سيرياستيبس :
يشهد سعر صرف الدولار ارتفاعاً أمام الليرة السورية مقلصاً الفارق بينه وبين السعر الرسمي وسط توقعات بتجاوز السعر الرسمي. ويرى متخصصون أن ارتفاع سعر الدولار أمر متوقع في ظل تراجع الإنتاج ونقص التمويل واستمرار العقوبات وقلة الصادرات والاستثمارات والحاجة إلى استيراد القمح.
وبحسب متخصصين فإن انخفاض الدولار أمام الليرة بعد سقوط نظام بشار الأسد إلى أكثر من النصف جاء نتيجة عوامل "وهمية" وغير سليمة اقتصادياً، وسارع البعض بتحويل مدخراتهم إلى ليرة مدفوعين بالخوف من حدوث مزيد من التراجع في سعر الدولار، في حين كان الغلاء وتلبية متطلبات المعيشة سبباً كافياً لدى آخرين للتحويل نتيجة سياسات حبس السيولة، وتجفيف الـ"كاش السوري" من الأسواق التي اتبعها "المركزي"، والنتيجة كانت ضخ مئات الملايين من الدولارات من مدخرات السوريين في سوق صرافة قائمة على الأرصفة والشوارع.
ارتفاع سعر الدولار ليسجل 10900 ليرة حمل معه موجة غلاء جديدة إلى السوريين الذين يعانون الفقر وضعف الدخل، إذ تسجل الأسواق السورية ارتفاعات في مختلف السلع، بما فيها السلع المهربة والمستوردة والمنتجة محلياً.
في خضم كل ذلك وكالعادة عند كل ارتفاع في سعر الصرف تظهر الأصوات التي تدعو إلى اعتماد العملات الرقمية وحذف صفرين من العملة عبر إصدار "نيو ليرة"، وبدت الآراء مقسومة حول هذه الطروحات بين مؤيد لها ومن يعدها "وهماً لن يتحقق ولن ينفع" في ظل الوضع الاقتصادي الحالي.
عربش الصراع مع الدولار لم ينته
ويؤكد الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق شفيق عربش في حديث لموقع "اندبندنت عربية" أن الدولار لم يظهر أنه غير شديد التأثر بالحكومة الجديدة، واستطاع الارتفاع والتخندق قريباً من سعر 11 ألف ليرة، بالتالي من دون انطلاق عجلة العمل والاستثمار والإنتاج لا يمكن أن يشكل تحسن سعر الليرة اتجاه الدولار أكثر من نتائج مضاربات وتلاعب في سوق النقد، بالتالي فإن حذف الأصفار وحتى العملة الرقمية لن تنفع وسيكون تأثيرها محدوداً في ظل اقتصاد متهالك ومدمر.
وقال إن "السؤال الجوهري الذي يجب طرحه هو لماذا انخفض سعر الدولار أمام الليرة حتى نعرف لماذا يرتفع اليوم"، مشيراً إلى السوريين اعتقدوا أن الدولار سيتراجع إلى ما كان عليه عام 2011 بعد سقوط النظام، وبرأيه فإن "الفورة" انتهت اليوم، وكانت هناك كتلة من الليرة موجود في أماكن معينة من البلاد، وتحديداً "المناطق التي كانت خارج سيطرة النظام السابق" وحتى في الخارج "دول الجوار وإيران"، وهذه الأموال وجهت ووظفت لشراء دولارات المواطنين بسعر رخيص وصل في بعض الأحيان إلى 7000 ليرة، وما حدث أن الناس خسروا أموالهم التي ادخروها بسعر 15 ألف ليرة للدولار الواحد، والآن بدأ الدولار الصعود، متوقعاً أن يتجاوز السعر الرسمي المحدد بـ12200 ليرة مع هامش تغيير بسيط جداً، وقد يكون التجاوز كبيراً ويتجاوز مستوياته قبل السقوط.
وأكد أن الصراع مع سعر الدولار لم ينته بعد ولا يوجد ما يبرر انخفاض الدولار فلا عجلة الإنتاج دارات كما يجب ولا مساعدات جاءت إلا على نطاق محدود والعقوبات ما زالت سارية، وما دام أميركا لم ترفع العقوبات فالوضع الاقتصادي لن يتحسن، معولاً على مشاركة وفد سوري يضم وزيري المالية والخارجية وحاكم "المركزي" في اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد في الشهر المقبل، وفيما إذا كان سيتمكن هذا الوفد من فعل شيء مهم. ولفت إلى أن النتائج مع البنك والصندوق الدوليين مرتبطة برفع العقوبات التي طالما بقيت لن تمشي البلاد إلى الأمام، ولن يثمر ذلك أي تعاون.
ويصف عربش الدعوات الحالية إلى إصدار عملة رقمية أو حذف أصفار من العملة السورية بأنها "خرافة" بخاصة في بلد بوضع سوريا، وقال إن حذف الأصفار سيؤدي إلى مزيد من الانهيار وتجربة تركيا الجارة ماثلة أمامنا، متسائلاً "إذا حذفنا صفرين من الـ5000 ليرة هل سيصبح سعر سلعة ما 50 ليرة بدلاً من 5000 ليرة، أكيد لا، أما إصدار العملات الرقمية فيبدو غير ذي فائدة على مستوى الاقتصاد الكلي في الأقل حالياً، وإن كان خياراً سيجري اللجوء إليه في مرحلة التعافي".
عربش أكد ضرورة درس ما جرى في الأشهر الأربعة الأخيرة، أي منذ سقوط النظام السابق، والعمل على قراءة أثار خروج كميات كبيرة من الدولارات وتوجيهها إلى استيراد السيارات بغض النظر عن عيوبها، في إشارة إلى استيراد سيارات بعيوب، وبعضها كان غارقاً في البحر.
وأشار إلى أنه بحسب إحصاءات تجارية تركية فقد جرى استيراد سيارات من وعبر تركيا بملياري دولار، في حين قال مصدر في غرفة تجارة دمشق أن 3 مليارات دولار دفعت لقاء استيراد السيارات في 4 أشهر فحسب، متسائلاً "كل هذه السيارات والمواد الاستهلاكية المطروحة في الأسواق من أين جاءت؟ في الحقيقة جرى تمويلها من مدخرات السوريين في بلد ليس لديه احتياط ولا إنتاج، وفي حاجة إلى استيراد كثير من الحاجات، وهذه كلها في حاجة إلى تمويل".
وختم حديثه بالقول "يبدو أن لا شيء يدعو إلى التفاؤل اقتصادياً والدولار سيشهد قفزات مقلقة أمام الليرة"، وفق قوله.
اندبندنت عربية
المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=131&id=201499