تبلغ تريليون دولار... من أين تأتي موارد صندوق النقد الدولي؟
28/06/2025




لا يقتصر دور الأعضاء على إيداع الأموال وكسب فوائدها لكن يمكنهم الحصول على قروض

يصل عدد الدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي إلى 191 دولة


سيرياستيبس :

كشف الصندوق عن أن دور الأعضاء لا يقتصر على إيداع الأموال لكسب فوائد على ودائعهم، بل يمكنهم أيضاً الاستفادة من هذه الموارد من خلال الحصول على قرض، إذ تخصص لدوله الأعضاء (191 دولة)، حصص فردية بناء على وضعها النسبي في الاقتصاد العالمي

في ظل تدخله في كثير من الاقتصادات خلال الفترة الماضية، يتساءل كثر عن مصادر التمويلات التي يمنحها صندوق النقد الدولي للدول التي تعاني أزمات مالية، إضافة إلى مصادر تمويل نفقات التشغيل.

لكن صندوق النقد الدولي ليس مجرد مكافحة مالية عالمية، إذ يقدم أيضاً المشورة في مجال السياسات والدعم الفني لمساعدة الأعضاء على تهيئة الظروف الاقتصادية والمؤسسات المناسبة للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي، وتعزيز النمو وفرص العمل، وتحسين مستويات المعيشة.

ويمكن تحقيق هذه المهمة من خلال آلية فريدة لتوليد الموارد وتوزيعها، ويشبه الصندوق إلى حد كبير، اتحاداً ائتمانياً للدول بقدرة إقراضية تقارب تريليون دولار.

الصندوق لا يقدم مساعدات إنمائية

في تقرير حديث، كشف الصندوق عن أن دور الأعضاء لا يقتصر على إيداع الأموال لكسب فوائد على ودائعهم، بل يمكنهم أيضاً الاستفادة من هذه الموارد من خلال الحصول على قرض، إذ تخصص لدوله الأعضاء (191 دولة)، حصص فردية بناء على وضعها النسبي في الاقتصاد العالمي.

وتمثل هذه الحصص اللبنات الأساسية للهيكل المالي للصندوق، إذ تحدد الحد الأقصى للمساهمة المالية لكل عضو، وتساعد أيضاً في تحديد المبلغ الذي يمكن للدولة اقتراضه من الصندوق.

نموذج يفيد المقترضين والدائنين على حد سواء ففي مقابل توفير الموارد اللازمة لقروض صندوق النقد الدولي، تحصل الدول الأعضاء على مطالبة بفائدة، سائلة، وآمنة على الصندوق، والأهم من ذلك، أن هذه المطالبة تحتسب كجزء من احتياطات النقد الأجنبي للدول الأعضاء.

وهذا يعني أيضاً أنه، على عكس كثير من المنظمات الدولية الأخرى، لا يعتمد صندوق النقد الدولي على الرسوم السنوية أو المنح من مخصصات ميزانيات أعضائه، وكل هذا مهم للاقتصاد العالمي، فمن خلال تجميع موارد الدول الأعضاء، يلعب صندوق النقد الدولي دوراً محورياً في شبكة الأمان المالي العالمية، فهو يدعم الدول التي تكافح للوفاء بالتزاماتها المالية الدولية، مثل سداد ثمن الواردات أو خدمة ديونها الخارجية، وفي مواجهة أزمة ميزان المدفوعات هذه تستطيع البلدان أن تسعى إلى الحصول على المساعدة السريعة من صندوق النقد الدولي.

وللتوضيح، لا يقدم الصندوق مساعدات إنمائية أو تمويلاً للمشاريع، مثل قروض بناء البنية التحتية وما إلى ذلك، بل تقوم بذلك مؤسسات أخرى، وبصفته مقرضاً أخيراً، يقدم الصندوق دعماً موقتاً بالسيولة للدول التي تعاني ضغوطاً، لكن فوائد هذه المساعدة ملموسة بالقدر نفسه.

وتساعد قروض صندوق النقد الدولي على تخفيف أثر الأزمة في الناس العاديين، فهي تعيد الثقة وتتيح "متنفساً" حيوياً لمواصلة الإصلاحات الاقتصادية التي يمكن أن تساعد الدول على النهوض من جديد.

وهذا يفيد الجميع، حتى أقوى الاقتصادات، فإذا ترك عدم الاستقرار من دون معالجة في بلد أو منطقة واحدة، فقد يمتد بسهولة إلى بلدان أخرى، بما في ذلك من خلال تقلبات تدفقات رأس المال وزيادة ضغوط الهجرة، بعبارة أخرى، فإن دعم بلد محتاج هو في المصلحة الذاتية المستنيرة لجميع الدول.

آليات حصول الدول على قروض من الصندوق

عندما تقترض الدول الأعضاء من صندوق النقد الدولي، تحصل الدول الدائنة على تعويض عادل على الموارد المتاحة لإقراض الصندوق (الفائدة السوقية التي تتوقع الحصول عليها على قرض خال من الأخطار عملياً).

وتشمل قائمة الدائنين الدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي التي تتمتع بأوضاع اقتصادية قوية، لا سيما في حساباتها الخارجية، بما يكفي لدعم الدول الأخرى، في عام 2024، تلقت نحو 50 دولة دائنة نحو 5 مليارات دولار كفوائد على الموارد التي قدمتها لقروض صندوق النقد الدولي غير الميسرة، ويستفيد الأعضاء أيضاً من قوة الموارد المجمعة.

فعلى سبيل المثال، الولايات المتحدة الأميركية وهي أكبر مساهم في صندوق النقد الدولي، فمقابل كل دولار تقدمه الولايات المتحدة للإقراض، يحصل صندوق النقد الدولي على أربعة دولارات من دول أخرى.


وإجمالاً، تبلغ القدرة الإقراضية الإجمالية للصندوق ما يقرب من تريليون دولار، ويمكن لقروضه أيضاً أن تكون بمثابة حافز للتمويل الحيوي من المؤسسات المالية الدولية الأخرى، والأهم من ذلك، من القطاع الخاص.

بالنسبة إلى الدول المقترضة، توفر العضوية شريان حياة للاقتصاد الكلي، إذ تمثل مبالغ القروض أضعاف حصصها الفردية، ولمواجهة التحديات الاقتصادية الكامنة، تأتي القروض مصحوبة بتصميم برنامج صندوق النقد الدولي وشروطه. وتنعكس فوائد هذه الشروط والأحكام في أسعار فائدة معقولة على القروض من صندوق النقد الدولي، هذه الأسعار أقل بكثير مما قد تواجهه الدول المتضررة من الأزمة في أسواق رأس المال الخاصة.

تدفع الدول المقترضة التي تحصل على قروض صندوق النقد الدولي العامة، أو غير الميسرة، سعر فائدة يعادل السعر المدفوع للأعضاء الدائنين إضافة إلى هامش ربح ضئيل، إضافة إلى ذلك، يدير الصندوق صناديق ائتمانية تقدم تمويلاً أرخص وأكثر تسهيلاً لأفقر أعضائه.

وتعتبر مساهمات أعضاء صندوق النقد الدولي آمنة بفضل ضمانات الإقراض القوية التي يقدمها الصندوق، وموازنته العمومية المتينة، واحتياطاته الكبيرة، وسددت قروض صندوق النقد الدولي دائماً، هذا يعني أن الصندوق لم يتكبد أية خسارة ائتمانية، ولم تتكبد أية دولة أية خسارة في مطالباتها على الصندوق.

كيف يغطي الصندوق نفقات التشغيل؟

يشكل الهيكل المالي الفريد لصندوق النقد الدولي جوهر وظيفته الإقراضية، ولكن هذه ليست ميزته الفريدة الوحيدة، فمع عضويته شبه العالمية، يعد صندوق النقد الدولي المؤسسة العالمية الوحيدة المخولة من قبل أعضائه بإجراء "فحوصات صحية" منتظمة لاقتصاداتهم، وهو ما يسمى بمشاورات المادة الرابعة لصندوق النقد الدولي.

إضافة إلى ذلك، يقدم الصندوق أبحاثاً ونصائح سياسية متطورة، بدءاً من التعامل مع الديون ووصولاً إلى مكافحة غسل الأموال وتصميم إصلاحات تعزز الإنتاجية، كذلك يعمل مع الأعضاء لبناء مؤسسات اقتصادية، مثل أنظمة إدارة الضرائب والأطر النقدية التي تدعم صنع السياسات السليمة وتتيح المساءلة في الوظائف العامة.

ولتنفيذ برنامج العمل هذا، يتحمل صندوق النقد الدولي نفقات إدارية، إلا أن الصندوق لا يعتمد على مخصصات الميزانية السنوية أو أي دعم آخر من دافعي الضرائب لتغطية هذه النفقات.

بدلاً من ذلك، تغطى هذه النفقات بالكامل من دخل الإقراض والاستثمارات، إذ تمكن هذه التدفقات من الدخل، والإدارة الحكيمة للنفقات ضمن إطار ميزانية ثابتة، الصندوق من مواصلة بناء الاحتياطات. تبلغ الميزانية الإدارية لصندوق النقد الدولي اليوم، بعد تعديلها وفقاً للتضخم، حجمها نفسه تقريباً قبل 20 عاماً.

توعد جميع هذه العناصر في الهيكل المالي لصندوق النقد الدولي بالغة الأهمية، فهي فريدة من نواح عدة، لكن مبادئها الأساسية بسيطة، وقد كرست عند نشأة المؤسسة.

وفي حديثه في مؤتمر "بريتون وودز" عام 1944، أشار وزير الخزانة الأميركي هنري مورغنثاو إلى أن "التفاصيل الفعلية للاتفاق النقدي والمالي الدولي قد تبدو غامضة، إلا أن جوهرها يكمن في أبسط حقائق الحياة اليومية".

اندبندنت عربية



المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=126&id=202174

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc