مخاوف من تحول الصناعة إلى تجارة
صناعيو حلب يقرعون جرس الإنذار.. الصناعة الوطنية في خطر



سيرياستيبس : 

يُعتبر النهوض الصناعي في سوريا عامة، ومدينة حلب بشكل خاص ضرورة وطنية واقتصادية ملحة، نظراً لما تمثله هذه المدينة من ثقل صناعي وتاريخي، فقد كانت قبل الحرب قلب الصناعة السورية، وتضمّ آلاف المعامل التي تغطي مختلف القطاعات كالصناعات النسيجية والغذائية والكيماوية والهندسية.

وإعادة النهوض بالصناعة في حلب يعني تحريك عجلة الاقتصاد الوطني، وتوفير فرص عمل لآلاف المواطنين، إضافة إلى دعم الصادرات وزيادة الناتج المحلي، ما يُسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتخفيف الاعتماد على الاستيراد.

هواجس

في هذه المرحلة يبدي رجال الاقتصاد من صناعيين وتجار تفاؤلهم بالحكومة الجديدة بعد دمج الوزارات الاقتصادية، فقد بيّن لـصحيفة الثورة، الصناعي محمد صباغ، أن السوق حالياً مفتوح لكل البضائع من جميع أنحاء العالم، وهذا الأمر يشكل هاجساً للمنتج الوطني، سواء بحلب التي هي عاصمة الاقتصاد أم على مستوى سوريا، ولا يخفي الصناعيون- ومنهم صباغ- تخوفهم من عدم قدرة المنتج المحلي على منافسة المنتج الأجنبي.

حماية 58 ألف منشأة

يقول صباغ: المطلوب هامش حماية للمنشآت الصناعية على مستوى سوريا بالكامل، والتي تتجاوز 58 ألف منشأة بين قطاع حكومي وخاص، وهذه المنشآت عانت الكثير خلال أعوام الحرب وبقيت تعمل، وتنتج وتصدر ما نسبته 70 بالمئة، ويبقى 30 بالمئة للسوق الداخلي، مؤكداً أنه يوجد اليوم عدد كبير من المنشآت قادر على العمل في حال توافر الظروف اللازمة.


الصناعة بمرحلة مخاض

وصف صباغ واقع الصناعة في المرحلة الراهنة بـ “المخاض المبشر” بولادة جديدة حقيقية في ظل حكومة جديدة يجب عليها التفكير بكيفية حماية الصناعة وتأمين مستلزماتها وحماية المنتج الوطني وتخفيض تكاليف الإنتاج التي تبدأ بأسعار الكهرباء، والتي تمّ تعديل بسيط على سعرها، ونأمل إلغاء الضريبة المقدرة بـ 22 بالمئة على فاتورة الكهرباء ليلامس التعديل هموم الصناعيين وواقعهم، إضافة لتخفيض أسعار المحروقات للمنشآت الصناعية من مازوت وفيول، لأن سعر الفيول مرتفع حتى الآن ويجب تخفيضه في المرحلة القادمة.

بحاجة لإعفاءات جمركية

وبحسب صباغ- فإن الحفاظ على الصناعة وإعادة إقلاعها يتطلب ضرورة إعفاء المواد (الأولية- الأولية) من الجمارك والضرائب لمدة تراها الحكومة مناسبة، مثل مادة البوي الخاصة بصناعة النسيج والتي تشكل 60 بالمئة من الصناعة السورية، والحديد والصاج والتيب للصناعات الهندسية ومستلزمات صناعة المواد الغذائية، لأن هذه الإعفاءات تسهم بانطلاق الصناعة انطلاقة حقيقية، فتستطيع الصناعة استعادة الأسواق على مستوى الوطن العربي أو الشرق الأوسط لأن حجم الصناعة السورية يحتاج إلى أسواق خارجية، ولا تكفيه الأسواق الداخلية نهائياً، وهذا الأمر ينعكس سلباً في حال لم يتم تأمين أسواق خارجية وتخفيض تكاليف الإنتاج، فربما تدخل بعض المنشآت بمرحلة التوقف، وإعادة إقلاع المنشآت صعب جداً.

وتابع: عاصرنا هذه المرحلة عام 2007 حين تأثر الخليج بإفلاس أسهم البورصة العالمية فتأثرت المنشآت الصناعية في سوريا باعتبارنا كنا نصدر للخليج.

صعوبات التسويق

وفيما يتعلق بالضرائب- يوضح صباغ- أن الصناعيين يدعون لإعفاءات ضريبية عن السنة المالية الحالية لحين إصدار قانون ضريبي محقّ وعادل على عكس القانون الظالم في عهد النظام البائد، فبعض المنشآت توقفت، والبعض يحاول العمل، لكن السوق لا يساعد بسبب ضعف الدخل وضعف القدرة الشرائية، ويطالب الصناعيون في هذا السياق بتطوير التعاون والاتفاقيات الاقتصادية مع الدول الشقيقة والصديقة، وتفعيل مبدأ التعامل بالمثل مع بعض الدول، بحيث تكون نسب الاستيراد منها متساوية مع التصدير لها.

وبين أن منتجات دول الجوار وخاصة المطلة على المتوسط، مثل تركيا ومصر تنافس الصناعة السورية بسبب انخفاض سعر الكهرباء والمواد الأولية، كونهم منتجين لمواد أولية أكثر من سوريا التي تراجع إنتاجها بسبب إجراءات النظام البائد.

وأشار صباغ إلى أن الخطوة الحكومية الأهم تكمن بإعفاء خطوط إنتاج أصحاب السجل الصناعي من الرسوم، وتأمين استيرادها وكيفية تشغيلها.

التحول نحو التجارة

ويتابع: الصناعة لها بداية وليس لها نهاية، وبكل مرحلة يجب أن نشعر بتقدم وشيء ملموس لتطويرها، وإلا فإن الآثار السلبية ستظهر، حيث يفكر العديد من الصناعيين بالانتقال للتجارة، فننتقل من بلد منتج إلى بلد مستهلك.

دراسة التعرفة الجمركية

حول ما سبق، يرى الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة حلب الدكتور محمد الغريب، ضرورة إعادة دراسة الرسوم الجمركية، بحيث يتم تخفيض الرسوم الجمركية على مستلزمات الإنتاج والمواد الأولية، لأنها تعتبر مدخلات للمصانع السورية، وتخفيض الرسوم الجمركية عليها يساعد في تخفيض تكاليف إنتاج المنتجات الوطنية، وبالتالي يمكن تسعيرها بأسعار مناسبة، بحيث تتمكن من منافسة المنتجات المستوردة وبنفس الوقت يتمكن المنتجون من تصديرها

إلى دول الجوار وتتمكن من المنافسة، بالتوازي مع إعادة دراسة الرسوم الجمركية للمنتجات الجاهزة، بحيث يتم رفع الرسوم على بعض فئات المنتجات مثل المنتجات الغذائية حتى لا تؤثر المنتجات المستوردة على المنتجات المحلية، وبالتالي تتم حماية المنتج الوطني بهذه الرسوم.

ومن ناحية أخرى- بحسب الغريب، يمكن أن تحقق الحكومة موارد مالية جيدة من خلال إعادة دراسة الرسوم الجمركية المفروضة على السيارات والهواتف المحمولة، مبيناً أنه من الأفضل أن تكون الرسوم الجمركية نسبة مئوية من سعر السيارة، أو الهاتف المحمول، وليس مبلغاً ثابتاً، فحالياً يمكن استيراد سيارات مرتفعة الثمن بنفس الرسم الجمركي لسيارات منخفضة الثمن، حيث إن أعلى فئة للرسوم الجمركية على السيارات هي 2500 دولار.



المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=131&id=201539

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc