عودة أوروبا إلى غاز بوتين
23/02/2025



بعد توقف إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا.. ما خيارات كييف ...

انخفاض فاتورة الطاقة قد ينعش القطاع الصناعي في القارة الباردة

 

تستهلك دول أوروبا ما يصل إلى 360 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً (اندبندنت عربية)


سيرياستيبس :

بدأ انخفاض أسعار الغاز الطبيعي في سوق تجارة عقود الغاز الطبيعي الأوروبية بهولندا منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن المفاوضات مع روسيا ستبدأ قريباً

ما إن بدأت المفاوضات بين روسيا وأميركا في شأن إنهاء الحرب في أوكرانيا حتى استجابت الأسواق سريعاً، خصوصاً أسواق الغاز الأوروبية التي شهدت انخفاض أسعار الغاز الطبيعي في الأسبوع الأخير بنسبة تسعة في المئة تقريباً.

وبدأ انخفاض أسعار الغاز الطبيعي في سوق تجارة عقود الغاز الطبيعي الأوروبية بهولندا منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن المفاوضات مع روسيا ستبدأ قريباً.

وأخذت وتيرة الأسعار في الانخفاض حتى قبل لقاء الوفدين الأميركي والروسي في السعودية تمهيداً لقمة ترمب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الرياض.

قبل ذلك، كانت الأسعار وصلت إلى أعلى مستوى لها في عامين بسبب فصل الشتاء الذي جاء الأكثر برودة منذ ثلاث سنوات، وأيضاً نتيجة المنافسة الآسيوية على شراء الغاز الطبيعي من السوق الفورية.

وقبل إعلان ترمب كانت أسعار الغاز في أوروبا في الـ10 من فبراير (شباط) الجاري عند 58 يورو (61 دولاراً) للميغاواط في الساعة.

وهو ما دفع المسؤولين الأوروبيين للتفكير في العودة إلى استيراد الغاز الطبيعي من روسيا، وفق تحليل لمجلة الـ"إيكونوميست" في عددها الأخير تحت عنوان "هل تعود أوروبا إلى غاز بوتين؟"، إذ أشار التحليل إلى أن انخفاض فاتورة الطاقة يمكن أن ينعش القطاع الصناعي في أوروبا الذي يعاني ركوداً، إضافة إلى أنه خبر جيد للأسر في البيوت بأنحاء أوروبا.

تراجع مبرر

من جانبه، قال المحلل من بنك "غولدمان ساكس" الاستثماري جاري شتين، إن "إنهاء الحرب في أوكرانيا يمكن أن يزيد معدل النمو الاقتصادي في أوروبا بنسبة 0.5 في المئة، وأن تلك الزيادة في نمو الناتج المحلي الإجمالي ستعود في معظمها إلى انخفاض أسعار الغاز الطبيعي".

إلى ذلك، يرى المتحمسون للعودة إلى الغاز الروسي أنه إضافة إلى إنعاش الاقتصاد الأوروبي المتردي فإن عودة انسياب الغاز الروسي إلى أوروبا ستشجع الرئيس بوتين على التوصل إلى صفقة سلام والالتزام ببنودها، وتقود المجر وسلوفاكيا معسكر المتحمسين لعودة الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا.

وفي مقابلة مع المجلة الاقتصادية، قال المرشح للمستشارية الذي يمكن أن يقود الحكومة الألمانية قريباً فريدريك ميرز، "لن تكون هناك عودة إلى الغاز الروسي في الوقت الحالي"، لكنه لم يستبعد ذلك على المدى القريب.

يذكر أن موقف المفوضية الأوروبية الرسمية هو "عدم استيراد أي غاز من روسيا بحلول عام 2027"، وترفض أيضاً الربط بين عودة انسياب الغاز من موسكو إلى أوروبا ومحادثات السلام في شأن أوكرانيا، لذا فإن أي عودة إلى استيراد الغاز من موسكو ستعد تراجعاً عن موقف الاتحاد الأوروبي، لكن معظم المحللين والاقتصاديين يرون ذلك تراجعاً مبرراً في ظل الوضع الاقتصادي الأوروبي وانخفاض سعر الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب مقارنة بما تستورده أوروبا من غاز طبيعي مسال من الولايات المتحدة وقطر مثلاً.

وكانت إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا توقفت منذ عام 2022، حينما أوقفت موسكو ضخ الغاز عبر خط الأنابيب "نورد ستريم 1" الذي يمثل شريان الغاز الأكبر للتصدير لأوروبا، ثم أوقفت أوكرانيا الخط الآخر الذي يمر عبر أراضيها مطلع هذا العام.

ولا تستورد أوروبا حالياً سوى نحو 10 في المئة من حاجاتها من خلال خط أنابيب يمر عبر تركيا أو من شحنات غاز طبيعي مسال يأتي من روسيا إلى شمال أوروبا.

وحتى عام 2021، كانت أوروبا تستورد ما يقارب نصف استهلاكها الغازي من روسيا (بنسبة 45 في المئة)، ولا تستطيع روسيا إعادة توجيه صادراتها من الغاز الطبيعي عبر الأنابيب إلى وجهات أخرى بالكامل، وأدى ذلك إلى تراجع عائدات موسكو من بيع الغاز، التي مثلت عام 2022 ما يصل إلى نسبة 13 في المئة من الموازنة الروسية.

ولا تتعدى عائدات بيع الغاز الطبيعي الآن نسبة ثمانية في المئة من الموازنة، وفي العام 2023 منيت شركة "غازبروم" بخسارة للمرة الأولى منذ عام 1999.

الاستهلاك والمخزونات

وتستهلك دول أوروبا ما يصل إلى 360 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً، ولا تمثل طاقة تخزين الغاز في دول القارة إلا نحو ثلث تلك الكمية، عند 115 مليار متر مكعب في أفضل الحالات حين تكون المخزونات ممتلئة.

وحين بدأ فصل الشتاء كانت تلك المخزونات شبه ممتلئة، إلا أن برودة الشتاء اضطرت دول أوروبا إلى السحب من المخزون لعدم كفاية الواردات فوصل مستوى المخزونات إلى 48 في المئة، بينما في شتاء العام الماضي كانت نسبة امتلاء مخزونات الغاز الأوروبية عند 66 في المئة.

ويتوقع تحليل مجلة "إيكونوميست" أن تكون أزمة الغاز الطبيعي في أوروبا أكبر في الصيف المقبل، وليس فحسب في هذا الشتاء على برودته التي زادت من استهلاك الطاقة في دول القارة.

وتتطلب القواعد الأوروبية أن تكون مخزونات الغاز الطبيعي عند نسبة امتلاء 90 في المئة في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، وهكذا يعاد ملء المخزونات ما بين أبريل (نيسان) وأكتوبر (تشرين الأول) من كل عام، وستحتاج أوروبا إلى شراء مزيد من الغاز هذا العام، هذا في وقت تسعى فيه دول آسيوية مستهلكة إلى إعادة ملء مخزوناتها في الفترة ذاتها.

وهكذا يمكن أن تصبح أسعار الغاز الطبيعي المورد هذا الصيف أعلى من أسعار ما يتم توريده الشتاء المقبل.

وفي حال التوصل إلى صفقة في شأن حرب أوكرانيا، يمكن أن يعود ضخ الغاز الروسي عبر أوكرانيا، إذ كان ذلك الخط يضخ ما يصل إلى 15 مليار متر مكعب عام 2023، وهو أقل مستوى من سعة طاقة الضخ عبر الخط.

وفي حال حتى عودة هذا المستوى المنخفض يمكن أن تنخفض أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا بنحو الثلث تقريباً، أما إذا زاد الضخ عبر الخط المار في أوكرانيا فيمكن أن تنخفض أسعار الغاز في أوروبا بمقدار النصف بحلول العام المقبل 2026، بحسب تقديرات بنك "إم يو أف جي" الاستثماري.

اندبندت عربية



المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=136&id=201095

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc