من يطمح لأن يصبح تريليونيرا؟ إيلون ماسك، بالطبع.
07/10/2025
عندما يتعلق الأمر باتفاق على مكافأة مالية ضخمة إلى درجة قد تجعل إيلون ماسك قريباً في مرتبة تعادل واحداً من أكبر الاقتصادات العالمية، يواجه الرجل بعض الاعتراضات. هذا الأسبوع، أصبح رئيس "تيسلا" أول شخص في التاريخ تصل ثروته الصافية إلى 500 مليار دولار (370 مليار جنيه استرليني)، ومع دفعة مستقبلية قد يصبح أول تريليونير في التاريخ، بثروة تعادل 1000 مليار دولار.
سيجعله ذلك أكثر ثراءً من بلجيكا
ثمة فريق يضم مجموعة "أس أو سي للاستثمار"، وهي منظمة تسعى إلى محاسبة الشركات ومسؤوليها على السلوك غير الأخلاقي والرواتب المبالغ فيها، إلى جانب صناديق تقاعد ونقابات وعدد من المسؤولين الأميركيين، وجه رسالة تحض المستثمرين في "تيسلا" على التصويت ضد الحزمة الضخمة في الاجتماع الذي تعقده الشركة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. كذلك دعا الفريق المساهمين إلى رفض إعادة انتخاب ثلاثة من أعضاء مجلس الإدارة وافقوا على الخطة. وجاء في نص الرسالة "يبدو أن السعي المحموم من مجلس الإدارة إلى الاحتفاظ برئيسه التنفيذي أضر بسمعة الشركة، وأدى إلى مستويات غير مسبوقة في مجال التعويضات المخصصة للمسؤولين التنفيذيين، وأخّر التقدم في تحقيق أهداف أساسية مثل القيادة الذاتية الكاملة للمركبات". تبدو هذه الرسالة وكأنها مجرد خطوة أولى في معركة طويلة قد تشمل اللجوء إلى المحاكم، التي سبق أن تدخلت في حزم مكافآت لماسك السابقة.
ومع احتمال أن يصبح ماسك أول رئيس تنفيذي تريليونير في العالم، يبدو أن "تيسلا" تعي حجم المشكلة التي قد تواجهها على صعيد العلاقات العامة. بدأ حسابها على منصة "إكس" ينشر منشورات تحض المستثمرين على اتباع "توصيات مجلس الإدارة في شأن المقترحات 'كلها'" – والتأكيد على "كلها" صدر عن "تيسلا" وليس عن كاتب هذا المقال.
جاء تأكيد "كلها" لأنني أظن أن بعض مساهمي "تيسلا" في الأقل قد يكونون أكثر ميلاً إلى التصويت ضد الحزمة مقارنة بأعضاء مجلس الإدارة. فالأعضاء من غير المسؤولين التنفيذيين يتقاضون أجوراً لمراقبة الإدارة نيابة عن المساهمين. هل هناك من يعتقد حقاً أن مجلس إدارة "تيسلا" يقوم بهذا الدور بكفاءة؟ ومع ذلك، من النادر أن يواجه أعضاء مجالس الإدارة رفضاً كبيراً لإعادة انتخابهم، بينما الاعتراض على حزم الرواتب أمر أكثر شيوعاً.
تبدو تكتيكات "تيسلا" زاخرة بالتلاعب. خذوا، مثلاً، منشوراً ظهرت فيه كيوكو Kiyoko، وهي موظفة جذابة وودودة تعمل في الشركة منذ 12 عاماً. نراها تبتسم وهي تقف في أحد المصانع ثم تجلس على كرسي مريح لتتحدث في مقابلة بحماسة عن الشركة، وتشرح كيف أنها، الموظفة، استخدمت "أسهم (أسمها) في 'تيسلا' المكتسبة بجهد" لشراء منزل جديد.
الفكرة التي يريد المنشور إيصالها هي أن المستفيد من المنح المؤلفة من أسهم ليس إيلون وحده، ذلك أن الموظفين "الصغار" يحصلون أيضاً على بعضها. ثمة بعض الفتات الذهبي المخصص لهم!
هنيئاً لكيوكو. آمل فقط أن تنجو من حملة خفض التكاليف المقبلة، حينما يتجاهل مسؤولو "تيسلا" على الأرجح تكلفة وجود مديرة تنفيذية مشهورة.
تسلّط الرسالة الضوء بحق على مشكلة هذه الشركة، وهي أن مجلس إدارتها يبدو مقتنعاً أن "تيسلا" هي إيلون، وأن إيلون هو "تيسلا". كيوكو غير مهمة لهم. وكذلك الأمر بالنسبة إلى زملائها: العاملين والمهندسين والعباقرة وحتى المسؤولين الآخرين. الأعمال ممارسة جماعية، لكن "تيسلا" تريدنا أن نصدق أنها عرض يقوم به رجل واحد. إخلاصها لماسك بات الآن أقرب إلى طقس ديني.
إلى أين أوصل هذا الإخلاص "تيسلا"؟ المبيعات متقلبة، في الأقل في أوروبا، وسعر السهم متأرجح كأفعوانية. ارتفع سعر السهم بعدما اشترى ماسك دفعة أسهم بقيمة مليار دولار من جيبه المليء، في خطوة اعتبرتها السوق إشارة إلى ثقته بآفاق "تيسلا".
كذلك أعلنت الشركة عن تسليم عدد قياسي من المركبات في الفصل الثالث من عام 2025. لكن ذلك جاء لأسباب منها انتهاء العمل بإعفاء ضريبي في الولايات المتحدة، مما دفع المشترين إلى الإسراع بالشراء قبل انتهاء المهلة. كيف ستسير المبيعات في غياب هذا العامل؟ سنرى. أنصح حاملي الأسهم بربط الأحزمة.
أهداف "متمددة"
الحجة الرئيسة التي يطلقها مجلس الإدارة في شأن المكافأة المخصصة لماسك هي أن "تيسلا" يجب أن تحقق أهدافاً "متمددة" (كلمة شائعة في حزم كهذه) لكي يحصل على كامل المكافأة المؤلفة من أسهم. سيكون تحقيق الأهداف بالفعل إنجازاً ضخماً: على ماسك أن يشرف على بيع مليون روبوت تعمل بالذكاء الاصطناعي، و12 مليون سيارة "تيسلا"، وأن يرفع القيمة السوقية للشركة ثمانية أضعاف.
إذا تمكن من تحويل كل دولار إلى ثمانية دولارات، فما الذي سيقلق المساهمين؟ الإجابة: سيُطلَب منهم التنازل عن شركتهم، وهي بالفعل شركتهم.
لا يكفي أن ماسك يملك أصلاً حصة كبيرة سترتفع قيمتها أيضاً ثمانية أضعاف إذا نجح في المهمة. لقد تذمر رئيس "تيسلا" مراراً من "افتقاره للسيطرة" على الشركة، وجارى مجلس الإدارة هذا التذمر. سترفع هذه الحزمة حصته من 16 في المئة إلى 25 في المئة.
يأتي ذلك كله في مقابل عمل بدوام جزئي. فإيلون اليوم يبدو كلاعب خفة يتداول أطباقاً تفوق عدداً ما يوجد في مطابخ أكبر فنادق نيويورك. إلى جانب "تيسلا"، هناك "سبيس إكس" وشركاته الأخرى. وهو يملك "إكس"، وبدأ مسيرة مهنية ثانية كناشط سياسي ومؤثر عبر وسائل التواصل الاجتماعي من خلال هذه المنصة.
مغامرات
وتتمثّل آخر مغامراته في الحروب الثقافية في الدعوة إلى مقاطعة "نتفليكس" بسبب محتواها. السؤال الذي لم أره يُطرَح وسط الجدل المحتدم هو: كيف يمتلك إيلون ماسك اشتراكاً في "نتفليكس" أصلاً؟ متى يجد وقتاً لمشاهدتها؟ الرجل منشغل بصياغة تغريداته الغاضبة...
أما المشكلة الوسعى في هذه العبثية فتتلخّص في أثرها في حزم رواتب الرؤساء التنفيذيين للشركات الأخرى. سيطرق هؤلاء أبواب مجالس الإدارة في شركاتهم مطالبين بحزم مماثلة. وهم ليسوا جميعاً "نجوماً" مثل ماسك. هم أبعد ما يكونون عن ذلك.
لقد حان الوقت ليكون المساهمون واقعيين: لا تصب الحزمة في مصلحتهم بأي حال من الأحوال. ولا تصب بالتأكيد في مصلحة "تيسلا" كشركة، فهي ستستمر في الوجود بعد غياب ماسك.
لقد حان الوقت لانضمام المساهمين إلى الموقعين على الرسالة المذكورة والتصويت بـ"لا". والسؤال المطروح هو ما إذا كان عدد كافٍ منهم سيفعل ذلك لإحداث فارق. فهذه لن تكون المرة الأولى التي يدعمون فيها حزمة مجنونة كهذه.
اندبندنت عربية
المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=145&id=203194