ورغم أن العرض يقدم هذه الإمكانات في إطار شراكة مع القطاع الخاص، إلا أن هذا التوجه يثير تساؤلات جدية حول مستقبل الشركة، وأصولها، وحقوق العاملين فيها، خاصة في ظل غياب أي مشروع وطني متكامل لإدارة وتنظيم استثمار أصول الشركات الإنشائية العامة في سورية.
دور الشركة وإنجازاتها لا ينبغي التفريط بها
على مدى سنوات طويلة، لعبت
الشركة العامة للطرق والجسور دوراً رئيسياً في بناء وصيانة البنية التحتية
في دمشق، بما في ذلك تنفيذ مشاريع إعادة تأهيل الطرق الرئيسية وإنشاء جسور
حيوية تدعم التنمية العمرانية.
هذا الأداء الملموس هو نتاج جهود مستمرة من العمالة المدربة والإدارة الحكومية التي تواجه تحديات اقتصادية قاسية.
مخاطر الاستثمار الخاص.. تفريط في الأصول الوطنية وحقوق العمال
إن إدخال القطاع الخاص لإدارة هذه الإمكانات يضع الشركة في موقف هش، ويعرّضها لمخاطر حقيقية منها:
فقدان
السيطرة على أصول الدولة، فقد تتحول الموارد الوطنية إلى أدوات ربح خاص
بعيداً عن المصلحة العامة، مع مخاطر فقدان هذه الأصول أو تدهورها على المدى
المتوسط والطويل.
تهديد استمرارية الشركة من خلال تقليص دور الشركة، أو حتى إضعافها بشكل يجعلها غير قادرة على الاستمرار كجهة عامة مسؤولة.
الإضرار
بحقوق العمالة المدربة، فالعمال الذين يمثلون العمود الفقري للشركة معرضون
للتهميش أو الاستغناء عنهم، مما يؤدي إلى هدر خبراتهم وانهيار جودة العمل.
غياب
ضمانات قانونية واضحة، فالعرض المعلن يفتقر إلى إطار تنظيمي يضمن حماية
حقوق الشركة والعاملين فيها، ويؤمن استمرارية أداء مهامها الوطنية.
غياب المشروع الوطني المتكامل ثغرة كبيرة في إعادة الإعمار
هذه المبادرات المنفردة التي تقتصر على فرع دمشق لا تعكس رؤية وطنية شاملة تضع خطوطاً واضحة لإدارة أصول، وإمكانات شركات الإنشاءات العامة عبر البلاد، خاصة مع الحاجة الملحة لتوسيع جبهات العمل في كل المحافظات خلال عملية إعادة الإعمار.
ضرورة تعزيز الدور الحكومي بدلاً من التفريط
إن المرحلة الراهنة التي تمر بها سورية تتطلب تعزيز قدرة الدولة على إدارة أصولها بكفاءة، وضمان استمرار الشركات الحكومية في أداء دورها الوطني، وليس تفويضها أو التفريط بها لمصالح القطاع الخاص التي تركز بالأساس على الربح السريع المضمون، بعيداً عن أهداف التنمية المستدامة والمصلحة العامة.
المصلحة الوطنية وضرورة حماية أصول الدولة
طرح إمكانات شركة الطرق والجسور
بدمشق للاستثمار الخاص لا ينبغي أن يُقرأ على أنه الحل الأمثل لإعادة
الإعمار، بل يحمل مخاطر كبيرة على استمرارية الشركة وأصولها وحقوق عمالها،
ويعكس غياب رؤية استراتيجية وطنية متكاملة.
المصلحة الوطنية تقتضي ضرورة
حماية أصول الدولة، وتطوير الشركات العامة داخلياً، وتعزيز دورها بدلاً من
إضعافه عبر التفريط في مواردها الحيوية تحت ذرائع الاستثمار الخاص.
قاسيون