الأقاليم الفرنسية على شفا الإفلاس بسبب الوضع المالي الخانق
23/11/2025
سيرياستيبس
تمر المقاطعات الفرنسية بوضع مالي حرج، مما اضطرها إلى خفض إنفاقها بصورة كبيرة، مما أقلق المسؤولين بالإدارات المسيرة لهذه المقاطعات خوفاً من شبه إفلاس بسبب الوضع الخانق لمواردها المالية، إذ إن نصف المقاطعات الفرنسية عالقة ما بين ارتفاع الإنفاق الاجتماعي، ونفقات جديدة تفرضها الدولة في ظل تراجع حاد في الإيرادات، لا سيما من معاملات العقارات.
عن هذا الوضع الصعب، قال رئيس جمعية المقاطعات الفرنسية فرنسوا سوفاديه، إن "نحو 54 مقاطعة على وشك الإفلاس"، محذراً "نحن نتجه نحو كارثة"، داعياً البرلمانيين إلى "التحلي بالمسؤولية".
وفي ختام مؤتمر المقاطعات حذر سوفاديه، الذي يشغل أيضاً منصب رئيس مجلس مقاطعة "كوت دور"، قائلاً "الوضع المالي للمقاطعات يتدهور بسرعة، وهذا الوضع لا يطاق".
في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعلنت مقاطعة "جيروند" عن موازنة قدر العجز بها نحو 97 مليون يورو (111.55 مليون دولار) وهو وضع غير قانوني يكاد يخضعها لسيطرة الدولة، إذ ستكون عواقب هذا العجز عديدة، فقد تخلت المقاطعة عن بناء مدرستين إعداديتين، ومدرسة ثالثة متوقفة، علاوة على ذلك، ستنهي المقاطعة عام 2025 بانخفاض قدره 232 وظيفة، بسبب عدم تجديد العقود أو عدم استبدال المتقاعدين، كما ألغت "جيروند" مساعداتها الاستثمارية للبلديات، التي بلغت 30 مليون يورو (34.5 مليون دولار) عام 2023 و15 مليون يورو (17.25 مليون دولار) عام 2024.
أما في منطقة "سان-ماريتيم" خفض رئيس المقاطعة برتراند بيلانجر قيمة معاليم (دعم) بطاقة الشباب إلى النصف، وقد خفض هذا الدعم للانضمام إلى ناد أو جمعية، على رغم أن منطقته، المثقلة بالديون قبل 10 أعوام فحسب، قد خفضت ديونها.
وفي أغسطس (آب) الماضي، حذرت مؤسسة المرأة من انخفاض الدعم للجمعيات التي تكافح العنف ضد المرأة، ونددت "بالانخفاض الكبير في تمويل المقاطعات، الذي يزداد تأثيره سوءاً لكونها الآن أحد الممولين الرئيسين".
في مقاطعة أيسن الريفية التي تواجه تحديات عديدة، صرح نيكولا فريكوتيو رئيس المقاطعة، المنتمي لتيار الوسط، لوكالة "الصحافة الفرنسية" بأنه "خفض بصورة كبيرة التمويل المخصص لمجالات المسؤولية المشتركة، كالرياضة والبيئة والثقافة".
حتى المسؤوليات الأساسية لم تُستثنَ إذ يقر فريكوتيو، الذي خفض أيضاً مساهمة المقاطعة في خدمات الرعاية المنزلية لكبار السن، قائلاً "نخفض الاستثمارات في مدارسنا الثانوية وطرقنا، إنها بمثابة قنبلة موقوتة، إذ تتراكم الأزمات التي ستتطلب كلفاً إضافية".
15 إدارة في وضع حرج
إلى ذلك تعاني جميع المقاطعات الفرنسية، المثقلة بتمويل السياسات الاجتماعية، ارتفاع نفقاتها، ففي أقل من ثلاثة أعوام، فرضت الحكومة إنفاقاً إضافياً قدره 6 مليارات يورو (6.9 مليار دولار) على هذه السلطات المحلية، تزامناً مع خفض إيراداتها بمقدار 8.5 مليار يورو (9.77 مليار دولار)، ونتيجة لذلك، تطالب المقاطعات الحكومة بضمان تمويل جميع النفقات الجديدة، إضافة إلى صندوق دعم بقيمة 600 مليون يورو (690 مليون دولار) لمساعدة الجهات التي تواجه صعوبات، كما أكد فرنسوا سوفاديه رئيس جمعية المقاطعات الفرنسية.
ووفقاً لتقرير صادر عن ديوان المحاسبة يعود تاريخه إلى صيف عام 2025، تعاني 15 مقاطعة "ضائقة مالية حادة"، بما في ذلك "با دو كاليه" و"نورد" و"لوار أتلانتيك" و"غارد" و"يون" أما مقاطعة "شارانت"، فقد وضعت بالفعل تحت إشراف المحافظ، وهو وضع نادر جداً لسلطة محلية بهذا الحجم، نظراً إلى فشلها في إقرار الموازنة بسبب غياب الغالبية السياسية، وفي دلالة رمزية على هذه الأزمة استقال رئيس مجلس المقاطعة فيليب بوتي (يسار مستقل)، في سبتمبر (أيلول) الماضي.
وللحد من الأضرار أعلن سيباستيان ليكورنو، الجمعة الماضي، أن الحكومة تقترح زيادة لصندوق الضمانات الإقليمي، المنشأ لدعم السلطات المحلية الأكثر ضعفاً مالياً، إلى 600 مليون يورو (690 مليون دولار).
تضامن على وشك الانهيار
وأوضح فرنسوا سوفاديه الذي يشغل أيضاً منصب رئيس مقاطعة كوت دور قائلاً، "لا نملك حلولاً رغم التحديات الهائلة التي نواجهها".
في الصيف الماضي، أعلن رئيس الوزراء آنذاك فرنسوا بايرو، عن دعم استثنائي بقيمة 300 مليون يورو (345 مليون دولار) للمقاطعات الأكثر حرماناً، وهو نصف المبلغ الذي يأمل فرنسوا سوفاديه الحصول عليه اليوم.
وبحسب سوفاديه، اضطرت المقاطعات إلى تحمل نفقات إضافية بقيمة 6 مليارات يورو (6.9 مليار دولار) على مدار عامين ونصف العام، ويأسف سوفاديه قائلاً "كل هذا من دون أي تعويض مالي".
أضاف رئيس المقاطعات الفرنسية، في إشارة إلى دفع إعانات كبار السن وذوي الإعاقة ودخل التضامن النشط "لم نعد قادرين على تحمل النفقات التي تفرضها علينا الدولة، وبخاصة تلك المتعلقة بالرعاية الاجتماعية". ورأى المسؤول المنتخب في هذا الوضع رمزاً لـ"نظام تضامن على وشك الانهيار"، وأن هذه السلطات المحلية هي "أولى ضحاياه". وحذر سوفاديه من قدرة الإدارات على مواصلة مهامها الأساسية، مضيفاً بحسرة "لقد أصبحنا درعاً للمناطق الريفية، فنحن نحافظ على طرق الإدارات وجسورها، وندير خدمة الإطفاء والإنقاذ الإدارية، ونحن الممول الرئيس لمواجهة تغير المناخ، ونساعد البلديات، وحتى اليوم لن نعود قادرين على القيام بذلك".
بعد تعيينه رئيساً للوزراء في سبتمبر2025، وعد سيباستيان ليكورنو بـ"إجراء شامل للامركزية"، فهل سيعالج هذا الإجراء الصعوبات المالية التي تواجهها السلطات المحلية؟ لا يتوقع سوفاديه بالضرورة أن يتحقق هذا المشروع الإصلاحي قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2027. وأضاف "في ظل المناخ السياسي الحالي، دعونا لا نخدع أنفسنا لن تكون هناك أي تغييرات مفاجئة وجذرية".
اندبندنت عربية
المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=145&id=203704