مصفاة حمص... من منشأة نفطية إلى كمين سكني... من المستفيد ومن الضحية؟
16/12/2025




سيرياستيبس :

في 12 تشرين الثاني 2025، خرجت الجهات الرسمية بخبر بدا للوهلة الأولى «بريئاً» و«تنموياً»... نقل مصفاة حمص القديمة وبناء مصفاة جديدة في الفرقلس، وتحويل موقعها الحالي إلى مشروع سكني وخدمي ضخم.

لكن خلف هذه العبارات الناعمة، يتكوّن سؤال لا يريد أحد الإجابة عنه:
هل سيُبنى حي سكني جديد فوق واحدة من أكثر المناطق تلوثاً في حمص؟
وهل يتحول السكان المستقبلون إلى فئران تجارب لمجرّد أن شركات التطوير العقاري ترى في الأرض فرصة ذهبية لا تُعوّض؟


الأرض ليست فارغة...بل مثقلة بتاريخ من السموم


تربة محمّلة بالهيدروكربونات الثقيلة... لا تختفي بطلاء خارجي!
نحن لا نتحدث عن أرض بور أو مستودعات قديمة. بل عن مصفاة عملت لعقود، تسربت فيها مخلفات نفطية- مواد مسرطنة- معادن ثقيلة- مذيبات كيميائية- غازات سامة.
هذه الملوثات لا تختفي «بكشط سطح الأرض» أو «تمهيد الموقع للبناء».
إنها تستقر في عمق التربة، تنتقل إلى المياه الجوفية، وتعود إلى الهواء مع الحرارة.
ومع ذلك، لا يوجد في الإعلان الرسمي كلمة واحدة عن تنظيف التربة أو إعادة التأهيل البيئي.


تجاهل التلوث...ليس جهلاً بل تجاهلاً متعمّداً


عندما تسكت الجهات الرسمية عن مسح التربة، عندما تتجنب ذكر نتائج التحاليل، عندما لا ترى خطة معالجة واحدة... فهذا ليس نقص معلومات. هذا إخفاء.


المخاطر الصحية...مشروع سكني على قنبلة مسرطنة


أمراض لا تظهر اليوم... بل بعد 10 أو 20 عاماً، فبحسب الأخصائيين فإن المواد الناتجة عن التكرير النفطي... تسبب سرطانات الدم- تؤثر على الرئة والجهاز التنفسي- تهاجم جهاز المناعة- وتضرب بشكل خاص الأطفال والحوامل.
والملوثات العميقة في التربة يمكن أن تتسرب إلى مياه الآبار- خزانات البيوت- الهواء داخل المنازل الجديدة.
أي إن السكان سيعيشون فوق قنبلة صامتة لا تُسمع، ولا تُشم، لكنها تعمل كل يوم.
فهل سيضمن المطوّرون العقاريون علاج السرطان لاحقًا؟
طبعاً لا.
فالمطوّر يبيع الشقة- يحقق الأرباح- ثم يختفي.
أما السكان... فيبقون مع المرض، ومع تلوث لا يمكن اقتلاعه بعد البناء.
التنمية ليست إلا قناعاً... والربح هو الجوهر


من المستفيد الحقيقي؟


فتحويل أرض المصفاة إلى مشروع سكني يعني:
مليارات من الأرباح العقارية.
ارتفاع أسعار الأراضي.
بيع شقق «راقية» فوق أرض ملوثة.
مكاسب حكومية واستثمارية غير معلنة.
من سيدفع الثمن؟
المواطن الذي يريد منزلاً آمناً... ويُباع له وهم الأمان.


صمت الجهات الرسمية... ليس علامة راحة بل علامة خطر


الأسئلة التي تتجنب الحكومة الإجابة عنها:
أين دراسات التلوث؟
هل فُحصت التربة والمياه؟
ما تكلفة التنظيف؟
من سينفذه؟
هل المنطقة صالحة للسكن أصلاً؟
الصمت في هذه الحالة ليس تهدئة... فالصمت هنا تستر.

 

هذه ليست تنمية...بل مجازفة بأرواح الناس


المشاريع السكنية على أرض مصفاة حمص ليست «نهضة عمرانية»، بل مغامرة محفوفة بالمخاطر على صحة السكان وبيئة المدينة.
فإعادة تدوير أرض ملوثة وبيعها على أنها «مشروع حضاري» لا يمكن تفسيرها إلا بأنها: تلاعب- إخفاء للحقائق- تفضيل للربح على حياة الناس.
فقبل وضع حجر واحد في هذا المشروع، يجب على الرأي العام أن يسأل بصوت عالٍ وواضح:
أين هي الدراسات؟
أين هي التحاليل؟
من يضمن أن الأرض ليست سامة؟
ولماذا هذا الاستعجال في تحويلها إلى عقار؟
إن لم تُطرح هذه الأسئلة اليوم... فسيدفع السكان ثمنها غداً- من صحتهم، وربما من حياتهم!

قاسيون



المصدر:
http://syriasteps.com/index.php?d=136&id=203952

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc