رفع أسعار الكهرباء ما بين المستفيد والفئات المتضررة
02/11/2025
سيرياستيبس :
حالة من التباين في الآراء ” مواطنين- فعاليات اقتصادية واجتماعية وخبراء وغيرهم كثير..” حول قرار رفع أسعار الكهرباء، فالحكومة تعتبرها خطوة إيجابية وجريئة، انطلاقاً من نظرتها في معالجة تشوهاتها، وآخرون يرون فيها صحيحة، لكن ليس وقتها، والكثير يرون أن فيها عبئاً كبيراً على الأسر والقطاعات الإنتاجية وغيرها، فالجميع على صواب، الظروف صعبة، والحالة المعيشية أصعب، والحالة الإنتاجية تحتاج لمزيد من الدعم، وليس لما يثقل كاهلها، وخزينة الدولة تريد ترشيد وتحسين مواردها وإنفاقها”.. (وحلها إذا بتنحل معك”)..!
قطاع متهالك إنتاجاً وتوزيعاً
وبالتالي هذه معضلة صعبة الحل، وبرأي الخبير الاقتصادي الدكتور شفيق عربش ” أنها معقدة وشائكة” خلال رده على سؤال “الحرية” حول قرار رفع أسعار الكهرباء، واعتبارها وفق رأي الحكومة “خطوة ضرورية نحو إنقاذ قطاع الكهرباء” وبالتالي كلنا متفقون على أن قطاع الكهرباء في سوريا، قطاع متهالك من الإنتاج إلى التوزيع، إلى المستخدم النهائي، ولا يمكن بأي حال من الأحوال الاستمرار بالأسعار التي كانت سائدة حتى صدور هذا القرار.
عربش: الاقتصاد الحر ليس برفع الأسعار بل بتصحيح آليات التسعير وفي مقدمتها أجور العاملين في الإدارات الإنتاجية والخدمية
اقتراحات بديلة
لكن بالمقابل فإن هذا القرار جاء صدمة كبيرة، لشريحة واسعة من الشعب السوري، لا بد من خطوات عملية مدروسة لإنقاذ هذا القطاع، وهذا لا يتم برفع سعر الكهرباء بالشكل الذي حصل، بل كان بالإمكان، مثلاً فرض رسوم جمركية ما بين 10 إلى 20% على المستوردات التي حصلت بعد سقوط النظام، ويأتي في مقدمتها موضوع السيارات، فإذا كانت التقديرات تقول إن تكلفة أو ثمن السيارات التي دخلت إلى سوريا في العشرة أشهر الأخيرة، أي من بعد سقوط النظام تبلغ بحدود 4 إلى 5 مليارات دولار فإن رسومها تقدر ما بين 15 إلى 20% قادرة على أن تحصل ما بين 750 مليون إلى مليار دولار، كانت كافية لعملية إنقاذ سريعة وليست نهائية لقطاع الكهرباء.
حسابات الأرقام..!
إضافة لذلك وفق رأي “عربش” لقد سمعنا تصريحات كثيرة، ووعود أكثر على موضوع الكهرباء من الباخرات التركية، إلى الغاز القطري، إلى الغاز الأزري، إلى استثمارات هائلة في قطاع الكهرباء لم نرَ منها شيئاً.
وبالتالي فإن هذا الرفع الكبير، والذي للمفارقة الكبيرة، قابله تخفيض في قطاع الصناعة ذي الاستهلاك العالي، من الكهرباء نذكر على سبيل المثال: معامل صهر الحديد، وصناعة السيراميك انخفضت فاتورة استهلاكها، “وفقاً لتصريح المتحدث الرسمي باسم وزارة الطاقة” بأنها قد خفضت 25 سنتاً يعني من 3000 ليرة إلى 1800 ليرة ،مقابل رفع بالنسبة للاستهلاك المنزلي للشريحة ذوي الدخل المحدود ،والتي اعتبرت شريحة 600 كيلو كهرباء والتي وقع عليها الرفع بـ 100 ضعف ،لأن الأسرة التي كانت تستهلك 600 كيلو كهرباء بالدورة الواحدة، يعني بمعدل 10 كيلو واط ساعة يومياً، قد زاد سعرها فالشريحة الأولى وفقاً للتسعيرة الجديدة الـ 300 تكلفتها 180,000 ليرة و 300 الثانية تكلفتها 420,000 ليرة على سعر 1400 ليرة للكيلو.
حسابات التوقيت وإنفاق التدفئة
ويرى ” عربش” أنه بالإضافة إلى توقيت القرار نحن على مطلع فصل الشتاء و التدفئة ضرورية وخصوصاً بوجود الأطفال وإلى آخره ، ليتر المازوت اليوم ثمنه 11,000 ليرة، إذا اعتبرنا أن الأسرة المقتصدة جداً تستهلك 3 إلى 4 ليترات يومياً ، بما فيها المياه الساخنة وإلى آخره، وفقا للأسعار الحالية فإن استهلاك الأسرة الشهري يصل لأكثر من مليون و200 ألف ليرة، إذا اعتبرنا الحد الوسطي للاستهلاك اليومي 3 ليترات.
أما على حساب التدفئة على الغاز، وافترضنا أن الأسرة تحتاج من 4- 5 أسطوانات غاز للتدفئة شهرياً، وهذه كمية قليلة جداً، فإننا نتحدث على إنفاق يقدر مابين 600 إلى 700 ألف ليرة شهرياً هذا فقط للتدفئة، فإذا كانت رب الأسرة هو من العاملين بأجر، فإن متوسط الأجور في سوريا بالنسبة للعاملين في القطاع الإداري الحكومي والإنتاجي، لا يزيد على مليون و200,000 ليرة، السقف الأخير لا يصل الى المليون ونصف ليرة، وبالتالي إنفاق الأسرة هنا نصفه للتدفئة، والسؤال الذي يطرح نفسه، كيف ستعيش الأسرة بنصفه الآخر وتدبر أمورها المعيشية والخدماتية..؟ الفاقد الفني و التجاري 60% من كميات الإنتاج.
خبير اقتصادي يقترح فرض رسوم على المستوردات وتوجيهها لمعالجة تشوهات دعم الطاقة والخلاص من فاقديها الفني والتجاري
ويضيف عربش أنه ثمة أمر ملفت للنظر يكمن في أن تكلفة الكيلو واط الساعي في سوريا هي 1400 ليرة.، في حين لو نظرنا على المستوى العالمي، نجد أنه على سبيل المثال في دبي تكلفته تعادل 600 ليرة سورية، وهو قطاع خاص يعني أنه يربح وبالتالي هذا مؤشر على أن حجم الفاقد الفني والتجاري يزيد على 60% من الكميات المنتجة، وباعتقادي أنه لو كان هناك رسوم قد فرضت مثل ما بدأنا حديثنا على جميع المستوردات، التي جاءت إلى سوريا فإنها كافية لإصلاح جزء لا بأس به من هذه الشبكة المتهالكة، بدءاً من الإنتاج وانتهاءً بالتوزيع، والحد من الهدر والفساد الذي يطول هذا القطاع.
الطبقة الفقيرة الأكثر تأثراً..!
وباعتقادي والكلام للخبير” عربش” أن الطبقة الميسورة في سوريا والطبقة الثرية، لن تتأثر بهذا الارتفاع كثيراً، لأنها قد أمنت نفسها بمنظومات طاقة بديلة، يعجز عنها أصحاب الدخل المحدود، كما إن هناك سيكون هناك انعكاس سلبي على الأسعار، الآن الكل سيستغل من منتجين وموزعين ارتفاع أسعار الكهرباء ليرفع أسعاره، وبالتالي هذا أمر سينعكس سلباً على الطبقة الفقيرة في سوريا وباعتقادي أن هذا القرار قد أصاب الطبقة الفقيرة بمقتل.
تصحيح الأجور أولاً
أنا شخصياً، يستطرد عربش، من الداعين منذ زمن طويل إلى اقتصاد السوق الحر، ولكن اقتصاد السوق الحر له أسسه وقوانينه، و منظوماته، وليس ترك “الحبل على الغارب” وفي الحقيقة الاقتصاد الحر ليس فقط برفع الأسعار، لا بد من إعادة النظر في آلية التسعير، فإذا رغبنا في التسعير يجب أن نسعر الأشياء كلها بالسعر الاقتصادي، ويأتي في مقدمتها تسعير أجور العاملين، في الإدارة الإنتاجية والخدمية بالسعر الاقتصادي، وهذا يعني أن هناك ضرورة لرفع الرواتب بشكل كبير جداً، سواء للعاملين أو المتقاعدين، لأن هذه الرواتب في وضعها الحالي، لم تعد تكفي ولا لأيام قليلة لتأمين مستلزمات الأسر السورية.
مجرد سؤال
وهنا لابد من لفت الانتباه أن أشياء كثيرة ضرورية قد ارتفعت أسعارها بشكل كبير جداً، يأتي في مقدمتها الخبز ،والمشتقات النفطية وهناك دراسات كثيرة تقول إن المشتقات النفطية في سوريا رابحة وبشكل مريح جداً، فأين تذهب هذه الموارد؟
هذا سؤال كان بالإمكان الاستفادة من هذه الموارد، لإصلاح بعض القطاعات الحيوية، والتي يأتي في مقدمتها قطاع الكهرباء، فإن رفع هذه الأسعار أيضاً سيؤثر على الصناعة في سوريا، التي هي متأثرة بهذه السنوات التي مرت على سوريا واستغلال النظام السابق لظروف الناس الصعبة وفرض الأتاوات عليهم.
الحرية
المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=136&id=203478