لنشرب من كأس التفاؤل!
بعد التطورات السياسية الأخيرة،
شهدت البلاد انفتاحاً وتحرراً في الأسواق، حيث أصبحت عمليات الاستيراد
أسهل، والتكاليف الجمركية أقل، وسعر الدولار انخفض واستقر نسبياً. لكن يبدو
أن هذه المعادلة لا تنطبق على قطاع الاتصالات، حيث تتحول كل ميزة إلى
نقمة.
فعوضاً عن تحسين الخدمات، شهدنا تراجعاً مذهلاً في جودة
الاتصالات والإنترنت، وكأننا في سباق عكسي نحو الماضي! وبدلاً من قيام
الشركتين المعنيتين بتحسين جودة الشبكة، بدأ المشتركون يعانون من سوء تغطية
كبير، وانعدامها في الكثير من الأحياء، بالإضافة إلى ضعف اتصال الإنترنت،
وانعدام سرعته، ففي أحسن الأحوال تعادل 1 ميغابايت، وكأن شركتي «سيرياتل»
و«إم تي إن» قررتا تطوير مفهوم «الخدمة الرديئة» إلى مستوى أسطوري بدلاً من
تحسين وتطوير الشبكة!
إنجازات نفتخر بها (لو كنا مجانين)
في الآونة الأخيرة، اشتكى
العديد من المواطنين من انقطاع خدمة الـ 4G، لنكتشف لاحقاً أن شركة
«سيرياتل» قامت بإلغاء الخدمة عن شريحة من المشتركين بحجة أنهم لا يستخدمون
الإنترنت كثيراً أو أنهم مشتركون جدد، والسيرفر الخاص بالشركة- على حد
تعبيرها- لم يعد يسمح بأحمال إضافية.
إذن الحل ليس تحديث وصيانة السيرفر، بل إعادة المواطن قسراً إلى عصر الـ 3G البائد، تحت شعار «لماذا نغير عندما يمكننا أن نتراجع؟»
هذا كله دون إشعار مسبق أو تفسير منطقي، وكأن المواطن لا يستحق حتى حق المعرفة، ناهيك عن حق الحصول على خدمة لائقة.
أما الذريعة المسوقة بعبارة «السيرفر ما بيحمل» فقد أصبحت النكتة اليومية التي يرددها المواطنون بسخرية مريرة!
فبينما
يتجه العالم نحو المستقبل، اكتشفت شركات الاتصالات أن الماضي أكثر راحة،
فلماذا تقدم 4G عندما يمكنها العودة إلى 2G؟ ولماذا تطور الخدمة عندما
يمكنها تطوير أعذارها؟
والغريب أن هذه الشركات تتعامل مع المشتركين
وكأنهم أسرى لدى نظام اتصالات بدائي. فالشكاوى تذهب أدراج الرياح،
والتحسينات تبقى وعوداً في عالم الخيال، بينما الفواتير تأتي بانتظام
كالقضاء والقدر، وكأننا أمام معادلة غريبة: كلما تقدم الزمن، تراجعت
الخدمات، وارتفعت الأسعار، وضعفت الرقابة!
وليبقى المواطن السوري الحلقة
الأضعف في هذه المعادلة الجائرة. فبين مطرقة الاحتكار وسندان غياب
الرقابة، لم يعد أمامه سوى الصبر على خدمة تذكرنا بأن التطور التقني قد
يكون في كل مكان... إلا في سورية!
كلمة أخيرة للمواطن الصبور
عزيزي المواطن، نعلم أنك تدفع
مقابل خدمة لا تحصل عليها، لكن فكر بها هكذا: أنت تمول أهم مسرحية كوميدية
ساخرة! فمن يحتاج إلى اتصالات جيدة عندما يمكننا الضحك على أنفسنا؟
يبقى
أن نذكر أن أي محاولة للاتصال على خدمة العملاء لتقديم شكوى... ستنتهي
بوصولك إلى الجواب الذي يقول: «السيرفر تعبان، حاول لاحقاً»!
قاسيون