الغاز يتدفق إلى سوريا لحل أزمة الكهرباء
د زياد عربش : يدعو لإعلان خطة طاقوية متكاملة ومندمجة ضمن خطة اقتصادية وطنية محكمة





عقد لـ3 أعوام بكلفة 365 مليون دولار ومتخصصون يرون أنه سيحسن الوضع الاقتصادي

 

من المتوقع أن تصل كمية واردات سوريا من الغاز الأزري خلال أيام قليلة إلى مستوى 3.4 ملايين متر مكعب بعد فترة التجربة. 

سيرياستيبس

يرى متخصصون أن إمدادات الغاز من أذربيجان ستكون كفيلة بحل العقبة الأهم أمام إطلاق مسار إعادة الإعمار والدفع بعجلة الإنتاج في سوريا.

قال نائب رئيس شركة النفط الأذرية "سوكار" إلشاد نصيروف، إن أذربيجان ستصدر 1.2 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً إلى سوريا من حقل شاه دنيز للغاز في بحر قزوين، الذي تديره شركة "بي بي".

وأدلى نصيروف بالتصريح لوكالة "رويترز" في جنوب تركيا، قرب الحدود السورية، مع بدء تركيا وأذربيجان تصدير الغاز الطبيعي إلى سوريا.

بحسب الاتفاقية الموقعة بين سوريا وأذربيجان تبدأ اليوم إمدادات الغاز الطبيعي بالوصول إلى سوريا، عبر الشبكة التركية باتجاه المنطقة الحدودية كيليس ثم الشبكة السورية باتجاه حلب "المحطة الحرارية بجبرين".

ومن المتوقع أن تصل كمية واردات سوريا من الغاز الأزري خلال أيام قليلة إلى مستوى 3.4 مليون متر مكعب بعد فترة التجربة واجتياز كافة العوائق التقنية، كون الكمية السنوية المتفق عليها 1.2 مليار م3 لمدة ثلاثة أعوام، وبما يسمح بتوليد نحو 900 ميغاوات من الكهرباء، ويأتي ذلك ضمن تعاون مشترك بين شركة النفط الوطنية الأذرية والحكومة السورية متمثلة بوزارة الطاقة بهدف دعم قطاع الطاقة السوري وتوريد الغاز الطبيعي عبر تركيا والتنسيق في استكشاف النفط بموجب مذكرة تفاهم وقعت في 12 من يوليو (تموز) الماضي.

وكان وزير الطاقة السوري أعلن في تصريحات صحافية أن استيراد الغاز من أذربيجان ستسهم في تعزيز استقرار الشبكة الكهربائية، مشيراً إلى أن الحكومة السورية تتابع تنفيذ هذه الإجراءات ضمن خطة وطنية لتأمين حاجات الطاقة وتخفيف الأعباء عن المواطنين.

 وسيخصص الغاز المستورد من أذربيجان لتوليد الكهرباء، مما سيؤدي إلى زيادة مدة وصل الكهرباء بنحو خمس ساعات يومياً علماً أن توريد الغاز من أذربيجان يأتي ضمن اتفاق لمدة ثلاثة أعوام، لكن ومع انعكاس الأمر على واقع التغذية اليومية فإن السوريين يواجهون زيادة أسعار الكهرباء وفقاً لما أعلنه مسؤولون في الحكومة السورية.

تمويل قطري

استيراد الغاز سيكون بتمويل من قطر بفاتورة تبلغ 365 مليون دولار، ووفقاً لوسائل إعلام فمن المتوقع أن تتلقى الحكومة السورية الجديدة دفعة قوية بعد موافقة قطر على دفع كلفة زيادة إمدادات الغاز الطبيعي إليها، ونقل عن مسؤول قطري فضل عدم الكشف عن اسمه، أن قطر التي تقدم بالفعل تمويلاً لتوصيل الغاز إلى محطات الطاقة السورية، ستضاعف الكمية تقريباً اعتباراً من الشهر المقبل لأكثر من 5 ملايين شخص.

وذكرت وسائل إعلام أنه من المتوقع أن تحسن مبادرة قطر إمدادات الطاقة اليومية بنسبة 40 في المئة في مختلف المناطق التجارية والصناعية وبذلك يرتفع إجمالي مساهمة صندوق قطر للتنمية في قطاع الكهرباء في سوريا إلى أكثر من 760 مليون دولار.

 ويرى متخصصون سوريون أن إمدادات الغاز من أذربيجان إلى سوريا ستكون كفيلة بحل العقبة الأهم أمام إطلاق مسار إعادة الإعمار والدفع بعجلة الإنتاج في سوريا، بل ذهبوا للقول إن أحد العوامل المتحكمة بدخول الاستثمارات إلى سوريا يتعلق بتوفر الطاقة التي تشكل التحدي الأهم أمام انطلاق الاقتصاد السوري.

زيادة إنتاج سوريا من الكهرباء إلى 2900 ميغا

المتخصص في مجال الطاقة زياد عربش قال، إن تأمين الغاز من أذربيجان يعني زيادة إمدادات محطات التوليد السورية بنسبة 50 في المئة مقارنة بما تنتجه سوريا حالياً من الغاز الطبيعي والبالغ 6 ملايين متر مكعب يومياً، وهذا سيؤدي إلى رفع كميات الكهرباء المنتجة من 2000 ميغا حالياً إلى 2900 ميغا، مع وجود اتفاقية بين تركيا وسوريا بإمداد الجانب التركي لسوريا بالكهرباء مباشرة بحدود 400 إلى 500 ميغا واط.

أشار إلى أن زيادة كميات الكهرباء المنتجة ستكون له آثار إيجابية مهمة على القطاع السكني والأهم سيظهر على القطاع الإنتاجي والسكني كون زيادة ساعات التغذية للقطاعات الإنتاجية والخدمية والتخديمية يعني تجاوز الحد الحرج في عمليات الإنتاج من أربع ساعات للكهرباء في المعامل حالياً إلى ست أو سبع ساعات تغذية، بالتالي استغلال طاقات الإنتاج، ونفس الأمر للقطاع السكني الذي يتضمن نسبة مهمة من القطاع غير المنظم التجاري والصناعي والزراعي والذي يتزود بالتيار وهو منتج بالمعنى الاقتصاد وإن كان غير رسمي وهو قطاع واسع ولا يستهان به.

عربش أوضح في حديثه مع "اندبندنت عربية" أن سعر الغاز المستورد من أذربيجان سيكون بحدود 300 ألف دولار لكل مليون متر مكعب، أي أقل بـ50 دولاراً من الغاز الروسي، وهذا يعني أن فاتورة استيراد الغاز اليومية ستقارب مليون دولار يومياً، ولن تقل عن ذلك كثيراً حتى بوجود أسعار تفضيلية.

المتخصص السوري جزم بأن الحكومة السورية ستلجأ إلى رفع سعر الكهرباء كون السعر الحالي للكهرباء وتحديداً المنزلي لا يغطي إلا نسبة بسيطة من الكلفة الحقيقية، بالتالي سنشهد ضغوطاً تضخمية في أسعار مجمل السلع والخدمات في البلاد بما فيها السلع الأساسية كالخبز الذي لا يزال مدعوماً والخدمات الصحة وغيرها، وذلك لتأمين فاتورة تقدر بـ365 مليون دولار سنوياً لمجمل كميات الغاز المورد من أذربيجان ضمن عقد يستمر لمدة ثلاثة أعوام.


وأكد ضرورة إعلان سوريا لخطة طاقوية متكاملة ومندمجة ضمن خطة اقتصادية وطنية محكمة الصياغة، بخاصة أن تلبية حاجات سوريا من حوامل الطاقة تفرض تكامل سياسة التصدي لمسألة الهدر قبل أي أمر آخر مهما كان مهماً، بخاصة أن نسبة الفاقد الكهربائي تصل إلى 40 في المئة.

على التوازي ينصح عربش بمتابعة تنفيذ مشاريع الطاقات المتجددة التي يعول عليها كثيراً في تلبية قسم مهم من الحاجات، وذلك ضمن منظور اقتصادي كلي بحيث لا تكون أسعار هذه الحوامل بمعزل عن النفع الاقتصادي العام.

وأكد عربش أن زيادة إنتاجية كل الفعاليات الاقتصادية مع مواجهة كل فواقد الطاقة وبجدية يعني تحسين الكثافة الطاقوية جوهرياً، أي زيادة الناتج المحلي باعتماد سياسة طاقوية جريئة وقابلة للتنفيذ والتتبع.

الكهرباء الصناعية في سوريا الأغلى عالمياً

صناعيون سوريون رحبوا بقدوم الغاز من أذربيجان، بخاصة أنه سيساعدهم في الحصول على الكهرباء لساعات أطول مما هي عليه الآن، ولكنهم أبدوا مخاوفهم من رفع مجدد لأسعار الكهرباء، إذ يبلغ سعر الكهرباء الصناعية في سوريا حالياً 20 سنتاً وهي أغلى كهرباء في العالم بحسب وصفهم، وتجعلهم عاجزين عن المنافسة حتى مع دول الجوار التي تبيع الكهرباء للصناعيين أرخص من سوريا.

ويرى الصناعي محمد سعد الدين، أن الطاقة تشكل اليوم التحدي الأهم أمام انطلاق الاقتصاد السوري، وأن توفيرها سيكون خطوة وصفها بالمعجزة بعد كل الخراب الذي لحق بمحطات توليد الكهرباء وبقاء غالب آبار الغاز والنفط خارج سيطرة الدولة.

وأكد أن رفع إنتاج سوريا من الكهرباء سيساعد في دخول الاستثمارات وبخاصة المصانع التي تتطلب كهرباء مثل معامل الأسمنت، لكنه حذر من أن ارتفاع أسعار الكهرباء الصناعية سيشكل تحدياً كبيراً أمام المستثمرين، مؤكداً ضرورة أن تلجأ الحكومة السورية إلى دراسة أسعار الكهرباء بالشكل الذي يجعل القطاعات الاقتصادية في البلاد قادرة على المنافسة في الأسواق المحلية والتصديرية على حد سواء.

حتمية التوجه نحو استثمار الغاز والنفط المحلي

إلى ذلك قال الكاتب المتخصص في مجال الطاقة معد عيسى أن النجاح في إتمام استيراد الغاز من أذربيجان أمر في غاية الأهمية ويحسب للحكومة التي تدرك حتمية وضرورة رفع إنتاج البلاد من الكهرباء، بخاصة أن البلاد تقف على أعتاب مرحلة إعادة إعمار، علاوة على أن كل تلك الاستثمارات التي جرى الإعلان عنها سواء مع السعودية أو قطر والإمارات وغيرها يبدو تنفيذها مرهوناً بتوفر الطاقة.

أضاف أن موضوع الكهرباء أصبح بالنسبة إلى السوريين قضية وليس مشكلة فحسب، والحل الذي جاء مع قدوم الغاز من أذربيجان يجب أن يكون فرصة للعمل وعلى التوازي من أجل استثمار قطاع النفط والغاز المحلي واعتباره منقذاً وحيداً لأن الاستمرار توريد الوقود سيكلف الدولة أموالاً طائلة، ولذلك يجب العمل على زيادة الكميات لتغطية حاجة محطات التوليد الكهربائي.

وأكد أن التركيز على الإنتاج المحلي شبه مضمون النتائج بحسب الواقع الذي تؤكده الدراسات والصراعات الخفية للاستحواذ على ثروات سوريا النفطية، ويعد الاستثمار في هذا القطاع من أكثر الاستثمارات عائدية وموثوقية سواء كان المستثمر خارجياً أم داخلياً.

وأردف قائلاً، "ما لم يجر التوجه إلى هذا الخيار فإن مشكلة البلد الأساسية ستبقى وسنخسر حتى الاستثمارات الخارجية التي ستمنعها الطاقة المرتفعة الكلف من القدوم لأن المنافسة سواء بالسوق المحلية أو الخارجية لن تكون لمصلحتها".

وأشار إلى أن فتح المجال أمام الجميع للاستثمار في قطاع الكهرباء بجميع مصادره التقليدية أو المتجددة سيسرع من تحسين الواقع الكهربائي وسيقلل من الكلفة التي تحسب قيمة مضافة لتشجيع الاستثمار.

وتعاني سوريا من أزمة كهرباء مزمنة مستمرة منذ نحو 14 عاماً، بعجز بلغ 80 في المئة من حاجاتها الفعلية، وقدرت وزارة الكهرباء في حكومة النظام المخلوع، الخسائر التي تكبدها قطاع الكهرباء منذ بداية الحرب بنحو 2.4 مليار دولار من حيث القدرة الإنتاجية وكلفة إعادة إعمار خطوط التغذية، في حين سجلت الأضرار المباشرة لقطاع الكهرباء مع حلول عام 2024 نحو 40 مليار دولار، أما الأضرار غير المباشرة فقدرت بنحو 80 مليار دولار.

وتراجع إنتاج سوريا من الغاز من 8.7 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، إلى 3 مليارات متر مكعب سنوياً بحلول عام 2024، مما أدى إلى تراجع إنتاج الكهرباء، ومع قدوم الغاز من أذربيجان فإن سوريا ستتمكن من رفع إمكاناتها على توليد الكهرباء مما سينعكس على مختلف نواحي الحياة في البلاد.

اندبندنت عربية



المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=136&id=202498

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc