تحسين الأداء المالي كوسيلة لتحسين الأداء الاقتصادي
باحث يُطالب بإصلاح سياسة الموازنة العامة للدولة والحد من سياسة التمويل بالعجز




خبير يقدّم خطة لتحسين الأداء المالي والنقدي عبر حزمة متكاملة من الإصلاحات المالية والاقتصادية والاجتماعية والتشريعية

 

سيرياستيبس :

يبقى السؤال المالي مُلحاً في المرحلة الحالية، ولا سيما في مواجهة تحدّيات إعادة الإعمار وتحسين الأداء الاقتصادي، وهذا يتطلب بناء سياسة مالية ونقدية سليمة، والقيام بإصلاحات سياسية و اقتصادية واجتماعية وتشريعية مُتكاملة من شأنها إعادة ثقة المواطن والمستثمر لتحفيز الاستثمار، وهذه مجتمعة تشكل خيارات داخلية ضرورية ومُلحة تحد من الانهيار في ظل استمرار العقوبات.

نحو سياسات مالية ونقدية استراتيجية لتفادي التحديات الكبيرة في إعادة الإعمار وتحسين الأداء الاقتصادي

وحول تحسين الأداء المالي كوسيلة لتحسين الأداء الاقتصادي بالمجمل، يرى الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي لصحيفة «الحرّية» أن تحسين الأداء المالي والنقدي في  سوريا يتطلب حزمة متكاملة من الإصلاحات المالية والاقتصادية والاجتماعية، من هنا يجب أن تكون الأولوية هي استعادة الاستقرار المالي، وبناء الثقة في الاقتصاد، وتحسين معيشة المواطن عبر سياسات مالية ونقدية استراتيجية لتفادي التحديات الكبيرة في إعادة الإعمار وتحسين الأداء الاقتصادي.
لكن السؤال الجوهري اليوم، حسب قوشجي هل يجب انتظار رفع العقوبات الغربية لبدء بوضع هذه السياسات، أم هناك خطوات جوهرية يمكن اتخاذها فوراً؟ مشيراً إلى أن رفع العقوبات ليس شرطاً مسبقاً للإصلاح، بل الإصلاحات الداخلية قد تكون عاملاً مساعداً في تخفيف تلك العقوبات أو تفكيكها تدريجياً، من هنا فالحكومة مطالبة بالتحرك على عدة مستويات، سواء التشريعية أو المالية أو النقدية، دون انتظار تغيير الظروف الخارجية.

الإصلاحات الداخلية قد تكون عاملاً مساعداً في تخفيف العقوبات أو تفكيكها

ويستعرض الخبير تلك المستويات والإجراءات والخطوات الجوهرية الواجب على الحكومة القيام بها، ويأتي في الأولوية إصلاح التشريعات الاقتصادية بين التطوير والإلغاء الكلي، حيث تمثل إحدى أهم المعضلات التي تواجه السياسة الاقتصادية في سوريا هي تشريعات قديمة غير ملائمة للواقع الحالي، سواء في النظام الضريبي، أو الاستثمار، أو القطاع المصرفي، لذلك حتى تستمر أعمال المؤسسات الحكومية في خدمة المواطنين لا بدّ من  إصلاح التشريعات بشكل تدريجي فالنظام الضريبي يحتاج إلى تبسيط وليس إلغاء، عبر تقليل بعض النسب الضريبية غير العادلة وزيادة الشفافية وتحقيق إيرادات للخزينة العامة للدولة لكي تستطيع الحكومة متابعة أعمالها، أضف إلى ذلك تحسين إدارة أملاك الدولة والعقارات الحكومية وزيادة إيراداتها، وتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص في المشاريع الخدمية والبنية التحتية.

إحدى أهم المعضلات التي تواجه السياسة الاقتصادية في سوريا هي تشريعات قديمة غير ملائمة للواقع الحالي

ويعد إصلاح سياسة الموازنة العامة للدولة والحد من سياسة التمويل بالعجز عبر سياسات إنفاق أكثر كفاءة من ضمن الإجراءات الجوهرية، مع إعادة جدولة الديون الداخلية والخارجية والتفاوض مع الدائنين لتخفيف الأعباء، ووفقاً لقوشجي لا بد في هذه الفترة من تقديم حوافز ضريبية وجمركية للمستثمرين المحليين والأجانب في قطاعات إنتاجية (صناعة، زراعة، تكنولوجيا) وإصلاح البيئة الاستثمارية عبر تبسيط الإجراءات وتقليل البيروقراطية بهدف تحفيز الاستثمار.
صحيح أن البنية التحتية في سوريا مدمرة بشكل كبير، لكن الانتظار حتى رفع العقوبات قد يكون خياراً غير واقعي لأن العقوبات الاقتصادية ليست العائق الوحيد، فغياب التمويل الخارجي وعدم التفكير بطرق تمويل داخلية سوف تؤخر إعادة إعمار البنية التحتية ولا سيما استثمارات الصغيرة التي يمكن تنفيذها بموارد محلية، كما أوضح قوشجي أن من أحد أكبر التحديات للحكومة الحالية هو غياب الاستقرار النقدي بسبب تفاقم العجز في الميزانية، و تذبذب سعر الصرف وارتفاع التضخم لذلك لا بد من إصلاح النظام النقدي وتطوير عمل الجهاز المصرفي وتعزيز ثقة المواطنين بالمصارف عبر تحسين الشفافية ومكافحة الفساد لجذب السيولة بالليرات السورية والدولار الأمريكي لتمويل المشاريع الإنتاجية، مع تمكن مصرف سوريا المركزي من تحرير سعر الصرف تدريجياً مع ضبط تدفق العملة الأجنبية عبر الصادرات والتحويلات.
لا يوجد حل سحري.. لكن السياسات الجزئية قد تحد من الانهيار مع استمرار العقوبات، بل الإصلاح الداخلي ليس فقط خياراً ممكناً، بل هو الطريق الوحيد لتحسين الاقتصاد وربما تمهيد الطريق لرفع العقوبات لاحقاً.

الحرية



المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=126&id=201493

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc