واتخاذ قرارات تفرضها في أحيان كثيرة عملية موءمة الموارد المتوفرة والمتطلبات المتعلقة بقيام الدولة بوظائفها الرئيسية، ولتحقيق نوع من العلاقة الصحيحة بين الجانبين لا بد أن تكون السياسات الحكومية مبنية على أهداف محددة مرتكزة على رؤية اقتصادية واجتماعية وسياسية واضحة، إضافة إلى تبني سياسات قابلة للتقييم والقياس بحصب مقياس زمني محدد، أما السياسات أوالبيانات الإنشائية الفضفاضة فلن تؤدي إلى أي تمكين أو تغيير، وسيبقى مجلس الشعب غير قادر على ممارسة دوره بفعالية وكفاءة.

وتتطرق الدكتورة عاصي إلى مسألة أخرى تتعلق بالحوكمة المتمثلة بالشفافية والمحاسبة والمساءلة والمشاركة، باعتبارها الوحيدة القادرة على انضاح العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية على أسس ومبادئ صحيحة سواء من خلال الحوار أو من المتابعة والرصد.

فعيله يتطلب توفير ثلاثة محددات: 

أولها تقديم تقارير دورية من مجلس الوزراء – باعتباره رأس السلطة التنفيذية – حول تنفيذ السياسات والبرامج الحكومية ذات الأبعاد التنموية، وكذلك تقديم انجاز الخطط التنموية بشكل دوري. وثانيها هو تطوير قدرة وكفاء أعضاء المجلس على قراءة التقارير وتحليل معطياتها وأرقامها. وثالثها هو تبني السياسات الحكومة على أسس قابلة للقياس والتقييم والمرتبطة بمقياس زمني محدد.

بهذه المحددات الثلاثة يمكن لمجلس الشعب  تفعيل أدواره الأخرى على مستوى المساءلة والمحاسبة للوزارات والمؤسسات المختلفة، بما فيها مجلس الوزراء وصولاً إلى سحب الثقة من بعض الوزراء أو من الحكومة كاملة.. ما عدا ذلك فإن عمل مجلس الشعب سيبقى نمطياً مقتصراً على مطالبات خدمية، وإقرار للقوانين والتشريعات التي تصدرها السلطة التنفيذية، كما تضيف الدكتورة عاصي
وتقول الدكتورة عاصي: إذا كان الهدف تقوية الدور الرقابي لمجلس الشعب على السلطة التنفيذية فإن ذلك يكون بجعل إجراءات المساءلة والاستجواب أكثر سهولة وخالية من التعقيد، مشيرة إلى أن الخلل الأساسي في عمل المجلس يعود إلى عدم وجود آليات لتمكين الأعضاء وبناء مهاراتهم خصوصاً على مستوى التكنولوجيا الحديثة من جهة، وعلى مستوى القطاعات التي يمثلها الأعضاء، كما أن عدم وجود مكاتب استشارية تكون بمثابة الذراع المعرفي والتقني، والرافد بالبيانات والخيارات المتاحة، يؤثر بشكل سلبي، فمن غير المنطقي أن يكون عضو مجلس الشعب ملماً بكل القضايا التي تطرح أمام المجلس
وتضيف: عندما نبحث بالعوامل والمحددات الأساسية لعملية بناء الثقة، نجد أن أهمها الشفافية وبناء القدرات ثم المساءلة والمحاسبة وممارسة الدور الرقابي بكفاءة وفعالية. وفي سياق ذلك لا بد أن تحاط أعماله بقدر كبير من الشفافة، كحضور الإعلام مثلاً للجلسات، باستنثاء السرية التي تفرضها ضرورات المصلحة العامة، إضافة إلى إصدار التقارير الدورية عن أعمال المجلس المنجزة، أو المخطط لها، وأن تكون متاحة للعموم، وهذا بالطبع يجب أن يرافقه بناء قدرات وتطوير مهارات اعضاء المجلس.

وترى الدكتور عاصي أن أهم المعوقات أمام تفعيل أداء مجلس الشعب أو استعادة دوره أو تمكينه على مستوى المساءلة والمحاسبة، هي المصالح الشخصية للبعض الذين يحاربون لبقاء الوضع الراهن، إضافة إن نقص الموارد، وغياب مراكز البحث والمساندة التي مهمتها تقديم المعرفة بما توفره من معلومات وبيانات وسيناريوهات حلول وخيارات ممكنة، فإذا ما كان مجلس الشعب مسلحاً بالمعرفة فسيكون حينها قادراً على ممارسة دوره الرقابي والتشريعي بشكل صحيح.
وبخصوص أن ما سبق يستدعي حتماً تغيير النظام الداخلي للمجلس وعلى من تقع المهمة، تقول الدكتورة عاصي: هذه المهمة يتولاها مكتب مجلس الشعب الذي يتألف من رئيس المجلس ونوابه وأعضاء آخرين يجري انتخابهم لهذه المهمة، إلى جانب استشارة خبراء ومختصين.
وفيما يخص نسب التمثيل والانتخابات- تضيف د. عاصي- فهذه مسألة لها علاقة بقانون الانتخابات العامة لعام 2014 فهو الذي ينظم العملية الانتخابية لمجلس الشعب ومجالس الإدارة المحلية (والانتخابات الرئاسية).. وتغيير قانون الانتخابات العامة يحتاج إلى حوار سياسي عام.
بالمحصلة النهائية، فإن مهمة التشريع مرتبطة جذرياً/كلياً بالمهمة الرقابية، ونجاح الأولى مرتبط بنجاح الثانية حكماً وفقا لصحيفة تشرين .

.



المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=131&id=199766

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc