السياسة النقدية في سورية... التعويم المدار بين النظرية والتطبيق
08/09/2025




سيرياستيبس :

تشكل السياسة النقدية في الدول النامية، ولا سيما تلك التي تعاني من أزمات اقتصادية عميقة، محوراً أساسياً في تحديد مسارات الاقتصاد الكلي. وفي الحالة السورية، أعلن مصرف سورية المركزي اعتماده سياسة «التعويم المدار» للعملة المحلية، مع طرح مرتقب لعملة جديدة وحذف صفرين من الليرة السورية. غير أن المعطيات القائمة– من غياب الاحتياطي الأجنبي إلى الأدوات المستخدمة– تثير تساؤلات جدية حول مدى واقعية هذه السياسات وقدرتها على استعادة الاستقرار النقدي.

التعويم المدار في النظرية والتطبيق

بحسب الأدبيات الاقتصادية، يقوم التعويم المدار على ترك سعر الصرف يتحدد بالعرض والطلب، مع احتفاظ المصرف المركزي بحق التدخل في السوق لاحتواء تقلبات مفرطة. لكن نجاح هذا النظام مشروط بامتلاك احتياطي معتبر من العملات الأجنبية، يسمح بامتصاص الصدمات عبر عمليات البيع والشراء.

في التجربة السورية، اعترف المصرف المركزي بعدم توفر احتياطيات أجنبية كافية، ما يجعل التدخل الفعلي غير ممكن. وبذلك يصبح «التعويم المدار» في التطبيق أقرب إلى التعويم الحر، حيث يتحدد السعر عملياً في السوق الموازي، وهو ما يتنافى مع جوهر الفلسفة التي يقوم عليها النظام المعلن.

أدوات السياسة النقدية الحالية

يقتصر تدخل المصرف المركزي السوري على أدوات كمية وإدارية داخلية، تشمل:

هذه الأدوات، وإن كانت قد تخفف جزئياً من الطلب على الدولار، إلا أنها تؤدي إلى نتائج جانبية سلبية أبرزها: الانكماش الاقتصادي- تراجع الثقة بالنظام المصرفي- وزيادة الاعتماد على النقد الأجنبي والدولرة الرسمية وغير الرسمية.

التأثيرات الاقتصادية المترتبة

بداية يمكن عرض بعض التأثيرات السلبية على الإنتاج الصناعي، ومنها:

أما على الإنتاج الزراعي فيمكن عرض بعض التأثيرات التي نلخصها بالآتي:

وعلى الاقتصاد الكلي فتتكثف التأثيرات السلبية بما يلي:

وأخيراً التأثيرات السلبية على المواطن التي نلخصها بالنقاط الآتية:

بغياب الإصلاحات الشاملة سيستمر عدم الاستقرار

تشير الدراسات والأبحاث الاقتصادية والتجارب الدولية إلى أن التعويم المدار يتطلب احتياطيات أجنبية معتبرة، بينما السياسة المطبقة في سورية تعتمد على أدوات تقييد السيولة فقط.

هذا التوجه انعكس سلباً على الإنتاج الصناعي والزراعي والاقتصاد الكلي والمواطن، في ظل تضخم متصاعد وفقدان الثقة بالعملة.

أما إصدار عملة جديدة مع حذف الأصفار، فهو إجراء إداري ونفسي أكثر من كونه إصلاحاً نقدياً حقيقياً.

ومن دون إصلاحات عميقة وشاملة، فإن السيناريو الأرجح هو استمرار عدم الاستقرار النقدي وتوسع السوق الموازي.

قاسيون



المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=126&id=202850

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc