البريطانيون يفرون من بلادهم بأعداد قياسية قبل مداهمات الضرائب
23/11/2025
سيرياستيبس :
كشفت الأرقام الرسمية أن عدداً قياسياً من البريطانيين غادروا البلاد في العام الذي وصلت فيه حكومة حزب العمال إلى السلطة، وسط تزايد المخاوف بشأن خطط وزيرة الخزانة راشيل ريفز الضريبية.
غادر 257 ألف مواطن بريطاني في العام المنتهي في ديسمبر (كانون الأول) 2024، وهو ما يزيد بأكثر من ثلاثة أضعاف التقديرات السابقة البالغة 77 ألفاً، مما أسهم في تراجع صافي الهجرة.
وبحسب بيانات جديدة صادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية البريطاني (ONS)، غادر نحو 992 ألف بريطاني المملكة المتحدة خلال الأعوام الأربع بين 2021 والعام الماضي، ارتفاعاً من التقديرات السابقة التي بلغت 343 ألفاً.
وتأتي موجة المغادرة تزامناً مع ارتفاع الضرائب وتشديد القواعد المتعلقة بالمقيمين من غير المقيمين ضريبياً "non-dom"، ضمن خطة لحزب العمال تهدف لجمع نحو 4 مليارات جنيه استرليني (5.2 مليار دولار).
ومن المتوقع أن تعلن ريفز، الأسبوع المقبل، عن زيادات ضريبية كبيرة في موازنة حاسمة، بعد سلسلة زيادات بقيمة 40 مليار جنيه استرليني (52.5 مليار دولار) العام الماضي، شملت ضريبة التأمين الوطني.
وقال وزير الأعمال في حكومة الظل أندرو غريفيث، لصحيفة "تليغراف"، "هرب الناس من بريطانيا بسبب زيادات راشيل ريفز الضريبية وسوء إدارتها الاقتصادية أصبح في أوجه. قد تكون هذه أكبر موجة هجرة عكسية في تاريخ بريطانيا. وكان هذا متوقعاً تماماً، عندما تفرض ضرائب على شيء، تحصل على كمية أقل منه، والآن الناس يصوتون بأقدامهم".
وبحسب الحسابات الجديدة، بلغ صافي الهجرة ذروته عند 944 ألفاً في العام المنتهي خلال مارس (آذار) 2023، أعلى من التقدير السابق البالغ 906 آلاف، لكنه تراجع لاحقاً إلى 345 ألفاً في العام المنتهي في ديسمبر الماضي، وهو أقل من التقدير السابق البالغ 431 ألفاً.
وتجعل طرق الحساب المختلفة مقارنة هذه الأرقام بالأعوام السابقة صعبة، إلا أن البيانات تشير إلى أن عام 2024 كان عاماً قياسياً.
منع العمال والطلاب الأجانب
وجاء التراجع متزامناً مع حملة حزب المحافظين على الهجرة في يناير (كانون الثاني) من ذلك العام، التي شملت منع العمال والطلاب الأجانب من جلب أفراد عائلاتهم، ورفع الحد الأدنى للأجور المطلوبة للمهاجرين الباحثين عن وظائف مهارية في المملكة المتحدة.
لكن الموجة الكبيرة من مغادرة المواطنين البريطانيين كانت العامل الأبرز في الانخفاض الكبير بتقديرات صافي الهجرة لدى مكتب الإحصاءات.
وفي موازنة مارس 2024، أعلن "المحافظون" عن خطط لتقليص الامتيازات الضريبية السخية للمقيمين من غير المقيمين "non-doms"، أي الذين يعيشون في المملكة المتحدة ولكن يسجل محل إقامتهم الضريبي في الخارج.
واعترف "المحافظون" لاحقاً بأنهم أخطأوا في استهداف الأثرياء، إذ قال غريفيث للصحيفة في وقت سابق من هذا العام، إن قرار تشديد القواعد كان "مؤسفاً".
وذهب حزب العمال أبعد من ذلك، إذ استبدلت ريفز نظام الـ"non-do" بنظام قائم على الإقامة، يخضع الدخل الأجنبي لضريبة الميراث البريطانية، وأدى التغيير، الذي دخل حيز التنفيذ في أبريل (نيسان) الماضي، إلى إخضاع عديد من الأثرياء لضرائب هيئة الضرائب البريطانية "HMRC" على أرباحهم الخارجية.
وأشارت تحليلات سابقة هذا العام إلى أن مغادرة الأثرياء هرباً من الزيادات الضريبية قد تكلف الخزانة نحو 12.2 مليار جنيه استرليني (16 مليار دولار) خلال الدورة البرلمانية الحالية إذا غادر نصف المقيمين من غير المقيمين ضريبياً البلاد.
مسؤولية الفرار من بريطانيا
غادر آخرون محملين النظام الضريبي البريطاني مسؤولية القرار، إذ غادر لاعب كرة القدم السابق ريو فرديناند إلى دبي، مشيراً إلى أن الخطوة جاءت بسبب ارتفاع الضرائب وتراجع الخدمات العامة.
وقال رئيس "إمبروبابل" التكنولوجية هيرمان نارولا، وهي شركة تبلغ قيمتها 2.5 مليار جنيه استرليني (3.2 مليار دولار)، للصحيفة إنه يستعد لمغادرة المملكة المتحدة إلى الإمارات بسبب رسوم جديدة تهدف إلى منع الأثرياء من تجنب الضرائب عبر نقل أموالهم إلى ملاذات ضريبية منخفضة.
ومن بين من غادروا أيضاً أحد كبار مسؤولي "غولدمان ساكس"، ريتشارد غنود، والشريك المؤسس لشركة "ريفولت"، نيك ستورونسكي.
ومع ذلك أشير في أغسطس (آب) الماضي إلى أن عدد المغادرين من الـ"non-doms" جاء متماشياً مع التوقعات الرسمية، أو حتى أقل من توقعات سابقة بأن ما يصل إلى 25 في المئة من أصحاب الصناديق الائتمانية سيغادرون البلاد.
أخيراً حاولت ريفز تهدئة مخاوف الأثرياء، إذ تراجعت وزارة الخزانة عن خطط فرض "ضريبة خروج" تستهدف الأفراد الميسورين الذين يقررون مغادرة البلاد.
وجرى تعديل أرقام صافي الهجرة هذا الأسبوع بعدما حدث مكتب الإحصاءات الوطنية منهجيته، مستبدلاً الأساليب القديمة الأقل دقة لاحتساب الداخلين والخارجين من البلاد ببيانات من وزارة العمل والمعاشات، تشمل كل من يمتلك رقماً للتأمين الوطني، ويمكن استخدامها لتحديد الوضع الهجري المحتمل للأفراد.
وتشير هذه البيانات إلى أن المملكة المتحدة في طريقها للعودة إلى مستويات ما قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، عند صافي هجرة يراوح بين 200 و250 ألفاً، أو أقل، نتيجة إجراءات المحافظين وخطط رئيس الوزراء كير ستارمر لمواصلة خفض الهجرة.
ويقترح حزب العمال أن نحو 180 مهنة لن تكون مؤهلة بعد الآن للتوظيف من الخارج، ولن يتمكن المهاجرون من الحصول على وظيفة إلا إذا كانت على مستوى دراسي جامعي أو أعلى، في محاولة لإنهاء الهجرة المنخفضة الأجور.
وكشفت وزيرة الداخلية البريطانية شهبانة محمود، عن إصلاحات جديدة في ملف اللجوء، تهدف إلى زيادة الترحيلات وتقليل "عوامل الجذب" التي جعلت المملكة المتحدة الوجهة الأولى في أوروبا لـ"متسوقي اللجوء".
وتشمل الإصلاحات خططاً لترحيل عائلات طالبي اللجوء الذين رفضت طلباتهم بالقوة إذا رفضوا الحصول على حوافز مالية للعودة، وإنهاء الحق التلقائي للاجئين في البقاء في المملكة المتحدة، وفرض فترة انتظار تصل إلى 20 عاماً للحصول على الإقامة الدائمة.
اندبندنت عربية
المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=199&id=203702