سيرياستيبس :
على مرأى الجميع تغزو الأسواق المحلية مواد وسلع مسجلة بأسماء ماركات
عديدة وغالباً ما تكون تقليدية ومزورة أو مخالفة للمواصفات، ولكنها تحمل
الشكل والمواصفات الخارجية ذاتها لماركات معروفة، وتباع بأسعار مرتفعة
مستفيدة من شهرة العلامة التي تحمل اسمها، ولا يقتصر التزوير على المواد
الغذائية والاستهلاكية، بل يمتد ليشمل مختلف الاحتياجات اليومية.. ليبرز
السؤال: أين هي العلامة التجارية لأي منتج محلي، ما هي أهميتها، وكيف نحافظ
عى مكانتها؟ سؤال توجهنا به إلى أصحاب الشأن.
يؤكد عضو غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق أن تكلفة الإنتاج في بعض البلدان
تؤدي للمنافسة والاحتكار وإلى عدم قدرة المنتج الداخلي على المنافسة وفي
البعض الآخر تدعم هذه المنتجات من خلال التصدير، وهذا يعود إلى أن الصادرات
تأتي أقل من تكلفة الإنتاج المحلي، ووفق الحلاق فإن هذه السياسة تؤدي إلى
ضعف الصناعة وتؤدي إلى إغراق السوق بهذه المنتجات، وبالتالي إلى ضعف
الصناعة الوطنية والاحتكار، وهنا يبرز خياران أمام الدولة.. الأول: رفع
الرسوم الجمركية على المنتجات التي تدخل البلد، والثاني: دعم المنتج
الصناعي عن طريق تأمين مقومات إنتاجه من فيول وطاقة ومواد أولية.. إلخ.
الحلاق: العلامة الفارقة تعرّف بالمنتج وتؤدي إلى الوثوق به
وهذا كله يصب فيما هو واضح للعيان في إغراق السوق السورية بمختلف أنواع المنتجات والبضائع.
تقدم العلامة التجارية وتحقيقها لمبيعات أكثر، ومن ثم التسويق دون التفكير
بالربح هذا من أولويات الصناعي علماً أنه قد يتعرض في مرحلة ما للتراجع
وهذا يؤدي إلى تدني الربحية و يتطلب مزيداً من الجهد للاحتفاظ بها.
في الماضي كان هناك ما يسمى بسمعة أو (شهرة) المحل، أي إن لكل محل شهرته
من خلال تقديمه جودة وضمان في المنتج وكذلك يسمح للمستهلك بالترجيع أو
الاستبدال.
ووفق الحلاق تطور الأمر إلى ما يسمى بالعلامة الفارقة لتمييز منتج عن آخر
وصارت الشركة تتوسع من خلال العديد من المنتجات تحت اسم واحد أو أكثر وفق
خصوصية كل شركة، وتعمد بعض الشركات لإيجاد حالة قوة من خلال أساليب التشويق
والتسويق، لذلك هناك من يدعم العلامة الفارقة، لما تحققه من قيمة مضافة،
وفي المقابل يسعى المستهلك إلى استهلاك علامة فارقة وصار يفضل منتجاً على
آخر نتيجة وثوقية وتجربة وفق خصوصية كل شركة منتجة.
وأضاف الحلاق: إن بناء العلامة يشبه تربية الولد أي خطوة بخطوة وفق تعبيره
يحتاج إلى جهد وطاقة ومراقبة الجودة إضافة إلى معرفة احتياجات المستهلك
والثبات وتحقيق الربحية والمواصفات الجيدة وفق الدرجة التي يسعى المنتج إلى
الاحتفاظ بها، لأن هناك تدرجاً من الممتازة إلى الوسط إلى الدرجة الأقل
وفق كل منتج ونوع السلعة وكل شريحة ومتطلباتها، وهذا ما يحتاج إلى مراقبة.
ولفت إلى أنه بعد مرحلة التحرير دخلت ماركات غير معروفة بدون عناية أثرت
بشكل أو آخر على اعتمادية العلامة الفارقة، وعلى المنتج ولكن ذلك انعكس
إيجاباً على السوق من جهة الوثوقية بشكل أقوى بالمنتج الوطني حتى لو كان
يدفع سعراً أعلى لكن يحصل على المواصفات المطلوبة.
تحتاج الاستمرارية
ولأن بناء العلامة الفارقة يستلزم الجهود والقدرة على الربحية من ناحية
الثبات وهذا يهمه أن تكون السلعة متميزة جداً، وأن تحقق العلامة نجاحاً
أكبر للحفاظ على تقدمها، لكن في حال حدوث تراجع ما أو ضرر أو سوء تصنيع
يؤدي إلى انخفاض الوفورات والمبيعات و الربحية والنتيجة هي الإفلاس.
منطق التجارة
هناك نقطة معروفة إذا فرح شخص ما بشراء منتج يقوم بإخبار ما لا يقل عن 3
أشخاص ويمدحه أمام 6 وفي حال انزعج من خدمة ما يخبر على الأقل 13 شخصاً،
هذا يعني أن هذا السلوك يؤدي إلى ضعف المنتج، ويحتاج وقت لجذب زبون جديد،
لذلك الحفاظ على زبون قديم تحتاج جهد ستة أضعاف لجذب زبون جديد، وهذا يعني
أن الاهتمام بالعلامة الفارقة والحفاظ عليها وتواجدها شيء مهم وتحتاج إلى
وقت.
وحول الإجراءات المتخذة يوجد ما يسمى المتابعة أو التغذية الراجعة، لذلك
عن طريق النزول إلى الأسواق والمتابعة ومدى إقبال الزبون وكل هذا حسب
السلعة والأسلوب حتى نعلم مدى الإقبال على السلعة الجيدة.
لدينا بنية تحتية
لم يذهب بعيداً الصناعي عاطف طيفور في وجهة نظره حول هذا الموضوع مبيناً
أنه بالإضافة إلى أن العلامة التجارية حماية للمستهلك والصناعة الوطنية
والاقتصاد العام وحماية للعلاقات الاقتصادية بين الدول، من الضروري
التركيز على أهمية ضبط ومراقبة العلامة التجارية من خلال مكافحة اقتصاد
الظل والتزوير والذي ينعكس بالدرجة الأولى على صحة المستهلك وعلى صحة
الاقتصاد العام.
تيشوري: يجب اتخاذ ما يلزم لحماية العلامة التجارية وشعار (صنع في سوريا)
وأضاف طيفور: إن الرقابة على المستوردات عبر الجمارك واجب إداري لحماية
المستهلك ولحماية القانون التجاري الدولي، بالإضافة لواجب مؤسسات الرقابة
التموينية لمكافحة انتشار البضائع مجهولة المصدر والتي تنتشر بشكل ملحوظ
ومتزايد بسبب ارتفاع نسبة اقصاد الظل والإنتاج غير المرخص سواء من الداخل
أو من دول الجوار.
وأكد أنه يجب العمل بشكل إسعافي وفوري لأن انتشار المهربات والعلامات
التجارية المزورة له أضرار قانونية كارثية بالمستقبل القريب، وقد نجد
أنفسنا أمام عشرات الدعاوى الدولية، ما ينعكس على تصنيف غير لائق للسوق
السورية. وكذلك انتشار اقتصاد الظل والبضائع المزورة الداخلية قد يشوه صورة
المنتج السوري بالأسواق العالمية ونسبة الصادرات وقد يتحول إلى حظر جزئي
ينعكس على الاقتصاد العام.
عشوائية
الباحث الاقتصادي عبد الرحمن تيشوري يرى أنه بسبب العشوائية في بعض الأحيان
حدث تدفق كبير لكميات هائلة من المواد الغذائية والاستهلاكية ولمختلف
الأسواق السورية، مشيراً إلى أنه وفق دراسات، فإن الاستيراد من تركيا
لوحدها ازداد بنسبة 50%.
وهذا الكم الهائل من الأنواع الغذائية دخلت الأسواق على مرأى الجهات
الرقابية، والنتيجة هي ضرر المنتجات والمصانع الوطنية، مشيراً إلى وجود
تكاليف للنقل وللتسويق، لكن للأسف لا توجد إدارة حديثة لحماية جودة المنتج
أو ما يسمى بإدارة الجودة، معرباً عن أمله من الحكومة الجديدة العمل واتخاذ
ما يلزم لحماية العلامة التجارية وشعار (صنع في سوريا).
ومن وجهة نظره اقترح تطبيق كل مراحل علم الإدارة، وفي إطار دراسة شاملة ضمن
التحليل الاستراتيجي يأخذ بعين الاعتبار ما هي المزايا وتحديد نقاط
الضعف.. لنصل إلى المطلوب والملائم لإنتاجنا الوطني.
الحرية