في تحليل مقاربة لما حدث في حلب ..
الكاتب السوري نبيل صالح .. نحن ذاهبون نحو إنهاء وإقفال ملف الحرب السورية باتفاق دولي




سيرياستيبس :

كتب الكاتب والاعلامي السوري نبيل صالح : 
 خلال 24 ساعة استعاد الجيش العربي السوري زمام المبادرة، غير أن الناس يحتاجون إلى فترة نقاهة لكي يستوعبو ماحدث في حلب، لذلك نعود إلى البداية لكي تكون الصورة أوضح: فمنذ ثلاث سنوات تحركت قطعات جيشنا باتجاه إدلب لإنهاء التمرد وإعادة السيطرة على المنطقة لكن تفاهمات الروس مع الأتراك حالت دون ذلك.. فمنذ البداية كان الجيش في خطة الهجوم وليس الدفاع وهو بذلك لايحتاج إلى تحصين واستحكامات، وهذا أمر يعرفه كل من خدم في الجيش، وقد ساعد ذلك الفصائل الجهادية في هجومهم على ريف إدلب وحلب بزخم عنيف سبقته المسيرات الأوكرانية قبل دخولهم إلى حلب، ورغم ذلك فقد قتل منهم ثلاثة أضعاف ماقتلوه من الجيش لأنهم كانوا في وضع الهجوم .. غير أن انسحاب موظفي الدولة من حلب قد أربك الجميع وأصابنا بالذعر، ليتبين فيما بعد أنه الخيار الأقل كلفة، وهو يشبه فكرة (تقسيط الخسائر) التي اقترحتها بداية عام 2012 فالأرض ستبقى سورية سواء دخلها مقاتلوا الفصائل أم بقي الجيش والمهم هو الحفاظ على عناصر الجيش الذين سيستعيدون المكان في الوقت المناسب لهم وليس لأعدائهم. لذلك فإن الخروج من حلب يحميها من التدمير ويفوّت على الجهاديين استعراض ذبح الكفار الذين يعملون في مؤسسات الدولة، وهذا مالم يفعله المسلحون خلال حربهم ضد الدولة السورية حين تحصنوا بين المدنيين فدُمرت بلدات ومدن سورية عديدة.. 

لكن اليوم غير الأمس والضامن الروسي للتفاهمات بين أنقرة ودمشق غيَّر موقفه بعد نقض الهدنة، وبالتالي بات أمر حذف الفصائل من إدلب متاحا أمام الجيش خلال الأيام القادمة، وبعد تجفيف منابعهم يتم تطويق حلب واستئصال الجهاديين الذين انضمت إليهم بعض الخلايا النائمة داخل المدينة ورأيناهم ملثمين في ظهورهم كي لا يُعرفوا .. أيضا فإن الوضع العربي انقلب عما كان عليه الأمر حين احتلوا حلب أول مرة، وذلك بعد التفاهمات التي أجراها الرئيس الأسد في اجتماع الجامعة بحيث تغدوا علاقتنا مع طهران سياسية لاعسكرية، وهذا مارأيناه بالأمس حيث ملأ مقاتلوا قسد فراغاتها في ريف إدلب وفي حلب، وهو أدعى أن يمهد لقسد الإنضمام ثم الإندماج بالجيش مع الحفاظ على حقوق الأكراد القومية بعد خروج الأمريكان من سورية، وبالتالي يمكننا أن نلاحظ أن هناك انفراجة تلوح في الأفق ..

وفي الواقع فإن دخول المجموعات الجهادية إلى حلب لم يكن نصرا، فقد خرج أكثر من مليون حلبي من المدينة خلال ساعات بينما أغلق من بقي أبوابهم ولم يخرجوا لاستقبالهم ورش الأرز عليهم، وهم لن يفلحوا في إدارة شؤون الناس في المدينة، فأغلبهم أميين يقودهم شرعيون لايفقهون شيئا في الإدارة سوى ماتعلموه عن إدارة المسلمين ليثرب قبل 1400 عام، وأما محطتهم "الجزيرة" التي تواكبهم منذ أربعة عشر عاما فقد أفلست بأكاذيبها التي خبرها الناس وملّوها..

أما بخصوص عموم مواطني الدولة الخائفين، فذلك بسبب عماء المعلومات وعدم وجود غرفة إعلام ميدانية مواكبة للحدث، إذ اعتمدت المحطات الوطنية على مراسلين غير ميدانيين ومحللين غير مختصين لايفهمون في الخطط والعلوم العسكرية، وكذا محاوروهم الذين تخرج أغلبهم من قسم الصحافة من دون اختصاصات سياسية أو اقتصادية أو ثقافية، فكان إنتاجهم مجرد لغو يصب في بحيرة الثرثرة اليومية .. 

والواقع أن الناس قد خبروا فساد موظفي الدولة وعمالة قادة المعارضة ولكنهم اختاروا أهون الشرين، إذ أن جهاديي المعارضة يطلبون حياتهم لدخول الجنة بينما موظفي الدولة يحافظون على حياتهم ليمتصوا دماءهم وبالتالي فهم أقل شرا من خصومهم، وهذا أحد أسباب مناهضتي لسياسة الجميع (سلطة ومعارضة) منذ بداية الحرب، غير أن انحيازي كان للجيش كونه يمثل سائر الشعب السوري بأطيافه المتعددة وجنوده أبناءنا جميعا وبالتالي فهو مؤسسة لتعليم المواطنة وتحقيق صداقات بين مجمل السوريين الذين خدموا في صفوفه.

اليوم نحن ذاهبون نحو إنهاء وإقفال ملف الحرب السورية باتفاق دولي لم يخرج عنه سوى إسرائيل وتركيا وأوكرانيا وفقاعة الغاز قطر، وسيكون ذلك سريعا إذا لم تنشب حرب دولية سيكون مسرحها سورية، وهذا غير مستبعد .. ونكمل لاحقا حول المستجدات وكيف نفهم الحرب السورية اليوم لأن علاج آثارها يبدأ بفهم أسبابها ..



المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=110&id=200483

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc