بينما أعلنت الحكومة مناقصة لاستيراد 100 الف طن قمح
باحث اقتصادي يحذر الحكومة من خطر مجاعة قادمة في سوريا بسبب ازمة القمح



تم تحديث صورة الغلاف... - Syrien fladenbrot الخبز السوري

سيرياستيبس :

حذر الباحث الاقتصادي د. محمد صالح الفتيح من حدوث أزمة قمح في سوريا في حال عدم تحرك الحكومة الحالية بالسرعة وبالشكل الكافيين لتلافي الأزمة واحتواء خطر المجاعة.

وقال الباحث الاقتصادي : منذ حوالي العقدين من الزمن كان إنتاج سوريا من القمح يزيد على 4.1 مليون طن وكان يصدر قرابة 40% منه. ولكن مواسم الجفاف باتت أكثر تواتراً وأطول في كل مرة عن سابقاتها والنتيجة أن الإنتاج السوري من القمح تراجع بشكل حاد وفي السنوات الأخيرة باتت سوريا تستورد حوالي نصف حاجتها من القمح أو أكثر بقليل.

وأضاف : حجم المستوردات بحسب مصادر المعلومات المفتوحة بلغ 1.2 مليون طن في 2018 وارتفع خلال السنوات التالية ليبقى بحدود 1.5 مليون طن. بينما تفاوتت التقديرات حول حجم الإنتاج المحلي بين 1 و2 مليون طن سنوياً. تفاوت التقديرات يعود لنقص البيانات وتنافس الحكومات السابقة مع "قسد" على شراء القمح من الفلاحين في الشرق السوري، واتساع ظاهرة عدم تسليم الفلاحين لإنتاجهم. ولكن يمكن اعتبار رقم 2 مليون طن على أنه الرقم الأقصى والأكثر تفاؤلاً الذي تم تحقيقه خلال العقد الماضي. المتوسط الواقعي هو 1.5-1.6 مليون طن والمتشائم هو أقل من مليون طن.

وتابع : السنوات الأخيرة اتسمت بازدياد حدة الجفاف فضلاً عن تفاقم مشكلة المياه الجوفية وانخفاض منسوب نهر الفرات الحيوي للزراعة في المنطقة الشرقية. بعض الفلاحين كانوا يحصلون على حصص من المازوت بأسعار مخفضة بلغت 2,000 ليرة لليتر الواحد وذلك حتى 31 أكتوبر/تشرين الأول 2024، ثم رفع السعر إلى 5,000 ليرة لليتر الواحد من المازوت الزراعي ثم توقف الدعم تماماً مع سقوط النظام. هذه القفزة بأسعار المحروقات ستؤثر بشكل سلبي إضافي على إنتاج القمح المروي ونقص الهطولات المطرية ستؤثر سلباً على إنتاج القمح البعلي.

الدكتور محمد اعتبر ملف القمح سيصبح أكثر حساسية في العام 2025 والحكومة السورية الحالية تدرك أن المخزون الحالي لم يعد يكفي لأربعة أشهر (ربما ثلاثة الآن). ولكنها لم تتحرك بالسرعة وبالحجم المناسب.

ونوه الباحث الاقتصادي ان الكمية التي أعلنت وزارة حماية المستهلك عن مناقصة لشرائها ( مئة ألف طن من القمح الطري)
ضئيلة بشكل خطير للغاية ولا تستجيب لا لمعدلات الاستهلاك السابقة ولا للتطورات الأخيرة.

الباحث الاقتصادي اوضح في منشور له على فيس بوك  أنه خلال السنوات الخمس الأخيرة، لم تقل كمية القمح المستورد عن 1.5 مليون طن سنوياً (أي 125,000 شهرياً) وكان هذا الاستيراد يكفي لتغطية النقص في الإنتاج. إلا أن الإنتاج هذا العام قد يكون أسوأ من السنوات الأخيرة. مما يتطلب زيادة الاستيراد إلى حوالي 2 مليون طن سنوياً (165,000 طن شهرياً)

وأضاف :  معدلات الاستهلاك الشهري للقمح في سوريا تتجاوز 250,000 طن والكمية التي تسعى الحكومة للتعاقد عليها لا تكفي حتى لأسبوعين ولن يتم تسليمها إلا بعد خمسة أو ستة أسابيع من الآن. وفترة حصاد القمح في سوريا تبدأ في شهر يونيو/حزيران إلا أن عمليات النقل والتسليم تستغرق أكثر من شهر وأحياناً شهرين. فالفلاحون عادةً يقررون حجم الكميات التي سيسلمونها بعد الإنتهاء من عمليات الحصاد وتقدير الإنتاج ومن المعتاد أن يحتفظ الفلاحون بكميات من القمح لاستهلاكهم الخاص ولإنتاج البرغل والفريكة (خلال شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول). أي أن هناك ثغرة متوقعة بين فترة انتهاء المخزون واستلام المحصول الجديد وهذه الثغرة قد تتجاوز الشهر.

وتابع : حجم الاستهلاك هذا العام سيكون أعلى من السنوات السابقة نتيجة عودة السوريين إلى منازلهم. فحتى الآن عاد قرابة 300,000 شخص من خارج سوريا ومن غير المستبعد أن يعود قرابة نصف مليون لاجئ من خارج سورية مع نهاية العام. كما عاد حتى الآن حوالي 900,000 من النازحين الداخليين (في إدلب وحلب) إلى مناطقهم في عموم سوريا. ومن المتوقع خروج أعداد إضافية من النازحين من المخيمات التي كانت تصلها المساعدات الدولية سيجعل الحكومة السورية مسؤولة عن توفير الغذاء لهم. بالنتيجة، الحد الأدنى المتوقع للزيادة في الاستهلاك هو 5% أي 160,000 طن من القمح. علماً أن رقم 3.2 مليون طن من القمح الذي نستند إليه يعود للعام 2022 ويعود لحكومة النظام السابق التي لم تكن مسؤولة عن توفير القمح والخبز لإدلب وريف حلب.

الباحث الاقتصادي حذر من أن الوضع المعيشي الحالي في سورية يزيد من حساسية الأمن الغذائي والذي يعتبر الخبز ضمانته الرئيسية موضحاً أن توفر القمح للسوريين كان ما يحميهم من المجاعة لأن اعتماد السوريين العالي على القمح يعود لصعوبة الحصول على مصادر البروتين الأخرى، وهذا عكس الحال في الدول المتقدمة. فحتى في العام 2009 كان متوسط استهلاك الفرد السوري من القمح حوالي 179 كيلوغرام سنوياً بينما كان متوسط استهلاك الفرد في بريطانيا حوالي 75 كيلوغرام فقط. بالمقابل، كان متوسط استهلاك اللحوم في سورية للفرد في 2009 أقل من 20 كيلوغرام سنوياً بينما بلغ في بريطانيا 84 كيلوغرام.  بحسب قوله

وأضاف د. الفتيح : الفرد السوري يستهلك حوالي نصف كيلوغرام يومياً من المشتقات المختلفة من القمح وهذا ما يمنحه ما بين 60 و65 غرام من البروتين وما بين 1,600 و1,700 حريرة يومياً (أكثر من 80% من هذه الأرقام من الخبز وحده). وهذا ما أبقى السوريين خارج مشهد المجاعات التي رأيناها في الصومال وإثيوبيا في مطلع تسعينات القرن الماضي، وهو مشهد البطون المنتفخة والعضلات الضامرة (نتيجة نقص البروتين والاعتماد على النشويات فقط).



المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=127&id=201189

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc