النفط في 2026… مختصون يرسمون ملامح الأسواق
26/11/2025
سيرياستيبس
كتب الاعلامي غالب درويش _ اندبندنت عربية
قال متخصصون في قطاع النفط، لـ"اندبندنت عربية"، إن سوق النفط في عام 2026 تتجه نحو حال واضحة من وفرة الإمدادات، مدفوعة بارتفاع إنتاج الدول خارج "أوبك" وزيادة المخزونات العالمية، وهو ما يقلص فرص أي ارتفاع قوي في الأسعار.
وأشاروا إلى أن الفائض الذي يتجاوز حاجات السوق بعدة ملايين من البراميل يومياً، إلى جانب استمرار العقوبات على النفط الروسي، يعيد تشكيل حركة الأسعار ضمن نطاقات ضيقة تميل إلى المستويات المنخفضة.
وأوضح المتخصصون، أن تأثير تحالف "أوبك+" في ضبط السوق خلال 2026 سيكون محاطاً بقيود أكبر مما كان في السابق، على رغم استمرار دور التحالف كمرجعية أساسية في إدارة التوقعات.
ولفتوا إلى أن تنامي الإمدادات الأميركية، ولا سيما من النفط الصخري، يزيد تعقيد المشهد، خصوصاً مع ارتفاع المخزونات والتباطؤ الاقتصادي في عدة مناطق حول العالم، ما يحد من قدرة التحالف على التحكم الكامل في اتجاهات الأسعار.
وبيّن المختصون، أن التغيرات في الطلب العالمي، خصوصاً في الصين والهند، ستكون عاملاً رئيساً في رسم ملامح السوق خلال 2026، إذ يتزامن تباطؤ النشاط الصناعي الآسيوي مع تسارع التحول نحو الطاقة النظيفة في أوروبا والولايات المتحدة، وأكدوا أن هذه الظروف تجعل نمو الطلب محدوداً، بينما تترقب الأسواق أي انتعاش اقتصادي يعيد النشاط الصناعي إلى مستويات أقوى.
وأوضحوا أن مستقبل الإمدادات الأميركية يرتبط بمدى استمرار الانضباط الرأسمالي أو العودة إلى التوسع الاستثماري، في حين تبقى التوترات الجيوسياسية، خصوصاً في البحر الأسود، عاملاً محورياً في فرض "علاوة الأخطار" التي قد ترفع الأسعار حتى في ظل وفرة الإمدادات.
هبوط الأسعار
تتزامن تلك التوقعات مع انخفاض أسعار النفط الأسبوع الماضي، إذ هبطت العقود الآجلة لخام "برنت" تسليم يناير (كانون الثاني) 2026 بنسبة 1.3 في المئة، أو ما يعادل 82 سنتاً، إلى 62.56 دولار للبرميل، لتسجل خسارة أسبوعية بنسبة 2.84 في المئة.
وتراجعت العقود الآجلة للخام الأميركي تسليم يناير الأكثر نشاطاً، بنسبة 1.59 في المئة، أو 94 سنتاً، إلى 58 دولاراً للبرميل، موسعة خسائرها الأسبوعية إلى 3.4 في المئة.
أما على صعيد الأداء منذ مطلع العام الحالي، فشهدت أسعار الخام تراجعاً ملحوظاً بنسبة تتجاوز 17 في المئة لخام "برنت" القياسي ونحو 19 في المئة للخام الأميركي.
فائض ملحوظ
أكد المتخصص في الشؤون النفطية كامل الحرمي، أن توقعات أسعار النفط لعامي 2026 و2027 تشير إلى استمرار فائض بالغ في الإمدادات العالمية، وهو ما قد يحد من أي تحسن جوهري في الأسعار، موضحاً أن ارتفاع مستويات الإنتاج والمخزونات، خصوصاً من الدول المنتجة خارج "أوبك"، يضيف ضغوطاً إضافية على السوق، بما يُبقي الأسعار ضمن نطاق متقلب يميل إلى الهبوط، مع احتمالات تراجعها إلى ما بين 50 و60 دولاراً للبرميل.
وأضاف الحرمي، أن استمرار العقوبات على النفط الروسي، وآثارها على كبار المستوردين مثل الصين والهند وتركيا، يشكّل عوامل رئيسة في إعادة تشكيل السوق.
واعتبر أن عدم تدخل "أوبك" بشكل فعال لضبط الأسعار يعكس قبولاً ضمنياً بالمستويات الحالية التي، على رغم انخفاضها، تُعد مستقرة نسبياً حول 60 دولاراً للبرميل.
سيناريوهات جيوسياسية
من جانبه، أوضح المتخصص في قطاع الطاقة عامر الشوبكي أن التوقعات في شأن العام الجديد تؤكد بدورها استمرار حال الفائض، مشيراً إلى أن المعروض النفطي قد يصل إلى نحو 108.5 مليون برميل يومياً خلال 2026، ما يعني بقاء فجوة كبيرة بين الإنتاج والطلب قد تلامس 4 ملايين برميل يومياً إذا استمرت الخطط الحالية من دون تغيير.
ولفت إلى أن تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية تشير إلى زيادة المخزونات بنحو 2.2 مليون برميل يومياً في العام نفسه، ما يحدّ من احتمالات التعافي السعري.
وأكد أن متوسط سعر خام "برنت" قد يتجه إلى مستويات منتصف الخمسينيات، مع احتمال تحركه ضمن نطاق يراوح ما بين 55 و65 دولاراً للبرميل، ما لم تحدث صدمات جيوسياسية مؤثرة.
وأشار الشوبكي، إلى أن أي تصعيد جيوسياسي خصوصاً المرتبط بإيران قد يدفع الأسواق إلى تسعير "علاوة أخطار" بين 5 و10 دولارات للبرميل، وهو ما يخفّف أثر الفائض على الأسعار، على رغم ارتفاع الإمدادات فوق الطلب بثلاثة إلى أربعة ملايين برميل يومياً.
النفط يتراجع بفعل مخاوف تخمة المعروض
وأوضح أن الأسواق تراقب احتمالات تعطّل مفاجئ للإمدادات سواء في مضيق هرمز أو البحر الأسود، وهي احتمالات تعد عنصراً حاسماً في تسعير النفط، وأكد أن زيادة الإنتاج والمخزونات خارج "أوبك"، واستمرار العقوبات على النفط الروسي، تظل من أبرز المؤثرات في تشكيل اتجاه الأسعار.
وأشار إلى أن دور "أوبك" و"أوبك+" في إدارة الأسعار تراجع خلال الفترة الأخيرة، ما يعكس نوعاً من القبول بالمستويات الحالية التي تُعد منخفضة نسبياً لكنها مستقرة حول 60 دولاراً للبرميل.
واعتبر أن موقع "أوبك" في تحقيق التوازن سيظل محوراً رئيساً وسط تصاعد التعقيدات الجيوسياسية وتغير أنماط الإنتاج عالمياً.
مراقبة حذرة
من جانبه، قال المحلل النفطي فهد البقمي أن توقعات ارتفاع الطلب العالمي على النفط خلال عام 2026 تضع تحالف "أوبك+" في موقع مراقبة حذرة لمسار السوق، تمهيداً لأي تعديل إنتاجي لاحق يضمن الحفاظ على التوازن بين العرض والطلب من دون الإخلال باستقرار الأسعار.
وأشار إلى أن قرار تحالف "أوبك+" بتجميد مستويات الإنتاج خلال الربع الأول من عام 2026 يعكس قراءة دقيقة لتقلبات السوق العالمية، مؤكداً أن الخطوة منطقية ومبررة اقتصادياً في هذه المرحلة.
وأشار البقمي، إلى أن هذه الفترة تشهد عادة أعمال صيانة واسعة واضطرابات تشغيلية في المصافي ووحدات الإنتاج، مما يجعل الإبقاء على مستويات الإنتاج الحالية الخيار الأكثر استقراراً لتفادي أي ضغوط غير محسوبة.
"نفط 2026" بعيون المؤسسات البحثية
بالنسبة للمؤسسات المتخصصة والبحثية الكبرى في قطاع الطاقة والنفط، فأشارت إلى أن ملامح عام 2026 تتجه نحو تباطؤ واضح في الطلب العالمي مقابل توسّع مستمر في الإمدادات، ما يعزز توقعات فائض المعروض التي حذر منها عدد من المحللين.
وأكدت هذه المؤسسات أن التحولات التقنية، والرسوم التجارية، وتوسع استخدام السيارات الكهربائية تضغط بشكل متزايد على استهلاك الوقود التقليدي، بينما تتقدم الطاقات الإنتاجية للدول المنتجة خارج "أوبك" بوتيرة أعلى من التوقعات، وهو ما ينسجم مع رؤية المحللين لسوق تتجه أكثر نحو الوفرة.
وفي هذا الإطار، خفّضت وكالة الطاقة الدولية، توقعاتها للطلب العالمي على النفط في 2026 إلى 104.5 مليون برميل يومياً، مشيرة إلى أن الآفاق الاقتصادية المتأثرة بالقيود التجارية تسهم في كبح الاستهلاك.
وتوقعت نمواً محدوداً في الطلب بنسبة 0.7 في المئة فقط، في ظل تزايد اعتماد الأسواق على السيارات الكهربائية، ما يقلل الحاجة إلى الوقود الأحفوري.
وترى الوكالة، أن الفجوة بين العرض والطلب ستتسع بشكل ملحوظ، إذ تتوقع أن يتجاوز المعروض العالمي الطلب بنحو 4 ملايين برميل يومياً، وهو فائض قياسي، يعمق الضغوط على الأسعار.
وبحسب تقريرها الشهري، قد ترتفع الإمدادات من خارج "أوبك" إلى 73.2 مليون برميل يومياً، فيما ينخفض الطلب على نفط "أوبك" إلى 25.4 مليون برميل يومياً، ما يسرّع تراكم الفائض على متن الناقلات.
من جانب آخر، عززت إدارة معلومات الطاقة الأميركية توقعاتها لسعر النفط في 2026 بنحو 5.7 في المئة، مع تقديرات بزيادة الإنتاج الأميركي وارتفاع متوسط السعر الفوري لخام "برنت" إلى نحو 55 دولاراً للبرميل، بينما تتداول العقود الآجلة قرب 63 دولاراً.
وذكرت أن رفع التوقعات يرتبط بتوسع الصين في بناء مخزونها الاستراتيجي وتراجع إنتاج روسيا تحت ضغط العقوبات، إلى جانب عودة بعض إمدادات "أوبك+" إلى السوق بنهاية 2025، وأشارت إلى أن إنتاج ألاسكا قد يسجل أكبر نمو سنوي منذ ثمانينيات القرن الماضي، ما يعزز استمرار الوفرة.
وفي سياق متصل، رفع بنك "مورغان ستانلي"، توقعاته لسعر خام "برنت" في النصف الأول من 2026 إلى 60 دولاراً للبرميل، مستنداً إلى تعليق "أوبك+" لزيادات الإنتاج والعقوبات الغربية الجديدة على روسيا، إلا أن البنك يرى أن السوق تتجه نحو فائض كبير يبلغ ذروته في الربع الثاني من 2026، على رغم توقعه تباطؤ إنتاج الدول غير الأعضاء في "أوبك" لاحقاً.
وتوقعت شركة "كابيتال إيكونوميكس"، تراجع أسعار النفط إلى 50 دولاراً للبرميل بنهاية 2026، مستندة إلى ضعف قدرة السوق على استيعاب الإمدادات الإضافية وتنامي المخاوف في شأن الطلب الصيني، الذي يعاني تباطؤاً هيكلياً وارتفاعاً في المخزونات.
المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=136&id=203750